( صفحه 275 )
مراد از جامه خزّ همين باشد، يا آنكه از موى آن جامه مى بافند، يا آنكه خزّ جامه ابريشمين را مى گويند ـ إلى أن قال: ـ وخُزَز بر وزن صُرد، يعنى نر خرگوشان، و جمع آن خِزَّان و أخِزَّة مى آيد، و جاى خرگوشها مخزَّه است، و از اين اشتقاق شده است «خزّ»، و آن حيوانى شبيه به نر خرگوش است، كه از پوست آن پوستين مى بافند كه مذكور شد(1).
وقال في منتهى الإرب: «خزّ» بالفتح جانوريست، و جامه از پشم آن، جمع خُزُوز، و خُزَز، كصرد خرگوش نر، جمع خِزَّان و أخِزّة، ومنه اشتقّ الخزّ(2).
وقال في برهان قاطع: «خزّ» با تشديد ثانى، در عربى جانوريست معروف، كه از پوست آن پوستين سازند، و جامه ابريشمى را نيز گفته اند(3).
والمستفاد من المصباح ومن بعده أنّه حيوان يؤخذ من صوفه أو وبره أو شعره الثوب، وأنّ إطلاقه على الثوب إنّما هو بلحاظه، ولكن ليس في شيء منها إشعار بكونه من الحيوانات المائيّة، بل ظاهرها عدم كونه منها. نعم، قد عرفت من «المنجد» في تفسير «القندس» أنّه نوع من الحيوانات المائيّة.
ويدلّ على ذلك أيضاً روايات:
منها: ما رواه الكليني عن علي بن محمّد، عن عبدالله بن إسحاق العلوي،
- (1) ترجمان اللّغة في ترجمة قاموس اللغة 1: 408، مادّة «خزز».
- (2) منتهى الإرب 1: 314.
- (3) برهان قاطع 1: 744.
( صفحه 276 )
عن الحسن بن علي، عن محمد بن سليمان الديلمي، عن قريب، عن ابن أبي يعفور قال: كنت عند أبي عبدالله (عليه السلام) إذ دخل عليه رجل من الخزّازين، فقال له: جعلت فداك ما تقول في الصلاة في الخزّ؟ فقال: لا بأس بالصلاة فيه، فقال له الرجل: جعلت فداك إنّه ميّت وهو علاجي وأنا أعرفه، فقال له أبو عبدالله (عليه السلام) : أنا أعرَف به منك، فقال له الرجل: إنّه علاجي، وليس أحد أعرف به منّي، فتبسّم أبو عبدالله (عليه السلام) ثمّ قال له:
أتقول: إنّه دابّة تخرج من الماء، أو تصاد من الماء فتخرج، فإذا فقد الماء مات؟ فقال الرجل: صدقت جعلت فداك هكذا هو، فقال له أبو عبدالله (عليه السلام) : فإنّك تقول: إنّه دابّة تمشي على أربع وليس هو في حدّ الحيتان فتكون ذكاته خروجه من الماء؟ فقال له الرجل: أي والله هكذا أقول، فقال له أبو عبدالله (عليه السلام) : فإنّ الله ـ تعالى ـ أحلّه وجعل ذكاته موته، كما أحلّ الحيتان وجعل ذكاتها موتها(1).
والظاهر أنّ المراد من قوله (عليه السلام) في الذيل: «فإنّ الله ـ تعالى ـ أحلّه» هي حلّية استعمال جلده ووبره، والانتفاع بهما في الصلاة واللبس، لا حلّية أكل لحمه كحلّية لحم الحيتان، وذلك ـ مضافاً إلى تحقّق الإجماع(2) على حرمة الحيوانات المائيّة عدا السمك الذي له فلس ـ يكون نفس استثناء الخزّ في
- (1) الكافي 3: 399 ح11، تهذيب الأحكام 2: 211 ح828 ، وعنهما وسائل الشيعة 4: 359، كتاب الصلاة، أبواب لباس المصلّي ب8 ح4.
- (2) الانتصار: 400 ـ 401، الخلاف 6: 29 ـ 31 مسألة 31، غنية النزوع: 398 ـ 401، السرائر 3: 99، المعتبر 2: 84 ، جواهر الكلام 36: 241 (ط.ق).
( صفحه 277 )
الفتاوي عن عموم الأدلّة المانعة عن الصلاة في أجزاء غير المأكول دليلاً على كون الخزّ محرّم الأكل، وإلاّ يصير الاستثناء منقطعاً، ولا مجال له في مثل المقام ممّا كان المقصود بيان الأحكام، كما لا يخفى.
هذا، ولكنّ الرواية ضعيفة السند جدّاً; لأنّه ـ مضافاً إلى انحصار النقل عن قريب بهذه الرواية، وعدم وجوده في شيء من روايات العامّة والخاصّة ـ يكون بعض رواتها مجهولاً، وبعضها غير موثّق، والبعض الثالث مرميّاً بالغلوّ، فلا مجال للاعتماد عليها بوجه.
ومنها: صحيحة عبد الرحمن بن الحجّاج قال: سأل أبا عبدالله (عليه السلام) رجل وأنا عنده عن جلود الخزّ؟ فقال: ليس بها بأس، فقال الرجل: جعلت فداك إنّها علاجي (في بلادي خ ل)، وإنّما هي كلاب تخرج من الماء، فقال أبو عبدالله (عليه السلام) : إذا خرجت من الماء تعيش خارجة من الماء؟ فقال الرجل: لا، قال: ليس به بأس(1).
فإنّ ظهورهما في كونه حيواناً مائيّاً يكون خروجه من الماء موجباً لانقطاع حياته وزوال تعيّشه كالحيتان لا خفاء فيه، كما أنّ ظاهرهما انحصار الخزّ بذلك، وعدم وجود مصداق آخر له غير مائيّ. وعليه: فيشكل الأمر في الخزّ المشهور في هذا الزمان; لشهادة التجّار بأنّه حيوان برّي يقع عليه الذبح.
قال العلاّمة المجلسي (قدس سره) في محكيّ البحار: واعلم أنّ في جواز الصلاة في الجلد المشهور في هذا الزمان بالخزّ وشعره ووبره إشكالاً; للشكّ في أنّه هل
- (1) الكافي 6: 451 ح3، علل الشرائع: 357 ب71 ح1، وعنهما وسائل الشيعة 4: 362، كتاب الصلاة، أبواب لباس المصلّي ب10 ح1.
( صفحه 278 )
هو الخزّ المحكوم عليه بالجواز في عصر الأئـمّة (عليهم السلام) ، أم لا، بل الظاهر أنّه غيره; لأنّه يظهر من الأخبار أنّه مثل السمك يموت بخروجه من الماء، وذكاته إخراجه منه.
والمعروف بين التجّار أنّ الخزّ المعروف الآن دابّة تعيش في البرّ ولا تموت بالخروج من الماء، إلاّ أن يقال: إنّهما صنفان بّريّ وبحريّ، وكلاهما تجوز الصلاة فيه، وهو بعيد، ويشكل التمسّك بعدم النقل واتّصال العرف من زماننا إلى زمانهم (عليهم السلام) ; إذ اتّصال العرف غير معلوم; إذ وقع الخلاف في حقيقته في أعصار علمائنا السالفين أيضاً رضوان الله عليهم، وكون أصل عدم النقل في مثل ذلك حجّة غير معلوم(1).
هذا، والظاهر أنّ أصالة عدم النقل على تقدير حجّيتها لا تجدي في المقام بعد ظهور الروايات في بيان موضوع الخزّ المستثنى، ودلالتها على أنّه حيوان مائيّ كالحوت; فإنّ هذا التعريف لو لم يكن تعريفاً للخزّ مطلقاً، فلا أقلّ من دلالته على أنّه الموضوع للحكم بجواز الصلاة، كما هو ظاهر.
مع أنّ اختصاص الخزّ في هذا الزمان بالحيوان البرّي ممنوع; لشهادة بعض الفضلاء من البحث بأنّه الآن حيوان بحريّ يصطاد من الماء، ويؤخذ من جلده الثوب الثمين الذي يرغب فيه المتنعّمون، وقد ادّعى أنّه بنفسه قد باشر لصيده، وأنّ خصوصيّاته هي المذكورة في رواية ابن أبي يعفور المتقدّمة.
نعم، ذكر أنّ وبره بمجرّده لا يمكن أخذ الثوب منه; لأنّ لصوقه بالجلد
- (1) بحار الأنوار 83 : 220.
( صفحه 279 )
وقصره مانع عن قطعه، وهذا لا ينافي ما يدلّ عليه بعض الروايات من إمكان أخذ الثوب من وبره أيضاً.
كرواية سعد بن سعد، عن الرضا (عليه السلام) قال: سألته عن جلود الخزّ؟ فقال: هوذا نحن نلبس، فقلت: ذاك الوبر جعلت فداك؟ قال: إذا حلّ وبره حلّ جلده(1).
فالحيوان البريّ الذي يطلق عليه الخزّ إن كان غير مأكول اللحم لا دليل على جواز الصلاة في أجزائه، وإن كان مشكوكاً فالحكم فيه هو حكم الصلاة في اللباس المشكوك على تقدير عدم جريان أصالة الحلّية بالإضافة إلى لحمه.
وكيف كان، فقد عرفت(2) أنّ جواز الصلاة في وبر الخزّ ممّا تطابق عليه النصّ والفتوى. وأمّا جلده، فمحلّ خلاف(3)، والمنسوب إلى المشهور هو الجواز(4)، ولابدّ من ملاحظة الروايات، فنقول:
أمّا رواية ابن أبي يعفور، فهي وإن كانت ظاهرة في جواز الصلاة في جلد الخزّ أيضاً باعتبار الإطلاق وترك الاستفصال، بل السؤال الثاني الظاهر في الاعتراض يوجب انحصار محطّ السؤال في السؤال الأوّل بالجلد; لأنّ الوبر من الأجزاء التي لا تحلّها الحياة بخلاف الجلد، فكون الخزّ ميّتاً إنّما يوجب
- (1) تهذيب الأحكام 2: 372 ح1547، الكافي 6: 452 ح7، وعنهما وسائل الشيعة 4: 366، كتاب الصلاة، أبواب لباس المصلّي ب10 ح14.
- (2) في ص272.
- (3 ، 4) تقدّم تخريجهما في ص272 ـ 273.