( صفحه 268 )
السيرة في هذه الصورة(1).
أقول: الظاهر أنّ الاعتماد على قول ذي اليد لا يتوقّف على كونه مسلماً; فإنّه لا فرق في بناء العقلاء على الاعتماد عليه بين المسلم والكافر. نعم، الاختلاف بينهما إنّما هو بالإضافة إلى نفس اليد في بعض الموارد، كالميتة والمذكّى على ما عرفت(2) مفصّلاً.
كما أنّ الظاهر أنّ استقرار السيرة على الصلاة في الفرض الأوّل ليس لخصوصيّة فيه، بل لأجل عدم كون الاحتمال بمجرّده مانعاً عن جواز الصلاة فيه، فلا فرق بينها وبين الصورة الثانية أصلاً.
هذا تمام الكلام فيما يتعلّق بحكم الصلاة في اللباس المشكوك فيه، والحمد لله أوّلاً وآخراً.
جواز الصلاة في بعض الموارد
- (1) نهاية التقرير 1: 388 ـ 389.
- (2) في ص156 ـ 159.
( صفحه 269 )
[عدم البأس بمثل الشمع والعسل والحرير الممتزج]
مسألة 11: لا بأس بالشمع والعسل والحرير الممتزج، وأجزاء مثل البقّ والبرغوث والزنبور ونحوها ممّا لا لحم لها، وكذلك الصدف 1 .
جواز الصلاة في بعض الموارد
1 ـ أمّا أجزاء الحيوانات التي لا لحم لها، فمن هذه الحيثيّة الكلّية، قد تقدّم(1) البحث عنها في أصل البحث عن مانعيّة غير المأكول، فراجع. وأمّا من غير هذه الجهة، فقد تحقّق الإجماع في الحرير المحض(2) ودم البقّ والبراغيث والقمّل(3)، مضافاً إلى صحيحة الحلبي، قال:
سألت أبا عبدالله (عليه السلام) عن دم البراغيث يكون في الثوب هل يمنعه ذلك من الصلاة فيه؟ قال: لا، وإن كثر فلا بأس أيضاً بشبهه من الرعاف ينضحه ولا يغسله(4).
ورواية محمّد بن ريّان قال: كتبت إلى الرجل (عليه السلام) : هل يجري دم البقّ مجرى دم البراغيث؟ وهل يجوز لأحد أن يقيس بدم البقّ على البراغيث فيصلّي فيه؟ وأن يقيس على نحو هذا فيعمل به؟ فوقّع (عليه السلام) : تجوز الصلاة،
- (1) في ص189 ـ 191.
- (2) الانتصار: 134، الخلاف 1: 504 مسألة 245، المعتبر 2: 87 ، تذكرة الفقهاء 2: 470 مسألة 124، منتهى المطلب 4: 219 ـ 221، مدارك الأحكام 3: 173، كشف اللثام 3: 215، مفتاح الكرامة 5: 497 ـ 498، جواهر الكلام 8 : 187 ـ 188.
- (3) الخلاف 1: 476 ـ 477 مسألة 219 و 220، السرائر 1: 174، المعتبر 1: 421، مختلف الشيعة 1: 314 مسألة 232، تذكرة الفقهاء 1: 56 مسألة 56، ذكرى الشيعة 1: 112، روض الجنان في شرح إرشاد الأذهان 1: 435.
- (4) تقدّمت في ص191.
( صفحه 270 )
والطهر منه أفضل(1).
وصحيحة علي بن مهزيار قال: كتبت إلى أبي محمّد (عليه السلام) أسأله عن الصلاة في القرمز، وأنّ أصحابنا يتوقّفون عن الصلاة فيه، فكتب: لا بأس به، مطلق والحمد لله. وذكر الصدوق ـ عليه الرحمة ـ بعد نقل الرواية: قال الصدوق: وذلك إذا لم يكن القرمز من إبريسم محض، والذي نهي عنه ما كان من إبريسم(2) محض.
وغير ذلك من الروايات(3) الدالّة على ذلك.
وأمّا الصدف، فقد علّل الجواز فيه في العروة بعدم معلوميّة كونه جزءاً من الحيوان، وعلى تقديره لم يعلم كونه ذا لحم(4).
وفي صحيحة علي بن جعفر، عن أخيه أبي الحسن الأوّل (عليه السلام) قال: لا يحلّ أكل الجرّي، ولا السلحفاة، ولا السرطان. قال: وسألته عن اللحم الذي يكون في أصداف البحر والفرات أيؤكل؟ قال: ذلك لحم الضفادع، لا يحلّ أكله(5).
ولا منافاة بينها وبين التعليل المذكور; لأنّ مجرّد انعقاد اللحم في الصدف،
- (1) الكافي 3: 60 ح9، تهذيب الأحكام 1: 260 ح754، وعنهما وسائل الشيعة 3: 436، كتاب الطهارة، أبواب النجاسات ب23 ح3.
- (2) تقدّمت في ص191.
- (3) وسائل الشيعة 3: 435 ـ 437، كتاب الطهارة، أبواب النجاسات ب23.
- (4) العروة الوثقى 1: 400 مسألة 1282.
- (5) الكافي 6: 221 ح11، تهذيب الأحكام 9: 12 ح46، مسائل علي بن جعفر: 131 ح191، قرب الإسناد: 279 ح1108 و 1109، وعنها وسائل الشيعة 24: 146، كتاب الأطعمة والأشربة، أبواب الأطعمة المحرّمة ب16 ح1.
( صفحه 271 )
وكونه ظرفاً له، لا يوجب أن يكون الصدف جزءاً من اللحم، أو من الحيوان، كما لا يخفى.
وتظهر من الرواية ظرفيّة الصدف للحم الضفادع. وعليه: فالظاهر أنّ الصدف الذي هو ظرف للّؤلؤ ـ الذي نفى الإشكال في العروة عن الصلاة فيه، معلّلاً بعدم كونه جزءاً من الحيوان ـ غير الصدف الذي هو ظرف للّلحم المذكور، كما أنّه لو فرض الإشكال في الصدف، فلا يلازم ذلك الإشكال في اللؤلؤ أصلاً.
( صفحه 272 )
[جواز الصلاة في الخزّ والسنجاب]
مسألة 12: استثني ممّا لا يؤكل الخزّ، وكذا السنجاب على الأقوى، ولكن لاينبغي ترك الاحتياط في الثاني، وما يسمّونه الآن بالخزّ ولم يُعلم أنّه منه واشتبه حاله، لا بأس به وإن كان الأحوط الاجتناب عنه 1 .
1 ـ أمّا الكلام في الخزّ، فنقول:
قد تطابقت الفتاوى(1) والنصوص(2) على استثنائه عن عموم الأدلّة المانعة عن الصلاة في أجزاء غير المأكول، وعلى صحّة الصلاة فيه، ولكن مورد تطابقهما هو وبر الخزّ الخالص، ولفظ الوبر وإن لم يكن مذكوراً في عبارات القدماء من الأصحاب، بل المذكور فيها هو الخز الخالص، إلاّ أنّ ما يتصوّر فيه هذا الوصف ومقابله إنّما هو الوبر دون الجلد; ضرورة أنّه لا يتصوّر فيه المغشوشيّة بوجه، فهذاالوصف راجع إلى خصوص الوبر، والغرض منه الاحتراز عمّا إذا كان له خليط، مثل وبر الأرانب والثعالب، واحتمال كون المستثنى شاملاً للجلد أيضاً، والوصف راجعاً إلى خصوص الوبر، في كمال البعد.
وكيف كان، فاستثناء الوبر ممّا لا إشكال فيه ولا خلاف(3). وأمّا الجلد،
- (1) المقنعة: 150، النهاية: 97، المبسوط 1: 82 ، المهذّب 1: 74، المعتبر 2: 84 ، الجامع للشرائع: 66، تذكرة الفقهاء 2: 468 ـ 469 مسألة 122، ذكرى الشيعة 3: 35، جامع المقاصد 2: 78، المقاصد العليّة: 484، مفتاح الكرامة 5: 432 ـ 433، مستند الشيعة 4: 320 ـ 322.
- (2) وسائل الشيعة 4: 359 ـ 360، كتاب الصلاة، أبواب لباس المصلّي ب8 .
- (3) التنقيح الرائع 1: 129، حاشية شرائع الإسلام، المطبوع ضمن حياة المحقّق الكركي وآثاره 10: 129، مجمع الفائدة والبرهان 2: 82 ، مفاتيح الشرائع 1: 109، الحدائق الناضرة 7: 60، جواهر الكلام 8 : 141، المستند في شرح العروة الوثقى 12: 180.