(الصفحة 488)
بالدين وقلنا بأنّ المراد هوالدين بالمعنى الأعم أو الشامل للعين أيضاً كما اخترناه .
الأمر الثاني ، في حقوق الأموال : كالأجل والخيار والشفعة وفسخ العقد المتعلّق بالأموال ونحو ذلك ممّا هي حقوق آدمي ، وفي المتن قبول شهادتهنّ فيها ، والوجه فيه أنّه مما يقصد به الأموال وان لم يكن بنفسه مالا ، وقد عرفت في المسألة الرابعة القبول فيه .
الأمر الثالث ، فيما يوجب القصاص : وفي المتن عدم قبول شهادتهنّ فيه ، والدليل عليه موثقة غياث بن إبراهيم ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن علي(عليهم السلام)قال : لا تجوز شهادة النساء في الحدود ، ولا في القود(1) ، وبذلك يجمع بين ما يدلّ على عدم جواز شهادتهنّ في القتل ، مثل صحيحة ربعي ، عن أبي عبدالله (عليه السلام)قال : لا تجوز شهادة النساء في القتل(2) ، وبين صحيحة جميل ومحمد بن حمران المتقدّمة الدالّة على جواز قبول شهادة النساء بالقتل ، معلّلا له بأنّه لا يبطل دم امرئ مسلم(3) ، بحمل الأولى على نفي القود وحمل الثانية على ثبوت الدّية . ويمكن أن يقال بدلالة الثانية على ثبوت الدية في مورد قتل العمد الموجب للقصاص أيضاً ،
وإلاّ يلزم البطلان ، فتدبّر .
وأمّا صحيحة عبد الرحمن المشتملة على قوله : تجوز شهادة النساء في الحدود مع الرجال(4) ، فالظاهر أنّه شاذّ لا عامل به منّا ، ولابدّ من ردّ علمه إلى أهله(5) ،
- (1) وسائل الشيعة : 27 / 358 ، كتاب الشهادات ب24 ح29 .
- (2) وسائل الشيعة : 27 / 358 ، كتاب الشهادات ب24 ح27 .
- (3) تقدّمت في ص481.
- (4) وسائل الشيعة : 27 / 356 ، كتاب الشهادات ب24 ح21 .
- (5) راجع مباني تكملة المنهاج : 1 / 123 مسألة 99 .
(الصفحة 489)مسألة 6 ـ من حقوق الآدمي ما يثبت بالرجال والنساء منفردات ومنضمّات ، وضابطه كلّ ما يعسر إطلاع الرجال عليه غالباً ، كالولادة والعذرة والحيض وعيوب النساء الباطنة ، كالقرن والرتق والقرحة في الفرج ، دون الظاهرة كالعرج والعمى1.
على أنّ الاشتمال على هذا الذيل غير موجود في الرواية على بعض الطرق والأسانيد(1) ، خصوصاً في نقل الكليني(2) الذي هو أضبط .
1 ـ التفصيل بين العيوب الظاهرة للنساء وبين العيوب الباطنة لهنّ قرينة على أنّ المراد بعيوب النساء في المسألة الثالثة ليس إلاّ خصوص الظاهرة ، والدليل على قبول شهادتهنّ فيها وفي مثلها كالولادة والعذرة والحيض ـ مضافاً إلى ما مرّ من أنّه لا تقبل شهادة النساء إلاّ في المنفوس والعذرة ـ عدّة روايات بعضها واردة في العذرة والنفساء ، وبعضها في عيوب النساء الباطنة .
امّا الأوّل : فصحيحة العلاء ، عن أحدهما(عليهما السلام) قال : لا تجوز شهادة النساء في الهلال ، وسألته هل تجوز شهادتهنّ وحدهنّ؟ قال : نعم ، في العذرة والنفساء(3) .
وصحيحة محمد بن مسلم قال : سألته تجوز شهادة النساء وحدهن؟ قال : نعم في العذرة والنفساء(4) .
وامّا الثاني : فصحيحة عبدالله بن سنان قال : سمعت أبا عبدالله (عليه السلام) يقول :
- (1) التهذيب : 6 / 270 ح731 ، الإستبصار : 3 / 31 ح37 .
- (2) الكافي : 7 / 392 ح10 .
- (3) وسائل الشيعة : 27 / 356 ، كتاب الشهادات ب24 ح18 .
- (4) وسائل الشيعة : 27 / 356 ، كتاب الشهادات ب24 ح19 .
(الصفحة 490)مسألة 7 ـ كلّ موضع تقبل شهادة النساء منفردات لا يثبت بأقلّ من أربع ، نعم تقبل شهادة المرأة الواحدة بلا يمين في ربع ميراث المستهل وربع الوصية ، والاثنتين في النصف والثلاث في ثلاثة أرباع ، والأربع في الجميع ، ولا يلحق
لا تجوز شهادة النساء في رؤية الهلال ـ إلى أن قال : ـ تجوز شهادة النساء وحدهنّ بلا رجال في كلّ ما لا يجوز للرجال النظر إليه(1) .
وموثقة عبدالله بن بكير ، عن أبي عبدالله (عليه السلام)قال : تجوز شهادة النساء في العذرة ، وكلّ عيب لا يراه الرجل(2) .
وموثقة السكوني ، عن جعفر ، عن أبيه ، عن عليّ(عليهم السلام)أنّه كان يقول : شهادة النساء لا تجوز في طلاق ولا نكاح ، ولا في حدود إلاّ في الديون ، وما لا يستطيع الرجال النظر إليه(3) .
وليعلم أنّ مفاد هذه الروايات جواز شهادتهنّ وحدهنّ في هذه الاُمور ، وامّا جواز شهادة الرجال فيها منفرداً أو منضمّاً فلا ينفيه هذه الروايات ، مع أنّ عدم جواز النظر للرجال لا يجتمع مع اعتبار العدالة في الشهادة واعتبار كون الشهادة مستندة إلى النظر ، وبهذا يستشكل في الشهادة على الزنا بنحو الميل في المكحلة ، مع
أنّه لا يجتمع مع عدم جواز النظر كذلك للرجال ، إلاّ أن يقال بتحقّق التوبة الواقعية المعادة معها العدالة المعتبرة في الشاهد أو حصولها في مقام الاداء ، أو تحقّق النظر غير المحرّم كالنظرة الأولى ، أو عدم حرمة النظر لأجل إقامة الشهادة أو غير ذلك من الوجوه ، فتدبّر .
- (1) وسائل الشيعة : 27 / 353 ، كتاب الشهادات ب24 ح10 .
- (2) وسائل الشيعة : 27 / 353 ، كتاب الشهادات ب24 ح9 .
- (3) وسائل الشيعة : 27 / 362 ، كتاب الشهادات ب24 ح42 .
(الصفحة 491)بها رجل واحد ، ولا يثبت به أصلا1.
1 ـ امّا الضابطة الأولى فللاستفادة من آية الدين(1) ، وأنّ المرأتين تقوم مقام رجل واحد ، فبعد إفادة الدليل بقبول شهادتهنّ منفردات عن الرجال وعن اليمين يبقى اعتبار الأربع لتتمّ البيّنة الشرعية على حاله . نعم ، قد عرفت اعتبار المرأتين مع اليمين ، بل المرأة الواحدة كذلك على احتمال(2) ، ولكنّها مفروضة في صورة الانضمام مع اليمين كالرجل الواحد مع اليمين ، وامّا في صورة الانفراد فلا .
وامّا قبول شهادة المرأة الواحدة بلا يمين في ربع الوصية وربع ميراث المستهل والاثنتين في النصف وهكذا ، فتدلّ عليه روايات متعدّدة ، مثل :
صحيحة ربعي ، عن أبي عبدالله (عليه السلام) في شهادة امرأة حضرت رجلا يوصي ليس معها رجل ، فقال : يجاز ربع ما أوصى بحساب شهادتها(3) .
وموثقة أبان ، عن أبي عبدالله (عليه السلام) أنّه قال في وصية لم يشهدها إلاّ امرأة فأجاز شهادتها في الربع من الوصيّة بحساب شهادتها(4) .
وصحيحة محمد بن قيس ، عن أبي جعفر ، عن أمير المؤمنين(عليهما السلام) أنّه قضى في
وصية لم يشهدها إلاّ امرأة ، فأجاز شهادة المرأة في ربع الوصية(5) ، ثمّ إنّ صاحب الوسائل(قدس سره) حكى رواية أخرى لمحمد بن قيس مشتملة على إضافة قوله: إذا كانت
- (1) البقرة 2 : 282 .
- (2) تقدّم في المسألة الرابعة من هذا المبحث .
- (3) وسائل الشيعة : 19 / 316 ، كتاب الوصايا ب22 ح1 .
- (4) وسائل الشيعة : 19 / 317 ، كتاب الوصايا ب22 ح2 .
- (5) وسائل الشيعة : 19 / 317 ، كتاب الوصايا ب22 ح4 .
(الصفحة 492)
مسلمة غير مريبة في دينها(1) ، والظاهر اتحاد الروايتين ، كما نبّهنا عليه في مثله مراراً .
هذا ، ولكن في مقابلها مثل صحيحة عبد الرحمن قال : سألت أبا عبدالله (عليه السلام)عن المرأة يحضرها الموت وليس عندها إلاّ امرأة تجوز شهادتها؟ قال : تجوز شهادة النساء في العذرة والمنفوس . وقال : تجوز شهادة النساء في الحدود مع الرّجل(2) .
وصحيحة عبدالله بن سنان (سليمان خ ل) قال : سألته عن امرأة حضرها الموت وليس عندها إلاّ امرأة أتجوز شهادتها؟ فقال: لا تجوز شهادتها إلاّ في المنفوس والعذرة(3).
ورواية إبراهيم بن محمد الهمداني قال : كتب أحمد بن هلال إلى أبي الحسن (عليه السلام) : امرأة شهدت على وصية رجل لم يشهدها غيرها ، وفي الورثة من يصدّقها ، ومنهم من يتّهمها ، فكتب : لا ، إلاّ أن يكون رجل وامرأتان ، وليس بواجب أن تنفذ شهادتهما(4) ، وهذه الرواية ضعيفة بإبراهيم بن محمد; لعدم ثبوت وثاقته .
والجمع بين الطائفتين امّا ما يدلّ على اختصاص قبول شهادة النساء بالمنفوس والعذرة فقد عرفت الجواب عنه ، وإنّ هنا روايات كثيرة تدلّ على القبول في
غيرهما(5) ، وامّا ما ظاهره عدم القبول في الوصية فاطلاقه وان كان ذلك إلاّ أنّه يقيّد بالربع في خصوص الوصية التمليكية بلحاظ روايات الطائفة الأولى; لإطلاق
- (1) وسائل الشيعة : 19 / 317 ، كتاب الوصايا ب22 ح3 .
- (2) وسائل الشيعة : 19 / 318 ، كتاب الوصايا ب22 ح6 .
- (3) وسائل الشيعة : 19 / 318 ، كتاب الوصايا ب22 ح7 .
- (4) وسائل الشيعة : 19 / 319 ، كتاب الوصايا ب22 ح8 .
- (5) مرّ في المسألة السابقة .