( صفحه 193 )
وما دلّ على أنّه لا بأس أن تحمل المرأة صبيّها وهي تصلّي، أو ترضعه وهي تتشهّد(1).
وما دلّ على جواز أخذ سنّ الميّت وجعله مكان سنّه(2).
وما ورد في القرامل التي تضعها النساء في رؤوسهنّ يصلنه بشعورهنّ; من أنّه لا بأس به على المرأة بما تزيّنت به لزوجها(3).
وفي خبر آخر: يكره للمرأة أن تجعل القرامل من شعر غيرها(4).
وفي ثالث: إن كان صوفاً فلا بأس، وإن كان شعراً فلا خير فيه من الواصلة والموصولة(5).
والعمدة في الروايات ما رواه الشيخ (قدس سره) بإسناده عن محمد بن علي بن محبوب، عن علي بن الريان، قال: كتبت إلى أبي الحسن (عليه السلام) : هل تجوز الصلاة في ثوب يكون فيه شعر من شعر الإنسان وأظفاره من قبل أن ينفضه ويلقيه
عنه؟ فوقّع: يجوز(6).
- (1) تهذيب الأحكام 2: 330 ح1355، وعنه وسائل الشيعة 7: 280، كتاب الصلاة، أبواب قواطع الصلاة ب24 ح1.
- (2) مكارم الأخلاق 1: 214 ح636، وعنه وسائل الشيعة 4: 417، كتاب الصلاة، أبواب لباس المصلّي ب31 ح4.
- (3) الكافي 5: 119 و 520 ح3 و 4، المحاسن 1: 204 ح354، تهذيب الأحكام 6: 360 ح1032، وعنها وسائل الشيعة 20: 188، كتاب النكاح، أبواب مقدّمات النكاح وآدابه ب101 ح2.
- (4) الكافي 5: 520 ح3، وعنهوسائل الشيعة 20: 187، كتاب النكاح، أبواب مقدّمات النكاحوآدابه ب101ح1.
- (5) تهذيب الأحكام 6: 361 ح1036، وعنه وسائل الشيعة 17: 132، كتاب التجارة، أبواب ما يكتسب به ب19 ح5.
- (6) تهذيب الأحكام 2: 367 ح1526، وعنه وسائل الشيعة 4: 382، كتاب الصلاة، أبواب لباس المصلّي ب18 ح2.
( صفحه 194 )
حيث إنّ مقتضى إطلاقه عدم الفرق بين المصلّي وغيره من سائر أفراد الإنسان.
ولكن حيث إنّ الظاهر اتّحاد هذه الرواية مع الرواية المتقدّمة التي رواها الصدوق; بمعنى عدم كون السؤال والجواب متعدّداً، بل الظاهر أنّ علي بن الريان سأل عن حكم المسألة مرّة واحدة واُجيب بجواب واحد، وحينئذ فيشكل التعميم لما إذا كان مع المصلّي شعر غيره; لأنّه لا يعلم أنّ الحكم بالجواز كان جواباً عن السؤال بهذا النحو; لاحتمال كونه جواباً عن السؤال بالنحو الآخر المتضمّن لما إذا كان مع المصلّي شعر نفسه أو ظفره، ولكن في بقيّة الأدلّة خصوصاً الانصراف كفاية.
بقي الكلام في الفرع الذي ذكره في الجواهر وحكم فيه بالمنع مع تسليم الانصراف، وهو: ما لو عمل من شعر الإنسان ما يصدق عليه اللباس عرفاً، ومقتضى إطلاقه عدم الفرق بين شعر المصلّي وغيره، وقد ذكر في وجهه: أنّ المنع ليس لأجل وجود المانع، بل لانتفاء الشرط; لاعتبار المأكوليّة
فيما يصلّى فيه(1).
ويرد عليه ـ بعد توضيحه بأنّ المراد من اعتبار المأكوليّة هو اعتبارها فيما إذا كان اللباس من أجزاء الحيوان; ضرورة أنّه لا مانع من الصلاة في غير أجزاء الحيوان، كاللباس المأخوذ من القطن مثلا ـ : ظهور الأدلّة في المانعيّة، كما مرّت(2) الإشارة إليه وسيمرّ عليك تفصيلا، ولا يكاد تجتمع المانعيّة مع
- (1) جواهر الكلام 8 : 115 ـ 116.
- (2) في ص145 ـ 146.
( صفحه 195 )
الشرطيّة بحيث كان هناك اعتباران وجعلان من الشارع; للزوم اللغويّة وعدم الفائدة في أحد الاعتبارين، مع أنّه على تقدير تسليم إمكان الاجتماع ودلالة الدليل على تحقّقه، لا وجه للتفكيك بين الأمرين من جهة الانصراف.
فإنّه إذا كان المراد من الحيوان في ناحية غير المأكول هو ما عدا الإنسان، يكون المراد من الحيوان في ناحية المأكول أيضاً ذلك; بمعنى أنّ الإنسان خارج عن المقسم رأساً، فعلى تقدير اشتراط المأكوليّة أيضاً لا مانع من الصلاة في أجزاء الإنسان، إلاّ أن يكون مراده اشتراط المأكوليّة مطلقاً، لا في خصوص ما إذا كان من أجزاء الحيوان، ويدفعه حينئذ الضرورة على خلافه; لجواز الصلاة في مثل القطن على ما عرفت(1).
وكيف كان، فالظاهر جواز الصلاة في هذه الصورة أيضاً(2).
- (1) في ص95 ـ 97.
- (2) هذا تمام الكلام في هذا الجزء، وكان الفراغ عنه في اليوم الرابع والعشرين من شهر ربيع الثاني من شهور سنة 1398 من الهجرة النبويّة على هاجرها آلاف الثناء والتحيّة، ونسأل من الله التوفيق لإتمام باقي الأجزاء; فإنّه وليّ التوفيق.
قم ـ الحوزة العلميّة
محمّد الفاضل اللنكراني عفي عنه
( صفحه 196 )
[في
اللباس المشكوك
]
نعم، لو شكّ في اللباس أو فيما عليه في أنّه من المأكول أو غيره، أو من الحيوان أو غيره، صحّت الصلاة فيه، بخلاف ما لو شكّ فيما تحلّه الحياة من الحيوان أنّه مذكّى أو ميتة; فإنّه لا يصلّى فيه حتّى يُحرز التذكية. نعم، ما يؤخذ من يد المسلم، أو سوق المسلمين مع عدم العلم بسبق يد الكافر عليه، أو مع سبق يده مع احتمال أنّ المسلم الذي بيده تفحّص عن حاله بشرط معاملته معه معاملة المذكّى، على الأحوط محكوم بالتذكية، فتجوز الصلاة فيه 1 .
1 ـ أقول: تقدّم(1) البحث في مشكوك التذكية في ذيل البحث عن اعتبارها، وكذا تقدّم(2) الكلام في اعتبار يد المسلم وسوق المسلمين هناك، فالمهمّ الآن هو البحث عن المشكوك في أنّه من غير المأكول، الذي اشتهر التعبير عنه باللباس المشكوك، وقد صار معركة للبحث والنظر، واُلّف فيه الرسائل والكتب; لشدّة الابتلاء به من جهة تداول الألبسة المصنوعة في
البلاد غير الإسلاميّة، المحمولة منها إلى البلاد الإسلاميّة، فاللاّزم هو البحث فيه تفصيلاً، اقتداءً بهم واقتفاءً لأثرهم، ولاشتماله على المباحث العلميّة المتكثّرة، فنقول وعلى الله الاتكال:
ينبغي قبل بيان الأدلّة والنظر فيها تقديم اُمور:
الأوّل: أنّه لم يرد في هذه المسألة نصّ بالخصوص عن الأئـمّة (عليهم السلام) ، وفتاوى الأصحاب ليس على نحو يكشف عن وجوده; لأنّ أكثر المتقدّمين
- (1) في ص150 ـ 156.
- (2) في ص156 ـ 174.
( صفحه 197 )
لم يتعرّضوا لها في كتبهم على الظاهر، وعلى تقدير التعرّض فقد ذكرت في الكتب الموضوعة لإيراد المسائل التفريعيّة، لا الكتب المعدّة لنقل فتاويهم (عليهم السلام) بعين الألفاظ الصادرة عنهم، حتّى يكون ذكرها فيها كاشفاً عن وجود النصّ، كما هو الشأن في المسائل المذكورة فيها.
ويؤيّد ما ذكر أنّه لم يتخيّل أحد من أصحاب الأقوال وجود النصّ فيها حتّى يجعله دليلاً لمذهبه، أو يردّ به دليل خصمه، فالمستند في المسألة إنّما هو الاُصول والقواعد الشرعيّة.
الثاني: أنّه لا اختصاص لمورد النزاع بما يشكّ كونه من أجزاء الحيوان المأكول، أو من أجزاء غيره، بل يعمّ ما إذا احتمل كونه من غير أجزاء الحيوان، بل من القطن والكتان; لأنّ ما هو محطّ البحث إنّما هو احتمال كونه من أجزاء غير المأكول، وسيأتي في نقل الأقوال قول بالتفصيل بين الفرضين.
الثالث: الظاهر أنّه لا اختصاص لمورد البحث أيضاً بما إذا شكّ في ثبوت هذا المانع، بل يعمّ ما إذا شكّ في ثبوت سائر الموانع، ككونه حريراً محضاً للرجال، أو ذهباً خالصاً لهم، أو غيرهما من الموانع. نعم، في خصوص الميتة والشكّ فيها حكم تقدّم تفصيله(1).
الرابع: أنّ المراد من جواز الصلاة في اللباس المشكوك وعدمه هو الجواز الذي يكون حكماً ظاهريّاً ثابتاً في مورد الشبهة، والشكّ في الحكم الواقعي، كما في سائر الشبهات الموضوعيّة التي تكون أحكامها الواقعيّة الثابتة لموضوعاتها متيقّنة غير مشكوكة، فالبحث في المقام إنّما هو بعد الفراغ عن