(الصفحة 277)
كتاب
الإيـلاء
(الصفحة 278)
(الصفحة 279)كتاب الإيلاء
وهو الحلف على ترك وطء الزوجة الدائمة المدخول بها أبداً أو مدّة تزيد على أربعة أشهر للإضرار بها ، فلا يتحقّق بغير القيود المذكورة وإن انعقد اليمين مع فقدها ، ويترتّب عليه آثاره إذا اجتمع شروطه(1) .
1 ـ وهو لغةً : الحلف من آلوت أي قصرت ، يقال : آلى يولي إيلاء ، والاسم الأليّة والألوة والجمع الأيا ، مثل: عطيّة وعطايا ، وكذا يقال : أئتلى يأتلي ائتلاءً ، ومنه قوله تعالى :
{وَلاَ يَأْتَلِ أُوْلُوا الْفَضْلِ مِنكُمْ وَالسَّعَةِ أَن يُؤْتُوا أُوْلِى الْقُرْبَى وَالْمَسَاكِينَ}(1) .
وشرعاً هو المعنى المذكور في المتن ، وقد كان طلاقاً في الجاهلية كالظهار ، فغيّر الشارع حكمه وجعل له أحكاماً ، والأصل فيه قوله تعالى :
{ لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِن نِسَائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُر فَإِن فَاءُو فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ* وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلاَقَ فَإِنَّ اللهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ}(2) .
- (1) سورة النور: 24 / 22 .
- (2) سورة البقرة: 2 / 226 ـ 227 .
(الصفحة 280)مسألة 1 : لا ينعقد الإيلاء كمطلق اليمين إلاّ باسم الله تعالى المختصّ به أو الغالب إطلاقه عليه ، ولا يعتبر فيه العربية ، ولا اللفظ الصريح في كون المحلوف عليه ترك الجماع في القبل ، بل المعتبر صدق كونه حالفاً على ترك ذلك العمل بلفظ له ظهور فيه ، فيكفي قوله: «لا أطأك» أو «لا أجامعك» أو «لا أمسّك» ، بل وقوله: «لا جمع رأسي ورأسك وسادة أو مخدّة» إذا قصد به ترك الجماع(1) .
وكيف كان ، فإن كان الحلف المزبور مع القيود المذكورة والخصوصيات المزبورة فهو الإيلاء ، الذي يترتّب عليه أحكام خاصة وستجيء إن شاء الله ، وإن لم يكن فينعقد يميناً مع وجود شرطه ، ويترتّب عليه أحكامه لا أحكام الإيلاء . وقد يورد عليه بأنّ انعقاده يميناً يتوقّف على القصد; لأنّه قصد به الإيلاء «فما وقع لم يقصد وما قصد لم يقع» ولكنّه مدفوع بأنّ الإيلاء نوع من اليمين لا أنّه مغاير له ، والفرق بينهما إنّما هو في الخصوصيات المعتبرة في الإيلاء; وعمدتها إمكان تعلّقه بالمباح الذي يتساوى طرفاه بل المرجوح ، فضلا عن أولويّة المتعلّق دون مطلق اليمين واشتراكهما في أصل الايقاعية وعدم ثبوت العبادية ، مضافاً إلى أنّه قد ذكره غير واحد من الأصحاب(1) بل أرسلوه إرسال المسلّمات ، وأيضاً قد اكتفى الأصحاب فيه بكلّ لسان مع اشتراط العربيّة للقادر في غيره من العقود والإيقاعات ، وهذا أيضاً دليل على أنّ الشارع لم يتصرّف في حقيقة الإيلاء وماهيّته ، بل غيّر بعض أحكامه على ما سيأتي في المسائل الآتية إن شاء الله تعالى .1 ـ حيث إنّ الإيلاء قسم من الحلف واليمين فلا ينعقد كمطلقه إلاّ باسم الله تعالى
- (1) الروضة البهية: 6 / 147 ، رياض المسائل: 7 / 466 ، جواهر الكلام: 33 / 297 .
(الصفحة 281)
المختص به أو الغالب إطلاقه عليه ، وقد نفي وجدان الخلاف فيه في الجواهر(1) ، وفي صحيحة محمد بن مسلم قال: قلت لأبي جعفر(عليه السلام): قول الله عزّوجلّ :
{وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى }(2)
{وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى}(3) وما أشبه ذلك ، قال : إنّ لله أن يقسم من خلقه بما يشاء ، وليس لخلقه أن يقسموا إلاّ به(4) .
وفي صحيحة الحلبي ، عن أبي عبدالله(عليه السلام) قال : لا أرى أن يحلف الرجل إلاّ بالله ، الحديث(5) .
وفي صحيحته الاُخرى، قول أبي عبدالله(عليه السلام) : أيّما رجل آلى من امرأته ـ والإيلاء أن يقول: والله لا أجامعكِ كذا وكذا ، والله لأغيظنّكِ ، ثمّ يغاضبها ـ فإنّه يتربّص به أربعة أشهر ، الحديث(6) .
وغير ذلك ممّا يدلّ عليه ، وعليه فلا يقع لو كان الحلف بالكعبة أو القرآن أو النبيّ أو أحد الأئمّة(عليهم السلام) . نعم لا ينحصر بلفظ الجلالة على ما يوهمه بعض الروايات المتقدّمة ، بل يقع بكلّ اسم له تعالى المختصّ به أو الغالب ، كما أنّه لا ينحصر باللغة العربية على ما ذكرنا . نعم لابدّ وأن يكون مع القصد المعتبر في سائر الإيقاعات أيضاً ، كما أنّه لا يعتبر فيه الصراحة ، بل يكفي الظهور العقلائي المعتبر كما في سائر المقامات، حيث إنّ الإفادة والإستفادة في الأكثر مبنيّتان على الظهور، فيكفي لاأطأك
- (1) جواهر الكلام: 33 / 298 .
- (2) سورة الليل: 92 / 1 .
- (3) سورة النجم: 53 / 1 .
- (4) الكافي: 7 / 449 ح1 ، التهذيب: 8 / 277 ح1009 ، الوسائل: 22 / 343 ، كتاب الإيلاء والكفّارات ، أبواب الإيلاء ب3 ح1 .
- (5) الكافي: 7 / 449 ح2 ، الوسائل: 22 / 343 ، كتاب الإيلاء والكفّارات ، أبواب الإيلاء ب3 ح2 .
- (6) الفقيه: 3 / 339 ح1634 ، الوسائل: 22 / 341 ، كتاب الإيلاء والكفّارات ، أبواب الإيلاء ب1 ح1 .