( صفحه 395 )
والمحاذاة مع الرجل، ويمكن أن يكون هو تأخّر المرأة في الشروع في الصلاة الموجب لبطلان صلاتها فقط مع اعتبار عدم التقدّم والمحاذاة.
كما أنّ الوجه في لزوم إعادة المرأة صلاتها يحتمل أن يكون هو إخلالها بما هو المعتبر من عدم التقدّم والمحاذاة; لفرض وقوعها بحذاء الإمام ومتقدّمة على المأمومين. وعليه: فتكون الرواية من أدلّة المنع في المقام، ويحتمل أن يكون هو الإخلال بما هو المعتبر في صلاة الجماعة من جهة الموقف; وهو تأخّر المأموم عن الإمام، وعدم وقوعه بحذائه; من دون فرق في ذلك بين الرجل والمرأة.
ويحتمل أن يكون هو راجعاً إلى النيّة; نظراً إلى حسبانها أنّ الإمام يصلّي العصر، وقد كان يصلّي الظهر، واقتداء صلاة العصر بالظهر وإن كان ممّا لا مانع منه، إلاّ أنّ تقييد النيّة بما نواه الإمام بتخيّل المطابقة ربما يمنع عن الصحّة بعد كشف الخلاف، فتدبّر. ولعلّ عبارة السؤال تكون ظاهرة في هذا الاحتمال. وكيف كان، فلم يظهر من الرواية دلالتها على المنع فيما هو محلّ الكلام.
ومنها: موثقة عمار، عن أبي عبدالله (عليه السلام) في حديث أنّه سئل عن الرجل يستقيم له أن يصلّي وبين يديه امرأة تصلّي؟ فقال: إن كانت المرأة قاعدة أو نائمة أو قائمة في غير صلاة، فلا بأس حيث كانت(1).
والظاهر اتّحادها مع موثّقته الاُخرى، عن أبي عبدالله (عليه السلام) أنّه سُئل عن الرجل يستقيم له أن يصلّي وبين يديه امرأة تصلّي؟ قال: إن كانت تصلّي
- (1) وسائل الشيعة 5: 122، كتاب الصلاة، أبواب مكان المصلّي ب4 ح6، وتأتي تمامها في ص399 ـ 400.
( صفحه 396 )
خلفه فلا بأس وإن كانت تصيب ثوبه(1).
ومنها: صحيحة زرارة، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: سألته عن المرأة تصلّي عند الرجل؟ فقال: لا تصلّي المرأة بحيال الرجل إلاّ أن يكون قدّامها ولو بصدره(2).
ولكنّه لا ظهور لها في فرض صلاة الرجل أيضاً، بل يمكن أن يكون مورد السؤال هو نفس صلاة المرأة مع وجود الرجل، ولا مجال لدعوى وضوح ثبوت الجواز في هذا الفرض; فإنّ التتبّع في الروايات يقضي بكونه مورداً للشكّ ومسؤولا عنه.
وأمّا الروايات الظاهرة في التفصيل فكثيرة أيضاً:
منها: صحيحة محمد بن مسلم، عن أحدهما (عليهما السلام) قال: سألته عن الرجل يصلّي في زاوية الحجرة وامرأته أو ابنته تصلّي بحذاه في الزاوية الاُخرى؟ قال: لا ينبغي ذلك، فإن كان بينهما شبر أجزأه; يعني إذا كان الرجل متقدّماً للمرأة بشبر(3).
والظاهر أنّ المراد بـ «لا ينبغي» في الرواية هو البطلان لا الكراهة، وتفسير المراد من الشبر وإن وقع من الراوي، إلاّ أنّ الظاهر أنّ لفظ «شبر» بالشين المعجمة والباء الموحّدة تصحيف «الستر» بالسين المهملة والتاء المثنّاة
- (1) وسائل الشيعة 5: 127، كتاب الصلاة، أبواب مكان المصلّي ب6 ح4، وتأتي تمامها في ص399 ـ 400.
- (2) تهذيب الأحكام 2: 379 ح1582، الاستبصار 1: 399 ح1525، وعنهما وسائل الشيعة 5: 127، كتاب الصلاة، أبواب مكان المصلّي ب6 ح2.
- (3) تهذيب الأحكام 2: 230 ح905، الكافي 3: 298 ح4، وعنهما وسائل الشيعة 5: 123، كتاب الصلاة، أبواب مكان المصلّي ب5 ح1.
( صفحه 397 )
من فوق; إذ من البعيد أن تكون الحجرة بالغة في الضيق إلى حدّ يكون الفاصل بين الشخصين الواقعين في زاويتيها مع التحاذي مقدار شبر واحد.
ويؤيّده رواية محمد الحلبي قال: سألته ـ يعني أبا عبدالله (عليه السلام) ـ عن الرجل يصلّي في زاوية الحجرة وابنته أو امرأته تصلّي بحذائه في الزاوية الاُخرى؟ قال: لا ينبغي ذلك إلاّ أن يكون بينهما ستر، فإن كان بينهما ستر أجزأه(1).
وقد عرفت أنّ تفسير الراوي لا يساعد ذلك، وقد ذكر صاحب الوسائل بعد نقل الروايتين أنّه يمكن صحّتهما(2).
ومنها: رواية أبي بصير هو ليث المرادي قال: سألته عن الرجل والمرأة يصلّيان في بيت واحد، المرأة عن يمين الرجل بحذاه؟ قال: لا، إلاّ أن يكون بينهما شبر أو ذراع، ثمّ قال: كان طول رحل رسول الله (صلى الله عليه وآله) ذراعاً، وكان يضعه بين يديه إذا صلّى، يستره ممّن يمرّ بين يديه(3).
قال في الوافي: اُريد بـ «الرّحل» رحل البعير، واُريد بطوله ارتفاعه من الأرض; أعني السّمك(4). ويحتمل قريباً بقرينة الذيل أن يكون المراد بقوله: «إلاّ أن يكون...» وجود حائل بينهما كان طوله شبراً أو ذراعاً، كما أنّه يحتمل أن يكون المراد تقدّم الرجل على المرأة بهذا المقدار.
والظاهر اتّحادها مع روايته الاُخرى عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال: سألته عن
- (1) مستطرفات السرائر: 27 ح7، وعنه وسائل الشيعة 5: 130، كتاب الصلاة، أبواب مكان المصلّي ب8 ح3.
- (2) وسائل الشيعة 5: 130 ذ ح3.
- (3) تهذيب الأحكام 2: 230 ح906، وعنه وسائل الشيعة 5: 124، كتاب الصلاة، أبواب مكان المصلّي ب5 ح3.
- (4) الوافي 7: 481 ذ ح6400.
( صفحه 398 )
الرجل والمرأة يصلّيان جميعاً في بيت، المرأة عن يمين الرجل بحذاه؟ قال: لا، حتّى يكون بينهما شبر، أو ذراع، أو نحوه(1).
وعليه فيرتفع إشكال الإضمار عن روايته الاُولى.
ومنها: رواية عبدالله بن أبي يعفور قال: قلت لأبي عبدالله (عليه السلام) : اُصلّي والمرأة إلى جنبي وهي تصلّي؟ قال: لا، إلاّ أن تتقدّم هي أو أنت، ولا بأس أن تصلّي وهي بحذاك جالسة أو قائمة(2).
فإن كان المراد بقوله (عليه السلام) : «إلاّ أن تتقدّم...» هو التقدّم في الموقف مع التقارن في الصلاة، فالظاهر أنّ الرواية معرض عنها; لأنّ التقدّم أولى بالمنع من الجنب المفروض في سؤال الرواية، وإن كان المراد هو التقدّم في أصل إيقاع الصلاة; بمعنى كون صلاة واحد منهما قبل الآخر، فالرواية تصير من أدلّة مطلق المنع، ويصير الاستثناء منقطعاً; لأنّ المفروض في السؤال هو التقارن في الصلاة.
ومنها: رواية معاوية بن وهب، عن أبي عبدالله (عليه السلام) أنّه سأله عن الرجل والمرأة يصلّيان في بيت واحد؟ قال: إذا كان بينهما قدر شبر صلّت بحذاه وحدها، وهو وحده لا بأس(3).
ومنها: رواية زرارة، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: إذا كان بينها وبينه
- (1) تهذيب الأحكام 2: 231 ح908، الكافي 3: 298 ح3، وعنهما وسائل الشيعة 5: 124، كتاب الصلاة، أبواب مكان المصلّي ب5 ح4.
- (2) تهذيب الأحكام 2: 231 ح909، وعنه وسائل الشيعة 5: 124، كتاب الصلاة، أبواب مكان المصلّي ب5 ح5.
- (3) الفقيه 1: 159 ح747، وعنه وسائل الشيعة 5: 125، كتاب الصلاة، أبواب مكان المصلّي ب5 ح7.
( صفحه 399 )
ما لا يتخطّى، أو قدر عظم الذراع فصاعداً، فلا بأس(1).
ومنها: رواية حريز، عن أبي عبدالله (عليه السلام) في المرأة تصلّي إلى جنب الرجل قريباً منه، فقال: إذا كان بينهما موضع رجل (رحل خ ل) فلا بأس(2).
والمراد بموضع الرجل يحتمل أن يكون هي الخطوة، ويحتمل أن يكون مقدار باطن القدم الذي هو مقدار الشبر.
ومنها: رواية اُخرى لزرارة، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: قلت له: المرأة والرجل يصلّي كلّ واحد منهما قبالة صاحبه؟ قال: نعم، إذا كان بينهما قدر موضع رحل(3).
ومنها: رواية ثالثة لزرارة قال: قلت له: المرأة تصلّي حيال زوجها؟ قال: تصلّي بازاء الرجل إذا كان بينها وبينه قدر ما لا يتخطّى، أو قدر عظم الذراع فصاعداً(4).
ومنها: موثقة عمّار، عن أبي عبدالله (عليه السلام) أنّه سئل عن الرجل يستقيم له أن يصلّي وبين يديه امرأة تصلّي؟ قال: لا يصلّي حتّى يجعل بينه وبينها أكثر من عشرة أذرع، وإن كانت عن يمينه وعن يساره جعل بينه وبينها مثل ذلك، فإن كانت تصلّي خلفه فلا بأس وإن كانت تصيب ثوبه، وإن كانت المرأة
- (1) الفقيه 1: 159 ح748، وعنه وسائل الشيعة 5: 125، كتاب الصلاة، أبواب مكان المصلّي ب5 ح8 .
- (2) الكافي 3: 298 ح1، وعنه وسائل الشيعة 5: 126، كتاب الصلاة، أبواب مكان المصلّي ب5 ح11.
- (3) مستطرفات السرائر: 73 ح10، وعنه وسائل الشيعة 5: 126، كتاب الصلاة، أبواب مكان المصلّي ب5 ح12.
- (4) مستطرفات السرائر: 74 ح15، وعنه وسائل الشيعة 5: 126، كتاب الصلاة، أبواب مكان المصلّي ب5 ح13.