( صفحه 130 )
متعلّق بعنوان التخلّص عن الحرام على تقديره، لا يقدح في بقاء الحكم الأوّل، كما أنّ تصادقهما على الخروج لا يوجب ارتفاعهما أو ارتفاع واحد منهما أصلا ـ .
المنع في المقيس وبطلان المقايسة; لأنّ منشأ النزاع هناك ثبوت الاضطرار الحاصل للمتوسّط بعد الدخول، وتردّد أمره بين البقاء والخروج، مع كون كلّ منهما تصرّفاً في الأرض، وهنا ليس كذلك; لأنّه لا اضطرار للغاصب بالإضافة إلى الصلاة في الثوب المغصوب، ولم يكن نسيانه سبباً للتصرّف فيه، مع أنّ توجّه التكليف إلى الناسي مستحيل، كما مرّ(1); من دون فرق بين أن يكون غاصباً أو غيره.
ودعوى أنّه لا مانع من حرمة جميع التصرّفات الواقعة في طول الزمان، وتوجّهها إلى الغاصب حين الغصب; من دون فرق في التصرّفات بين ما كان منها مقارنة لحال التذكّر، وما كان مقارنة لحال النسيان.
مدفوعة; بأنّ النسيان من حالات المكلّف، ويستحيل أن يكون المكلّف في هذا الحال مورداً لتوجّه التكليف، ولا فرق في الاستحالة من حيث زمان التكليف وحدوثه أصلا.
الثالث: استصحاب بقاء التكليف الثابت قبل النسيان بعد طروّه، وجوابه واضح، فانقدح أنّه لا فرق في الناسي بين الغاصب وغيره.
وأمّا الجاهل بالحكم التكليفي، فإن كان قاصراً، فالظاهر صحّة صلاته;
( صفحه 131 )
لعدم تنجّز النهي، وفعليّة الحرمة مع هذا الجهل بمقتضى حديث «الرفع» وشبهه، فلا مانع من وقوع العمل عبادة مقرّبة; لما عرفت(1) من أنّه مع عدم فعليّة النهي يؤثّر ملاك الأمر في مقتضاه.
وهذا بخلاف ما إذا كان مقصّراً; فإنّ جهله عن تقصير لا يمنع
عن الفعليّة، ولا يقدح في تأثير ملاك النهي في الحرمة، فالمبغوضيّة
والمبعّديّة متحقّقة، وهي تمنع عن صلاحيّة المقرّبيّة، بل عن تمشيّ قصد القربة من المكلّف.
وأمّا الجاهل بالحكم الوضعي; أعني بطلان الصلاة في الثوب المغصوب، فالمصرّح به في جملة من الفتاوي(2) هو البطلان، وهو الظاهر; لأنّه مع تنجّز الحرمة بالعلم بها وثبوت المبغوضيّة والمبعّديّة، لا يبقى مجال لصحّة العبادة، والجهل بالمانعيّة لا يصحّح العبادة وإن كان حديث «الرفع»(3) لا يختصّ
جريانه بالأحكام التكليفيّة، بل يجري في مثل الجزئيّة والشرطيّة والمانعيّة من الأحكام الوضعيّة، إلاّ أنّه لا يشمل المقام; لظهور أنّ المانعيّة في المقام إنّما هي من الأحكام العقليّة، ولا تكون شرعيّة.
وحديث «الرفع» يجري بالإضافة إلى الموانع الشرعيّة فقط، ومنه يظهر
- (1) في ص127.
- (2) منتهى المطلب 4: 230، تذكرة الفقهاء 2: 477، ذكرى الشيعة 3: 49، الدروس الشرعيّة 1: 151، جامع المقاصد 2: 87 ، روض الجنان في شرح إرشاد الأذهان 2: 548، المقاصد العليّة: 172، مجمع الفائدة والبرهان 2: 80 ، جواهر الكلام 8 : 248.
- (3) تقدّم في ج1: 406، وهنا في ص128.
( صفحه 132 )
عدم جريان حديث «لا تعاد»(1) في المقام; لوضوح كون مورده ما كان بيانه راجعاً إلى الشارع من الأجزاء والشرائط والموانع.
وأمّا الناسي للحكم; سواء كان حكماً تكليفيّاً أو وضعيّاً، فيجري عليه حكم الجاهل; لأنّ المفروض جهله بذلك بعد حصول النسيان، فتدبّر.
- (1) تقدّم في ص83 ، 87 و 104.
( صفحه 133 )
[عدم الفرق بين أنواع الغصب]
مسألة 9: لا فرق بين كون المغصوب عين المال أو منفعته، أو متعلّقاً لحقّ الغير كالمرهون، ومن الغصب عيناً ما تعلّق به الخمس أو الزكاة مع عدم أدائهما ولو من مال آخر 1 .
1 ـ عدم الفرق بين أنواع الغصب إنّما هو لأجل ثبوت الملاك في جميعها، فكما أنّه إذا كانت عين المال مغصوبة يحرم التصرّف فيها وتبطل العبادة فيها; لما مرّ(1)، كذلك إذا كانت المنفعة مغصوبة، فإذا صلّى في ثوبه الذي آجره من الغير مع البناء على عدم إقباضه إيّاه، تكون صلاته باطلة; لعين الدليل المذكور، وكذلك إذا كان متعلّقاً لحقّ الغير، ولكن لابدّ من تقييده بما إذا كان الحقّ موجباً لحرمة تصرّف من عليه الحقّ، كما في مثال الرهن المذكور في المتن; فإنّه لا يجوز للراهن التصرّف في العين المرهونة بوجه.
وأمّا إذا لم يكن الحقّ موجباً لحرمة التصرّف، فلا مانع من صحّة الصلاة فيه، كما إذا نذر التصدّق بثوبه الخاصّ على الفقير إذا جاء ولده من السفر مثلا; فإنّ تعلّق حقّ الفقير بالثوب المنذور التصدّق به، لا يستتبع حرمة التصرّف فيه بمثل الصلاة، ولا يكون منافياً له، فلابدّ من تقييد الحقّ وتخصيصه بالصورة الاُولى.
ثمّ إنّه لو قلنا بأنّ تعلّق الخمس والزكاة بما يتعلّقان به إنّما هو على سبيل الإشاعة، كما هو ظاهر بعض الأدلّة(2)، فيصير المال المتعلّق لأحدهما ـ مع
- (1) في ص115 ـ 124.
- (2) راجع تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة، كتاب الخمس: 276 ـ 277.
( صفحه 134 )
عدم الأداء ولو من مال آخر ـ من قبيل ما تعلّق الغصب بعينه; لعدم اختصاص غصب العين بغير صورة الإشاعة وجريانه فيها، فيكون المالك بالإضافة إلى مقدارهما غاصباً للعين.
وأمّا لو قلنا بأنّ تعلّقهما به إنّما هو على سبيل الحقّ، وأنّهما حقّان ماليّان افترضهما الله على من يجبان عليه، فيكون الغصب المتحقّق في المقام حينئذ من قبيل ما يكون المغصوب متعلّقاً لحقّ الغير، كما في المرهون، وعلى كلا التقديرين تكون الصلاة فيه باطلة. أمّا على التقدير الأوّل: فواضح. وأمّا على التقدير الثاني: فلكون الحقّ مستتبعاً لحرمة التصرّف مطلقاً، كما في حقّ الرهانة.