( صفحه 135 )
ومثلها رواية سفيان بن السمط، عن أبي عبد الله (عليه السلام) (1).
ورواية منصور بن يونس، عن العبد الصالح (عليه السلام) (2).
ورواية مالك الجهني، عن أبي عبد الله (عليه السلام) (3).
ومنها: غير ذلك من الروايات الدالّة على هذا الحكم(4).
هذا كلّه، مضافاً إلى استمرار طريقة المسلمين على ذلك في جميع الأعصار من زمن النبيّ (صلى الله عليه وآله) إلى يومنا هذا، لكن هنا أخبار تدلّ بظاهرها على عدم تحقّق الوقت بمجرّد الزوال، بل وقتها صيرورة الفيء قدماً أو قدمين أو قامة، مثل:
ما رواه الصدوق بإسناده عن الفضيل بن يسار، وزرارة بن أعين، وبكير بن أعين، ومحمد بن مسلم، وبريد بن معاوية العجلي، عن أبي جعفر وأبي عبد الله (عليهما السلام) أنّهما قالا: وقت الظهر بعد الزوال قدمان، ووقت العصر بعد ذلك قدمان. ورواه الشيخ عن الفضيل والجماعة المذكورين وزاد: وهذا أوّل وقت إلى أن يمضي أربعة أقدام للعصر(5).
- (1) تهذيب الأحكام 2: 244 ح965، الاستبصار 1: 246 ح875 ، وعنهما وسائل الشيعة 4: 127، كتاب الصلاة، أبواب المواقيت ب4 ح9.
- (2) تهذيب الأحكام 2: 244 ح966، الاستبصار 1: 246 ح876 ، وعنهما وسائل الشيعة 4: 127، كتاب الصلاة، أبواب المواقيت ب4 ح10.
- (3) تهذيب الأحكام 2: 244 ح967، الاستبصار 1: 246 ح877 ، وعنهما وسائل الشيعة 4: 128، كتاب الصلاة، أبواب المواقيت ب4 ح11.
- (4) وسائل الشيعة 4: 125، كتاب الصلاة، أبواب المواقيت ب4.
- (5) الفقيه 1: 140 ح649، تهذيب الأحكام 2: 255 ح1012، الاستبصار 1: 248 ح892 ، وعنها وسائل الشيعة 4: 140، كتاب الصلاة، أبواب المواقيت ب8 ح1 و 2.
( صفحه 136 )
ورواية إسماعيل الجعفي، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) إذا كان فيء الجدار ذراعاً صلّى الظهر، وإذا كان ذراعين صلّى العصر. قال: قلت: إنّ الجدار يختلف بعضها قصير وبعضها طويل، فقال: كان جدار مسجد رسول الله (صلى الله عليه وآله) يومئذ قامة(1).
ورواية أحمد بن محمد ـ يعني ابن أبي نصر ـ قال: سألته عن وقت صلاة الظهر والعصر؟ فكتب: قامة للظهر، وقامة للعصر(2).
ورواية سعيد الأعرج، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: سألته عن وقت الظهر، أهو إذا زالت الشمس؟ فقال: بعد الزوال بقدم أو نحو ذلك، إلاّ في السفر أو يوم الجمعة; فإنّ وقتها إذا زالت(3).
وغير ذلك من الروايات(4) الظاهرة في تأخّر الوقت عن الزوال.
هذا، ولكنّ الظاهر أنّها لا تدلّ على أنّ وقت الظهر لا يدخل إلاّ بعد تحقّق تلك المقادير حتّى يجب له انتظار حصولها، بحيث لو أتى بها قبلها لكانت واقعة قبل الوقت فاسدة من أجل ذلك، بل الظاهر أنّ اعتبار تلك الاُمور إنّما هو لأجل الإتيان بالنافلة، واختلافها في المقدار الموضوع للنافلة إنّما هو من جهة اختلاف المتنفّلين في الخفّة والبطء، والتطويل والتقصير، ويشهد لذلك
- (1) تهذيب الأحكام 2: 21 ح58، وعنه وسائل الشيعة 4: 143، كتاب الصلاة، أبواب المواقيت ب8 ح10.
- (2) تهذيب الأحكام 2: 21 ح61، الاستبصار 1: 248 ح890 ، وعنهما وسائل الشيعة 4: 144، كتاب الصلاة، أبواب المواقيت ب8 ح12.
- (3) تهذيب الأحكام 2: 244 ح970، الاستبصار 1: 247 ح884 ، وعنهما وسائل الشيعة 4: 145، كتاب الصلاة، أبواب المواقيت ب8 ح17.
- (4) وسائل الشيعة 4: 140، كتاب الصلاة، أبواب المواقيت ب8 .
( صفحه 137 )
روايات متعدّدة:
منها: صحيحة زرارة، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: سألته عن وقت الظهر؟ فقال: ذراع من زوال الشمس، ووقت العصر ذراع (ذراعان خ ل) من وقت الظهر، فذاك أربعة أقدام من زوال الشمس ـ إلى أن قال: ـ أتدري لِمَ جعل الذراع والذراعان؟ قلت: لِمَ جعل ذلك؟ قال: لمكان النافلة، لك أن تتنفّل من زوال الشمس إلى أن يمضي ذراع، فإذا بلغ فيؤك ذراعاً من الزوال بدأت بالفريضة وتركت النافلة، وإذا بلغ فيؤك ذراعين بدأت بالفريضة وتركت النافلة(1).
فإنّها ظاهرة في أنّ التأخير إلى الذراع لا لأجل دخول أصل الوقت، بل لمكان النافلة، وأنّ البلوغ إليه إنّما يؤثّر في البدأة بالفريضة وترك النافلة، لا في دخول وقت الاُولى، كما لا يخفى.
ومنها: رواية صحيحة لمحمد بن أحمد بن يحيى قال: كتب بعض أصحابنا إلى أبي الحسن (عليه السلام) : روي عن آبائك القدم والقدمين والأربع، والقامة والقامتين، وظلّ مثلك، والذراع والذراعين؟ فكتب (عليه السلام) : لا القدم ولا القدمين، إذا زالت الشمس فقد دخل وقت الصلاتين وبين يديها سبحة وهي ثماني ركعات، فإن شئت طوّلت، وإن شئت قصّرت، ثمّ صلِّ الظهر، فإذا فرغت كان بين الظهر والعصر سبحة وهي ثماني ركعات، إن شئت طوّلت وإن شئت قصّرت، ثمّ صلِّ العصر(2).
- (1) تقدّمت في ص98.
- (2) تهذيب الأحكام 2: 249 ح990، الاستبصار 1: 254 ح913، وعنهما وسائل الشيعة 4: 134، كتاب الصلاة، أبواب المواقيت ب5 ح13.
( صفحه 138 )
ومنها: رواية ذريح المحاربي، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: سأل أبا عبد الله (عليه السلام) اُناس وأنا حاضر، فقال: إذا زالت الشمس فهو وقت لا يحبسك منه إلاّ سبحتك، تطيلها أو تقصّرها، الحديث(1).
ومنها: ذيل رواية إسماعيل الجعفي المتقدّمة(2); وهو قوله (عليه السلام) : وإنّما جعل الذراع والذراعان لئلاّ يكون تطوّع في وقت فريضة.
ومنها: غير ذلك من الروايات(3) الدالّة على أنّ التأخير إنّما هو بلحاظ حال النافلة واشتغال المؤمنين بها، ولئلاّ تقع في كبرى «التطوّع في وقت الفريضة»، ويؤيّده استثناء السفر ويوم الجمعة في رواية سعيد الأعرج المتقدّمة; فإنّ الظاهر أنّ الاستثناء إنّما هو لأجل سقوط نافلة الظهرين في السفر، وجواز التقديم على الزوال في يوم الجمعة، كما مرّ سابقاً(4).
ثمّ إنّ المشهور(5) اختصاص مقدار أربع ركعات من أوّل الوقت بالإتيان بالظهر، ومن آخر الوقت بالعصر; بمعنى أنّ لكلّ من الصلاتين وقتين: أحدهما: اختصاصيّ، والآخر اشتراكيّ، خلافاً للصدوق(6)، حيث إنّه يظهر
- (1) تهذيب الأحكام 2: 246 ح978، الاستبصار 1: 249 ح897 ، وعنهما وسائل الشيعة 4: 134، كتاب الصلاة، أبواب المواقيت ب5 ح12.
- (2) في ص101.
- (3) وسائل الشيعة 4: 131، كتاب الصلاة، أبواب المواقيت ب5.
- (4) في ص111 ـ 112.
- (5) غاية المرام 1: 122، روض الجنان في شرح إرشاد الأذهان 2: 483 ـ 484، كشف اللّثام 3: 69 و 71، الحدائق الناضرة 6: 100، مفتاح الكرامة 5: 130، جواهر الكلام 7: 129 و 140، مصباح الفقيه 9: 100.
- (6) حكى عنه في مختلف الشيعة 2: 33 مسألة 3، وعن الصدوقين في رياض المسائل 3: 35، وراجع الفقيه 1: 139 ح647، والمقنع: 91، والهداية: 127، ولكنّ النسبة إليه مشكل، كما صرّح به الشيخ في كتاب الصلاة (تراث الشيخ الأعظم) 1: 36، ولكن في التنقيح في شرح العروة الوثقى، كتاب الصلاة 1: 147، بعد نقل النسبة إليه قال: «وتبعه جماعة»، ويأتي هذا في ص299، أيضاً.
( صفحه 139 )
منه اشتراك الظهرين في دخول وقتهما بمجرّد الزوال، وامتداده إلى الغروب، ويكون كلّ جزء من أجزاء هذه القطعة صالحاً لكلّ واحدة من الصلاتين، غاية الأمر لزوم الترتيب بينهما.
وتظهر الثمرة بين القولين فيما إذا صلّى العصر بعد الزوال بلا فصل نسياناً، فعلى المشهور تجب عليه الإعادة لوقوعها في غير وقتها; لأنّ المفروض وقوعها في الوقت الذي يختصّ بالظهر، وعلى قول الصدوق تصحّ ولا تجب عليه الإعادة; لوقوعها في وقتها، والإخلال بالترتيب غير قادح; لأنّ شرطيّته تختصّ بحال الذكر، كما إذا صلّى العصر في الوقت المشترك قبل الظهر نسياناً; فإنّها صحيحة بلا إشكال.
والأخبار الواردة في هذه المسألة على قسمين: قسم ظاهر في الاشتراك، وقسم دالّ على الاختصاص.
أمّا ما هو ظاهر في الاشتراك، فكثيرة جدّاً، وقد مرّت جملة منها في بيان الروايات الدالّة على دخول الظهر بمجرّد الزوال، كصحيحة زرارة، ورواية عبيد بن زرارة، والروايات الدالّة على أنّه إذا زالت الشمس فقد دخل وقت الصلاتين، فراجع(1).
وأمّا ما يدلّ على الاختصاص، فبالإضافة إلى أوّل الوقت لا يكون إلاّ رواية واحدة; وهي ما روي بسند صحيح عن الحسن بن علي بن فضّال،