( صفحه 18 )
والمندوبة أكثر من أن تحصى; منها: الرواتب اليوميّة; وهي ثمان ركعات
للظهر قبله، وثمان للعصر قبله، وأربع للمغرب بعده، وركعتان من جلوس
للعشاء بعده تعدّان بركعة، تسمّى بالوتيرة، ويمتدّ وقتها بامتداد وقت
صاحبها، وركعتان للفجر قبل الفريضة، ووقتهما الفجر الأوّل، ويمتدّ إلى أن يبقى من طلوع الحمرة مقدار أداء الفريضة، ويجوز دسّهما في صلاة الليل قبل الفجر ولو عند نصف الليل، بل لا يبعد أن يكون وقتهما بعد مقدار إتيان صلاة الليل من انتصافها، ولكنّ الأحوط عدم الإتيان بهما قبل الفجر الأوّل إلاّ بالدسّ في صلاة الليل. تعداد الرواتب اليوميّة
وإحدى عشرة ركعة نافلة الليل; صلاة الليل ثمان ركعات، ثمّ ركعتا الشفع، ثمّ ركعة الوتر، وهي مع الشفع أفضل صلاة الليل، وركعتا الفجر أفضل منهما، ويجوز الاقتصار على الشفع والوتر، بل على الوتر خاصّة عند ضيق الوقت، وفي غيره يأتي به رجاءً.
ووقت صلاة الليل نصفها إلى الفجر الصادق، والسحر أفضل من غيره،
والثلث الأخير من الليل كلّه سحر، وأفضله القريب من الفجر، وأفضل
منه التفريق، كما كان يصنعه النبيّ (صلى الله عليه وآله) ، فعدد النوافل ـ بعد عدّ الوتيرة ركعة ـ
أربع وثلاثون ركعة ضعف عدد الفرائض، وتسقط في السفر الموجب للقصر
ثمانيةُ الظهر، وثمانيةُ العصر، وتثبت البواقي، والأحوط الإتيان
بالوُتَيرة رجاءً 1 .
1ـ في الرواتب اليوميّة مسائل:
الاُولى: في تعدادها، وقد وقع فيه الاختلاف بين المسلمين بعد اتّفاقهم
( صفحه 19 )
جميعاً ـ العامّة(1) والخاصّة(2) ـ على أنّ عدد ركعات الفرائض اليوميّة سبع عشرة ركعة بلا زيادة ولا نقصان، بل هو من ضروريّات الإسلام(3)، بحيث يعتقد به كلّ من انتحل إليه، وعلى أنّ نافلة الصبح ركعتان قبل الفريضة، وعلى أنّ نافلة الليل ـ التي يعبّر عنها بصلاة الليل ـ إحدى عشرة ركعة; وإن وقع الاختلاف بيننا وبينهم في الوصل بين ركعتي الشفع وركعة الوتر وعدمه، حيث ذهب الجمهور إلى الأوّل، والإماميّة إلى الثاني(4).
والمشهور بين الإماميّة(5) في سائر النوافل اليوميّة أنّ مجموع النوافل اليوميّة والنهاريّة لا يزيد على أربع وثلاثين ركعة، ومع انضمام الفرائض تبلغ إحدى وخمسين، والروايات الواردة في هذا الباب مختلفة، وكثير منها يدلّ على مرام المشهور:
منها: رواية فضيل بن يسار قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول في حديث: إنّ الله ـ عزّ وجلّ ـ فرض الصلاة ركعتين ركعتين عشر ركعات، فأضاف رسول الله (صلى الله عليه وآله) إلى الركعتين ركعتين، وإلى المغرب ركعة، فصارت عديل
- (1) المغني لابن قدامة 1: 377، بداية المجتهد 1: 91 ـ 92، تذكرة الفقهاء 2: 260 ـ 261 مسألة 1، ولكن أوجب أبو حنيفة وأصحابه الوتر.
- (2) المقنعة: 90، الكافي في الفقه: 116، المهذّب 1: 67، غنية النزوع: 73، الوسيلة: 80 ، المعتبر 2: 11، تذكرة الفقهاء 2: 260، كشف اللثام 3: 8 ، مفتاح الكرامة 5: 16.
- (3) جواهر الكلام 7: 26 ـ 27، وفي منتهى المطلب 4: 12، بلا خلاف بين أهل العلم.
- (4) المغني لابن قدامة 1: 789، الشرح الكبير 1: 716 ـ 717، المعتبر 2: 14 ـ 15، تذكرة الفقهاء 2: 263 ـ 264.
- (5) المعتبر 2: 12 و 14، كشف الرموز 1: 124، ذكرى الشيعة 2: 289، التنقيح الرائع 1: 161 ـ 162، الرسالة الجعفريّة (رسائل المحقّق الكركي) 1: 98، جامع المقاصد 2: 8 ، الروضة البهيّة 1: 171 ـ 172، جواهر الكلام 7: 30.
( صفحه 20 )
الفريضة، لا يجوز تركهنّ إلاّ في سفر، وأفرد الركعة في المغرب، فتركها قائمة في السفر والحضر، فأجاز الله له ذلك كلّه، فصارت الفريضة سبع عشرة ركعة.
ثمّ سنَّ رسول الله (صلى الله عليه وآله) النوافل أربعاً وثلاثين ركعة مثلي الفريضة، فأجاز الله ـ عزّ وجلّ ـ له ذلك، والفريضة والنافلة إحدى وخمسون ركعة: منها: ركعتان بعد العتمة جالساً تعدّ بركعة مكان الوتر ـ إلى أن قال: ـ ولم يرخّص رسول الله (صلى الله عليه وآله) لأحد تقصير الركعتين اللّتين ضمّهما إلى ما فرض الله عزّوجلّ، بل ألزمهم ذلك إلزاماً واجباً، ولم يرخّص لأحد في شيء من ذلك إلاّ للمسافر، وليس لأحد أن يرخّص ما لم يرخّصه رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، فوافق أمر رسول الله أمر الله، ونهيه نهي الله; ووجب على العباد التسليم له كالتسليم لله(1).
ومنها: رواية فضيل بن يسار أيضاً، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: الفريضة والنافلة إحدى وخمسون ركعة: منها ركعتان بعد العتمة جالساً تعدّان بركعة وهو قائم، الفريضة منها سبع عشرة، والنافلة أربع وثلاثون ركعة(2).
والظاهر أنّها هي الرواية الاُولى وعدم كونها رواية اُخرى وإن جعلها في الوسائل روايتين.
ومنها: رواية فضيل بن يسار، والفضل بن عبد الملك، وبكير قالوا: سمعنا أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) يصلّي من التطوّع مثلي الفريضة،
- (1) الكافي 1: 266 ح4، وعنه وسائل الشيعة 4: 45، كتاب الصلاة، أبواب أعداد الفرائض ب13 ح2.
- (2) الكافي 3: 443 ح2، تهذيب الأحكام 2: 4 ح2، الاستبصار 1: 218 ح772، وعنها وسائل الشيعة 4: 46، كتاب الصلاة، أبواب أعداد الفرائض ب13 ح3.
( صفحه 21 )
ويصوم من التطوّع مثلي الفريضة(1).
ومنها: رواية إسماعيل بن سعد الأحوص قال: قلت للرضا (عليه السلام) : كم الصلاة من ركعة؟ فقال: إحدى وخمسون ركعة(2).
ومنها: غير ذلك ممّا يدلّ على مرام المشهور(3).
وأمّا ما يدلّ على الخمسين; فمنها: رواية معاوية بن عمّار قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: كان في وصيّة النبيّ (صلى الله عليه وآله) لعلي (عليه السلام) أن قال: يا عليّ أوصيك في نفسك بخصال فاحفظها عنّي، ثمّ قال: اللّهمّ أعنه ـ إلى أن قال: ـ والسادسة الأخذ بسنّتي في صلاتي وصومي وصدقتي. أمّا الصلاة فالخمسون ركعة، الحديث(4).
ومنها: رواية محمد بن أبي عمير(5) قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن أفضل ما جرت به السنّة من الصلاة؟ قال: تمام الخمسين(6).
ومنها: رواية حنّان قال: سأل عمرو بن حريث أبا عبد الله (عليه السلام) وأنا جالس، فقال له: جعلت فداك أخبرني عن صلاة رسول الله (صلى الله عليه وآله) ؟ فقال: كان
- (1) الكافي 3: 443 ح3، تهذيب الأحكام 2: 4 ح3، الاستبصار 1: 218 ح773، وعنها وسائل الشيعة 4: 46، كتاب الصلاة، أبواب أعداد الفرائض ب13 ح4.
- (2) الكافي 3: 446 ح16، تهذيب الأحكام 2: 3 ح1، الاستبصار 1: 218 ح771، وعنها وسائل الشيعة 4: 49، كتاب الصلاة، أبواب أعداد الفرائض ب13 ح11.
- (3) وسائل الشيعة 4: 45، كتاب الصلاة، أبواب أعداد الفرائض ب13.
- (4) الكافي 8 : 79 ح33، وعنه وسائل الشيعة 4: 45، كتاب الصلاة، أبواب أعداد الفرائض ب13 ح1.
- (5) في الوسائل: محمّد بن أبي حمزة.
- (6) الكافي 3: 443 ح4، تهذيب الأحكام 2: 5 ح6، وعنهما وسائل الشيعة 4: 46، كتاب الصلاة، أبواب أعداد الفرائض ب13 ح5.
( صفحه 22 )
النبيّ (صلى الله عليه وآله) يصلّي ثمان ركعات الزوال، وأربعاً الاُولى، وثمانياً (ثماني خ ل) بعدها، وأربعاً العصر، وثلاثاً المغرب، وأربعاً بعد المغرب، والعشاء الآخرة أربعاً، وثمان (ثماني خ ل) صلاة الليل، وثلاثاً الوتر، وركعتي الفجر، وصلاة الغداة ركعتين.
قلت: جعلت فداك وإن كنت أقوى على أكثر من هذا يعذّبني الله على كثرة الصلاة؟ فقال: لا، ولكن يعذّب على ترك السنّة(1).
فإنّ مجموعها باعتبار عدم التعرّض لنافلة العشاء لا يتجاوز عن خمسين، والظاهر أنّ المراد بالعذاب على ترك السنّة هو العذاب على الأقلّ من المجموع; بمعنى شدّة استحبابه، ويحتمل أن يكون المراد أنّ الكثرة موجبة لترك السنّة التي هي العدد المخصوص من دون زيادة ونقصان.
والجمع بين هذه الطائفة، والطائفة الاُولى أنّه لا منافاة بينهما أصلاً; فإنّ الرواية الأخيرة من هذه الطائفة شاهدة على أنّ عدّ الخمسين إنّما هو لإخراج نافلة العشاء. ولا مانع منه; فإنّه بدل عن الوتر ومكانه، كما تدلّ عليه رواية الفضيل المتقدّمة. ولأجله يطلق عليه عنوان الوتيرة، فالاختلاف بينهما إنّما هو في عدّ نافلة العشاء وعدمه، ولا مانع من شيء من الأمرين.
ويدلّ على البدليّة دلالة واضحة رواية أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يبيتنّ إلاّ بوتر، قال: قلت: تعني الركعتين بعد العشاء الآخرة؟ قال: نعم، إنّهما بركعة، فمن صلاّهما ثمّ حدث به حدث
- (1) الكافي 3: 443 ح5، تهذيب الأحكام 2: 4 ح4، الاستبصار 1: 218 ح774، وعنها وسائل الشيعة 4: 47، كتاب الصلاة، أبواب أعداد الفرائض ب13 ح6.