(الصفحة 490)مسألة 6 : لو كان لشخص رأسان على صدر واحد ، أو بدنان على حقو واحد ، فطريق الاستعلام أن يوقظ أحدهما فإن انتبه دون الآخر فهما اثنان يورثان ميراث الاثنين ، وإن انتبها يورث إرث الواحد ، ثمّ إنّ لهذا الموضوع فروعاً كثيرة جدّاً سيالة في أبواب الفقه مذكور بعضها في المفصّلات(1) .
1 ـ لو كان لشخص رأسان على صدر واحد ، أو بدنان على حقو واحد ، فطريق الاستعلام على ما في المتن أن يوقظ أحدهما ، فإن انتبه دون الآخر فهما اثنان يرثان ميراث الاثنين ، وإن انتبها يورث إرث الواحد ، ويدلّ عليه :
رواية حريز ، عن أبي عبدالله(عليه السلام) قال : ولد على عهد أمير المؤمنين(عليه السلام) مولود له رأسان وصدران على حقو واحد ، فسئل أمير المؤمنين(عليه السلام) : يورث ميراث اثنين ، أو واحداً (واحد)؟ فقال : يترك حتّى ينام ، ثمّ يصاح به ، فإن انتبها جميعاً معاً كان له ميراث واحد ، وإن انتبه واحد ، وبقي الآخر نائماً ، يورّث ميراث اثنين(1) .
والرواية وإن كانت ضعيفة ، إلاّ أنّ استناد المشهور(2) إليها بل من غير خلاف ، جابر لضعفها .
وأمّا قوله تعالى :
{ مَا جَعَلَ اللهُ لِرَجُل مِن قَلْبَيْنِ فِى جَوْفِهِ}(3) فلا دلالة له على التعدّد مطلقاً; لما حكي عن الشيخ(قدس سره)في تبيانه(4) : ليس يمتنع أن يوجد قلبان في جوف واحد ، إذا كان ما يوجد بينهما يرجع إلى حيّ واحد ، إنّما التنافي أن يرجع ما يوجد منهما إلى حيّين .
- (1) الوسائل : 26 / 295 ، أبواب ميراث الخنثى ب5 ح1 .
- (2) المبسوط : 4 / 117 ، مسالك الافهام : 13 / 259 ، رياض المسائل : 9 / 199 ، جواهر الكلام : 39/ 298 .
- (3) سورة الأحزاب : 33 / 4 .
- (4) التبيان : 8 / 284 .
(الصفحة 491)
ثمّ إنّ الحكم في الرواية هل يختصّ بالميراث ، خصوصاً مع أنّ الشهرة المحقّقة الجابرة إنّما هي بالإضافة إليه ، أو يعمّ مطلقاً ، أو في بعض دون بعض؟ وجوه ، وقد ذكر في المتن أنّ لهذه المسألة فروعاً كثيرة في أبواب الفقه ، مثل : النكاح ، والشهادة والجناية ، والقصاص .
قال العلاّمة في محكي القواعد : أمّا التكليف فاثنان مطلقاً(1) ، وفي محكي كشف اللثام في شرح قول العلاّمة : أي يجب في الطهارة غسل الأعضاء جميعاً وفي الصلاة مثلا أن يصلّيا ، فلا يجزي فعل أحدهما عن فعل الآخر; ليحصل اليقين من الخروج عن العهدة ، وهل تجوز صلاة أحدهما منفرداً عن الآخر ، أو يكفي في الطهارة غسل أعضائه خاصّة؟ يحتمل البناء على الاختبار بالانتباه ، فإن اتّحدا لم يجز من باب المقدّمة ووجوب الاجتماع مطلقاً; لقيام الاحتمال وضعف الخبر واختصاصه بالإرث ، ثمّ علّل الوحدة في النكاح باتّحاد الحقو وما تحته ، وإن كان اُنثى فيجوز لمن يتزوّجها أن يتزوّج ثلاثاً اُخر ، لكن لابدّ في العقد من رضاهما وإيجابهما أو قبولهما(2) .
وبالتأمّل فيما ذكرنا يظهر النظر في جلّ كلامه ، خصوصاً مع ما عرفت من انجبار ضعف السند بعمل المشهور ، ومع أنّ المتفاهم عند العرف كون الطريق المذكور في الخبر طريقاً إلى الوحدة والتعدّد مطلقاً لا في خصوص باب الإرث ، نعم لو كان الحكم مخالفاً للقاعدة لكان اللاّزم الاقتصار على القدر المتيقّن ، ولم يكن مجال لإسراء الحكم إلى سائر الموارد ، فتدبّر جيّداً .
- (1) قواعد الاحكام : 2 / 187 .
- (2) كشف اللثام : 2 / 309 .
(الصفحة 492)
الفصل الثاني :
في ميراث الغرقى والمهدوم عليهم
مسألة 1 : لو مات اثنان بينهما توارث في آن واحد بحيث يعلم تقارن موتهما ، فلا يكون بينهما توارث ، سواء ماتا أو مات أحدهما حتف أنفه أو بسبب ، كان السبب واحداً أو لكلّ سبب ، فيرث من كلّ منهما الحيّ من ورّاثه حال موته ، وكذا الحال في موت الأكثر من اثنين(1) .مسألة2 : لو مات اثنان حتف أنف أو بسبب وشكّ في التقارن وعدمه ، أو علم عدم التقارن وشكّ في المتقدّم والمتأخّر ، فإن علم تاريخ أحدهما المعيّن
1 ـ لا شبهة في أنّه يعتبر في الإرث بقاء حياة الوارث عند موت المورّث ، حتّى يصلح أن يصير مالكاً للإرث ومنتقلا عنه بالموت ، فلو علم التقارن بين موتهما ، وعدم تأخّر موت أحدهما عن الآخر ولو بلحظة ، فلا يتحقّق التوارث بوجه، سواء ماتا أو مات أحدهما حتف أنفه أو مستنداً إلى سبب ، وسواء كان السبب واحداً أو متعدّداً ، ففي جميع الموارد يعتبر أن يكون الوارث حيّاً عند موت المورّث ولو بالحياة اليسيرة ، ولا فرق في ذلك بين اثنين أو أكثر منهما ، كما هو واضح لايخفى .
(الصفحة 493)يرث الآخر أي مجهول التاريخ منه دون العكس ، وكذا في أكثر من واحد ، ولا فرق في الأسباب كما تقدّم(1) .مسألة 3 : لو مات اثنان وشك في التقارن والتقدّم والتأخّر ولم يعلم التاريخ ، فإن كان سبب موتهما الغرق أو الهدم فلا إشكال في إرث كلّ منهما من الآخر ، وإن كان السبب غيرهما أيّ سبب كان ، أو كان الموت حتف أنف أو اختلفا في الأسباب ، فهل يحكم بالقرعة أو التصالح أو كان حكمه حكم الغرقى والمهدوم عليهم؟ وجوه ، أقواها الأخير ، وإن كان الاحتياط بالتصالح مطلوباً سيّما فيما كان موتهما أو موت أحدهما حتف أنف ، ويجري الحكم في موت الأكثر من اثنين(2) .
1 ـ لو مات اثنان حتف أنف أو بسبب ، فإن احتمل التقارن وشكّ فيه وعدمه ، أو علم بعدم التقارن وشكّ في المتقدّم والمتأخّر ، فإن علم تاريخ موت أحدهما المعيّن ، فمقتضى استصحاب بقاء حياة الآخر إلى بعد موته إرث الآخر ، الذي يكون تاريخ موته مجهولا دون العكس; لعدم إحراز حياته بعد موت المورّث ، لا بالاستصحاب ولا بغيره; لاحتمال تقدّم موته على حياة الآخر من دون فرق بين أن يكون كلاهما مجهولي التاريخ أو كان الوارث كذلك ، وكذا لا فرق في ذلك بين اثنين أو أكثر ، كما أنّه لا فرق بين الأسباب كما تقدّم ، إذ لا فرق في الجميع من هذه الجهة كما لايخفى .2 ـ لا شبهة في دلالة الروايات(1) المستفيضة بل المتواترة على ثبوت التوارث بين الغرقى بعضهم مع بعض ، وكذا بين المهدوم عليهم كذلك ، وكذا أنّه لا خلاف فيه
- (1) الوسائل : 26 / 307 ـ 308 ، أبواب ميراث الغرقى ب1 .
(الصفحة 494)
بل الإجماع(1) عليه على خلاف القاعدة ، التي تقتضي كون الشكّ في الشرط شكّاً في المشروط; لماعرفت من اعتبار إحراز حياة الوارث عندموت المورّث وهو مشكوك.
إنّما الكلام في اختصاص هذا الحكم المخالف للقاعدة بخصوص الغرقى والمهدوم عليهم ، أو أنّ هذين العنوانين في الروايات إنّما هو لأجل كون الغرق أو الهدم موجباً للتقارن أو الشكّ في المتقدّم والمتأخّر غالباً ، وأمّا في زماننا هذا الذي يكون موت أكثر من واحد شائعاً بسبب تصادم السيارات وسقوط الطائرات، أو كان الموت بسبب الحرق أو القتل وأمثال ذلك من الموارد ، يكون الحكم كالغرقى والمهدوم عليهم .
فالمحكي عن المشهور(2) : أنّهم اقتصروا في الحكم المزبور على خصوص الغرقى والمهدوم عليهم دون غيرهم . ولعلّه لأجل ما عرفت من أنّه يقتصر في الحكم المخالف للقاعدة على القدر المتيقّن ، وهما عنوانا الغرقى والمهدوم عليهم دون غيرهما ، خصوصاً إذا كان الموت حتف الأنف لا يبعد أن يقال بالوجه الثاني وإن كان مخالفاً للمشهور; لأنّ المتفاهم من العنوانين ليس إلاّ ما ذكر لا خصوصهما ، ولكن في المتن احتمل فيه وجوهاً ثلاثة ، وإن جعل الأقوى الأخير : القرعة ، والتصالح ، وجريان حكم الغرقى والمهدوم عليهم ، ثمّ قال : «وإن كان الاحتياط بالتصالح مطلوباً سيّما فيما إذا كان موتهما أو موت أحدهما حتف أنف» . ولا إشكال في حسن الاحتياط بالتصالح ، وإن كانت الاستفادة من الدليل ممكنة عند العرف المحكّم في هذه الموارد ، كما لايخفى .
- (1) الخلاف : 4 / 31 ـ 32 مسألة 23 ، مسالك الأفهام : 13 / 269 ، جواهر الكلام : 39 / 306 .
- (2) جواهر الكلام : 39 / 307 .