( صفحه 478 )
قال: وذكر أحمد شدّة وجعه فقال: أنا كنت مريضاً شديد المرض، فكنت آمرهم إذا حضرت الصلاة ينيخوا بي (يقيموني، ينيخوني خ ل)، فاُحتمل بفراشي، فاُوضع واُصلّي، ثمّ اُحتمل بفراشي فاُوضع في محملي(1).
ولكنّه لابدّ من حملها على صورة عدم الاضطرار بقرينة الروايات الاُخر، ولا مجال لحملها على الاستحباب كما عن الشيخ (قدس سره) (2).
ثمّ إنّه لابدّ في هذه الصورة من مراعاة سائر ما اعتبر في الصلاة; من القيام، والقبلة ونحوهما ولو بالمقدار الممكن، بداهة أنّ الضرورة قاضية بسقوط خصوص ما لا يمكن مراعاته، دون ما أمكن بنفسه أو ببدله، كما لا يخفى.
- (1) تهذيب الأحكام 3: 308 ح953، الاستبصار 1: 243 ح866 ، وعنهما وسائل الشيعة 4: 327، كتاب الصلاة، أبواب القبلة ب14 ح10.
- (2) تهذيب الأحكام 3: 308، ذيل الحديث.
( صفحه 479 )
مسألة 18: من المستحبّات الأكيدة بناء المسجد، وفيه أجر عظيم وثواب
[استحباب الصلاة في المساجد]
مسألة 16: يستحبّ الصلاة في المساجد، بل يكره عدم حضورها بغير عذر كالمطر، خصوصاً لجار المسجد، حتّى ورد في الخبر: لا صلاة لجار المسجد إلاّ في المسجد(1). وأفضلها المسجد الحرام، ثمّ مسجد النبيّ(صلى الله عليه وآله)، ثمّ مسجد الكوفة والأقصى، ثمّ مسجد الجامع، ثمّ مسجد القبيلة، ثمّ مسجد السوق، والأفضل للنساء الصلاة في بيوتهنّ، والأفضل بيت المخدع، وكذا يستحبّ الصلاة في مشاهد الأئمـّة(عليهم السلام)، خصوصاً مشهد أمير المؤمنين(عليه السلام)، وحائر أبي عبدالله الحسين(عليه السلام).
استحباب الصلاة في المساجد وبعض أحكامها
[كراهة تعطيل المسجد]
مسألة 17: يكره تعطيل المسجد، وقد ورد أنّه أحد الثلاثة الذين يشكون إلى الله ـ عزّ وجلّ ـ يوم القيامة، والآخران عالم بين جهّال، ومصحف معلّق قد وقع عليه الغبار لا يقرأ فيه(2)، وورد أنّ من مشى إلى مسجد من مساجد الله، فله بكلّ خطوة خطاها حتّى يرجع إلى منزله عشر حسنات، ومحي عنه عشر سيّئات، ورفع له عشر درجات(3).
[استحباب بناء المساجد]
- (1) تهذيب الأحكام 1: 92 ح244، وعنه وسائل الشيعة 5: 194، كتاب الصلاة، أبواب أحكام المساجد ب2 ح1.
- (2) الكافي 2: 449 ح3، الخصال: 142 ح163، وعنهما وسائل الشيعة 5: 201، كتاب الصلاة، أبواب أحكام المساجد ب5 ح1.
- (3) عقاب الأعمال: 343، وعنه وسائل الشيعة 5: 201، كتاب الصلاة، أبواب أحكام المساجد ب4 ح3.
( صفحه 480 )
على وجه لا يساوي الإمام(عليه السلام).
جسيم، وقد ورد أنّه قال رسول الله(صلى الله عليه وآله): من بنى مسجداً في الدنيا أعطاه الله بكلّ شبر منه ـ أو قال: بكلّ ذراع منه ـ مسيرة أربعين ألف عام مدينة من ذهب، وفضّة، ودرّ، وياقوت، وزمرّد، وزبرجد، ولؤلؤ، الحديث(1).
[اعتبار اجراء صيغة الوقف]
مسألة 19: عن المشهور اعتبار إجراء صيغة الوقف في صيرورة الأرض مسجداً; بأن يقول: وقفتها مسجداً قربة إلى الله تعالى، لكنّ الأقوى كفاية البناء بقصد كونه مسجداً مع قصد القربة وصلاة شخص واحد فيه بإذن الباني، فتصير مسجداً 1 .
[الأمكنة التي تكره الصلاة فيها]
مسألة 20: تكره الصلاة في الحمّام حتّى المسلخ منه، وفي المزبلة والمجزرة، والمكان المتّخذ للكنيف ولو سطحاً متّخذاً مبالا، وبيت المسكر، وفي أعطان الإبل، وفي مرابط الخيل والبغال والحمير والبقر، ومرابض الغنم، والطرق إن لم تضرّ بالمارّة، وإلاّ حرمت، وفي قرى النمل ومجاري المياه وإن لم يتوقّع جريانها فيها فعلا، وفي الأرض السبخة، وفي كلّ أرض نزل فيها عذاب، وعلى الثلج، وفي معابد النيران، بل كلّ بيت أعدّ لإضرام النار فيه، وعلى القبر وإليه وبين القبور، وترتفع الكراهة في الأخيرين بالحائل وببعد عشرة أذرع، ولا بأس بالصلاة خلف قبور الأئمـّة(عليهم السلام) وعن يمينها وشمالها; وإن كان الأولى الصلاة عند الرأس
- (1) عقاب الأعمال: 339، وعنه وسائل الشيعة 5: 204، كتاب الصلاة، أبواب أحكام المساجد ب8 ح4.
( صفحه 481 )
وكذا تكره وبين يديه نار مضرمة، أو سراج، أو تمثال ذي روح، وتزول في الأخير بالتغطية. وتكره وبين يديه مصحف أو كتاب مفتوح، أو مقابله باب مفتوح، أو حائط ينزّ من بالوعة يبال فيها، وترتفع بستره، والكراهة في بعض تلك الموارد محلّ نظر، والأمر سهل.
1 ـ وجه فتوى المشهور استفاضة نقل الإجماع على اعتبار اللّفظ في الوقف مطلقاً(1) وعدم كفاية المعاطاة فيه، ولكنّه حيث جرت السيرة على اكتفاء الفعل المقارن لقصده في تحقّقه في مثل بناء المساجد وفرشها وسراجها ـ والظاهر اتّصالها بزمان الإمام (عليه السلام) ـ فالظاهر كفاية البناء المقرون بالاُمور المذكورة في المتن، والتفصيل موكول إلى كتاب الوقف.
- (1) المبسوط 3: 291 و 300، السرائر 1: 280، شرائع الإسلام 3: 218، مسالك الأفهام 5: 374، مفتاح الكرامة 6: 248، وفيه عن كشف الالتباس: أنّه المشهور، جواهر الكلام 28: 89 (ط.ق)، العروة الوثقى 6: 280 مسألة 1.
( صفحه 482 )