(الصفحة 34)
ومنها:
النيّة ، وهي أن يقصد الفعل ، ويكون الباعث إلى القصد المذكور أمر الله تعالى ، من دون فرق بين أن يكون ذلك بداعي الحبّ له سبحانه ، أو رجاء الثواب ، أو الخوف من العقاب ، ويعتبر فيها الإخلاص ، فلو ضمّ إليها الرياء بطل ، ولو ضمّ إليها غيره من الضمائم الراجحة ، كالتنظيف من الوسخ ، أو المباحة كالتبريد ، فإن كانت الضميمة تابعة صحّ ، ولو كان كلّ من الأمر والضميمة مستقلاًّ في البعث إلى الفعل فالأظهر البطلان ، والأظهر عدم قدح العجب حتّى المقارن وإن كان موجباً لحبط الثواب .
(مسألة161):
لا تعتبر نيّة الوجوب ، بل لا معنى لها ; لعدم كون الوضوء واجباً شرعاً ، ولا تعتبر نيّة الندب ، ولا غيرهما من الصفات والغايات ، ولو نوى الوجوب في موضع الندب ، أو العكس ـ جهلا أو نسياناً ـ صحّ ، وكذا الحال إذا نوى التجديد وهو محدث ، أو نوى رفع الحدث وهو متطهّر .
(مسألة162):
لابدّ من استمرار النيّة بمعنى صدور تمام الأجزاء عن النيّة المذكورة .
(مسألة163):
لو اجتمعت أسباب متعدّدة للوضوء كفى وضوء واحد .
ومنها:
مباشرة المتوضّىء للغسل والمسح ، فلو باشره غيره على وجه لا يسند إليه الفعل بطل ، إلاّ مع الاضطرار فيوضِّؤُهُ غيره ، والأحوط لزوماً تصدّي كلّ منهما للنيّة، ولابدّ أن يكون المسح بيد المنوب عنه لا النائب .
ومنها:
الموالاة ، وهي التتابع في الغسل والمسح بنحو لا يلزم جفاف العضو السابق في الحال المتعارفة ، فلا يقدح الجفاف لأجل حرارة الهواء ، أو البدن الخارجة عن المتعارف .
(مسألة164):
الأحوط ـ وجوباً ـ عدم الكفاية ببقاء الرطوبة في مسترسل اللحية الخارج عن حدّ الوجه .
(الصفحة 35)
ومنها:
الترتيب بين الأعضاء بتقديم الوجه ، ثمّ اليد اليمنى ، ثمّ اليسرى ، ثمّ مسح الرأس ، ثمّ مسح الرجلين ، والأحوط تقديم الرجل اليمنى على اليسرى ، وكذا يجب الترتيب في أجزاء كلّ عضو على ما تقدّم ، ولو عكس الترتيب ـ سهواً ـ أعاد على ما يحصل به الترتيب مع عدم فوات الموالاة ، وإلاّ استأنف .
الفصل الرابع : أحكام الخلل
(مسألة165):
من تيقّن الحدث وشكّ في الطهارة تطهّر ، وكذا لو ظنّ الطهارة ظنّاً غير معتبر شرعاً ، ولو تيقّن الطهارة وشكّ في الحدث بنى على الطهارة وإن ظنّ الحدث ظنّاً غير معتبر شرعاً .
(مسألة166):
إذا تيقّن الحدث والطهارة وشكّ في المتقدّم والمتأخّر ولم يعلم الحالة السابقة عليهما تطهّر ، سواء علم تاريخ الطهارة ، أو علم تاريخ الحدث ، أو جهل تاريخهما جميعاً ، وإن علم الحالة السابقة فيأخذ بضدّها ، إلاّ مع العلم بتاريخ مثلها ، فيجب حينئذ تحصيل الطهارة .
(مسألة167):
إذا شكّ في الطهارة بعد الصلاة أو غيرها ممّا يعتبر فيه الطهارة بنى على صحّة العمل مع احتمال الالتفات حال العمل ، وتطهّر لما يأتي .
(مسألة168):
إذا شك في الطهارة في أثناء الصلاة قطعها وتطهرّ واستأنف الصلاة .
(مسألة169):
لو تيقّن الإخلال بغسل عضو أو مسحه أتى به وما بعده ،مراعياً للترتيب والموالاة وغيرهما من الشرائط ، وكذا لو شكّ في فعل منأفعال الوضوء قبل الفراغ منه ، أمّا لو شكّ بعد الفراغ لم يلتفت . وإذا شك في الجزء الأخير ، فإن كان ذلك بعد الدخول في عمل آخر كالصلاة أو بعدما جلس طويلا ، أو بعد القيام عن محلّ الوضوء لم يعتن به، وإن كان قبل ذلك أتى به إن لم تفت الموالاة،
(الصفحة 36)
وإلاّ استأنف.
(مسألة170):
ما ذكرناه آنفاً من لزوم الاعتناء بالشك ، فيما إذا كان الشك أثناء الوضوء ، لا يفرق فيه بين أن يكون الشكّ بعد الدخول في الجزء المترتّب أو قبله ، ولكن يختصّ بغير الوسواسي ، وأمّا الوسواسي ـ وهو من لا يكون لشكّه منشأ عقلائي بحيث لا يلتفت العقلاء إلى مثله ـ فلا يعتنى بشكّه مطلقاً .
(مسألة171):
إذا كان مأموراً بالوضوء من جهة الشكّ فيه بعد الحدث إذا نسي شكّه وصلّى ، فلا إشكال في بطلان صلاته بحسب الظاهر ، فيجب عليه الإعادة إن تذكّر في الوقت ، والقضاء إن تذكّر بعده .
(مسألة172):
إذا كان متوضّئاً ، وتوضأ للتجديد وصلّى ، ثمّ تيقّن بطلان أحد الوضوءين ولم يعلم أيّهما ، فلا إشكال في صحّة صلاته ، ولا تجب عليه إعادة الوضوء للصلوات الآتية أيضاً .
(مسألة173):
إذا توضّأ وضوءين وصلّى بعدهما ، ثمّ علم بحدوث حدث بعد أحدهما ، يجب الوضوء للصلاة الآتية ; لأنّ الوضوء الأوّل معلوم الانتقاض ، والثاني غير محكوم ببقائه ، للشك في تأخّره وتقدّمه على الحدث ، وأمّا الصلاة فيبني على صحّتها ، لقاعدة الفراغ . وإذا كان في محلّ الفرض قد صلّى بعد كلّ وضوء صلاة فعلم بحدوث حدث بعد أحدهما وقبل الصلاة أعاد الوضوء ، لما تقدّم ، وأعاد الصلاتين السابقتين إن كانتا مختلفتين في العدد ، وإلاّ يكفي صلاة واحدة بقصد ما في الذمّة .
(مسألة174):
إذا تيقّن بعد الفراغ من الوضوء أنّه ترك جزءاً منه ولا يدري أنّه الجزء الواجب ، أو المستحبّ ، فالظاهر الحكم بصحّة وضوئه .
(مسألة175):
إذا علم بعد الفراغ من الوضوء أنّه مسح على الحائل ، أو مسح في موضع الغسل ، أو غسل في موضع المسح ، ولكن شكّ في أنّه هل كان هناك
(الصفحة 37)
مسوّغ لذلك من جبيرة ، أو ضرورة ، أو تقيّة ، أو لا ، بل كان على غير الوجه الشرعي فالأحوط وجوباً الإعادة .
(مسألة176):
إذا تيقّن أنّه دخل في الوضوء وأتى ببعض أفعاله ، ولكن شكّ في أنّه أتمّه على الوجه الصحيح ، أو لا ، بل عدل عنه ـ اختياراً أو اضطراراً ـ فالظاهر عدم صحّة وضوئه .
(مسألة177):
إذا شكّ بعد الوضوء في وجود الحاجب ، أو شكّ في حاجبيّته كالخاتم ، أو علم بوجوده ، ولكن شكّ بعد في أنّه أزاله ، أو أنّه أوصل الماء تحته ، بنى على الصحّة مع احتمال الالتفات حال الوضوء ، وكذا إذا علم بوجود الحاجب وشكّ في أنّ الوضوء كان قبل حدوثه أو بعده .
(مسألة178):
إذا كانت أعضاء وضوئه أو بعضها نجساً فتوضّأ وشكّ في أنّه طهّره أم لا ، بنى على بقاء النجاسة ـ مع عدم كون الغسل الوضوئي كافياً في تطهيره ـ فيجب غسله لما يأتي من الأعمال ، وأمّا الوضوء فمحكوم بالصحّة مع احتمال الالتفات حال العمل . وكذا لو كان الماء الذي توضّأ منه نجساً ثمّ شكّ بعد الوضوء في أنّه طهّره قبله أم لا ، فإنّه يحكم بصحّة وضوئه ، وبقاء الماء نجساً ، فيجب عليه تطهير ما لاقاه من ثوبه وبدنه .
الفصل الخامس : نواقض الوضوء
يحصل الحدث باُمور :
الأوّل والثاني:
خروج البول والغائط ، سواء أكان من الموضع المعتاد بالأصل ، أو بالعارض ، والبلل الخارج قبل الاستبراء بحكم البول ظاهراً .
الثالث:
خروج الريح من الدبر ، ولا عبرة بما يخرج من القبل ولو مع الاعتياد .
الرابع:
النوم الغالب على العقل ، ويعرف بغلبته على السمع من غير فرق بين
(الصفحة 38)
أن يكون قائماً وقاعداً ومضطجعاً ، ومثله كلّ ما غلب على العقل من جنون ، أو إغماء، أو سكر ، أو غير ذلك .
الخامس:
الاستحاضة على تفصيل يأتي إن شاء الله تعالى .
السادس:
كلّ ما يوجب الغسل كالجنابة، وثبوت الحكم في مثل مسّ الميّت مبنيّ على الاحتياط .
(مسألة179):
إذا شك في طروّ أحد النواقض بنى على العدم ، وكذا إذا شكّ في أنّ الخارج بول أو مذي ، فإنّه يبني على عدم كونه بولا ، إلاّ أن يكون قبل الاستبراء من البول فيحكم بأنّه بول ، فإن كان متوضّئاً انتقض وضوؤه .
(مسألة180):
إذا خرج ماء الاحتقان ولم يكن معه شيء من الغائط لم ينتقض الوضوء ، وكذا لو شكّ في خروج شيء من الغائط معه .
(مسألة181):
لا ينتقض الوضوء بخروج المذي ، أو الودي ، أو الوذي ، والأوّل ما يخرج بعد الملاعبة ، والثاني ما يخرج بعد البول ، والثالث ما يخرج بعد خروج المني .
الفصل السادس : أحكام المسلوس والمبطون
من استمرّ به الحدث في الجملة كالمبطون والمسلوس ونحوهما ، له أحوال أربع :
الاُولى:
أن تكون له فترة تسع الصلاة والطهارة ولو بالاقتصار على خصوص الواجبات ، فيجب إتيان الصلاة في تلك الفترة .
الثانية:
أن لا تكون له فترة كذلك ، ولكن كان خروج الحدث مرّتين أو ثلاثة أو أزيد بما لا يكون التوضؤ بعد خروج كلّ حدث حرجيّاً في حقّه ، ففي المبطون ـ ومنه من كان به سلس الريح ـ يجب ذلك ، فيضع ماء إلى جنبه فإذا خرج
|