(الصفحة 486)
الطائفة الاُولى : ما دلّ على عدم قبول شهادة النساء في النكاح مطلقا ، كموثقة السكوني ، عن جعفر ، عن أبيه ، عن علي(عليهم السلام) أنّه كان يقول : شهادة النساء لا تجوز في طلاق ، ولا نكاح ، ولا في حدود إلاّ في الديون ، وما لا يستطيع الرجال النظر إليه(1) . ويؤيّدها ما دلّ على عدم قبول شهادتهنّ إلاّ في المنفوس والعذرة(2) .
الطائفة الثانية : ما دلّ على قبول شهادتهنّ في النكاح مطلقا ، مثل رواية زرارة قال سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن شهادة النساء تجوز في النكاح؟ فقال : نعم ، ولا تجوز في الطلاق ، الحديث(3) .
ولكن ذكر بعض الأعلام(قدس سره) : إنّ أخبار هذه الطائفة كلّها ضعاف(4) .
الطائفة الثالثة : ما دلّ على قبول شهادتهنّ في النكاح إذا كان معهنّ رجل مثل صحيحة الحلبي ، عن أبي عبدالله (عليه السلام) أنّه سئل عن شهادة النساء في النكاح ، فقال : تجوز إذا كان معهنّ رجل . وكان عليّ (عليه السلام) يقول : لا اُجيزها في الطلاق ، الحديث(5) .
ورواية أبي بصير المشتملة على قوله: وتجوز شهادة النساء في النكاح إذا كان معهنّ رجل ، ولا تجوز في الطلاق ، الحديث(6) .
وهذه الطائفة الثالثة إمّا شاهدة للجمع بين الأوليين على تقدير اعتبار الطائفة
- (1) وسائل الشيعة : 27 / 362 ، كتاب الشهادات ب24 ح42 .
- (2) راجع وسائل الشيعة ، كتاب الشهادات ب24 ح2 ، 8 ، 14 ، 18 ، 19 ، 21 ، 24 و 46 .
- (3) وسائل الشيعة : 27 / 354 ، كتاب الشهادات ب24 ح11 .
- (4) مباني تكملة المنهاج : 1 / 125 مسألة 100 .
- (5) وسائل الشيعة : 27 / 351 ، كتاب الشهادات ب24 ح2 .
- (6) وسائل الشيعة : 27 / 351 ، كتاب الشهادات ب24 ح4 .
(الصفحة 487)مسألة 5 ـ في قبول شهادتهنّ في الوقف وجه لا يخلو عن إشكال ، وتقبل شهادتهنّ في حقوق الأموال ، كالأجل والخيار والشفعة وفسخ العقد المتعلّق بالأموال ، ونحو ذلك ممّا هي حقوق آدمي ، ولا تقبل شهادتهنّ فيما يوجب القصاص1.
الثانية ولو ببعضها ، وامّا مقيّدة لإطلاق الأولى على تقدير عدم الاعتبار ، وعلى أيّ فينتج ما أفاده في المتن من التفصيل .
ثمّ إنّ رواية داود بن الحصين المتقدّمة الواردة في تفسير آية الدين ، والحكم باختصاصها به تدلّ على قبول شهادة المرأتين في النكاح بلا رجل معهنّ ، لكنّها شاذّة مهجورة ، ولم يعمل بها أحد من الأصحاب من هذه الجهة; لعدم قابليتها للجمع ولا للحمل المذكورين; لاختصاص السؤال فيها بما إذا لم يكن رجل معهنّ ، وان وجّهنا حكمها باختصاص الآية بالدين كما عرفت .
1 ـ يقع الكلام في هذه المسألة في أمور :
الأمر الأول ، في الوقف : فالمحكي عن جماعة(1) ثبوته بشهادة النساء ، لكن استشكل الماتن وبعض الأعلام(قدس سرهما)(2) في ذلك نظراً إلى انّه لا دليل على اعتبار شهادة المرأتين منضمّة مع شهادة الرجل في المورد المذكور ، ولا مجال لتوهّم الاستفادة من آية الدين(3) والغاء الخصوصية منها ، وان قلنا بعدم الاختصاص
- (1) كالشيخ في المبسوط : 8 / 189 ـ 190 ، والمحقق في شرائع الإسلام : 4 / 921 ، والعلاّمة في قواعد الأحكام : 2/213 و 239 ، وفخر المحققين في إيضاح الفوائد : 4 / 434 ـ 435 ، والشهيد الأوّل في الدروس الشرعية : 2/138 مقيّداً بما إذا كان الوقف خاصاً ، والشهيد الثاني في مسالك الافهام : 14/257 .
- (2) مباني تكملة المنهاج : 1 / 126 مسألة 100 .
- (3) البقرة 2: 282 .
(الصفحة 488)
بالدين وقلنا بأنّ المراد هوالدين بالمعنى الأعم أو الشامل للعين أيضاً كما اخترناه .
الأمر الثاني ، في حقوق الأموال : كالأجل والخيار والشفعة وفسخ العقد المتعلّق بالأموال ونحو ذلك ممّا هي حقوق آدمي ، وفي المتن قبول شهادتهنّ فيها ، والوجه فيه أنّه مما يقصد به الأموال وان لم يكن بنفسه مالا ، وقد عرفت في المسألة الرابعة القبول فيه .
الأمر الثالث ، فيما يوجب القصاص : وفي المتن عدم قبول شهادتهنّ فيه ، والدليل عليه موثقة غياث بن إبراهيم ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن علي(عليهم السلام)قال : لا تجوز شهادة النساء في الحدود ، ولا في القود(1) ، وبذلك يجمع بين ما يدلّ على عدم جواز شهادتهنّ في القتل ، مثل صحيحة ربعي ، عن أبي عبدالله (عليه السلام)قال : لا تجوز شهادة النساء في القتل(2) ، وبين صحيحة جميل ومحمد بن حمران المتقدّمة الدالّة على جواز قبول شهادة النساء بالقتل ، معلّلا له بأنّه لا يبطل دم امرئ مسلم(3) ، بحمل الأولى على نفي القود وحمل الثانية على ثبوت الدّية . ويمكن أن يقال بدلالة الثانية على ثبوت الدية في مورد قتل العمد الموجب للقصاص أيضاً ،
وإلاّ يلزم البطلان ، فتدبّر .
وأمّا صحيحة عبد الرحمن المشتملة على قوله : تجوز شهادة النساء في الحدود مع الرجال(4) ، فالظاهر أنّه شاذّ لا عامل به منّا ، ولابدّ من ردّ علمه إلى أهله(5) ،
- (1) وسائل الشيعة : 27 / 358 ، كتاب الشهادات ب24 ح29 .
- (2) وسائل الشيعة : 27 / 358 ، كتاب الشهادات ب24 ح27 .
- (3) تقدّمت في ص481.
- (4) وسائل الشيعة : 27 / 356 ، كتاب الشهادات ب24 ح21 .
- (5) راجع مباني تكملة المنهاج : 1 / 123 مسألة 99 .
(الصفحة 489)مسألة 6 ـ من حقوق الآدمي ما يثبت بالرجال والنساء منفردات ومنضمّات ، وضابطه كلّ ما يعسر إطلاع الرجال عليه غالباً ، كالولادة والعذرة والحيض وعيوب النساء الباطنة ، كالقرن والرتق والقرحة في الفرج ، دون الظاهرة كالعرج والعمى1.
على أنّ الاشتمال على هذا الذيل غير موجود في الرواية على بعض الطرق والأسانيد(1) ، خصوصاً في نقل الكليني(2) الذي هو أضبط .
1 ـ التفصيل بين العيوب الظاهرة للنساء وبين العيوب الباطنة لهنّ قرينة على أنّ المراد بعيوب النساء في المسألة الثالثة ليس إلاّ خصوص الظاهرة ، والدليل على قبول شهادتهنّ فيها وفي مثلها كالولادة والعذرة والحيض ـ مضافاً إلى ما مرّ من أنّه لا تقبل شهادة النساء إلاّ في المنفوس والعذرة ـ عدّة روايات بعضها واردة في العذرة والنفساء ، وبعضها في عيوب النساء الباطنة .
امّا الأوّل : فصحيحة العلاء ، عن أحدهما(عليهما السلام) قال : لا تجوز شهادة النساء في الهلال ، وسألته هل تجوز شهادتهنّ وحدهنّ؟ قال : نعم ، في العذرة والنفساء(3) .
وصحيحة محمد بن مسلم قال : سألته تجوز شهادة النساء وحدهن؟ قال : نعم في العذرة والنفساء(4) .
وامّا الثاني : فصحيحة عبدالله بن سنان قال : سمعت أبا عبدالله (عليه السلام) يقول :
- (1) التهذيب : 6 / 270 ح731 ، الإستبصار : 3 / 31 ح37 .
- (2) الكافي : 7 / 392 ح10 .
- (3) وسائل الشيعة : 27 / 356 ، كتاب الشهادات ب24 ح18 .
- (4) وسائل الشيعة : 27 / 356 ، كتاب الشهادات ب24 ح19 .
(الصفحة 490)مسألة 7 ـ كلّ موضع تقبل شهادة النساء منفردات لا يثبت بأقلّ من أربع ، نعم تقبل شهادة المرأة الواحدة بلا يمين في ربع ميراث المستهل وربع الوصية ، والاثنتين في النصف والثلاث في ثلاثة أرباع ، والأربع في الجميع ، ولا يلحق
لا تجوز شهادة النساء في رؤية الهلال ـ إلى أن قال : ـ تجوز شهادة النساء وحدهنّ بلا رجال في كلّ ما لا يجوز للرجال النظر إليه(1) .
وموثقة عبدالله بن بكير ، عن أبي عبدالله (عليه السلام)قال : تجوز شهادة النساء في العذرة ، وكلّ عيب لا يراه الرجل(2) .
وموثقة السكوني ، عن جعفر ، عن أبيه ، عن عليّ(عليهم السلام)أنّه كان يقول : شهادة النساء لا تجوز في طلاق ولا نكاح ، ولا في حدود إلاّ في الديون ، وما لا يستطيع الرجال النظر إليه(3) .
وليعلم أنّ مفاد هذه الروايات جواز شهادتهنّ وحدهنّ في هذه الاُمور ، وامّا جواز شهادة الرجال فيها منفرداً أو منضمّاً فلا ينفيه هذه الروايات ، مع أنّ عدم جواز النظر للرجال لا يجتمع مع اعتبار العدالة في الشهادة واعتبار كون الشهادة مستندة إلى النظر ، وبهذا يستشكل في الشهادة على الزنا بنحو الميل في المكحلة ، مع
أنّه لا يجتمع مع عدم جواز النظر كذلك للرجال ، إلاّ أن يقال بتحقّق التوبة الواقعية المعادة معها العدالة المعتبرة في الشاهد أو حصولها في مقام الاداء ، أو تحقّق النظر غير المحرّم كالنظرة الأولى ، أو عدم حرمة النظر لأجل إقامة الشهادة أو غير ذلك من الوجوه ، فتدبّر .
- (1) وسائل الشيعة : 27 / 353 ، كتاب الشهادات ب24 ح10 .
- (2) وسائل الشيعة : 27 / 353 ، كتاب الشهادات ب24 ح9 .
- (3) وسائل الشيعة : 27 / 362 ، كتاب الشهادات ب24 ح42 .