( صفحه 197 )
رواية داود بن فرقد، عن بعض أصحابنا، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إذا غابت الشمس فقد دخل وقت المغرب حتى يمضي مقدار ما يصلّي المصلّي ثلاث ركعات، فإذا مضى ذلك فقد دخل وقت المغرب والعشاء الآخرة حتّى يبقى من انتصاف الليل مقدار ما يصلّي المصلّي أربع ركعات، وإذا بقي مقدار ذلك فقد خرج وقت المغرب وبقي وقت العشاء الآخرة إلى انتصاف الليل(1).
ورواية عبيد بن زرارة ـ على ما رواه الشيخ (قدس سره) ـ عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إذا غربت الشمس دخل وقت الصلاتين إلى نصف الليل، إلاّ أنّ هذه قبل هذه(2).
ومرسلة الكليني المتقدّمة(3).
الطائفة الخامسة: ما يدلّ على الامتداد إلى طلوع الفجر، إمّا مطلقاً، أو في موارد النوم، والنسيان، والحيض، وهي:
رواية عبيد بن زرارة، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: لا تفوت الصلاة من أراد الصلاة، لا تفوت صلاة النهار حتّى تغيب الشمس، ولا صلاة الليل حتّى يطلع الفجر، ولا صلاة الفجر حتّى تطلع الشمس.
ورواها الصدوق بالإرسال المعتبر قال: قال الصادق (عليه السلام) : لا يفوّت الصلاة من أراد الصلاة، لا تفوت صلاة النهار حتّى تغرب الشمس، ولا صلاة الليل حتّى يطلع الفجر، وذلك للمضطرّ والعليل والناسي(4).
- (1) تقدّمت في ص164.
- (2) تهذيب الأحكام 2: 27 ح78، وعنه وسائل الشيعة 4: 186، كتاب الصلاة، أبواب المواقيت ب17 ذح11.
- (3) في ص195.
- (4) تهذيب الأحكام 2: 256 ح1015، الاستبصار 1: 260 ح933، مستطرفات السرائر: 95 ح9، الفقيه 1: 232 ح1030، وعنها وسائل الشيعة 4: 159، كتاب الصلاة، أبواب المواقيت ب10 ح9، وص125 ب4 ح3.
( صفحه 198 )
والظاهر أنّه لا مجال للمناقشة فيها من حيث السند، كما أنّ الظاهر أنّ المراد من صلاة الليل هي الصلوات الليليّة التي هي المغرب والعشاء في قبال صلاة النهار وصلاة الفجر، والتخصيص بالمضطرّ، والعليل، والناسي في ذيل رواية الصدوق لايكون جزءاً للرواية وتتمّة لها، بل هو من اجتهاد الصدوق أورده في ذيل الرواية، كما هو دأبه.
نعم، يمكن أن يقال بعدم ثبوت الإطلاق للرواية مع عدم الذيل أيضاً، خصوصاً مع التعبير بعدم الفوت، الظاهر في عدم كون التأخير اختياراً; وإن كانت قرينة السياق تقتضي جواز التأخير اختياراً، كما في الظهرين وفريضة الصبح.
وبالجملة: لم يثبت للرواية من حيث هي إطلاق يقتضي امتداد الوقت إلى طلوع الفجر ولو في حال الاختيار، فتدبّر.
ورواية أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إن نام رجل ولم يصلِّ صلاة المغرب والعشاء أو نسي، فإن استيقظ قبل الفجر قدر ما يصلّيهما كلتيهما فليصلّهما، وإن خشي أن تفوته إحداهما فليبدأ بالعشاء الآخرة، وإن استيقظ بعد الفجر فليبدأ فليصلِّ الفجر ثمّ المغرب ثمّ العشاء الآخرة قبل طلوع الشمس، فإن خاف أن تطلع الشمس فتفوته إحدى الصلاتين فليصلِّ المغرب ويدع العشاء الآخرة حتى تطلع الشمس ويذهب شعاعها، ثمّ ليصلّها(1).
- (1) تهذيب الأحكام 2: 270 ح1077، الاستبصار 1: 288 ح1054، وعنهما وسائل الشيعة 4: 288، كتاب الصلاة، أبواب المواقيت ب62 ح3.
( صفحه 199 )
ورواية ابن مسكان، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إن نام رجل أو نسي أن يصلّي المغرب والعشاء الآخرة، فإن استيقظ قبل الفجر قدر ما يصلّيهما كلتيهما فليصلّهما، وإن خاف أن تفوته إحداهما فليبدأ بالعشاء الآخرة، وإن استيقظ بعد الفجر فليصلِّ الصبح ثمّ المغرب ثمّ العشاء الآخرة قبل طلوع الشمس(1).
ورواية أبي الصباح الكناني، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إذا طهرت المرأة قبل طلوع الفجر صلّت المغرب والعشاء، وإن طهرت قبل أن تغيب الشمس صلّت الظهر والعصر(2).
ورواية عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إذا طهرت المرأة قبل غروب الشمس فلتصلِّ الظهر والعصر، وإن طهرت من آخر الليل فلتصلِّ المغرب والعشاء(3).
ورواية داود الزجاجي، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: إذا كانت المرأة حائضاً فطهرت قبل غروب الشمس صلّت الظهر والعصر، وإن طهرت من آخر الليل صلّت المغرب والعشاء الآخرة(4).
- (1) الاستبصار 1: 288 ح1053، ورواه في تهذيب الأحكام 2: 270 ح1076 عن ابن سنان، وعنهما وسائل الشيعة 4: 288، كتاب الصلاة، أبواب المواقيت ب62 ح4.
- (2) تهذيب الأحكام 1: 390 ح1203، الاستبصار 1: 143 ح489، وعنهما وسائل الشيعة 2: 363، كتاب الطهارة، أبواب الحيض ب49 ح7.
- (3) تهذيب الأحكام 1: 390 ح1204، الاستبصار 1: 143 ح490، وعنهما وسائل الشيعة 2: 364، كتاب الطهارة، أبواب الحيض ب49 ح10.
- (4) تهذيب الأحكام 1: 390 ح1205، الاستبصار 1: 143 ح491، وعنهما وسائل الشيعة 2: 364، كتاب الطهارة، أبواب الحيض ب49 ح11.
( صفحه 200 )
ورواية عمر بن حنظلة، عن الشيخ (عليه السلام) قال: إذا طهرت المرأة قبل طلوع الفجر صلّت المغرب والعشاء، وإن طهرت قبل أن تغيب الشمس صلّت الظهر والعصر(1).
والاحتمالات الجارية في خصوص الأخبار الواردة في الحائض ثلاثة:
أحدها: أن تكون محمولة على الاستحباب، كما حكي عن الشيخ (قدس سره) (2).
ثانيها: أن تحمل على الوجوب، ويكون المراد إتيانها إلى طلوع الفجر قضاءً، فتكون هذه الأخبار مخصّصة للأخبار الدالّة على عدم وجوب القضاء على الحائض إذا طهرت بعد انقضاء الوقت.
ثالثها: الحمل على الوجوب، وكون المراد إتيانها إليه أداءً; لامتداد وقت العشاءين إلى طلوع الفجر، والظاهر هو الاحتمال الأخير; لظهورها في الوجوب، وكون الإتيان قبل طلوع الفجر إنّما هو بعنوان الأداء.
ولكنّه ذكر المحقّق الحائري (قدس سره) في كتابه في الصلاة أنّ دليل وجوب الصلاة على الحائض إذا طهرت قبل الفجر ـ بضميمة الأدلّة الدالّة على عدم ثبوت القضاء عليها إلاّ إذا طهرت في الوقت ـ يقتضي أن يكون ما قبل طلوع الفجر وقتاً لصلاة الليل(3).
ومرجعه إلى عدم الاقتضاء مع عدم الضميمة، ومبناه على ترجيح
- (1) تهذيب الأحكام 1: 391 ح1206، الاستبصار 1: 144 ح492، وعنهما وسائل الشيعة 2: 364، كتاب الطهارة، أبواب الحيض ب49 ح12.
- (2) الاستبصار 1: 144 ذح 492، وحكى عنه في وسائل الشيعة 2: 365، كتاب الطهارة، أبواب الحيض ب49 ذح13.
- (3) كتاب الصلاة للمحقّق الحائري (رحمه الله) : 16.
( صفحه 201 )
التخصّص على التخصيص فيما إذا دار الأمر بينهما، مع أنّ الظاهر أنّ مورد الترجيح ما إذا كان مراد المتكلّم مجهولاً، حيث إنّه بسبب أصالة العموم النافية للتخصيص يستكشف المراد.
وأمّا في مثل المقام ممّا إذا كان المراد معلوماً; لأنّ المفروض ثبوت الوجوب بالنسبة إلى الحائض بعد الانتصاف; سواء كان من باب التخصيص، أو التخصّص، فلا مجال حينئذ للتمسّك بأصالة العموم، ولكنّك عرفت ظهورها في نفسها في أنّ الإتيان إنّما بنحو الأداء.
وقد انقدح من جميع ما ذكرنا أنّ التعارض المترائى إنّما هو بين ثلاث طوائف من الطوائف المتقدّمة; وهي الأخبار الدالّة على الشفق، وأخبار الانتصاف، وأخبار طلوع الفجر، وحينئذ نقول: لا ينبغي الإشكال في ترجيح أخبار الانتصاف على أخبار الشفق; لظهور الثانية في عدم جواز التأخير عن الشفق، وصراحة الاُولى في جواز التأخير عنه، فتحمل أخبار الشفق على كونها بصدد بيان وقت الفضيلة، بناءً على كون اختلاف الوقتين إنّما هو بالفضيلة والإجزاء، كما هو الحقّ على ما سيأتي إن شاء الله تعالى(1).
وأمّا أخبار الفجر، فإن كان مفادها الامتداد إلى طلوع الفجر ولو في حال الاختيار، إمّا بناءً على دلالة رواية عبيد بن زرارة(2) على الإطلاق.
وإمّا بناءً على إلغاء الخصوصيّة من الروايات الواردة في النائم، والناسي،
- (1) في ص252 ـ 266.
- (2) تقدّمت في ص197.