(الصفحة 200)مسألة 3: الأحوط تقديم الشاهد وإثبات عدالته ثمّ اليمين ، فإن قدّم اليمين ثمّ أقام الشاهد فالأحوط عدم إثباته ، وإن كان عدم اشتراط التقديم لا يخلو من قوّة1.
خلافه(1) . وكيف كان فالتحقيق في المسألة ما عرفت .
1 ـ قال المحقّق في الشرائع: ويشترط شهادة الشاهد أوّلا ، وثبوت عدالته ثمّ اليمين ، فلو بدأ باليمين وقعت لاغية ، وافتقر إلى اعادتها بعد الإقامة(2) . وقال في الجواهر عقيب الجملة الاُولى: بلا خلاف أجده فيه ، بل في كشف اللّثام نسبته إلى قطع الأصحاب(3) .
هذا ، ولكن جملة من متأخّري المتأخّرين كصحاب الكفاية والمفاتيح والمستند خالفوهم، حيث تردّدوا في المسألة أو قالوا بالعدم(4) ، وعمدة ما استدلّ به على الاعتبار أصالة عدم ثبوت الحقّ بدون ذلك بعد الشكّ في إرادة غيره من الإطلاق ، خصوصاً بعد الترتيب الذكري في أكثر الروايات .
ويرد عليه: أنّه مع ثبوت الإطلاق لا مجال للأصل كما في سائر الموارد ، لكنّ الكلام في أصل ثبوت الإطلاق بعد كونها في مقام بيان أصل اعتبار الشاهد واليمين في الجملة، والترتيب الذكري لايعبأ به . وقد حكي عن المسالك التعليل بأنّ المدّعي وظيفته البيّنة لا اليمين بالأصالة ، فإذا أقام شاهداً صارت البيّنة التي هي وظيفته
- (1) كفاية الأحكام: 272 .
- (2) شرائع الإسلام: 4 / 880 ـ 881 .
- (3) كشف اللثام: 2 / 344 (ط ق) ، جواهر الكلام: 40 / 270 .
- (4) كفاية الأحكام: 272 ، مفاتيح الشرائع: 3 / 264 ، مستند الشيعة: 2 / 566 (ط ق) .
(الصفحة 201)مسألة 4: إذا كان المال المدّعى به مشتركاً بين جماعة بسبب واحد كالإرث ونحوه ، فأقام بعضهم شاهداً على الدعوى وحلف ، لا يثبت به إلاّ حصّته . وثبوت سائر الحصص موقوف على حلف صاحب الحقّ ، فكلّ من حلف ثبت حقّه مع الشاهد الواحد1.
ناقصةويتمّمها اليمين بالنّص، بخلاف مالو قدّم اليمين ، فإنّه ابتدأ بما ليس له وظيفة(1).
وعن كشف اللثام أنّه استدل له بأنّ جانبه حينئذ يقوّى ، وإنّما يحلف من يقوّى جانبه ، كما أنّه يحلف إذا نكل المدّعى عليه; لأنّ النكول قوّى جانبه(2) ، وربّما احتمل ضعيفاً أن يكون الشاهد بشرط اليمين كيمين الاستظهار مع بيّنة المدّعي في الدعوى على الميّت .
وضعف الكلّ ظاهر ، والإنصاف كما في الجواهر(3) أنّه لا دليل واضح على المسألة ، فمقتضى الاحتياط الاستحبابي خروجاً عن مخالفة المشهور(4) هو الاعتبار المذكور كما أفاده الماتن (قدس سره) ، بل بملاحظة الأصل المذكور بعد عدم ثبوت الإطلاق الاحتياط الوجوبي في اعتبار التقديم ، وقد عرفت في عبارة المحقّق التصريح بأنّه لو بدأ باليمين وقعت لاغية وافتقر إلى الإعادة بعد الإقامة أي إقامة الشاهد الواحد ، فراجع .
1 ـ لأنّ ظاهر الأدلّة افتقار ثبوت حقّ كلّ مدّع إلى ضمّ اليمين بعد إقامة
- (1) مسالك الأفهام: 13 / 509 ـ 510 .
- (2) كشف اللّثام: 2 / 344 (ط ق) .
- (3) جواهر الكلام: 40 / 270 .
- (4) ملحقات العروة الوثقى: 3 / 92 مسألة 4، المختصر النافع: 283، السرائر: 2 / 141، تحرير الأحكام: 2/193، قواعد الأحكام: 2 / 213، الدروس الشرعيّة: 2 / 98، اللمعة الدمشقيّة: 52، الروضة البهيّة: 3 / 102.
(الصفحة 202)
الشاهد ، ولا يثبت حق مدّع بدون الحلف ، كما أنّه لا يتوقّف ثبوت حقّ البعض على حلف الجميع ، كما ادّعى نفي وجدان الخلاف فيه في الطرفين .
ثمّ إنّه لو تصرّف المدّعي الحالف في خصوص حقّه المحكوم له بنحو الإشاعة من دون أن يكون هناك في الخارج شيء ولا قبض وإقباض ، كما لو نقل النصف المشاع المحكوم له إلى الغير بالعوض أو مجّاناً ، فلا إشكال في عدم الشركة بلحاظ الشريك الأوّل المدّعي غير الحالف .
وأمّا إذا فرض القبض من المدّعى عليه ، فإن كانت الدعوى عيناً شاركه فيها غيره; لإقراره بالشركة بسبب واحد كالإرث ، فلا يجوز التصرّف فيه إلاّ برضا الكلّ ، ولا يلزم شيء من الأمرين المتقدّمين توقّف ثبوت الحقّ على حلف الغير ، أو ثبوت حقّه بدون حلفه ، وإن كان يظهر من إطلاق مثل عبارة المحقّق في الشرائع عدم ثبوت الشركة هنا أيضاً، حيث قال: ولو حلف بعض أخذ ولم يكن للممتنع معه شركة(1) ، إلاّ أنّ الظاهر لزوم الحمل على غير العين .
وأمّا إذا كانت الدعوى ديناً ففيه احتمالان:
أحدهما: ما هو الحقّ وقد اختاره السيد في الملحقات(2) ، وهو عدم الشركة فيما قبضه من دون فرق بين صورة إجازة الشريك وعدمه; لأنّ الدافع دفعه إليه بعنوان حصّته ، والقابض إنّما قبضه كذلك ، والمناط في تعيين الدين قصد الدافع ، وربّما لا يجب عليه دفع حصّة الغير ، أو لا يريد دفعها ، أو يريد الدفع بعداً ، كما في سائر موارد الاشتراك المحرز في الدين مثليّاً كان أو قيمياً .
- (1) شرائع الإسلام: 4 / 882 .
- (2) ملحقات العروة الوثقى: 3 / 94 .
(الصفحة 203)مسألة 5: ثبوت الحقّ بشاهد ويمين إنّما هو فيما لا يمكن إثباته بالبيّنة ، ومع إمكانه بها لا يثبت بهما على الأحوط1.
ودعوى عدم جواز أخذ الدين المشترك إلاّ بإذن الجميع مدفوعة بالمنع بعد انحلال الدعوى إلى دعاوى ، وانحلال الدين إلى ديون متعدّدة ، بل عدم ثبوت الارتباط بين أجزاء الدين الواحد ، كما إذا أراد تأدية البعض دون الجميع.
ثانيهما: ما في الجواهر من الاشتراك إذا أجاز الشريك القبض، وإذا لم يجز يبقى على ملك الدافع(1) ، إذ ليس له تعيين حصّة الشركاء من الحقّ المشترك ، بل الأمر بيدهم ، وهو مستلزم للضرر على الحالف وغيره من أصحاب الحقّ في كثير من المقامات; لعدم إمكان أخذ حقّه بدون إذن الشريك .
هذه هي ما تقتضيه القاعدة في باب الشركة ، وإلاّ فهناك روايات لابدّ من ملاحظتها ، والتحقيق في كتاب الشركة إن شاء الله تعالى .
1 ـ لأنّ القدر المتيقّن من أدلّة الاكتفاء بالشاهد واليمين ـ بعد عدم ثبوت الاطلاق لها ـ صورة عدم إمكان إقامة البيّنة ولو لعسرها ، ويؤيّده مرسلة يونس عمّن رواه قال: استخراج الحقوق بأربعة وجوه: بشهادة رجلين عدلين ، فإن لم يكونا رجلين فرجل وامرأتان ، فإن لم تكن امرأتان فرجل ويمين المدّعي ، فان لم يكن شاهد فاليمين على المدّعى عليه ، فان لم يحلف وردّ اليمين على المدّعي ، فهي واجبة عليه أن يحلف ويأخذ حقّه ، فإن أبى أن يحلف فلا شيء له(2) .
- (1) جواهر الكلام: 25 / 58 و ج40 / 286 .
- (2) الكافي: 7 / 416 ح3 ، التهذيب: 6 / 231 ح562 ، الوسائل: 27/ 241 ، أبواب كيفيّة الحكم ب7 ح4 وص271 ب15 ح1 .
(الصفحة 204)مسألة 6: إذا شهد الشاهد وحلف المدّعي وحكم الحاكم بهما ، ثمّ رجع الشاهد ضمن نصف المال1.
فالأحوط اللزومي لو لم يكن الأقوى هو ما في المتن .
1 ـ لأنّ الظاهر أنّ مستند القاضي في الحكم بنفع المدّعي كان مركّباً من أمرين: هما الشاهد واليمين ، فاذا رجع الشاهد عن شهادته يكون ذلك كرجوع أحد الشاهدين فيما إذا أقام البيّنة ، فكما أنّه هناك يكون ضامناً لنصف المال يكون في المقام أيضاً كذلك .
ودعوى أنّ اليمين بمنزلة الشرط والشاهد بمنزلة المشروط ، أو أنّ اليمين حيث تكون جزءً أخيراً من العلّة يكون هو المؤثّر التامّ ، فلا وجه لضمان الشاهد ، مدفوعة بظهور الأدلّة في أنّ المستند مركّب من الشاهد واليمين ، مع أنّ استلزام الأمرين لغير ضمان النصف ممنوع .