(الصفحة 134)مسألة 10: لو اتّفق الزوجان على إيقاع الطلاق ووضع الحمل واختلفا في المتقدّم والمتأخّر ، فقال الزوج: «وضعت بعد الطلاق فانقضت عدّتك» وقالت: «وضعت قبله وأنا في العدّة» أو انعكس ، لا يبعد تقديم قولها في بقاء العدّة والخروج منها مطلقاً من غير فرق بين ما لم يتّفقا على زمان أحدهما أو اتفقا عليه(1) .
لأنّها مدّعية والغالب حضور القوابل . ومنهم من كلّفها في الميت والسقط أيضاً; لأنّ ما نالها من العسر يمكنها من الإشهاد(1) .
وفي المسالك تقييد تصديقها في ذلك بالإمكان أيضاً ، قال : ويختلف الإمكان بحسب دعواها ، فإن ادّعت ولادة ولد تام ، فأقل مدّة تصدَّق فيها ستة أشهر ولحظتان من يوم النكاح; لحظة لإمكان الوطء ولحظة للولادة ، فإن ادّعت أقلّ من ذلك لم تصدّق(2) . إلى آخر ما قال . ولا بأس بهذا التقييد ، ضرورة أنّه مع عدم الإمكان شرعاً لا مجال لتصديقها الملازم لصورة الشك ، كما لا يخفى .1 ـ قد فرض في هذه المسألة فرضين بعد اتّفاق الزوجين على إيقاع الطلاق ووضع الحمل ، واختلافهما في المتقدّم والمتأخّر منهما :
أحدهما : ما لو قال الزوج: وضعت بعد الطلاق فانقضت عدّتك بالوضع بعده ، وقالت الزوجة: بل وضعتُ قبله وأنا في العدّة . وأنّه لا ارتباط بين الوضع وبين انقضاء العدّة ، بل انقضاؤها بأمر آخر لم يتحقّق بعد .
- (1) قواعد الاحكام: 2 / 66 .
- (2) مسالك الافهام: 9 / 195 .
(الصفحة 135)
ثانيهما: عكس ذلك، بأن ادّعت الخروج عن العدّة بالوضع بعد الطلاق ، وادّعى أنّ الوضع كان قبل الطلاق، ولاارتباط بين الوضع وبين انقضاءالعدّة،وفي كلا الفرضين نفى البعدعن تقديم قولها في بقاء العدّةوالخروج عنهامطلقاً، من غيرفرق بين ما إذا لم يتفقا على زمان احدهما أو اتفقا عليه ، وإن كان مقتضى القاعدة في صورة الاتفاق على زمان واحد تقديم قول من يدّعي التأخّر عن ذلك الزمان; لأنّه مقتضى أصالة تأخّر الحادث الموافقة لقول من يدّعي التأخّر ، وكذا في صورة عدم الاتفاق على زمان واحد يصير المورد من مصاديق مجهولي التاريخ ، إلاّ أنّ مقتضى الإطلاق في الروايتين المتقدّمتين في المسألة التاسعة السابقة ، الدالتين على أنّ أمر العدّة وجوداً وعدماً إنّما هو بيد النساء ، ثبوت ذلك في مثل المقام أيضاً ، فالأصل وإن كان مع الزوج في بعض الصور إلاّ أنّه لا مجال للأصل مع وجود الإطلاق ، كما لا يخفى .
ولكن عن الشيخ(1) وجماعة(2) أنّه لو اتّفقا في زمن الوضع واختلفا في زمن الطلاق فالقول قوله; لأنّه اختلاف في فعله ، بخلاف ما إذا اتفق الزوجان في زمن الطلاق واختلفا في زمن الوضع فإنّ القول قولها; لأنّه اختلاف في الولادة .
واستشكل المحقّق في الشرائع في المسألتين نظراً إلى أنّ الأصل عدم الطلاق وعدم الوضع(3) ، ولكن مقتضى الإطلاق المذكور تقديم قول الزوجة .
ودعوى أنّ الرجوع إليهنّ في العدّة لا يشمل المقام ، كما في الجواهر(4) غير مسموعة ، خصوصاً بملاحظة ما ذكرنا في المسألة السابقة ، فتدبّر جيّداً .
- (1) المبسوط: 5 / 241 .
- (2) الجامع للشرائع: 474 ، إرشاد الأذهان: 2 / 47 ، تحرير الأحكام: 2 / 71 ـ 72 .
- (3) شرائع الإسلام: 3 / 38 .
- (4) جواهر الكلام: 32 / 269 .
(الصفحة 136)مسألة 11 : لو طلّقت الحائل أو انفسخ نكاحها فإن كانت مستقيمة الحيض بأن تحيض في كلّ شهر مرّة كانت عدّتها ثلاثة قروء ، وكذا إذا تحيض في كلّ شهر أزيد من مرّة أو ترى الدم في كلّ شهرين مرّة ، وبالجملة كان الطهر الفاصل بين حيضتين أقلّ من ثلاثة أشهر ، وإن كانت لا تحيض وهي في سنّ من تحيض ـ إمّا لكونها لم تبلغ الحدّ الذي ترى الحيض غالب النساء وإمّا لانقطاعه لمرض أو حمل أو رضاع ـ كانت عدّتها ثلاثة أشهر ، ويلحق بها من تحيض ، لكن الطهر الفاصل بين حيضتين منها ثلاثة أشهر أو أزيد(1) .
1 ـ الأصل في هذه المسألة قوله تعالى :
{ وَالمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاَثَةَ قُرُوء}(1) بعد عدم الاختصاص بالمطلّقات ، وشموله لمن انفسخ نكاحها ، وبعد اختصاصها بالمطلّقات اللاّتي لها عدّة ، وتكون عدّتها غير وضع الحمل بمقتضى الآيات(2) والروايات(3) الدالة على هذا المعنى ، فتخرج المطلّقة اليائسة والصغيرة وغير المدخول بها ، وكذا تخرج أُولات الأحمال اللاتي أجلهنّ أن يضعن حملهنّ كما تقدّم(4) .
إنّما الكلام في معنى ثلاثة قروء ، وقد صرّح النص والفتوى بكون المراد في الآية الأطهار على كلّ حال ، أي سواء قلنا بأنّ لفظة القرء مشترك لفظاً أو معنى بين الحيض والطهر ، أو بكونه حقيقة في أحدهما مجازاً في الآخر ، كما أنّه لا فرق بين القول باختلاف معنى القرء بالفتح وبالضمّ، وأنّ الأوّل للحيضويجمع على «أقراء» ،
- (1) سورة البقرة: 2 / 228 .
- (2) سورة البقرة: 2 / 222 ، سورة الطلاق: 65 / 4 .
- (3) الوسائل: 22 / 175 ـ 210 ، كتاب الطلاق ، أبواب العدد ب1 ـ 16 .
- (4) في ص90 ـ 97 و122 ـ 125 .
(الصفحة 137)
والثاني الطهر ويجمع على «قروء» والقول باتحادهما .
امّا الروايات :
فمنها: صحيحة عمر بن اُذينة ، عن زرارة قال : قلت لأبي عبدالله(عليه السلام) : سمعت ربيعة الرأي يقول مِن رأيي أنّ الأقراء التي سمّى الله عزّ وجلّ في القرآن إنّما هو الطهر فيما بين الحيضتين ، فقال : كذب لم يقل برأيه ، ولكنّه إنّما بلغه عن عليّ(عليه السلام) . فقلت : أكان عليّ(عليه السلام) يقول ذلك؟ فقال : نعم إنّما القرء الطهر الذي يقرؤ فيه الدم فيجمعه ، فإذا جاء الحيض دفعه (دفقه خ ل)(1) .
ومنها: صحيحة محمد بن مسلم ، عن أبي جعفر(عليه السلام) قال : القرء ما بين الحيضتين(2) .
ومنها: ذيل صحيحة زرارة المتقدّمة ، عن أبي جعفر(عليه السلام) قال: قلت له : أصلحك الله رجل طلّق امرأته على طهر من غير جماع بشهادة عدلين ، فقال : إذا دخلت في الحيضة الثالثة فقد انقضت عدّتها ، وحلّت للأزواج . قلت له : أصلحك الله إنّ أهل العراق يروون عن عليّ(عليه السلام) أنّه قال : هو أحقّ برجعتها ما لم تغتسل من الحيضة الثالثة ، فقال : فقد كذبوا(3) .
ومنها : رواية زرارة الثالثة ، عن أبي جعفر(عليه السلام) قال : أوّل دم رأته من الحيضة
- (1) الكافي: 6/89 ح1، تفسير العياشي: 1/114 ح351، الوسائل: 22/201، كتاب الطلاق، أبواب العدد ب14 ح4.
- (2) الكافي: 6 / 89 ح3 ، التهذيب: 8 / 123 ح424 ، الاستبصار: 3 / 330 ح1174 ، الوسائل: 22 / 201 ، كتاب الطلاق ، أبواب العدد ب14 ح2 .
- (3) الكافي: 6 / 86 ح1 ، التهذيب: 8 / 123 ح426 ، الاستبصار: 3 / 327 ح1163 ، تفسير العياشي: 1 / 114 ح351 ، الوسائل: 22 / 204 ، كتاب الطلاق ، أبواب العدد ب15 ح1 .
(الصفحة 138)
الثالثة فقد بانت منه(1) .
ومنها : رواية زرارة الرابعة ، عن أبي جعفر(عليه السلام) قال : سمعته يقول : المطلّقة تبين عند أوّل قطرة من الدم في القرء الأخير(2) .
ومنها : موثّقة إسماعيل الجعفي ، عن أبي جعفر(عليه السلام) في الرجل يطلّق امرأته ، قال : هو أحقّ برجعتها ما لم تقع في الدّم الثالث(3) . إلى غير ذلك من الروايات(4) الكثيرة الدالّة على ذلك . ولكن في مقابلها ما يدلّ على أنّه أحقّ برجعتها ما لم تكمل الحيضة الثالثة مثل :
صحيحة محمد بن مسلم ، عن أبي جعفر(عليه السلام) في الرجل يطلّق امرأته تطليقة على طهر من غير جماع ، يدعها حتى تدخل في قرئها الثالث ، ويحضر غسلها ، ثم يراجعها ، ويشهد على رجعتها ، قال : هو أملك بها ما لم تحلّ لها الصّلاة(5) .
ومرسلة إسحاق بن عمّار ، عن أبي عبدالله(عليه السلام) قال : جاءت امرأة إلى عمر ، تسأله عن طلاقها ، فقال : إذهبي إلى هذا فاسأليه ـ يعني عليّاً(عليه السلام) ـ فقالت لعليّ(عليه السلام) : إنّ زوجي طلّقني ، قال : غسلت فرجك؟ فرجعت إلى عمر ، فقالت : أرسلتني إلى رجل يلعب ، فردّها إليه مرّتين ، كلّ ذلك ترجع فتقول: يلعب ، قال: فقال لها : انطلقي إليه ، فإنّه أعلمنا ، قال : فقال لها عليّ(عليه السلام): غسلت فرجك؟ قالت : لا ، قال :
- (1) الكافي: 6 / 87 ح6 ، الوسائل: 22 / 206 ، كتاب الطلاق ، أبواب العدد ب15 ح9 .
- (2) الكافي: 6 / 87 ح7 ، الوسائل: 22 / 206 ، كتاب الطلاق ، أبواب العدد ب15 ح10 .
- (3) الكافي: 6 / 87 ح8 ، الوسائل: 22 / 206 ، كتاب الطلاق ، أبواب العدد ب15 ح11 .
- (4) الوسائل: 22 / 201 ـ 210 ، كتاب الطلاق ، أبواب العدد ب14 ـ 15 .
- (5) التهذيب: 8 / 127 ح437 ، الاستبصار: 3 / 331 ح1777 ، الوسائل: 22 / 208 ، كتاب الطلاق ، أبواب العدد ب15 ح15 .