(الصفحة 7)
تفصيل الشريعة
في
شرح تحرير الوسيلة
القضاء والشهادات
كتاب
القــضـاء
(الصفحة 8)
(الصفحة 9)
[حول القاضي والقضاوة]
القضاء وهو الحكم بين الناس لرفع التنازع بينهم بالشرائط الآتية .
11 ـ القضاء بالمد والقصر ، وإن كان المدّ في أمثال هذه الموارد موجباً للدلالة على شدّة المرتبة كالبكاء ، ولا يعمل مثلها في القضاء . قد ذكر لها ـ بحسب اللغة ـ معان متعدّدة ربّما انهيت إلى عشرة ، كما في كلام صاحب الجواهر(1) . وقد استعملت فيها في ظاهر الكتاب العزيز كالحكم أو المقول في قوله تعالى :
{وَاللهُ يَقضِي بِالحَقِّ}(2)والحكم كما في قوله تعالى في قصّة سليمان :
{فَلَمَّا قَضَينا عَلَيهِ المَوتَ}(3) وكالاعلام كما في قوله تعالى :
{إلاّ حَاجَةً فِي نَفسِ يَعقُوبَ قَضَاها}(4) والأمر كما في قوله تعالى :
{وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعبُدُوا إِلاَّ إيَّاهُ}(5) وكالخلق كما في قوله تعالى :
{فَقَضَاهُنَّ سَبَعَ
- (1) جواهر الكلام : 40 / 7 .
- (2) سورة غافر 40: 20.
- (3) سورة سبأ 34 : 14 .
- (4) سورة يوسف 12 : 68 .
- (5) سورة الإسراء 17 : 23 .
(الصفحة 10)
سَمَوات}(1) وكالفعل كما في قصّة السّحرة خطاباً إلى فرعون :
{فَاقضِ مَا أَنْتَ قَاض}(2) وكالإتمام والفراغ كما في قوله تعالى حكاية عن موسى (عليه السلام) :
{أَيَّما الأَجَلَينِ قَضَيتُ فَلاَ عُدوَانَ عَلَيَّ}(3) وكما في قوله تعالى :
{فَلَمّا قَضَى مُوسَى الأجَلَ وَسَارَ بِأَهْلِهِ}(4) وفي قوله تعالى :
{فَإذَا قَضَيْتُم مَنَاسِكَكُم}(5) .
إلاّ أنّه نفى البعد الشيخ الأنصاري في رسالته في القضاء عن إرجاع الكلّ إلى معنى واحد قال : وهو إتمام الشيء والفراغ عنه(6) ، كما اعترف به الأزهري على ما حكي عنه ـ أي في كتاب تاج العروس في الشرح على القاموس للفيروزآبادي(7) ـ أو فصل الأمر قولا أو فعلا كما في كشف اللثام(8) .
أقول : الظاهر أنّ الإرجاع إلى المعنى الأوّل لا يتم ، ولا يكاد يستقيم مع مثل قوله تعالى :
{وَقَضَى رَبُّكَ ألاَّ تَعْبُدُوا إلاَّ إِيَّاهُ} ، فتدبّر .
وامّا المعنى الثّاني فهو يتمّ بناءً على كون المراد من فصل الأمر غير منحصر بمورد الترافع والمخاصمة والتنازع والتقابل ، كما لا يبعد .
ويؤيّد الإرجاع إلى المعنى الواحد أنّ المرتكز في الأذهان العرفيّة : أنّه لا يكون القضاء من الكلمات التي لها معان متعدّدة كالعين التي تكون كذلك ، وكالقرء الذي هو مردّد بين معنيين متضادّين من الحيض والطهر . هذا كلّه بحسب الّلغة والعرف .
- (1) سورة فصّلت 41 : 12 .
- (2) سورة طه 20 : 72 .
- (3 ، 4) سورة القصص 28 : 28 و 29 .
- (5) سورة البقرة 2 : 200 .
- (6) القضاء والشهادات (تراث الشيخ الأنصاري) : 22 / 25 .
- (7) تاج العروس : 10 / 297 .
- (8) كشف اللّثام : 2 / 320 (ط ق) .
(الصفحة 11)معنى القضاء اصطلاحاً
وامّا بحسب الاصطلاح الذي لا يراد به إلاّ الاصطلاح الفقهيّ ، لا الحقيقة الشرعيّة ، بل ولا المتشرعية; لأنّ مورد بحثهما هو ألفاظ العبادات مثل الصلاة والصيام والحجّ ، دون المعاملات بالمعنى الأعم أو الأخص مثل البيع ونحوه ، فإنّه لا يراد منها إلاّ المعاني العقلائيّة العرفيّة المتداولة ، غاية الأمر اعتبار الشارع فيها بعض الاُمور نفياً وإثباتاً كالنهي عن بيع الغرر ، وإلاّ فالمراد من مثل قوله تعالى :
{وَأَحَلَّ اللهُ البَيعَ}(1) هو البيع العرفي العقلائي ، وإلاّ يلزم أن يكون مثل الضرورية بشرط المحمول; لأنّ الحكم بأنّه أنفذ الله البيع الشرعي يرجع إلى ذلك .
وكيف كان ، فقد عرّفه في محكي المسالك(2) والرياض(3) والكشف(4) والتنقيح(5)ومثلها بأنّه عبارة عن ولاية الحكم شرعاً لمن له أهليّة الفتوى بجزئيّات القوانين الشرعيّة على أشخاص معيّنين من البريّة بإثبات الحقوق واستيفائها للمستحق . وعرّفه في محكي الدروس(6) بأنّه ولاية شرعيّة على الحكم وعلى المصالح العامّة من قبل الإمام (عليه السلام) .
والتعريفان مشتركان في جعل القضاء بمعنى الولاية ، لا نفس الحكم كما في المتن ونحوه . وذكر الشيخ الأنصاري (قدس سره) في رسالة القضاء : أنّ إدراج الولاية مبني على
- (1) سورة البقرة 2 : 275 .
- (2) مسالك الأفهام : 13 / 325 .
- (3) رياض المسائل : 9 / 233 .
- (4) كشف اللّثام : 2 / 320 (ط ق) .
- (5) التنقيح الرائع: 4 / 230.
- (6) الدروس الشرعيّة : 2 / 65 .