( صفحه 95 )
في حديث قال: إنّ الصلاة قائماً أفضل من الصلاة قاعداً(1).
ومنها: ما رواه أيضاً بإسناده عن حمّاد بن عثمان أنّه قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام) : قد اشتدّ عليّ القيام في الصلاة، فقال: إذا أردت أن تدرك صلاة القائم فاقرأ وأنت جالس، فإذا بقي من السورة آيتان فقم وأتمّ ما بقي واركع واسجد، فذاك صلاة القائم(2).
ومنها: رواية اُخرى لحمّاد بن عثمان، عن أبي الحسن (عليه السلام) قال: سألته عن الرجل يصلّي وهو جالس؟ فقال: إذا أردت أن تصلّي وأنت جالس ويكتب لك بصلاة القائم فاقرأ وأنت جالس، فإذا كنت في آخر السورة فقم فأتمّها واركع، فتلك تحسب لك بصلاة القائم(3).
وأمّا ما يدلّ على عدّ كلّ ركعتين بركعة، فرواية محمد بن مسلم قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن رجل يكسل أو يضعف فيصلّي التطوّع جالساً؟ قال: يضعف ركعتين بركعة(4).
ورواية علي بن جعفر في كتابه، عن أخيه قال: سألته عن المريض إذا كان لا يستطيع القيام كيف يصلّي؟ قال: يصلّي النافلة وهو جالس، ويحسب كلّ
- (1) الفقيه 1: 342 ح1513، علل الشرائع: 269 ب182 قطعة من ح9، عيون أخبار الرضا (عليه السلام) 2: 15 قطعة من ح1، وعنها وسائل الشيعة 5: 492، كتاب الصلاة، أبواب القيام ب4 ح3، وج7: 496، كتاب الصلاة، أبواب صلاة الكسوف ب7 قطعة من ح11.
- (2) الفقيه 1: 238 ح1046، تهذيب الأحكام 2: 295 ح1188، وعنهما وسائل الشيعة 5: 498، كتاب الصلاة، أبواب القيام ب9 ح2.
- (3) تهذيب الأحكام 2: 170 ح676، وعنه وسائل الشيعة 5: 498، كتاب الصلاة، أبواب القيام ب9 ح3.
- (4) تهذيب الأحكام 2: 166 ح655، الاستبصار 1: 293 ح1080، وعنهما وسائل الشيعة 5: 493، كتاب الصلاة، أبواب القيام ب5 ح3.
( صفحه 96 )
ركعتين بركعة. وأمّا الفريضة، فيحتسب كلّ ركعة بركعة وهو جالس إذا كان لا يستطيع القيام(1).
وبعض الروايات الاُخر(2).
- (1) مسائل علي بن جعفر: 171 ح294، وعنه وسائل الشيعة 5: 493، كتاب الصلاة، أبواب القيام ب5 ح5.
- (2) وسائل الشيعة 5: 492 ـ 494، كتاب الصلاة، أبواب القيام ب5 ح2 و 4 و6.
( صفحه 97 )
[ وقت نافلة الظهرين ]
وقت نافلة الظهرين
مسألة 4: وقت نافلة الظهر من الزوال إلى الذراع; أي سبعي الشاخص،
والعصر إلى الذراعين; أي أربعة أسباعه، فإذا وصل إلى هذا الحدّ يقدّم
الفريضة 1 .
1ـ في وقت نافلة الظهرين ثلاثة أقوال:
الأوّل: ما هو الأشهر بل المشهور(1)، وهو امتداد وقت نافلة الظهر إلى الذراع والعصر إلى الذراعين، ويظهر ذلك من المتن.
الثاني: ما عن جماعة من الأساطين، كالشيخ في الخلاف(2)، والفاضلين في المعتبر والتبصرة(3)، والمحقّق والشهيد الثانيين في جامع المقاصد والروضة، من الامتداد إلى المثل والمثلين(4).
الثالث: ما قوّاه صاحب العروة من الامتداد إلى آخر وقت إجزاء الفريضتين، وأنّ الأولى بعد الذراع تقديم الظهر، وبعد الذراعين تقديم العصر والإتيان بالنافلتين بعد الفريضتين، فالحدّان الأوّلان ـ الذراع والذراعان ـ للأفضليّة(5)، وقد قوّاه في المستند حاكياً له عن والده، بل عن الحلبي وظاهر
- (1) شرائع الإسلام 1: 62، حاشية إرشاد الأذهان، المطبوع ضمن حياة المحقّق الكركي وآثاره 9: 60 ـ 61، روض الجنان في شرح إرشاد الأذهان 2: 488، الروضة البهيّة 1: 181، كفاية الفقه، المشتهر بـ «كفاية الأحكام» 1: 77، مفتاح الكرامة 5: 106، رياض المسائل 3: 45 ـ 46، جواهر الكلام 7: 277 ـ 279.
- (2) الخلاف 1: 257 ـ 261 مسألة 4 و 5.
- (3) المعتبر 2: 48، تبصرة المتعلّمين: 38.
- (4) جامع المقاصد 2: 20، الروضة البهيّة 1: 181.
- (5) العروة الوثقى 1: 372 مسألة 1191.
( صفحه 98 )
المبسوط والإصباح والدروس والبيان(1).
أقول: وقد استدلّ على القول المشهور بجملة من الروايات:
منها: رواية زرارة، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: سألته عن وقت الظهر؟ فقال: ذراع من زوال الشمس، ووقت العصر ذراع (ذراعان خ ل) من وقت الظهر، فذاك أربعة أقدام من زوال الشمس، ثمّ قال: إنّ حائط مسجد رسول الله (صلى الله عليه وآله) كان قامة، وكان إذا مضى منه ذراع صلّى الظهر، وإذا مضى منه ذراعان صلّى العصر، ثمّ قال: أتدري لِمَ جعل الذراع والذراعان؟
قلت: لِمَ جعل ذلك؟ قال: لمكان النافلة، لك أن تتنفّل من زوال الشمس إلى أن يمضي ذراع، فإذا بلغ فيؤك ذراعاً من الزوال بدأت بالفريضة وتركت النافلة، وإذا بلغ فيؤك ذراعين بدأت بالفريضة وتركت النافلة(2).
وقد ادّعي ظهور دلالتها بل صراحتها في التوقيت بالذراع والذراعين، كما يقول به المشهور، ولكنّ الإنصاف خلافه، وتوضيحه:
أنّ المراد من قوله (عليه السلام) : «أتدري لِمَ جعل الذراع والذراعان؟.. » ـ بعد عدم إمكان حمله على ظاهره; لاقتضائه أنّ الذراع وقت مجعول في الشريعة لفريضة الظهر، والذراعين وقت مجعول كذلك لفريضة العصر، ومرجعهما عدم مشروعيّتهما قبلهما; لعدم دخول وقتهما، وهو خلاف الإجماع; لجواز الإتيان
- (1) الكافي في الفقه: 158، المبسوط 1: 76، إصباح الشيعة: 60، الدروس الشرعيّة 1: 140، البيان: 109، مستند الشيعة 4: 55.
- (2) الفقيه 1: 140 ح653، تهذيب الأحكام 2: 20 ح55، الاستبصار 1: 250 ح899 ، وفي علل الشرائع: 349 ب59 ح2 ذيله، وعنها وسائل الشيعة 4: 141، كتاب الصلاة، أبواب المواقيت ب8 ح3 و 4.
( صفحه 99 )
بالظهر أوّل الزوال، وبالعصر قبل الذراعين اتّفاقاً(1) ـ أنّه أتدري وجه عمل النبيّ (صلى الله عليه وآله) ، وأنّه لِمَ كان يؤخّر فريضة الظهر إلى الذراع والعصر إلى الذراعين؟ فليس المراد من الجعل هو الجعل التشريعي، بل جعل النبيّ (صلى الله عليه وآله) عمله كذلك.
ويؤيّده وقوعه عقيب حكاية فعل النبيّ (صلى الله عليه وآله) ونقل عمله.
وحينئذ فإن كان المراد من قوله (عليه السلام) : «لمكان النافلة» أنّ وجه تأخير النبيّ (صلى الله عليه وآله) إنّما هو ملاحظة مضيّ وقت النافلة وانقضائه بالذراع والذراعين حتّى يقطع بفراغ الناس من نوافلهم، ينطبق على المشهور ويستفاد منه التوقيت، ولكن هنا احتمال آخر لم تعلم مرجوحيّته بالإضافة إلى هذا الاحتمال; وهو أن يكون المراد أنّ الوجه في تأخيره (صلى الله عليه وآله) إنّما هو مراعاة حال المتنفّلين المشتغلين بالنافلة في ذلك الوقت غالباً; لأجل كونه وقت الفضيلة مثلاً.
وعليه: فالمراد منه أنّ نظره (صلى الله عليه وآله) كان مراعاة من أراد من الناس الإتيان بالنافلة، ثمّ الحضور للجماعة وإدراك الفضيلة، فمرجع قوله (عليه السلام) : «لمكان النافلة» بناءً على الاحتمال الأوّل إلى قوله: «لمكان انقضاء وقت النافلة ومضيّه»، وبناءً على الاحتمال الثاني إلى قوله: «لمكان إتيان المسلمين بالنافلة قبل الذراع والذراعين»، ولا مرجّح للاحتمال الأوّل، والاستدلال مبنيّ عليه، فتدبّر.
- (1) الخلاف 1: 256 ـ 261 مسألة 3 ـ 5، المعتبر 2: 27 و 35، تذكرة الفقهاء 2: 300 و306 مسألة 24 و28، نهاية الإحكام في معرفة الأحكام 1: 309 ـ 310، منتهى المطلب 4: 38 و 54، ذكرى الشيعة 2: 321 و 330، مجمع الفائدة والبرهان 2: 10 ـ 11، مفتاح الكرامة 5: 50 و 68، المجموع 3: 24، المغني لابن قدامة 1: 378.