(الصفحة 459)مسألة 3 : لو نكح المريض في مرضه ، فإن دخل بها أو برأ من ذلك المرض يتوارثان ، وإن مات في مرضه ولم يدخل بطل العقد ولا مهر لها ولا ميراث ، وكذا لو ماتت في مرضه ذلك المتصل بالموت قبل الدخول لا يرثها ، ولو تزوّجت وهي مريضة لا الزوج فماتت أو مات يتوارثان ، ولا فرق في الدخول بين القبل والدبر ، كما أنّ الظاهر أنّ المعتبر موته في هذا المرض قبل البرء لا بهذا ، فلو مات فيه بعلّة اُخرى لا يتوارثان أيضاً ، والظاهر عدم الفرق بين طول المرض وقصره ، ولو كان المرض شبه الأدوار بحيث يقال بعدم برئه في دور الوقوف ، فالظاهر عدم التوارث لو مات فيه ، والأحوط التصالح(1) .
ولازمها ثبوت التوارث بينهما من جهة الزوجية ، ولا وجه للتوارث أو الإرث من هذه الجهة من ناحية شخصين ، كما لا يخفى .
ج : أن لا يبرأ الزوج من مرضه الذي طلّقها فيه ، فلو بَرِئ منه ثمّ مرض ولو بمثل المرض الأوّل ، فلا ترث منه في العدّة البائنة ولو قبل مضي السنة ، ما لم يكن عروضه ثانياً كاشفاً عن عدم برئه كاملا ، وإلاّ ففي صورة الكشف يجري الحكم المتقدّم ولو بمعونة الاستصحاب التعليقي ، كما أنّه من الواضح أنّ محلّ البحث ما إذا كان الطلاق بائناً ، وأمّا إذا كان الطلاق رجعياً ولم تمض عدّتها فالتوارث ثابت ، وإن كان المرض جديداً لا كاشفاً عن عدم برء المرض السابق ، ووجهه ظاهر . وينبغي التنبيه على أمر; وهو أنّه لو ماتت الزوجة في مرضه المستمر قبل تمام السنة لا يرث الزوج منها ، إلاّ في خصوص العدّة الرجعية على ما عرفت .1 ـ لو نكح المريض في مرضه ، فثبوت التوارث بين الزوجين مشروط بالدخول بها أو البرء من ذلك المرض ، فلو تحقّق الموت في مرضه مع عدم الدخول
(الصفحة 460)
بطل العقد ، ولا مهر لها ولا ميراث .
ففي رواية زرارة ، عن أحدهما(عليهما السلام) قال : ليس للمريض أن يطلّق ، وله أن يتزوّج ، فإن هو تزوّج ودخل بها فهو جائز ، وإن لم يدخل بها حتّى مات في مرضه فنكاحه باطل ، ولا مهر لها ولا ميراث(1) .
وفي صحيحة عبيد بن زرارة قال : سألت أبا عبدالله(عليه السلام)عن المريض ، أله أن يطلّق؟ قال : لا ، ولكن له أن يتزوّج إن شاء ، فإن دخل بها ورثته ، وإن لم يدخل بها فنكاحه باطل(2) .
وفي رواية أبي ولاّد الحنّاط قال : سألت أبا عبدالله(عليه السلام) عن رجل تزوّج في مرضه ، فقال : إذا دخل بها فمات في مرضه ورثته ، وإن لم يدخل بها لم ترثه ونكاحه باطل(3) .
وصرّح بعضهم بأنّ المراد ببطلان العقد في الروايات عدم لزومه على وجه يترتّب عليه جميع أحكامه حتّى بعد الموت من الميراث والعدّة ، لا البطلان وعدم الصحّة حقيقة ، وإلاّ لزم عدم جواز وطئه لها في المرض بذلك العقد ، خصوصاً بعدما كان مقتضى الأصل العدم ، بل زاد بعضهم أنّه لو كان كذلك لزم الدور; لتوقّف جواز الوطء على الصحّة وهي عليه على ما هو المفروض .
وأجاب عنه في الجواهر : بأنّه يمكن أن يكون ذلك على جهة الكشف ، بمعنى أنّه إن حصل الدخول علم صحّة النكاح من أوّل الأمر ، وإلاّ انكشف فساده كذلك ،
- (1) الوسائل : 26 / 232 ، أبواب ميراث الأزواج ب18 ح3 .
- (2) الوسائل : 26 / 232 ، أبواب ميراث الأزواج ب18 ح2 .
- (3) الوسائل : 26 / 231 ، أبواب ميراث الأزواج ب18 ح1 .
(الصفحة 461)مسألة 4 : إن تعدّدت الزوجات فالثمن مع وجود الولد فالربع مع عدمه يقسّم بينهنّ بالسّوية ، فلهنّ الربع أو الثمن من التركة ، ولا فرق في منع الولد عن نصيبها الأعلى بين كونه منها أو من غيرها ، أو كان من دائمة أو منقطعة ، ولا بين كونه بلا واسطة أو معها ، والزوجة المطلّقة حال مرض الموت شريكة في الربع أو الثمن مع الشرائط المتقدّمة(1) .
وله الوطء بالعقد الصادر لظاهر النصوص وغيرها(1) .
وظهر ممّا ذكرنا أنّه لو ماتت الزوجة في مرض موت الزوج قبل تحقّق الدخول ، لا يرث الزوج منها لفرض عدم الدخول ، ولو كانت الزوجة مريضة دون الزوج فماتت أو مات يتوارثان .
وقد استظهر في المتن أنّ المعتبر موته في هذا المرض قبل البرء لا بهذا ، فلو مات فيه بعلّة اُخرى لا يتوارثان أيضاً ، والسرّ فيه أنّ كلمة «في» في قوله : «مات في مرضه» هل هي للظرفية أو السببية ، واستظهار المتن مبنيّ على الأوّل وهو مشكل جدّاً . والظاهر أنّه لا فرق بين طول المرض وقصره ، نعم لو كان طويلا جدّاً خصوصاً إذا لم يكن مانعاً عن المشي ونحوه فيه إشكال ، كمرض السلّ والسرطان الشائع في هذا الزمان ، الذي يطول دوره . ولو كان المرض شبه الأدوار فظاهر المتن التفصيل بين ما إذا صدق البرء في دور الوقوف وعدمه ، فعلى الأوّل الظاهر ثبوت التوارث وعلى الثاني الأحوط التصالح ، والوجه في كليهما واضح .1 ـ إنّ فرض الزوجة مع عدم الولد للزوج وهو الربع ، وكذا فرضها مع وجود الولد له وهو الثمن لا يتغيّر بين صورة تعدّد الزوجات وعدمه ، فإنّه مع فرض التعدّد
- (1) جواهر الكلام : 39 / 221 .
(الصفحة 462)
يقسّم الربع أو الثمن بين المتعدّدة بالتساوي ، كما يستفاد ذلك من الكتاب العزيز(1) ، ومن رواية أبي عمر العبدي ، عن علي بن أبي طالب(عليه السلام) في حديث ، أنّه قال : ولا يزاد الزوج على النصف ولا ينقص من الربع ، ولا تزاد المرأة على الربع ولا تنقص من الثمن ، وإن كنّ أربعاً أو دون ذلك فهنّ فيه سواء ـ إلى أن قال الفضل الواقع في سند الحديث : ـ وهذا حديث صحيح على موافقة الكتاب(2) .
غاية الأمر أنّه لابدّ من ملاحظة جهات متعدّدة في المجال ، وهو أنّ اختلاف فرض الزوجة من جهة وجود الولد للزوج وعدمه ، سواء كان الولد منها أو من غيرها من الزوجات الاُخر ، كما أنّه لا فرق بين كون الولد من زوجة دائمة أو منقطعة . نعم قد عرفت(3) أنّه في النكاح المنقطع لا توارث بين الزوجين في صورة الإطلاق وعدم الاشتراط ، بل في صورة الاشتراط على إشكال على ما مرّ ، ولكنّ الكلام هنا في مقدار فرض الزوجة الوارثة مع ثبوت الولد من النكاح المنقطع ، وكذلك لا فرق بين كون الولد بلا واسطة أو معها ، فإنّ الولد وإن نزل يحجب الزوجة وكذا الزوج عن النصيب الأعلى إلى الأدنى ، كما مرّ في حجب النقصان(4) .
وقد عرفت أيضاً أنّ الزوجة المطلّقة في حال مرض الموت شريكة مع الاُخريات في الربع أو الثمن مع الشرائط والخصوصيات المتقدّمة آنفاً .
نعم ، هنا كلام وهو أنّ ثبوت الربع أو الثمن بالإضافة إلى الزوجة هل هو من الجميع أو البعض؟ وسيأتي البحث فيه إن شاء الله تعالى في المسألة الآتية ، فانتظر .
- (1) سورة النساء : 4 / 12 .
- (2) الوسائل : 26 / 196 ، أبواب ميراث الأزواج ب2 ح1 .
- (3) في ص457 ـ 459 .
- (4) في ص355 .
(الصفحة 463)مسألة 5 : يرث الزوج من جميع تركة زوجته من منقول وغيره ، وترث الزوجة من المنقولات مطلقاً ، ولا ترث من الأراضي مطلقاً لا عيناً ولا قيمةً سواء كانت مشغولةً بالزرع والشجر والبناء وغيرها أم لا ، وترث القيمة خاصّة من آلات البناء كالجذوع والخشب والطوب ونحوها ، وكذا قيمة الشجر والنخل من غير فرق بين أقسام البناء كالرحى والحمّام والدكّان والإصطبل وغيرها ، وفي الأشجار بين الصغيرة والكبيرة واليابسة التي معدّة للقطع ولم تقطع والأغصان اليابسة ، والسعف كذلك مع اتصالها بالشجر(1) .
1 ـ هذه هي المسألة المعروفة ، وهي مسألة إرث الزوجة التي هي معركة للآراء والنظرات ومورد للفتاوى والأقوال ، ولنبسط الكلام فيها إن شاء الله تعالى ، كما أنّه قد صنّف فيها رسائل مستقلّة وكتب خاصّة ليكون بمنزلة رسالة وجيزة في هذا المجال .
فنقول : ـ وعلى الله الاتّكال في جميع الأحوال ، ومن الله أستمدّ لإراءَة طريق الصواب من الضلال ، فإنّه من المزالّ سيّما مع عموم الابتلاء به في كلّ زمان من الماضي والحال والاستقبال ـ الظاهر أنّه لا خلاف بين المسلمين في أنّ الزوج كسائر الورثة غير الزوجة يرث من جميع ما تركته زوجته من أرض وبناء وغيرهما عيناً ، ولا خلاف معتدّ به بيننا في أنّ الزوجة في الجملة محجوبة ولا ترث من بعض تركة زوجها ، بل في محكي الإنتصار : ممّا انفردت به الإمامية حرمان الزوجة من أرباع الأرض(1) ، بل عن الخلاف(2) والسرائر(3) الإجماع على حرمانها من العقار . نعم
- (1) الانتصار : 301 .
- (2) الخلاف : 4 / 116 مسألة 131 .
- (3) السرائر : 3 / 258 ـ 259 .