(الصفحة 491)بها رجل واحد ، ولا يثبت به أصلا1.
1 ـ امّا الضابطة الأولى فللاستفادة من آية الدين(1) ، وأنّ المرأتين تقوم مقام رجل واحد ، فبعد إفادة الدليل بقبول شهادتهنّ منفردات عن الرجال وعن اليمين يبقى اعتبار الأربع لتتمّ البيّنة الشرعية على حاله . نعم ، قد عرفت اعتبار المرأتين مع اليمين ، بل المرأة الواحدة كذلك على احتمال(2) ، ولكنّها مفروضة في صورة الانضمام مع اليمين كالرجل الواحد مع اليمين ، وامّا في صورة الانفراد فلا .
وامّا قبول شهادة المرأة الواحدة بلا يمين في ربع الوصية وربع ميراث المستهل والاثنتين في النصف وهكذا ، فتدلّ عليه روايات متعدّدة ، مثل :
صحيحة ربعي ، عن أبي عبدالله (عليه السلام) في شهادة امرأة حضرت رجلا يوصي ليس معها رجل ، فقال : يجاز ربع ما أوصى بحساب شهادتها(3) .
وموثقة أبان ، عن أبي عبدالله (عليه السلام) أنّه قال في وصية لم يشهدها إلاّ امرأة فأجاز شهادتها في الربع من الوصيّة بحساب شهادتها(4) .
وصحيحة محمد بن قيس ، عن أبي جعفر ، عن أمير المؤمنين(عليهما السلام) أنّه قضى في
وصية لم يشهدها إلاّ امرأة ، فأجاز شهادة المرأة في ربع الوصية(5) ، ثمّ إنّ صاحب الوسائل(قدس سره) حكى رواية أخرى لمحمد بن قيس مشتملة على إضافة قوله: إذا كانت
- (1) البقرة 2 : 282 .
- (2) تقدّم في المسألة الرابعة من هذا المبحث .
- (3) وسائل الشيعة : 19 / 316 ، كتاب الوصايا ب22 ح1 .
- (4) وسائل الشيعة : 19 / 317 ، كتاب الوصايا ب22 ح2 .
- (5) وسائل الشيعة : 19 / 317 ، كتاب الوصايا ب22 ح4 .
(الصفحة 492)
مسلمة غير مريبة في دينها(1) ، والظاهر اتحاد الروايتين ، كما نبّهنا عليه في مثله مراراً .
هذا ، ولكن في مقابلها مثل صحيحة عبد الرحمن قال : سألت أبا عبدالله (عليه السلام)عن المرأة يحضرها الموت وليس عندها إلاّ امرأة تجوز شهادتها؟ قال : تجوز شهادة النساء في العذرة والمنفوس . وقال : تجوز شهادة النساء في الحدود مع الرّجل(2) .
وصحيحة عبدالله بن سنان (سليمان خ ل) قال : سألته عن امرأة حضرها الموت وليس عندها إلاّ امرأة أتجوز شهادتها؟ فقال: لا تجوز شهادتها إلاّ في المنفوس والعذرة(3).
ورواية إبراهيم بن محمد الهمداني قال : كتب أحمد بن هلال إلى أبي الحسن (عليه السلام) : امرأة شهدت على وصية رجل لم يشهدها غيرها ، وفي الورثة من يصدّقها ، ومنهم من يتّهمها ، فكتب : لا ، إلاّ أن يكون رجل وامرأتان ، وليس بواجب أن تنفذ شهادتهما(4) ، وهذه الرواية ضعيفة بإبراهيم بن محمد; لعدم ثبوت وثاقته .
والجمع بين الطائفتين امّا ما يدلّ على اختصاص قبول شهادة النساء بالمنفوس والعذرة فقد عرفت الجواب عنه ، وإنّ هنا روايات كثيرة تدلّ على القبول في
غيرهما(5) ، وامّا ما ظاهره عدم القبول في الوصية فاطلاقه وان كان ذلك إلاّ أنّه يقيّد بالربع في خصوص الوصية التمليكية بلحاظ روايات الطائفة الأولى; لإطلاق
- (1) وسائل الشيعة : 19 / 317 ، كتاب الوصايا ب22 ح3 .
- (2) وسائل الشيعة : 19 / 318 ، كتاب الوصايا ب22 ح6 .
- (3) وسائل الشيعة : 19 / 318 ، كتاب الوصايا ب22 ح7 .
- (4) وسائل الشيعة : 19 / 319 ، كتاب الوصايا ب22 ح8 .
- (5) مرّ في المسألة السابقة .
(الصفحة 493)
الوصية الشامل للوصية التمليكية وغيرها كما لا يخفى ، وعلى تقدير الاختصاص بالوصية التمليكية بلحاظ كلمة الربع يكون التقييد بنحو أوضح .
ثمّ إنّ الحلبي روى في الصحيح قال: سئل أبو عبدالله (عليه السلام) عن امرأة ادّعت أنّه أوصى لها في بلد بالثلث وليس لها بيّنة؟ قال : تصدّق في ربع ما ادّعت(1) . ومن المعلوم انّها شاذّة لا عامل بظاهرها منّا; لأنّه لا يصدّق المدّعي بمجرّد دعواه ، ولا مجال لأن يكون شاهداً لنفسه ، هذا كلّه بالإضافة إلى ربع الوصية كذلك .
وامّا بالإضافة إلى ربع ميراث المستهل فظاهر عدّة من الروايات القبول ، سواء كانت الشاهدة هي القابلة أو امرأة اُخرى ، مثل :
صحيحة عمر بن يزيد قال : سألت أبا عبدالله (عليه السلام) عن رجل مات وترك امرأته وهي حامل ، فوضعت بعد موته غلاماً ثم مات الغلام بعدما وقع إلى الأرض ، فشهدت المرأة التي قبلتها أنّه استهلّ وصاح حين وقع إلى الأرض ثم مات؟ قال : على الإمام أن يجيز شهادتها في ربع ميراث الغلام(2) .
وموثقة سماعة قال: قال: القابلة تجوز شهادتها في الولد على قدر شهادة امرأة واحدة(3) .
ويستفاد من بعض الروايات قبول شهادة القابلة في ثبوت تمام الارث ، مثل:
صحيحة عبدالله بن سنان قال : سمعت أبا عبدالله (عليه السلام) يقول : لا تجوز شهادة النساء في رؤية الهلال ـ إلى أن قال : ـ وتجوز شهادة القابلة وحدها في المنفوس(4) .
- (1) وسائل الشيعة : 19 / 317 ، كتاب الوصايا ب22 ح5 .
- (2) وسائل الشيعة : 27 / 352 ، كتاب الشهادات ب24 ح6 .
- (3) وسائل الشيعة : 27 / 357 ، كتاب الشهادات ب24 ح23 .
- (4) وسائل الشيعة : 27 / 353 ، كتاب الشهادات ب24 ح10 .
(الصفحة 494)
وصحيحة الحلبي ، عن أبي عبدالله (عليه السلام) المشتملة على قوله : قلت : تجوز شهادة النساء مع الرجل في الدين؟ قال : نعم ، وسألته عن شهادة القابلة في الولادة؟ قال : تجوز شهادة الواحدة، وقال : تجوز شهادة النساء في المنفوس والعذرة ، الحديث(1) .
ومقتضى هاتين الصحيحتين ثبوت تمام الارث بشهادة القابلة ، إلاّ أنّه لابدّ من رفع اليد عن اطلاقهما بالصحيحة والموثقة المتقدّمتين ، هذا بالإضافة إلى القابلة . وامّا بالنسبة إلى غيرها فتدلّ عليه روايات ، مثل :
صحيحة محمد بن مسلم قال : سألته تجوز شهادة النساء وحدهنّ؟ قال : نعم ، في العذرة والنفساء(2) . وصحيحة العلاء ، عن أحدهما(عليهما السلام) قال : لا تجوز شهادة النساء في الهلال . وسألته هل تجوز شهادتهنّ وحدهنّ؟ قال : نعم ، في العذرة والنفساء(3) .
وصحيحة عبد الرحمن قال: سألت أبا عبدالله (عليه السلام) عن المرأة يحضرها الموت وليس عندها إلاّ امرأة تجوز شهادتها؟ قال: تجوز شهادة النساء في العذرة والمنفوس، الحديث(4) ، فانّ مقتضى إطلاقها عدم الاختصاص بالقابلة بل تعمّ غيرها .
نعم يمكن أن يقال بعدم كون المراد بقوله (عليه السلام) : «وحدهنّ» هي المرأة الواحدة ، بل المراد عدم انضمام الرجال واليمين معها ، وعليه فقول السائل في الرواية الأخيرة : «وليس عندها إلاّ امرأة» ليس هي المرأة الواحدة ، بل المراد هي الوحدة من جهة
- (1) وسائل الشيعة : 27 / 351 ، كتاب الشهادات ب24 ح2 .
- (2) وسائل الشيعة : 27 / 356 ، كتاب الشهادات ب24 ح19 .
- (3) وسائل الشيعة : 27 / 356 ، كتاب الشهادات ب24 ح18 .
- (4) وسائل الشيعة : 27 / 356 ، كتاب الشهادات ب24 ح21 .
(الصفحة 495)فروع :
الأوّل : الشهادة ليست شرطاً في شيء من العقود والايقاعات إلاّ الطلاق والظّهار1.
الطبيعة والماهيّة ، وعليه فلا دليل يعتمد عليه على جواز قبول شهادة المرأة الواحدة غير القابلة ، كما لا يخفى .
ثمّ إنّه لا يلحق بالمرأة الواحدة الرجل الواحد وان كانت شهادته تعادل اثنتين بمقتضى الآية الشريفة(1) ، إلاّ أنّه لا دليل على إطلاق المعادلة ولا على أولوية الرجل من المرأة من هذه الجهة ، كما لا يخفى .
1 ـ امّا شرطية الشهادة في الطلاق فلدلالة قوله تعالى في آية الطلاق :
{وَأَشهِدُوا ذَوَي عَدل مِنكُم}(2) الظاهر في وجوب اشهاد رجلين عادلين ، وقد مرّ عدم جواز شهادة النساء في الطلاق لا منفردات ولا منضمّات(3) ، بخلاف النكاح الذي تجوز شهادتهنّ فيه إذا كان معهنّ رجل(4) ، وامّا شرطيتها في الظهار فلما سيجيء في كتابه من الدليل على ذلك .
وامّا عدم الشرطية في غيرها من العقود والايقاعات فلعدم الدليل عليها حتى مثل قوله تعالى في آية الدين :
{وَاستَشهِدُوا شَهِيدَينِ مِن رِجَالِكُم فَإِن لَم يَكُونَا رَجُلَينِ فَرَجُلٌ وَامرَأتَانِ}(5) الآية ، لأنّه محمول على الاستحباب; لعدم كون
- (1) البقرة 2: 282 .
- (2) الطلاق 65 : 2 .
- (3) مرّ في المسألة الثانية من هذا المبحث .
- (4) مرّ في المسألة الرابعة من هذا المبحث .
- (5) البقرة 2 : 282 .