(الصفحة 122)مضغة أو علقة إن تحقّق أنّه حمل(1) .
لا يتحقّق إلاّ بآخر صيغة ، والمفروض تحقّق اليأس غير الموجب للعدّة حينئذ ، فالمتّجه عدم الإعتداد بخلاف الصورة الاُخرى ، فتدبّر جيّداً .1 ـ الأصل في ذلك قوله تعالى في الآية المتقدّمة
{وَأُولاَتُ الأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ}(1) ويدلّ عليه الروايات الكثيرة ، مثل :
صحيحة زرارة ، عن أبي جعفر(عليه السلام)قال : طلاق الحامل واحدة ، فإذا وضعت ما في بطنها فقد بانت منه(2) .
وغير ذلك من الروايات ، التي جمعها في الوسائل في الباب التاسع من أبواب العدد .
والظاهر أنّ عدّة الحامل وضع الحمل دون الأقراء والأشهر كما هو المشهور(3)شهرة محقّقة ، وعن الصدوق(4) وابن حمزة(5) امتدادها بأقرب الأجلين منهما ومن الوضع ، وقد استدلّ لهما:
بخبر أبي الصباح، عن أبي عبدالله(عليه السلام) قال: طلاق الحامل واحدة، وعدّتها أقرب الأجلين(6).
وصحيحة الحلبي ، عن أبي عبدالله(عليه السلام)قال : طلاق الحُبلى واحدة ، وأجلها أن
- (1) سورة الطلاق: 65 / 4 .
- (2) الفقيه: 3 / 329 ح1593 ، الوسائل: 22 / 193 ، كتاب الطلاق ، أبواب العدد ب9 ح1 .
- (3) الحدائق الناضرة: 25 / 447، جواهر الكلام: 32 / 252.
- (4) المقنع: 345 ـ 346 ، الفقيه: 3 / 329 ذح1593 .
- (5) الوسيلة: 325 .
- (6) الكافي: 6 / 81 ح2 ، الوسائل: 22 / 194 ، كتاب الطلاق ، أبواب العدد ب9 ح3 .
(الصفحة 123)
تضع حملها ، وهو أقرب الأجلين(1) .
وصحيحة أبي بصير قال : قال أبو عبدالله(عليه السلام) : طلاق الحامل الحُبلى واحدة ، وأجلها أن تضع حملها ، وهو أقرب الأجلين(2) .
وذكر أنّ هذه الروايات قاصرة عن معارضة غيرها من الكتاب(3) والسنّة(4)من وجوه ، سيّما بعد احتمالها إرادة أنّ وضع الحمل أقرب العدّتين; باعتبار إمكان حصوله بعد الطلاق بلحظة خصوصاً الأخيرين منها ، وهو غير الاعتداد بأقرب الأجلين ، بل لا معنى لغيره بعد إمكان أن يكون وضع الحمل أبعد الأجلين; لاحتمال التأخّر عن الثلاثة .
وكيف كان ، فالجمع بين قوله(عليه السلام) : «وأجلها أن تضع حملها» وبين قوله : «وهو أقرب الأجلين» لا يتحقّق إلاّ بما ذكر .
نعم ، في رواية أبي الصباح المتقدّمة: «وعدّتها أقرب الأجلين» فإنّ مقتضى إطلاقها انقضاء العدّة بالثلاثة إذا كان قبل الوضع ، ولكن موافقة الطائفة الاُولى مع الشهرة المحقّقة ـ التي هي أول المرجّحات في باب الخبرين المتعارضين ، كما حقّقناه في محلّه ـ توجب ترجيحها على الطائفة الثانية ، لو لم يكن الجمع الدلالي العقلائي ثابتاً بينهما ، كما لا يخفى .
هذا، ولكن ذكر في الجواهر: أنّ الإنصاف عدم خلوّ قول المخالف ـ الذي في رأسه الصدوق ـ عن قوّة; ضرورة كونه مقتضى الجمع بين الأدلّة كتاباً(5) وسنّةً; إذ منها ما
- (1) الكافي: 6 / 82 ح8 ، الوسائل: 22 / 195 ، كتاب الطلاق ، أبواب العدد ب9 ح6 .
- (2) الكافي: 6 / 82 ح6 ، التهذيب: 8 / 128 ح441 ، الوسائل: 22 / 193 ، كتاب الطلاق ، أبواب العدد ب9 ح2 .
- (3) سورة الطلاق: 65 / 4 .
- (4) الوسائل: 22 / 193 ـ 196، كتاب الطلاق ، أبواب العدد ب9.
- (5) سورة البقرة: 2 / 228 ، سورة الطلاق: 65 / 4 .
(الصفحة 124)
دلّ على اعتداد المطلّقة بالثلاثة(1) ، ومنها ما دلّ على اعتداد الحامل مطلّقة كانت أو غيرها بالوضع(2) ، فيكون أيّهما سبق يحصل به الاعتداد ، نحو ما سمعته في الثلاثة أشهر والأقراء ، بعد القطع بعدم احتمال كون كلّ منهما عدّة في الطلاق; كي يتوجّه الاعتداد حينئذ بأبعدهما .
وأمّا الصحيحان ، فالمراد منهما الاعتداد بالوضع حال كونه أقرب الأجلين ، فالجملة حالية ، فيوافقان الخبر الأوّل ، بل جعلها مستأنفةً لا حاصل له; ضرورة كون الموجود في الخارج منه كلاًّ من الأقرب والأبعد ـ إلى أن قال : ـ وكأنّ هذا هو الذي دعا المتأخّرين إلى الاطناب بفساد قول الصدوق ، وأنّه في غاية الضعف ، إلاّ أنّ الإنصاف خلافه ، إلى آخره(3) .
أقول : إنّ وقوع قوله تعالى :
{وَأُولاَتُ الأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَن يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} في سورة الطلاق،مسبوقاً ـ وكذا ملحوقاً ـ بالآيات(4)المرتبطةبالطلاقيوجب كون الطلاق هوالقدر المتيقّن من هذا القول، فهذه الآية مخصّصة لقوله تعالى :
{وَالمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ ثَلاَثَةَ قُرُوء}(5) ويوجب اختصاصها بغيرها ، كما أنّ قوله تعالى :
{ وَاللاَّئِى يَئِسْنَ مِنَ المـَحِيضِ مِن نِسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلاَثَةُ أشْهُر}(6) مخصّص لذلك القول ، ولا يبعد أن يقال : إنّ المراد بالحامل في الطائفة الثانية من ظهر حملها وبان ، خصوصاً مع التوصيف بالحبلى أيضاً ، والظاهر أنّ الفصل بين
- (1) الوسائل: 22 / 198 ، كتاب الطلاق ، أبواب العدد ب12 .
- (2) الوسائل: 22 / 193 ـ 196 ، كتاب الطلاق ، أبواب العدد ب9 .
- (3) جواهر الكلام: 32 / 253 ـ 254 .
- (4) سورة الطلاق: 65 / 1 ـ 6 .
- (5) سورة البقرة: 2 / 228 .
- (6) سورة الطلاق: 65 / 4 .
(الصفحة 125)مسألة 6 : إنّما تنقضي العدّة بالوضع إذا كان الحمل ملحقاً بمن له العدّة ، فلا عبرة بوضع من لم يلحق به في انقضاء عدّته ، فلو كانت حاملا من زنا قبل الطلاق أو بعده لم تخرج منها به ، بل يكون انقضاؤها بالأقراء والشهور كغير الحامل ، فوضع الحمل لا أثر له أصلا . نعم ، إذا حملت من وطء الشبهة قبل الطلاق أو بعده بحيث يلحق الولد بالواطئ لا بالزوج ، فوضعه سبب لانقضاء العدّة بالنسبة إليه لا الزوج المطلّق(1) .
ظهور الحمل والوضع أقلّ من ثلاثة أشهر; لعدم تحقّق القرء في الحامل نوعاً ، وعليه فلا تكون الجملة حاليّة ، كما هو خلاف الظاهر جدّاً ، بل الأقربية حينئذ متحقّقة في جميع الموارد ، وإن كان الجمع الدلالي بالنحو المذكور غير ممكن عند العقلاء ، فالترجيح مع الطائفة الموافقة للمشهور كما ذكرنا .
ثم إنّه قد ظهر ممّا ذكرنا أنّ انقضاء عدّة الحامل بأن تضع حملها ، ولو بعد الطلاق بلحظة ، ولا فرق في الولد بين أن يكون تامّاً أو غير تام ، فإذا كان مضغة يكون الحكم كذلك ، وأمّا في صورة العلقة فالحكم أيضاً كذلك إذا تحقّق أنّها حمل .
ففي موثّقة عبد الرحمن بن الحجّاج ، عن أبي الحسن(عليه السلام) قال : سألته عن الحبلى إذا طلّقها زوجها ، فوضعت سقطاً تمّ أو لم يتمّ ، أو وضعته مضغة؟ فقال : كلّ شيء يستبين أنّه حمل تمّ أو لم يتمّ ، فقد انقضت عدّتها وإن كان مضغة(1) .1 ـ إنّما تنقضي العدّة بالوضع إذا كان الحمل ملحقاً بمن له العدّة من الزوج المطلّق مثلا ، وإن انتفى عنه باللّعان بناءً على عدم انتفاء نسبه به ، وإن انتفت أحكام الولد شرعاً عنه ، ولا يبعد دعوى الانصراف في الكتاب(2)
- (1) الكافي: 6 / 82 ح9 ، الوسائل: 22 / 197 ، كتاب الطلاق ، أبواب العدد ب11 ح1 .
- (2) سورة الطلاق: 65 / 4 .
(الصفحة 126)مسألة 7 : لو كانت حاملا باثنين فالأقوى عدم البينونة إلاّ بوضعهما ، فللزوج الرجوع بعد وضع الأوّل ، لكن لا ينبغي ترك الاحتياط ، ولا تنكح زوجاً إلاّ بعد وضعهما(1) .
والسنّة(1) عن غير الحمل الملحق بمن له العِدّة ، فلو كانت حاملا من زنا قبل الطلاق أو بعده ، مع العلم بكون الحمل من زنا لم تخرج من العدّة بالوضع ، بل يكون انقضاؤها بالأقراء والشهور كغير الحامل ، فوضع الحمل لا أثر له . نعم ، فيما إذا كان الحمل من وطء الشبهة قبل الطلاق أو بعده ، بحيث كان الولد ملحقاً بالواطئ دون الزوج ، فوضع الحمل وإن كان سبباً لانقضاء العدّة ، إلاّ أنّ انقضاء العدّة انّما يلاحظ بالإضافة إلى الواطئ دون الزوج المطلّق ، وتظهر الثمرة في جواز وطء الزوج بعد الوطء بالشبهة وعدم الجواز للواطئ بها; لأنّ العدّة بالنسبة إليه بائنة ، وبعد الانقضاء يصير خاطباً من الخطّاب إذا انقضت عدّة الطلاق ، وإن كان الولد ملحقاً بالواطئ بالشبهة ، لو لم يمكن لحوقه بالزوج ، كما إذا كان الزوج غائباً مدّة طويلة لا يمكن اللحوق به شرعاً ، فوطء الشبهة وإن كان غير محرّم ، والولد وإن كان ملحقاً بالواطئ في جميع الأحكام والآثار ، مع عدم إمكان اللحوق بالزوج ، والعدّة فيه وإن كانت بائنة ، ضرورة أنّها أجنبية عن الواطئ شرعاً ، بل هو بعد انقضاء عدّة الطلاق وانقضاء عدّة الوطء كواحد من الخطّاب ، إلاّ أنّه لا يوجب صيرورته كولد الزوج والحمل من وطئه في جميع الآثار والأحكام ، كما عرفت في المثال .1 ـ قال المحقّق في الشّرائع : ولو كان حملها اثنين بانت بالأوّل ، ولم تنكح إلاّ بعد
- (1) الوسائل: 22 / 193 ـ 196 ، كتاب الطلاق ، أبواب العدد ب9 .