( صفحه 286 )ومنها: عنوان التنوير، الوارد في موثّقة معاوية بن وهب، المشتملة على نزول جبرئيل (عليه السلام) على النبيّ (صلى الله عليه وآله) وإعلامه بالوقت أيضاً، الوارد فيها قوله (عليه السلام) : ثمّ أتاه حين نوّر الصبح، فأمره فصلّى الصبح(1).
ومنها: عنوان الإضاءة، الوارد في رواية يزيد بن خليفة، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: وقت الفجر حين يبدو حتّى يضيء(2).
ومنها: عنوان التجلّل، الوارد في روايتين صحيحتين:
الاُولى: صحيحة الحلبي، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: وقت الفجر حين ينشقّ الفجر إلى أن يتجلّل الصبح السماء، الحديث(3).
الثانية: صحيحة عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: لكلّ صلاة وقتان، وأوّل الوقتين أفضلهما، ووقت صلاة الفجر حين ينشقّ الفجر إلى أن يتجلّل الصبح السماء، الحديث(4).
بعد حملهما على كون المراد آخر وقت الفضيلة، كما مرّ(5) في بحث وقت الإجزاء، وليس عنوان ظهور الحمرة مذكوراً في رواية أصلاً، والظاهر عدم التلازم بينه، وبين العناوين المتقدّمة التي يكون المراد منها أمراً واحداً; لأنّ الحمرة تبدو متأخّرة عن التجلّل وغيره من العناوين، فكيف جعل المشهور آخر وقت الفضيلة هو حدوث الحمرة المشرقيّة؟!
- (1) تقدّمت في ص232 ـ 233، 251، 262 ـ 263، 267 و 274.
- (2) تقدّمت في ص247.
- (3) تقدّمت في ص246.
- (4) تقدّمت في ص247 ـ 248.
- (5) في ص247 ـ 248.
( صفحه 287 )وقد ذكر سيّدنا العلاّمة الاُستاذ (قدس سره) أنّ الشهرة تكشف عن وجود نصّ دالّ على ذلك، غاية الأمر أنّه لم يصل إلينا; إذ ليست الروايات الواصلة إلينا مجموع الروايات الصادرة عنهم (عليهم السلام) ، المنقولة في الجوامع والكتب، كما هو ظاهر(1).
هذا، ويظهر من رواية أنّ ظهور الحمرة مساوق للإسفار، وأنّهما متحقّقان في زمان واحد; وهي:
صحيحة عليّ بن يقطين قال: سألت أبا الحسن (عليه السلام) عن الرجل لا يصلّي الغداة حتّى يسفر وتظهر الحمرة ولم يركع ركعتي الفجر، أيركعهما أو يؤخّرهما؟ قال: يؤخّرهما(2).
فإنّ الظاهر كون العطف في كلام السائل عطف بيان وتفسير، لا بمعنى اتّحاد المفهومين وكون الإسفار معناه ظهور الحمرة، بل بمعنى عدم الفصل الزماني بينهما; والدليل عليه ـ مضافاً إلى ظهوره فيه في نفسه ـ أنّه على تقدير ثبوت الفصل وتأخّر ظهور الحمرة عن الإسفار، يكون ذكر الإسفار لغواً لا يترتّب عليه فائدة أصلاً; لأنّ الملاك هو ظهور الحمرة، وهو متأخّر عن الإسفار دائماً، فلا وجه لذكر الإسفار.
ولكنّه أورد عليها بعض الأعلام بإشعارها بأنّ السائل قد ارتكز في ذهنه أنّ تقدّم النافلة على الفريضة إنّما هو فيما إذا أتى بها قبل ظهور الحمرة، والإمام (عليه السلام) قرّره على هذا. وعليه: فتدلّ الصحيحة على جواز الإتيان بالنافلة
- (1) نهاية التقرير 1: 171.
- (2) تقدّمت في ص66.
( صفحه 288 )قبل فريضة الفجر إلى ظهور الحمرة، ومعنى ذلك جواز التنفّل والتطوّع في وقت فضيلة الفريضة، وجواز تقديمها عليها عند المزاحمة.
وهذا ممّا لا يمكن الالتزام به; لأنّ المستفاد من الروايات(1) الواردة في الظهرين ونافلتهما عدم جواز الإتيان بالنوافل المرتّبة في وقت الفريضة، وقد ورد في بعضها: أتدري لِمَ جعل الذراع والذراعان؟ قلت: لِمَ جعل ذلك؟ قال: لمكان النافلة، لك أن تتنفّل من زوال الشمس إلى أن يمضي ذراع، فإذا بلغ فيؤك ذراعاً من الزوال بدأت بالفريضة وتركت النافلة(2)،(3).
ويدفعه وضوح تحقّق المزاحمة في وقت الفضيلة في الجملة حتّى في الظهرين; لأنّ مبدأ وقت الفضيلة فيهما هو الزوال، وكذا مضيّ مقدار أداء الظهر، وإن اُريد المزاحمة في آخر وقت الفضيلة، فمع عدم إشعار الرواية بها نقول: لا مانع منها أيضاً، غاية الأمر دوران الأمر بين درك فضيلة النافلة، ودرك فضيلة الوقت، ولا دليل على تعيّن الثاني، والرواية المذكورة لا يستفاد منها هذه الجهة أصلاً، فتدبّر.
- (1) وسائل الشيعة 4: 141 ـ 151، كتاب الصلاة، أبواب المواقيت ب8 .
- (2) تقدّم في ص98.
- (3) التنقيح في شرح العروة الوثقى، كتاب الصلاة 1: 229.
( صفحه 289 )
[المراد باختصاص الوقت ]بعض أحكام الأوقات
مسألة 7: المراد باختصاص الوقت: عدم صحّة الشريكة فيه مع عدم أداء صاحبتها بوجه صحيح، فلا مانع من إتيان غير الشريكة فيه، كصلاة القضاء من ذلك اليوم أو غيره. وكذا لا مانع من إتيان الشريكة فيه إذا حصل فراغ الذمّة من صاحبة الوقت، فإذا قدّم العصر سهواً على الظهر، وبقي من الوقت مقدار أربع ركعات، يصحّ إتيان الظهر في ذلك الوقت أداءً.
وكذا لو صلّى الظهر قبل الزوال بظنّ دخول الوقت، فدخل الوقت قبل تمامها، لا مانع من إتيان العصر بعد الفراغ منها، ولا يجب التأخير إلى مضيّ مقدار أربع ركعات، بل لو وقع تمام العصر في وقت الظهر صحّ على الأقوى، كما لو اعتقد إتيان الظهر فصلّى العصر، ثمّ تبيّن عدم إتيانه، وأنّ تمام العصر وقع في الوقت المختصّ بالظهر، لكن لا يترك الاحتياط فيما لم يدرك جزءاً من الوقت المشترك 1 .
1ـ قد تقدّم البحث في هذه المسألة في ذيل البحث عن وقت فريضة الظهرين في المسألة السادسة المتقدّمة(1)، وظهر أنّ الفروع المذكورة فيها يكون حكمها مطابقاً لما في المتن إلاّ الفرع الأخير; وهو ما لو وقع تمام العصر في وقت الظهر; فإنّ الظاهر فيه البطلان كما مرّ(2)، وسيأتي البحث عنه أيضاً في ضمن المسألة الثامنة، فانتظر.
- (1) في ص153 ـ 157.
- (2) في ص156.
( صفحه 290 )
[تقديم اللاّحقة على السابقة ]
مسألة 8 : لو قدّم العصر على الظهر أو العشاء على المغرب عمداً، بطل ماقدّمه; سواء كان في الوقت المختصّ أو المشترك، ولو قدّم سهواً وتذكّر بعد الفراغ، صحّ ما قدّمه، ويأتي بالاُولى بعده، وإن تذكّر في الأثناء عدل بنيّته إلى السابقة، إلاّ إذا لم يبق محلّ العدول، كما إذا قدّم العشاء وتذكّر بعد الدخول في ركوع الرابعة، والأحوط حينئذ الإتمام ثمّ الإتيان بالمغرب ثمّ العشاء، بل بطلان العشاء لا يخلو من قوّة 1 .
1ـ في هذه المسألة فروع:
الأوّل: ما إذا قدّم العصر على الظهر عمداً، والعشاء على المغرب كذلك، والحكم فيه البطلان; من دون فرق بين أن يكون في الوقت المختصّ أو المشترك; لأنّه مقتضى اعتبار الترتيب في الصلاة اللاّحقة الذي يدلّ عليه ـ مضافاً إلى وضوحه وعدم الخلاف فيه ـ كثير من الأخبار الواردة في العدول، التي سيأتي نقلها; وإن كان ظاهرهم أنّ عمدة الدليل على الترتيب قوله (عليه السلام) : إلاّ أنّ هذه قبل هذه(1)، وقد مرّ الإشكال في دلالة هذا القول على اعتبار الترتيب، فراجع(2).
وكيف كان، فمقتضى اشتراط الترتيب أنّ التقديم العمدي يوجب البطلان.
الثاني: ما إذا قدّم العصر على الظهر، أو العشاء على المغرب سهواً وتذكّر بعد الفراغ، وهو قد يكون في الوقت المشترك، وقد يكون
- (1) وسائل الشيعة 4: 126، كتاب الصلاة، أبواب المواقيت ب4 ح5، وص130 ح20 و21.
- (2) في ص143 ـ 144.