( صفحه 295 )
[عدم البأس بفضلات الإنسان]
مسألة 13: لا بأس بفضلات الإنسان، كشعره وريقه ولبنه; سواء كان للمصلّي أو لغيره، فلا بأس بالشعر الموصول بالشعر; سواء كان من الرجل أو المرأة 1 .
1 ـ قد تقدّم البحث في هذه المسألة في ذيل البحث عن أصل مانعيّة غير المأكول، فراجع(1).
( صفحه 296 )
اعتبار عدم كون الساتر بل مطلق اللباس ذهباً للرجال
الرابع: أن لا يكون الساتر بل مطلق اللباس من الذهب للرجال في الصلاة ولو كان حُليّاً، كالخاتم ونحوه، بل يحرم عليهم في غيرها أيضاً 1 .
مسألة 14: لا بأس بشدّ الأسنان بالذهب، بل ولا بجعله غلافاً لها أو بدلاً منها في الصلاة بل مطلقاً. نعم، في مثل الثنايا ممّا كان ظاهراً وقصد به التزيين لا يخلو من إشكال، فالأحوط الاجتناب. وكذا لا بأس بجعل قاب الساعة منه واستصحابها فيها. نعم، إذا كان زنجيرها منه وعلّقه على رقبته أو بلباسه يشكل الصلاة معه، بخلاف ما إذا كان غير معلّق وإن كان معه في جيبه; فإنّه لا بأس به 2 .
1 ، 2 ـ الكلام في هذا الأمر يقع في مقامين:
المقام الأوّل: في الحكم التكليفي المتعلّق بلبس الذهب للرجال مطلقاً في الصلاة وغيرها، والظاهر أنّه لم يقع التعرّض لهذه المسألة في كتب قدماء أصحابنا الإماميّة رضوان الله عليهم أجمعين، وأوّل من تعرّض له الشيخ (قدس سره) في كتاب المبسوط(1)، الذي هو كتاب تفريعيّ له، ولم يتعرّض له المتأخّرون عنه إلى زمان الفاضلين المحقّق والعلاّمة إلاّ النادر منهم(2)، والظاهر أنّ حرمة لبس الذهب على الرجال محلّ وفاق بين من تعرّض من الخاصّة للمسألة، وبين العامة(3)، وفي الجواهر نفى وجدان الخلاف في الساتر منه، بل ولا فيما تتمّ
- (1) المبسوط: 168.
- (2) كابن حمزة في الوسيلة: 367، والكيدري في إصباح الشيعة: 63.
- (3) الخلاف 1: 507، الحبل المتين 2: 208، مفاتيح الشرائع 2: 19، بحار الأنوار 83 : 251، الحدائق الناضرة 7: 101، مستند الشيعة 4: 356، مصباح الفقيه 10: 344، مستمسك العروة الوثقى 5: 352 ـ 353، المغني لابن قدامة 1: 626، الشرح الكبير 1: 472، المجموع 4: 383.
( صفحه 297 )
الصلاة به وإن لم يقع به الستر(1).
وقد ورد في هذا المقام روايات دالّة على حرمة التلبّس به للرجل، أو التختّم بالذهب له من دون ذكر علّة، أو مع التعليل بكونه زينة الآخرة.
أمّا ما ظاهره حرمة التلبّس، فمثل موثّقة عمّار بن موسى، عن أبي عبدالله (عليه السلام) في حديث قال: لا يلبس الرجل الذهب ولا يصلّي فيه; لأنّه من لباس أهل الجنّة(2).
ومرسلة موسى بن أكيل النميري، عن أبي عبدالله (عليه السلام) في الحديد: إنّه حلية أهل النار، والذهب إنّه حلية أهل الجنّة، وجعل الله الذهب في الدنيا زينة النساء، فحرّم على الرجال لبسه والصلاة فيه، الحديث(3).
وأمّا ما يدلّ على حرمة التختّم بالذهب، فهو أكثر الروايات الواردة في المقام:
كرواية جرّاح المدائني، عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال: لا تجعل في يدك خاتماً من ذهب(4).
ورواية مسعدة بن صدقة، عن جعفر بن محمد، عن أبيه (عليهما السلام) أنّ رسول الله (صلى الله عليه وآله) نهاهم عن سبع، منها: التختّم بالذهب(5).
- (1) جواهر الكلام 8 : 180.
- (2) تهذيب الأحكام 2: 372 ح1548، علل الشرائع: 348 ب57 ح1، وعنهما وسائل الشيعة 4: 413، كتاب الصلاة، أبواب لباس المصلّي ب30 ح4.
- (3) تقدّمت في ص251.
- (4) الكافي 6: 469 ح7، وعنه وسائل الشيعة 4: 413، كتاب الصلاة، أبواب لباس المصلّي ب30 ح2.
- (5) قرب الإسناد: 71 ح228، وعنه وسائل الشيعة 4: 415، كتاب الصلاة، أبواب لباس المصلّي ب30 ح9.
( صفحه 298 )
وأمّا ما يدلّ على حرمة التختّم به مع اشتماله على التعليل، فكرواية روح بن عبد الرحيم، عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) لأمير المؤمنين (عليه السلام) : لا تختّم بالذهب; فإنّه زينتك في الآخرة(1).
ورواية أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام) أنّ النبيّ (صلى الله عليه وآله) قال لعليّ (عليه السلام) : إنّي أُحبّ لك ما أُحبّ لنفسي، وأكره لك ما أكره لنفسي، لا تتختّم بخاتم ذهب; فإنّه زينتك في الآخرة(2).
إذا عرفت ما ذكر فاعلم، أنّه لو لم يكن في البين إلاّ خصوص روايات التختّم من دون ذكر العلّة لم يجز التعدّي عن مورده إلى غيره أصلاً، لا بعنوان اللباس، ولا بعنوان الزينة; لعدم الدليل على التعدّي. وأمّا مع وجود الروايات المعلّلة، وكذا روايات اللبس، فيحتمل أن يكون الموضوع هو عنوان اللبس، ويحتمل أن يكون هو عنوان الزينة والتزيّن، وبين العنوانين ـ مضافاً إلى ثبوت المغايرة، وكون النسبة عموماً من وجه ـ مغايرة من جهة عدم مدخليّة القصد في عنوان اللبس، ومدخليّته في عنوان التزيّن.
ومنشأ الاحتمالين ظهور روايات اللبس في كون الموضوع هو هذا العنوان، وظهور الروايات المعلّلة في كون الموضوع هو عنوان الزينة، ولا مجال لاحتمال ثبوت حكمين متعلّقين بعنوانين، المستلزم لكون التختّم بالذهب محكوماً بحرمتين، والمقطوع خلافه، فالثابت لا يكون إلاّ حكماً واحداً متعلّقاً
- (1) الكافي 6: 468 ح5، وعنه وسائل الشيعة 4: 412، كتاب الصلاة، أبواب لباس المصلّي ب30 ح1.
- (2) الفقيه 1: 164 ح774، علل الشرائع: 348 ب57 ح3، وعنهما وسائل الشيعة 4: 414، كتاب الصلاة، أبواب لباس المصلّي ب30 ح6.
( صفحه 299 )
بعنوان واحد.
وعليه: فلابدّ إمّا من التصرّف في روايات اللبس بكون المراد منه الزينة، وتؤيّده رواية النميري المتقدّمة المشتملة على ذكر اللبس بعد عنوان الزينة. وإمّا من التصرّف في روايات الزينة بحملها على أنّ المراد بها اللبس، مؤيّداً بما ورد في تفسير قوله ـ تعالى ـ : ( خُذُوا ْ زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِد )(1) من أنّ المراد بها هو اللباس(2).
والظاهر رجحان الاحتمال الثاني; لأنّ حمل الزينة على اللباس أهون من العكس، خصوصاً مع ملاحظة التأييد المذكور، وما في الجواهر(3) في كتاب الشهادات من دعوى الإجماع بقسميه على حرمة التحلّي به، فالظاهر أنّه ليس المراد به هو التحلّي في مقابل التلبّس، بل تحلّي الرجل في مقابل تحلّي المرأة، وهو لا ينافي أن يكون المراد به هو التلبّس، كما لا يخفى.
فالإنصاف أنّ المستفاد من الروايات المتقدّمة هي حرمة تلبّس الرجل للذهب، ويؤيّده ما دلّ على جواز شدّ الأسنان بالذهب.
كصحيحة محمد بن مسلم، عن أبي جعفر (عليه السلام) في حديث: أنّ أسنانه استرخت فشدّها بالذهب(4).
وما دلّ على جواز تحلية السيف بالذهب مع كونه معلّقاً على الرجل نوعاً.
- (1) سورة الأعراف 7: 31.
- (2) تفسير العيّاشي 2: 14 ح29، مجمع البيان 4: 412، وعنهما وسائل الشيعة 4: 455، كتاب الصلاة، أبواب لباس المصلّي ب54 ح5 و 6.
- (3) جواهر الكلام 41: 54 (ط.ق).
- (4) الكافي 6: 482 ح3، وعنه وسائل الشيعة 4: 416، كتاب الصلاة، أبواب لباس المصلّي ب31 ح1.