( صفحه 362 )
بدون إذن المرتهن، كما هو المحقّق في كتاب الرهن(1).
وكحقّ الميّت إذا أوصى بالثلث بنحو الكسر المشاع ـ الظاهر في الإشاعة ـ ولم يفرز بعد; فإنّه حينئذ لا يجوز التصرّف في شيء من أجزاء التركة; لتعلّق حقّ الميّت به الثابت بالوصيّة، بل ربما يقال ببقاء المال الموصى به على ملك الميّت، وكونه شريكاً حقيقة، كالمال المشترك بين الشريكين أو الشركاء، والتحقيق في محلّه(2).
وأمّا إذا أوصى بمقدار الثلث لا بنحو الكسر المشاع، بل بنحو الكلّي في المعيّن; فإنّه لا مانع من التصرّف، كما في نظائره، مثل بيع الصاع من الصبرة إذا كان بهذا النحو.
وأمّا حقّ السبق في المشتركات، كالمسجد ونحوه، فقد ذكر صاحب الجواهر (قدس سره) ثبوت القولين فيه من جهة بطلان الصلاة وعدمه، حيث قال: أمّا حقّ السبق في المشتركات ـ كالمسجد ونحوه ـ ففي بطلان الصلاة بغصبه وعدمه وجهان، بل قولان، أقواهما الثاني، وفاقاً للعلاّمة الطباطبائي في
منظومته(3); لأصالة عدم تعلّق الحقّ للسابق على وجه يمنع الغير بعد فرض دفعه عنه; سواء كان هو الدافع أم غيره وإن أثم بالدفع المزبور لأولويته; إذ هي أعمّ من ذلك قطعاً، وربما يؤيّده عدم جواز نقله بعقد من عقود المعاوضة، مضافاً إلى ما دلّ على الاشتراك الذي لم يثبت ارتفاعه بالسبق
- (1) تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة، كتاب الرهن: 256.
- (2) تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة، كتاب الوصيّة: 171.
- (3) الدُرّة النجفيّة: 95.
( صفحه 363 )
المزبور; إذ عدم جواز المزاحمة أعمّ من ذلك، فتأمّل(1).
وقد اختار البطلان في العروة(2)، واحتاط في المتن.
والعمدة فيه وجود روايتين في المقام:
إحداهما: مرسلة محمد بن إسماعيل، عن بعض أصحابه، عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال: قلت: نكون بمكّة أو بالمدينة أو الحيرة، أو المواضع التي يرجى فيها الفضل، فربما خرج الرجل يتوضّأ فيجيء آخر فيصير مكانه، قال: من سبق إلى موضع فهو أحقّ به يومه وليلته(3).
وثانيتهما: رواية طلحة بن زيد، عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام) : سوق المسلمين كمسجدهم، فمن سبق إلى مكان فهو أحقّ به إلى الليل، وكان لا يأخذ على بيوت السوق كراء(4).
وقد نوقش في الروايتين بإرسال الاُولى، وضعف الثانية لأجل طلحة(5). ولكنّ الظاهر اندفاع المناقشة بأنّ الظاهر أنّ المراد من محمد بن إسماعيل هو ابن بزيع المعروف، الذي هو من أعيان الطبقة السادسة، والراوي عنه هو
- (1) جواهر الكلام 8 : 475 ـ 476.
- (2) العروة الوثقى 1: 411 ـ 412.
- (3) الكافي 4: 546 ح33، تهذيب الأحكام 6: 110 ح195، كامل الزيارات: 547 ح839 ، وعنها وسائل الشيعة 5: 278، كتاب الصلاة، أبواب أحكام المساجد ب56 ح1، وج14: 592، كتاب الحجّ، أبواب المزار وما يناسبه ب102 ح1.
- (4) الكافي 2: 662 ح7، وج5: 55 ح1، تهذيب الأحكام 7: 9 ح31، الفقيه 3: 124 ح540، وعنها وسائل الشيعة 5: 278، كتاب الصلاة، أبواب أحكام المساجد ب56 ح2، وج17: 405، كتاب التجارة، أبواب آداب التجارة ب17 ح1.
- (5) المستند في شرح العروة الوثقى، موسوعة الإمام الخوئي 13: 15.
( صفحه 364 )
أحمد بن محمد بن عيسى الأشعري المعروف، الذي أخرج البرقي من قم(1); لأنّه يروي عن الضعفاء ويعتمد المراسيل، فكيف تكون روايته هذه غير معتبرة. وأمّا طلحة، فهو ممّن يروي عنه صفوان بن يحيى المعروف بأنّه لا يروي إلاّ عن ثقة(2)، وقد روى عنه هذه الرواية أحمد بن محمد بن عيسى المذكور، فالمناقشة في السند غير تامّة.
وأمّا الدلالة، فربما يقال(3) بأنّ التعبير بالأحقّية ظاهر في أنّ المراد مجرّد الأولويّة الموجبة لعدم جواز المزاحمة فقط; نظراً إلى ظهور صيغة التفضيل في ثبوت المبدأ في المفضل عليه، وثبوت الحقّين راجع إلى الاشتراك الذي هو مفاد أدلّته، فالقدر الثابت بالروايتين هو مجرّد الأولويّة الثابت بالإجماع المحصّل، بل الضرورة كما في مفتاح الكرامة(4)، فلا تنهض الروايتان لإثبات أمر زائد أصلا.
ولكنّ الظاهر أنّ المراد بالأحقّية ليس ما هو مفاد صيغة التفضيل، بل أصل ثبوت الحقّ، كما في الموارد الكثيرة التي تستعمل الصيغة كذلك، كما في مثل: «الزوج أحقّ بزوجته»، و«الوليّ أولى بالميّت»، وأشباههما. ومن الظاهر أنّ ثبوت الحقّ خصوصاً مع إضافته إلى المكان الذي سبق إليه ظاهر في تعلّق الحقّ بالمكان، وثبوته بعد المزاحمة ودفعه عنه أيضاً.
- (1) خلاصة الأقوال: 63، الرقم 72، معجم رجال الحديث 2: 261 ـ 265، الرقم 858 .
- (2) تقدّم تخريجه في ص328.
- (3) كما في مستمسك العروة الوثقى 5: 422 ـ 423.
- (4) مفتاح الكرامة 19: 114 ـ 115.
( صفحه 365 )
نعم، ربما(1) استشكل فيهما من جهة التحديد المذكور فيهما; نظراً إلى عدم ظهور العمل به، وثبوت المعارضة بينهما من هذه الجهة; لظهور الاُولى في التحديد إلى اليوم والليلة، والثانية في التحديد إلى اليوم فقط، ويمكن دفع المعارضة بورود الاُولى في المسجد ومثله، والثانية في السوق، ومن الممكن ثبوت الفرق بينهما من هذه الجهة، فتدبّر.
كما أنّه ربما(2) يستشكل فيهما من جهة عدم ظهور القول بإطلاقهما من حيث وجود الرجل وعدمه، بل والإطلاق من جهة نيّة العود وعدمها، بل قال في الجواهر: «لا خلاف في سقوط حقّه مع عدم الرحل; وإن نوى العود وكان قيامه لضرورة من تجديد طهارة ونحوها»(3). ويستفاد منه أنّه إذا كان القيام لغير ضرورة فلا ريب في سقوط حقّه، وقد قال في الجواهر أيضاً: لا خلاف ولا إشكال في سقوط الحقّ لو قام مفارقاً رافعاً يده عنه(4).
ولكن ذلك لا يوجب الوهن في الروايتين مع ظهورهما في ثبوت الحقّ بالإضافة إلى المكان بنحو لو دفع عنه عدواناً يكون غصباً.
وأمّا ما أفاده في الجواهر من أنّ عدم جواز نقله بعقد من عقود المعاوضة ربما يؤيّد عدم كونه حقّاً كذلك(5)، فيدفعه ـ مضافاً إلى منع عدم الجواز كذلك، بل يمكن دعوى تعارفه في مثل السوق الذي مبناه على التجارة
- (1 ، 2) كما في مستمسك العروة الوثقى 5: 422.
- (3) جواهر الكلام 38: 91 (ط.ق).
- (4) جواهر الكلام 38: 89 (ط.ق).
- (5) جواهر الكلام 8 : 476.
( صفحه 366 )
والمعاوضة ـ أنّ من لوازم الحقّ ليس جواز المعاوضة عليه والانتقال إلى الغير، بل من لوازمه جواز الإسقاط ورفع اليد عنه، وهو ثابت في المقام.
وقد انقدح ممّا ذكرنا، أنّ الأحوط لو لم يكن أقوى بطلان الصلاة في الفرض المذكور.
ثمّ إنّه يعتبر في بطلان الصلاة في المغصوب أن يكون عالماً بالغصبيّة، وكذا عالماً بحكم الغصب الذي هي الحرمة; ضرورة أنّ الجاهل بالموضوع أو الحكم لا يتنجّز في حقّه الحكم. نعم، يعتبر في الجهل بالحكم أن لا يكون عن تقصير. وأمّا العلم بالحكم الوضعيّ الذي هو عبارة عن فساد الصلاة، فلا يعتبر في البطلان، بل الحكم ثابت مطلقاً; سواء كان عالماً بالفساد، أم لم يكن كذلك.
وكذا يعتبر في البطلان أن يكون المصلّي مختاراً، فلو اضطرّ إلى الصلاة في المكان المغصوب تكون صلاته صحيحة بمقتضى رفع الحرمة بسبب الاضطرار، ومن مصاديق المضطرّ المحبوس بباطل; فإنّ صلاته في المحبس صحيحة، وتقييد المحبوس بالباطل ـ كما في المتن ـ إنّما هو لإخراج المحبوس بحقّ; والوجه فيه إن كان هو عدم اجتماع الحبس بحقّ ـ الذي يكون الحابس فيه لا محالة هو الحاكم، أو المأذون من قبله، مع كون المحلّ مغصوباً; لأنّ الحاكم مثلا لا يصدر منه الغصب بوجه ـ فهو صحيح، ولكنّه يمكن الإيراد عليه باجتماع الحبس بحقّ، مع كون المحبس مغصوباً، وذلك كما فيما إذا اعتقد الحاكم عدم الغصبيّة، مع كونه مغصوباً واقعاً، وعلى اعتقاد المحبوس.
وإن كان الوجه هو البطلان ولو مع الاجتماع المذكور، فالظاهر أنّه لا وجه