( صفحه 339 )
[الشكّ في كون اللباس أو الخاتم ذهباً أو حريراً أو غيره]
مسألة 18: لو شكّ في أنّ اللباس أو الخاتم ذهب أو غيره، يجوز لبسه
والصلاة فيه. وكذا ما شكّ أنّه حرير أو غيره ـ ومنه ما يسمّى بالشعري ـ لمن
لا يعرف حقيقته. وكذا لو شكّ في أنّه حرير محض أو مهتزج وإن كان الأحوط الاجتناب عنه 1 .
1 ـ قد تقدّم(1) البحث عن اللباس المشكوك في مسألة مانعيّة غير المأكول، وقد مرّ(2) أنّ مقتضى القاعدة جواز الصلاة وصحّتها في صورة الشكّ. وعليه: فلو شكّ في كون اللباس ذهباً أو حريراً، وكذا في كون الخاتم ذهباً لا مانع من الصلاة فيهما.
نعم، في الخاتم تداول لبس ما يسمّى بـ «پلاتين»، والشائع في تفسيره أنّه الذهب الأبيض، فإن كان هذا التفسير صحيحاً مورداً للاعتماد، فمقتضى القاعدة حينئذ عدم جواز الصلاة فيه، وكذا حرمة التختّم به; لأنّه من مصاديق الذهب، والحكم التكليفي وكذا الوضعي إنّما تعلّق باللبس والصلاة في الذهب مطلقاً، من دون فرق بين الأصفر والأبيض، وإن كانت صحّة هذا التفسير محلاًّ للشكّ والترديد، فالحكم حينئذ الجواز تكليفاً ووضعاً.
ولو علم بكون اللباس حريراً ولكنّه شكّ في المحوضة والامتزاج، فربما يقال: إنّ المرجع أصالة عدم الحرير ممزوجاً; لأنّ المزج طارئ على الحرير فيستصحب عدمه(3).
- (1 ، 2) في ص196 وما بعدها.
- (3) ذكره في مستمسك العروة الوثقى 5: 386 بعنوان نعم، يمكن أن يقال.
( صفحه 340 )
ولكن يرد عليه: أنّ الحرير عبارة عن المنسوج من الإبريسم ومثله، والثوب المنسوج يكون من أوّل نسجه مردّداً بين المحوضة والامتزاج; لأنّه من ذلك الحين إمّا أن يكون محضاً، وإمّا أن يكون ممزوجاً، فاستصحاب عدم المزج ـ مضافاً إلى معارضته باستصحاب عدم المحوضة ـ يكون من قبيل استصحاب عدم قرشيّة المرأة، وقد حقّقنا في الاُصول عدم جريان مثله(1); لعدم ثبوت الحالة السابقة المتيقّنة، وانّه لا مجال لاستصحاب القضيّة السالبة بانتفاء الموضوع لإثبات السالبة بانتفاء المحمول.
وعليه: فالأقوى في هذه الصورة أيضاً جواز اللبس والصلاة وإن كان الأحوط الاجتناب.
- (1) سيرى كامل در اُصول فقه 8 : 239 ـ 248.
( صفحه 341 )
[لبس الصبيّ الحرير، وإلباسه، وصلاته فيه]
مسألة 19: لا بأس بلبس الصبيّ الحرير، فلا يحرم على الوليّ إلباسه، ولا يبعد صحّة صلاته فيه أيضاً 1 .
1 ـ أمّا عدم حرمة اللبس على الصبيّ فواضح. وأمّا عدم حرمة الإلباس على الوليّ، فيستفاد من المتن أنّه يتفرّع على عدم حرمة اللبس عليه; بمعنى أنّ ثمرة عدم حرمة اللبس عدم حرمة الإلباس، مع أنّ الظاهر أنّه ليس كذلك; لأنّه ربما يعلم من مذاق الشرع أنّه لا يرضى بوجود بعض المحرّمات حتّى من الصبيّ، بل يكره وجوده منهم أيضاً.
غاية الأمر أنّ خروجهم عن دائرة التكليف منع عن توجّه الخطاب والحكم إليهم، وفي مثله يكون الوليّ مأموراً بأن يمنعهم عن إيجاده، فضلا عن أن يوجب بنفسه ويتسبّب إلى إيجاده، وذلك مثل شرب الخمر واللواط.
وعليه: فمجرّد عدم الحرمة على الصبيّ لا يقتضي نفي التكليف عن الوليّ. نعم، لابدّ من إحراز كون المبغوض كذلك، وأنّه يكره الشارع وجوده في الخارج من الصبيان، ولم يتحقّق ذلك في الحرير، خصوصاً بعد ملاحظة ثبوت الجواز للنساء مطلقاً، وللرجال في جملة من الموارد.
وأمّا صلاة الصبيّ في الحرير، فبناءً على كون عباداته شرعيّة لا تمرينيّة لابدّ من ملاحظة دليل المانعيّة، فنقول:
يمكن أن يقال بأنّ مقتضى قوله (عليه السلام) في بعض الروايات المتقدّمة(1): «لاتحلّ الصلاة في حرير محض» بطلان الصلاة في الحرير مطلقاً; من دون فرق بين
- (1) في ص181، 186، 311، 313 و 317 ـ 318.
( صفحه 342 )
البالغ وغيره; لما عرفت(1) من عدم كون المراد من نفي الحلّية هو الحكم المولوي، بل هو إرشاد إلى الفساد والبطلان الذي هو حكم وضعيّ. وعليه: تكون صلاة الصبيّ في الحرير باطلة، كثبوت سائر الأحكام الوضعيّة في حقّه، كالضمان الثابت بسبب اتلافه مال الغير، واعتبار سائر الشرائط والموانع للصلاة في حقّه.
ولكنّ الظاهر أنّه ليس كذلك; فإنّ المستفاد من الروايات الواردة في حكم الحرير تكليفاً ووضعاً ثبوت الملازمة بين الحكمين; بمعنى ثبوت البطلان في موضع ثبوت التحريم، وعدم ثبوت الأوّل مع عدم ثبوت الثاني، وبملاحظة هذه الملازمة لا تبعد دعوى صحّة صلاة الصبيّ في الحرير أيضاً، كعدم حرمة لبسه كما في المتن.
( صفحه 343 )
كيفيّة صلاة العاري
مسألة 20: لو لم يجد المصلّي ساتراً حتّى الحشيش والورق، يصلّي عرياناً قائماً على الأقوى إن كان يأمن من ناظر محترم، وإن لم يأمن منه صلّى جالساً، وفي الحالين يومىء للركوع والسجود، ويجعل إيماءه للسجود أخفض، فإن صلّى قائماً يستر قبله بيده، وإن صلّى جالساً يستره بفخذيه 1 .
1 ـ لو كان المصلّي فاقداً للساتر الذي يعتبر في الصلاة من جهة الحكم الوضعي ـ وقد مرّ البحث عنه مفصّلا(1) ـ أو كان ثوبه منحصراً في النجس، وقلنا بأنّه يجب عليه الصلاة عارياً، فقد وقع الاختلاف في كيفيّة صلاته من حيث القيام والقعود، ومن جهة الركوع والسجود، أو الإيماء بدلهما، ولابدّ من التكلّم في كلّ واحدة من الجهتين مستقلاًّ.
فنقول: أمّا من الجهة الاُولى: فالمشهور(2) هو التفصيل بين صورة الأمن من المطّلع فيصلّي قائماً، وصورة عدم الأمن فيصلّي جالساً، وعن السرائر(3)، تعيّن القيام مطلقاً، وعن الصدوق في الفقيه والمقنع(4) والسيّد في الجمل والمصباح(5) والشيخين في المقنعة والتهذيب(6) تعيّن الجلوس مطلقاً، واحتمل
- (1) في ص60 وما بعدها.
- (2) مختلف الشيعة 2: 116 مسألة 57، التنقيح الرائع 1: 183 ـ 184، روض الجنان في شرح إرشاد الأذهان 2: 579 ـ 580، مجمع الفائدة والبرهان 2: 107، مدارك الأحكام 3: 194 ـ 195، كشف اللثام 3: 245، مفتاح الكرامة 6: 52، جواهر الكلام 8 : 330، مستمسك العروة الوثقى 5: 396.
- (3) السرائر 1: 260.
- (4) الفقيه 1: 296 ذ ح1352، المقنع: 122.
- (5) جمل العلم والعمل (رسائل الشريف المرتضى) 3: 49، وحكى عن المصباح في المعتبر 2: 104.
- (6) المقنعة: 216، تهذيب الأحكام 3: 178.