(الصفحة 238)
يعتبر في المستجدّ الالتفات إلى الدوام واتّخاذه مقرّاً له كذلك ، كما أنّه لا يعتبر الإقامة ستّة أشهر ، ولا يعتبر فيه أن يكون له فيه ملك وإنّما يعتبر فيه الإقامة بمقدار يصدق عليه عرفاً أنّه وطنه ، فربّما يصدق بالإقامة فيه بعد القصد المزبور شهراً أو أقلّ .
(مسألة967):
إذا عزم على السكنى في بلد إلى مدّة مديدة كثلاثين سنة فلا يبعد صدق التوطّن بذلك عرفاً، وإن كان الأحوط مراعاة الاحتياط .
(مسألة968):
يجوز أن يكون للإنسان وطنان ; بأن يكون له منزلان في مكانين ، كلّ واحد منهما على الوصف المتقدّم ، فيقيم في كلّ سنة بعضاً منها في هذا ، وبعضها الآخر في الآخر ، وفي جواز أن يكون له أكثر من وطنين إشكال .
(مسألة969):
ذكر المشهور أنّه تجري أحكام الوطن على الوطن الشرعي ، وهو المكان الذي يملك فيه الإنسان منزلا قد استوطنه ستّة أشهر ، بأن أقام فيه ستّة أشهر عن قصد ونيّة ، فيتمّ الصلاة فيه كلّما دخله ، لكنّ الأقوى عدم جريان حكم الوطن عليه بعد الإعراض ، فالوطن الشرعيّ غير ثابت .
(مسألة970):
يكفي في صدق الوطن قصد التوطّن ولو تبعاً ، كما في الأولاد والزوجة والعبد .
(مسألة971):
إذا حدث له التردّد في التوطّن في المكان بعدما كان وطناً أصليّاً أو مستجدّاً ، ففي بقاء الحكم إشكال ، أقربه عدم الزوال قبل الإعراض العملي .
الثاني:
العزم على الإقامة عشرة أيّام متوالية في مكان واحد ، أو العلم ببقائه المدّة المذكورة فيه وإن لم يكن باختياره ، والليالي المتوسّطة داخلة بخلاف الاُولى والأخيرة ، ويكفي تلفيق اليوم المنكسر من يوم آخر ، فإذا نوى الإقامة من زوال أوّل يوم إلى زوال اليوم الحادي عشر وجب التمام ، والظاهر أنّ مبدأ اليوم طلوع الشمس ، فإذا نوى الإقامة من طلوع الشمس يكفي في وجوب التمام نيّتها إلى
(الصفحة 239)
غروب اليوم العاشر .
(مسألة972):
يشترط وحدة محلّ الإقامة ، فإذا قصد الإقامة عشرة أيّام في النجف الأشرف ومسجد الكوفة مثلا بقي على القصر ، نعم لا يشترط قصد عدم الخروج عن سور البلد ، بل إذا قصد الخروج إلى ما يتعلّق بالبلد من الأمكنة ، مثل بساتينه ومزارعه ومقبرته ، ونحو ذلك من الأمكنة التي يتعارف وصول أهل البلد إليها من جهة كونهم أهل ذلك البلد ، لم يقدح في صدق الإقامة فيها . نعم ، لو كان من نيّته الخروج نهاراً والرجوع قبل الليل ففيه إشكال ، خصوصاً مع تكرّر ذلك في أيّام الإقامة وكون زمان الخروج في كلّ يوم أكثر من زمان الإقامة فيه ، فالأحوط لو لم يكن أقوى عدم تحقّق الإقامة بذلك ، نعم لا تقدح نيّة الخروج ساعة أو ساعتين ولو مع التكرار .
(مسألة973):
إذا قصد الإقامة إلى ورود المسافرين ، أو انقضاء الحاجة أو نحو ذلك ، وجب القصر وإن اتّفق حصوله بعد عشرة أيّام ، وإذا نوى الإقامة إلى آخر الشهر مثلا وكان عشرة أيّام فالظاهر عدم كفايته في صدق الإقامة ووجوب التمام ما لم يعلم بذلك .
(مسألة974):
تجوز الإقامة في البرّية ، ولا يجب التضييق في دائرة المقام ، كما لا يجوز التوسيع كثيراً بحيث يخرج عن صدق وحدة المحلّ ، فالمدار على صدق الوحدة عرفاً .
(مسألة975):
إذا عدل المقيم عشرة أيّام عن قصد الإقامة ، فإن كان قد صلّى فريضة رباعيّة بقي على التمام إلى أن يسافر ، وإلاّ رجع إلى القصر ، سواء لم يصلّ أصلا أو صلّى مثل الصبح والمغرب ، وسواء فعل ما لا يجوز فعله للمسافر من النوافل والصوم أو لم يفعل ، وأمّا لو شرع في الرباعية ولم يتمّها وكان في الركوع الثالثة فالأحوط وجوباً في هذه الصورة الجمع .
(الصفحة 240)
(مسألة976):
إذا صلّى بعد نيّة الإقامة فريضة رباعيّة تماماً نسياناً ، أو لشرف البقعة غافلا عن نيّته ، فلا يترك الاحتياط بالجمع في الصورتين .
(مسألة977):
إذا تمّت مدّة الإقامة لم يحتج في البقاء على التمام إلى إقامة جديدة ، بل يبقى على التمام إلى أن يسافر ، وإن لم يصلّ في مدّة الإقامة فريضة تماماً .
(مسألة978):
لا يشترط في تحقّق الإقامة كونه مكلّفاً ، فلو نوى الإقامة وهو غير بالغ ، ثمّ بلغ في أثناء العشرة وجب عليه التمام في بقية الأيّام ، وقبل البلوغ يصلّي تماماً ، وإذا نواها وهو مجنون وكان تحقّق القصد منه ممكناً ، أو نواها حال الإفاقة ثمّ جنّ يصلّي تماماً بعد الافاقة في بقيّة العشرة ، وكذا إذا كانت حائضاً حال النيّة ، فإنّها تصلّي ما بقي بعد الطهر من العشرة تماماً ، بل إذا كانت حائضاً تمام العشرة يجب عليها التمام ما لم تنشيء سفراً .
(مسألة979):
إذا صلّى تماماً ثمّ عدل ، لكن تبيّن بطلان صلاته رجع إلى القصر ، وإذا صلّى بنيّة التمام وبعد السلام شك في أنّه سلّم على الأربع أو الإثنين أو الثلاث كفى في البقاء على حكم التمام إذا عدل عن الإقامة بعد الصلاة ، وكذا يكفي في البقاء على حكم التمام إذا عدل عن الإقامة بعد السلام الواجب وقبل فعل المستحبّ منه أو قبل الإتيان بسجود السهو ، بل وكذا لو عدل بعد السلام وقبل قضاء السجدة المنسيّة . وأمّا لو عدل قبل صلاة الاحتياط، فإن كان أحد طرفي الشك أو أطرافه الاثنتين رجع إلى القصر، وفي غيره لا يترك الاحتياط بالجمع .
(مسألة980):
إذا استقرّت الإقامة ولو بالصلاة تماماً ، فبدا للمقيم الخروج إلى ما دون المسافة ، فإن كان ناوياً للاقامة في المقصد ، أو في محلّ الإقامة ، أو في غيرهما ، بقي على التمام حتى يسافر من محلّ الإقامة الثانية ، وإن كان ناوياً الرجوع إلى محلّ الإقامة من حيث إنّه في طريقه في سفره الجديد والسفر منه قبل العشرة ، فمع عدم كون الذهاب أربعة فراسخ فلا يترك الاحتياط بالجمع في الذهاب
(الصفحة 241)
والمقصد . وإن كان عازماً على الرجوع إليه من حيث إنّه محلّ إقامته ، بأن لا يكون حين الخروج معرضاً عنه، بل أراد قضاء حاجة في خارجه والعود إليه ثمّ إنشاء السفر منه ولو بعد يوم أو أقلّ ، فالأقوى فيه البقاء على التمام في الذهاب والمقصد والإياب ومحلّ الإقامة ما لم ينشئ سفراً .
(مسألة981):
إذا دخل في الصلاة بنيّة القصر فنوى الإقامة في الأثناء أكملها تماماً . وإذا نوى الإقامة فشرع في الصلاة بنيّة التمام فعدل في الأثناء ، فإن كان قبل الدخول في ركوع الثالثة أتمّها قصراً ، وإن كان بعده فلا يترك الاحتياط بإتمامها تماماً وإعادتها قصراً والجمع بين القصر والتمام ما لم يسافر .
(مسألة982):
إذا عدل عن نيّة الإقامة ، وشكّ في أنّ عدوله كان بعد الصلاة تماماً ليبقى على التمام أم لا ، بنى على عدمها ، فيرجع إلى القصر ، وإذا علم بعد نيّة الإقامة بصلاة رباعيّة والعدول عن نيّة الإقامة ولكن شك في المتقدّم منهما مع الجهل بتاريخهما فوجوب التمام وإن كان غير بعيد لكنّ الأحوط الجمع .
(مسألة983):
إذا عزم على الإقامة فنوى الصوم وعدل بعد الزوال قبل أن يصلّي تماماً بقي على صومه وأجزأ ، وأمّا الصلاة فيجب فيها القصر .
الثالث:
أن يقيم في مكان واحد ثلاثين يوماً من دون عزم على الإقامة ، سواء عزم على إقامة تسعة أو أقلّ ، أو بقي متردّداً ، يجب عليه القصر إلى نهاية الثلاثين ، وبعدها يجب عليه التمام إلى أن يسافر سفراً جديداً .
(مسألة984):
المتردّد في الأمكنة المتعدّدة يقصّر وإن بلغت المدّة ثلاثين يوماً .
(مسألة985):
إذا خرج المقيم المتردّد إلى ما دون المسافة جرى عليه حكم المقيم عشرة أيّام إذا خرج إليه ، فيجري فيه ما ذكرناه فيه .
(مسألة986):
إذا تردّد في مكان تسعة وعشرين يوماً ، ثم انتقل إلى مكان آخر وأقام فيه متردّداً تسعة وعشرين ، وهكذا ، بقي على القصر في الجميع إلى أن ينوي
(الصفحة 242)
الإقامة في مكان واحد عشرة أيّام ، أو يبقى في مكان واحد ثلاثين يوماً متردّداً ، أو يمرّ على وطنه .
(مسألة987):
يكفي تلفيق اليوم المنكسر من يوم آخر هنا ، كما تقدّم في الإقامة .
(مسألة988):
في كفاية الشهر الهلالي إذا كان ناقصاً إشكال ، فلا يترك الاحتياط بعدم الاكتفاء به ، بل بالجمع في يوم الثلاثين .
الفصل الثالث : أحكام المسافر
(مسألة989):
تسقط النوافل النهاريّة في السفر ، وفي سقوط الوتيرة إشكال ، والأحوط الإتيان بها برجاء المطلوبيّة ، ويجب القصر في الفرائض الرباعيّة بالاقتصار على الاُوليين منها فيما عدا الأماكن الأربعة كما سيأتي ، وإذا صلاّها تماماً ، فإن كان عالماً بالحكم بطلت ووجبت الإعادة أو القضاء ، وإن كان جاهلا بالحكم من أصله ـ بأن لم يعلم وجوب القصر على المسافر ـ لم تجب الإعادة فضلا عن القضاء ، وإن كان عالماً بأصل الحكم وجاهلا ببعض الخصوصيّات الموجبة للقصر ـ مثل انقطاع عمليّة السفر بإقامة عشرة في البلد ، ومثل أنّ العاصي في سفره يقصّر إذا رجع إلى الطاعة ونحو ذلك ، أو كان جاهلا بالموضوع ، بأن لا يعلم أنّ ما قصده مسافة مثلا، فأتمّ فتبيّن له أنّه مسافة ـ وجب عليه إعادة ما صلاّه إن علم في الوقت ، وقضاؤه إن علم خارجه . وإذا كان ناسياً للسفر ، فإن تذكّر في الوقت أعاد ، وإن تذكّر بعد خروج الوقت لم يجب عليه القضاء ، وأمّا الناسي للحكم فالأحوط وجوب القضاء عليه .
(مسألة990):
الصوم كالصلاة فيما ذكر ، فيبطل في السفر مع العلم ، ويصحّ مع الجهل بأصل الحكم ، دون الجهل بالخصوصيات والموضوع .
|