( صفحه 320 )أربع ركعات من الوقت، فاللاّحقة هي الوظيفة، وفي مثله لا يعلم دلالة أخبار العدول على جوازه بعدما عرفت(1) من لزوم الاقتصار في الحكم المخالف للقاعدة على القدر المتيقّن من مورد الدليل، فالعدول عنها إلى السابقة في غاية الإشكال.
( صفحه 321 ) [وجوب التأخير لذوي الأعذار ]
مسألة 12: يجب على الأحوط على ذوي الأعذار تأخير الصلاة عن أوّل وقتها مع رجاء زوالها في الوقت إلاّ في التيمّم; فإنّه يجوز فيه البدار إلاّ مع العلم بارتفاع العذر فيه، كما مرّ في بابه 1 .
1ـ أمّا في التيمّم، فقد تقدّم(1) ورود النصّ فيه، وأنّه لابدّ من استفادة حكمه منه; سواء كان مخالفاً للقاعدة، أم لا، فراجع.
وأمّا في سائر ذوي الأعذار، فربما يقال(2) فيهم بوجوب التأخير والانتظار مع عدم العلم ببقاء العذر إلى آخر الوقت; نظراً إلى أنّ العذر المسوغ للصلاة العذريّة هو الذي كان مستوعباً لجميع الوقت; فإنّ المأمور به أوّلاً هو الطبيعي الواقع فيما بين المبدأ والمنتهى من الوقت الموسّع، فإذا كان متمكّناً من الإتيان به في أيّ جزء من أجزاء الوقت، فلا يكون معذوراً مشروعاً في حقّه الصلاة العذريّة، وإلاّ تلزم مشروعيّتها في حقّ أكثر المكلّفين; لثبوت العذر لهم نوعاً في بعض الوقت.
فالملاك في المعذوريّة هي المعذوريّة في جميع الوقت، ومع عدم إحراز المكلّف العجز إلى آخر الوقت لا يجوز له الإتيان بالصلاة العذريّة في أوّل الوقت أو وسطه; لاحتمال ارتفاع العذر قبل انقضاء الوقت. نعم، مع العلم
بالبقاء لا مانع من البدار; لفرض العلم بمشروعيّة الصلاة العذريّة في حقّه.
- (1) تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة، كتاب الطهارة، غسل الجنابة ـ التيمّم ـ المطهّرات: 477 ـ 481، وراجع وسائل الشيعة 3: 366، كتاب الطهارة، أبواب التيمّم ب14.
- (2) التنقيح في شرح العروة الوثقى، كتاب الصلاة 1: 434، المستند في شرح العروة الوثقى، موسوعة الإمام الخوئي 11: 300.
( صفحه 322 )هذا، ويمكن أن يقال(1) بأنّه يمكن إحراز بقاء العذر واستمراره إلى آخر الوقت من طريق الاستصحاب; لأنّه متيقّن الحدوث ومشكوك البقاء، ولا مانع من جريانه في الاُمور المستقبلة إذا ترتّب عليها أثر شرعيّ فعليّ، إلاّ أن يخدش في المقام بأنّ موضوع الأثر هو مجموع المتيقّن والمشكوك، فجزء الموضوع محرز بالوجدان، والآخر بالاستصحاب، وهو في مثله لا يخلو عن ثبوت المثبتيّة، فالأحوط التأخير، فتدبّر.
( صفحه 323 ) [التطوّع في وقت الفريضة ]التطوّع وقت الفريضة
مسألة 13: الأقوى جواز التطوّع في وقت الفريضة ما لم يتضيّق، وكذا لمن عليه قضاؤها 1 .
1ـ اختلف الأصحاب ـ قديماً وحديثاً ـ في جواز التطوّع في وقت الفريضة، فعن الشيخين وكثير من القدماء(1) القول بالمنع وعدم الجواز، كما في باب الصوم، حيث إنّه لا يجوز الصوم المندوب لمن عليه صوم واجب أداءً أو قضاءً من غير كلام، بل عن المحقّق في المعتبر التصريح بعدم الجواز والإسناد إلى علمائنا(2)، ولكن ذهب جماعة، منهم: الشهيدان (قدس سرهما) إلى الجواز(3)، بل عن الدروس أنّه الأشهر(4).
وعليه: فالمسألة مختلف فيها، والقائل بكلّ من القولين ممّن يعتنى به كيفاً وكمّاً، فاللاّزم ملاحظة الدليل، فنقول:
منشأ الخلاف اختلاف الأخبار الواردة في الباب، وقبل الورود فيها لابدّ من التنبيه على أمر، وهو: أنّ المراد بالتطوّع في محلّ النزاع ليس مطلق النافلة
- (1) المقنعة: 212، المبسوط 1: 128، النهاية: 62، المهذّب 1: 127، الوسيلة: 84 ، إصباح الشيعة: 61، السرائر 1: 203، شرائع الإسلام 1: 63، الجامع للشرائع: 89 .
- (2) المعتبر 2: 60.
- (3) جامع المقاصد 2: 23 ـ 24، مدارك الأحكام 3: 87 ـ 90، وحكاه أيضاً عن ابن بابويه وابن الجنيد، مجمع الفائدة والبرهان 2: 41، ذكرى الشيعة 2: 300 ـ 302 و 402 ـ 403، مسالك الأفهام 1: 145، مفاتيح الشرائع 1: 97، كتاب الصلاة، تقريرات بحث المحقّق النائيني للآملي 1: 43.
- (4) الدروس الشرعيّة 1: 142.
( صفحه 324 )حتّى يشمل النوافل اليوميّة; لقيام الإجماع(1) وتواتر الأخبار(2) على جواز الإتيان بالرواتب في الأوقات المقرّرة لها، التي تكون مزاحمة للفريضة فيها نوعاً، كالإتيان بنافلة الظهرين إلى الذراع والذراعين على ما مرّ تفصيله(3)، فالمراد بالتطوّع هي النافلة المبتدئة، أو التي تكون قضاءً عن الراتبة، كما أنّ المراد من الفريضة في محلّ البحث أعمّ من الفريضة الأدائيّة والقضائيّة، فالكلام يقع في مقامين:
الأوّل: الفريضة الأدائيّة، والأخبار الواردة فيها على طائفتين:
الطائفة الاُولى: ما تدلّ على المنع، وهي كثيرة:
منها: صحيحة زرارة، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: سألته عن ركعتي الفجر قبل الفجر أو بعد الفجر؟ فقال: قبل الفجر إنّهما من صلاة الليل، ثلاث عشرة ركعة صلاة الليل، أتريد أن تقايس؟ لو كان عليك من شهر رمضان، أكنت تطوّع إذا دخل عليك وقت الفريضة؟ فابدأ بالفريضة(4).
والمراد بقوله (عليه السلام) : «أتريد أن تقايس...» يمكن أن يكون تعليم زرارة وإفهامه كيفيّة المناظرة مع علماء العامّة، القائلين بأفضليّة نافلة الفجر قبل الفريضة(5)، والنقض عليهم بالصوم المندوب على ما عرفت، ويمكن أن يكون المراد بالقياس هو التشبيه والتنظير دون القياس المصطلح المحظور في فقه
- (1) غنية النزوع: 72، السرائر 1: 195 ـ 196، مستند الشيعة 4: 85 و 103.
- (2) تقدّمت في ص98 ـ 110.
- (3) في ص98 ـ 103.
- (4) تقدّمت في ص59.
- (5) المغني لابن قدامة 1: 762 و 765، المجموع 4: 14، بداية المجتهد 1: 210 ـ 211.