( صفحه 533 )
ثمّ إنّ سيّدنا العلاّمة المحقّق البروجردي (قدس سره) أفاد في تعليقة العروة في هذا المقام كلاماً; وهو: أنّ اعتبار هذه الاُمور إنّما هو فيمن دخل المسجد مريداً للصلاة مستقلاًّ عن الجماعة إمّا جماعة أو فرادى. وأمّا من دخله لإدراكها فوجدهم قد فرغوا ولم يتفرّق الصفوف، فالظاهر أنّ سقوطهما عنه بملاك آخر، ولا يبعد فيه سقوطهما في كلّ مورد يكون إدراكه لها قبل الفراغ مسقطاً(1).
أقول: الظاهر أنّ الملاك للسقوط في المورد الثاني إنّما هو كون هذا الشخص كأنّه مدرك للجماعة بعد فرض كون نيّته قبل الدخول ذلك; فأذانه
وإقامته إنّما هو أذان الجماعة وإقامتها، كما أنّ الملاك للسقوط في المورد الأوّل إنّما هو احترام الجماعة السابقة ولحاظ حقّ الإمام السابق، بعدم رفع الصوت بالأذان حتّى كان الجماعة اللاّحقة من توابع الجماعة السابقة، فينبغي تركهما فيها، ولذا ورد في بعض الروايات السابقة(2)، أنّ الداخلين إذا أرادوا الصلاة جماعة يقومون في ناحية المسجد ولا يبدوا لهم، أو لا يبدر بهم إمام.
وبالجملة: فكلام سيّدنا الاُستاذ (قدس سره) في الحاشية مبنيّ على استفادة الموردين من النصوص، فمن بعضها يستفاد حكم من دخل المسجد لإدراك الجماعة، وأنّه يسقط الأذان والإقامة بالنسبة إليه إرفاقاً له ورعاية لنيّته.
وبعبارة اُخرى: مفاده جعل حقّ له; لكونه قاصداً لإدراك الجماعة، فكأنّه مدرك لها، فأذانه وإقامته هو أذان الجماعة وإقامتها، ولا يخفى أنّه في هذه
- (1) التعليقة على العروة الوثقى: 44.
- (2) تقدّم في ص528.
( صفحه 534 )
الصورة لا يكون الحكم مختصّاً بالمسجد، ومن بعضها يستفاد حكم من دخل المسجد لإقامة الصلاة مستقلاًّ عن الجماعة منفرداً أو جماعة، وأنّه يسقط الأذان والإقامة بالنسبة إليه رعايةً لحقّ الإمام السابق، أو الجماعة السابقة.
وبعبارة اُخرى: يستفاد منه جعل حقّ على الداخل لا له، وحينئذ فيمكن القول باختصاص ذلك بالمسجد.
ثمّ إنّ الظاهر أنّ السقوط في الموضع الأوّل من الموضعين المذكورين في المتن إنّما هو على نحو العزيمة; لأنّ الالتزام العملي من المتشرّعة بترك الأذان والإقامة، في الجماعة التي اُذّن واُقيم لها يكشف عن عدم المشروعيّة، وكون السقوط بنحو العزيمة، كما أنّ مقتضى الروايات الواردة فيه، النافية لثبوتهما، الظاهرة في كون المنفيّ هو الاستحباب والمشروعيّة أيضاً ذلك.
وأمّا السقوط في الموضع الثاني، فمقتضى رواية أبي عليّ المتقدّمة، الدالّة على المنع والدفع أشدّه، أيضاً ذلك; إذ لا ملائمة بين الرخصة، وبين المنع بهذه الكيفيّة، ويمكن التفصيل فيه بين الموردين المذكورين في التعليقة المتقدّمين بكون السقوط في المورد الثاني إنّما هو على نحو العزيمة. وأمّا المورد الأوّل، فالمناسب أن يكون بنحو الرخصة; لأنّ جعل حقّ للداخل لا يلائم مع العزيمة، فتدبّر.
وقد وقع الفراغ من تأليف هذا المجلّد في اليوم السادس والعشرين من شهر رجب المكرّم من سنة 1400 من الهجرة النبويّة على مهاجرها آلاف الثناء والتحيّة، بيد العبد المفتاق إلى رحمة ربّه الغني محمد الموحّدي اللنكراني،
( صفحه 535 )
الشهير بـ «الفاضل»، عفي عنه وعن والده المكرّم الفقيه الفقيد آية الله المرحوم الحاجّ الشيخ فاضل اللنكراني (رحمه الله) ، ونسأل الله ـ تعالى ـ التوفيق للإتمام بحقّ نبيّه وعترته عليه وعليهم الصلاة والسلام.
( صفحه 536 )
( صفحه 537 )
فهرس المصادر
فهرس المصادر
ـ أحكام القرآن، لأحمد بن علي الرازي، الحنفي، المعروف بالجصّاص (305 ـ 370)، دار إحياء التراث العربي، بيروت، 1412هـ .
ـ الاحتجاج، لأبي منصور أحمد بن عليّ بن أبي طالب الطبرسي (من أعلام القرن السادس) دار الاُسوة، قم، الطبعة الثالثة، 1422هـ .
ـ أحكام النساء، لأبي عبدالله محمّد بن محمّد بن النعمان العكبري البغدادي، الملقَّب بالشيخ المفيد (336 ـ 413) دار المفيد، بيروت، الطبعة الثانية، 1414هـ .
ـ اختيار معرفة الرجال، المعروف بـ «رجال الكشي» لشيخ الطائفة أبي جعفر محمّد بن الحسن بن عليّ الطوسي (385 ـ 460) جامعة مشهد، 1348ش.
ـ إزاحة العلّة في معرفة القبلة، للشيخ سديد الدِّين أبي الفضل شاذان بن جبرئيل بن أبي طالب القمّي المدني (من أعلام القرن السادس) مركز نور الأنوار في إحياء بحار الأنوار، قم، الطبعة الاُولى، 1428هـ .
ـ إرشاد الأذهان إلى أحكام الإيمان، لأبي منصور الحسن بن يوسف بن عليّ بن المطهّر الأسدي، المعروف بالعلاّمة الحلّي (648 ـ 726) مؤسّسة النشر الإسلامي، قم، الطبعة الاُولى، 1410هـ .
ـ الإرشاد في معرفة حجج الله على العباد، لأبي عبدالله محمّد بن محمّد بن النعمان العكبري البغدادي، پالمعروف بالشيخ المفيد (336 ـ 412) مؤسّسة آل البيت (عليهم السلام) ، بيروت، الطبعة الثانية، 1414هـ .
ـ الاستبصار فيما اختلف من الأخبار، لشيخ الطائفة أبي جعفر محمّد بن الحسن بن عليّ الطوسي (385 ـ 460) دار الكتب الإسلاميّة، طهران، الطبعة الثالثة، 1390هـ .