(الصفحة 482)الثاني : سبق البول من أحد الفرجين دائماً أو غالباً بنحو عدّ ما عداه كالمعدوم لو بال منهما ، فإن سبق ممّا للرجال يرث ميراث الذكر ، وإن سبق مما للنساء يرث ميراث الاُنثى .
الثالث : قيل : تأخّر الانقطاع من أحد الفرجين دائماً أو غالباً مع فقد الأمارة الثانية ، وفيه إشكال لا يترك الاحتياط بالتصالح مع فقد سائر الأمارات .
الرابع : عدّ الأضلاع ، فإن كان أضلاع جنبه الأيمن أكثر من الأيسر فهو من الرجال ويرث إرث الذكر ، وإن كانتا متساويتين يرث إرث الاُنثى(1) .
1 ـ المرجّحات المنصوصة اُمور متعدّدة :
الأوّل : أن يبول من أحد الفرجين دائماً أو غالباً ، بحيث يكون البول من غيره نادراً كالمعدوم ، وإلاّ ففي المتن أنّه محلّ إشكال ، فيرث على الفرج الذي يبول منه كذلك دائماً أو غالباً بالنحو المذكور .
ففي رواية داود بن فرقد ، عن أبي عبدالله(عليه السلام)قال : سئل عن مولود ولد وله قبل وذكر كيف يورث؟ قال : إن كان يبول من ذكره فله ميراث الذكر ، وإن كان يبول من القبل فله ميراث الاُنثى(1) .
وموثّقة طلحة بن زيد ، عن أبي عبدالله(عليه السلام) قال : كان أمير المؤمنين(عليه السلام) يورّث الخنثى من حيث يبول(2) .
ومرسلة ابن بكير ، عن أحدهما(عليهما السلام) في مولود له ما للذكر وله ما للاُنثى ، فقال : يورث من الموضع الذي يبول ، إن بال من الذكر ورث ميراث الذكر ، وإن بال من
- (1) الوسائل : 26 / 283 ، أبواب ميراث الخنثى ب1 ح1 .
- (2) الوسائل : 26 / 284 ، أبواب ميراث الخنثى ب1 ح2 .
(الصفحة 483)
موضع الاُنثى ورث ميراث الاُنثى . الحديث(1) .
الثاني : أن يسبق البول من أحد الفرجين دائماً أو غالباً بنحو عدّ ما عداه كالمعدوم ، وتدلّ عليه روايات ، مثل :
صحيحة هشام بن سالم ، عن أبي عبدالله(عليه السلام) ، قال : قلت له : المولود يولد ، له ما للرجال وله ما للنساء ، قال : يورث من حيث يبول ، حيث سبق بوله ، فإن خرج منهما سواء فمن حيث ينبعث ، فإن كانا سواء ورث ميراث الرجال وميراث النساء(2) .
ورواية إسحاق بن عمّار ، عن جعفر بن محمّد ، عن أبيه(عليهما السلام) : أنّ عليّاً(عليه السلام) كان يقول : الخنثى يورث من حيث يبول ، فإن بال منهما جميعاً فمن أيّهما سبق البول ورث منه ، فإن مات ولم يبل فنصف عقل المرأة ، ونصف عقل الرّجل(3) . وغير ذلك من الروايات(4) الدالّة عليه .
الثالث : قيل : تأخّر الإنقطاع عن أحد الفرجين دائماً أو غالباً مع فقد الأمارة الثانية; والقائل المحقّق في الشرائع(5) . وربّما ادّعي في الكتب القديمة والجديدة الإجماع عليه(6) ، وربما يقال : بأنّه المراد من الانبعاث في صحيحة هشام المتقدّمة بدعوى ملازمته بمعنى الثوران والقوّة والكثرة أو بمعنى الاسترسال .
- (1) الوسائل : 26 / 284 ، أبواب ميراث الخنثى ب1 ح3 .
- (2) الوسائل : 26 / 285 ، أبواب ميراث الخنثى ب2 ح1 .
- (3) الوسائل : 26 / 286 ، أبواب ميراث الخنثى ب2 ح2 .
- (4) الوسائل : 26 / 285 ـ 290 ، أبواب ميراث الخنثى ب2 .
- (5) شرائع الإسلام : 4 / 44 .
- (6) الخلاف : 4 / 106 مسألة 116 ، السرائر : 3 / 277 ، الغنية : 331 ، تحرير الأحكام : 2 / 174 ، مفاتيح الشرائع : 3 / 330 ، جواهر الكلام : 39 / 279 .
(الصفحة 484)
نعم ، في بعض النسخ «ينبت» بمعنى ينقطع ، وكذا يقال في المرسلة التي حكاها الكليني قال : وفي رواية اُخرى عن أبي عبدالله(عليه السلام) في المولود ، له ما للرجال ، وله ما للنساء يبول منهما جميعاً ، قال : من أيّهما سبق ، قيل : فإن خرج منها جميعاً؟ قال : فمن أيّهما استدرّ ، قيل : فإن استدرّا جميعاً؟ قال : فمن أبعدهما(1) .
نظراً إلى أنّ المراد بالأبعد ذلك; لأنّ المراد بأبعدهما هي الأبعدية من حيث الزمان ، وليس هو إلاّ الذي ينقطع أخيراً .
وأورد عليه في الجواهر : بأنّه كما ترى ضرورة ظهوره في إرادة الاستدرار الذي عقّبه بأبعدهما ، المنافي لإرادة الانقطاع أخيراً بعد إرادته من أبعدهما(2) ، ولعلّه لما ذكرنا استشكل الماتن في هذه العلامة ، ونهى عن ترك الاحتياط بالتصالح مع فقد سائر الأمارات .
الرابع : عدّ الأضلاع ، فإن كان أضلاع جنبه الأيمن أكثر من الأيسر فهو من الرجال ، وإن كانا متساويين فهو من النساء ، ويدلّ عليه مثل :
موثّقة السكوني ، عن جعفر ، عن أبيه(عليهما السلام) : أنّ علي بن أبي طالب(عليه السلام) كان يورث الخنثى ، فيعدّ أضلاعه ، فإن كانت أضلاعه ناقصة من أضلاع النساء وبضلع ورث ميراث الرجال ، لأنّ الرجل تنقص أضلاعه عن أضلاع النساء بضلع; لأنّ حوّاء خلقت من ضلع آدم القصوى اليسرى ، فنقص عن أضلاعه ضلع واحد(3) .
وبعض الروايات الاُخر ، كرواية شريح القاضي التي حكاها أبو جعفر(عليه السلام) قال : إنّ شريحاً القاضي بينما هو في مجلس القضاء ، إذ أتته امرأة فقالت : أيّها القاضي اقض
- (1) الوسائل : 26 / 284 ، أبواب ميراث الخنثى ب1 ح4 .
- (2) جواهر الكلام : 39 / 279 ـ 280 .
- (3) الوسائل : 26 / 287 ، أبواب ميراث الخنثى ب2 ح4 .
(الصفحة 485)
بيني وبين خصمي ، فقال لها : ومن خصمك ؟ قالت : أنت ، قال : أفرجوا لها ، فأفرجوا لها ، فدخلت ، فقال لها : وما ظلامتك؟ فقالت : إنّ لي ما للرجال وما للنساء ، قال شريح : فإنّ أمير المؤمنين(عليه السلام) يقضي على المبال ، قالت : فانّي أبول منهما جميعاً ، ويسكنان معاً ، قال شريح : والله ما سمعت بأعجب من هذا ، قالت : وأعجب من هذا ، قال : وما هو؟ قالت : جامعني زوجي فولدتُ منه ، وجامعتُ جاريتي فولدت منّي ، فضرب شريح إحدى يديه على الاُخرى متعجّباً ، ثمّ جاء إلى أمير المؤمنين(عليه السلام)فقصّ عليه قصّة المرأة ، فسألها عن ذلك ، فقالت : هو كما ذكر ، فقال لها : من زوجك؟ قالت : فلان ، فبعث إليه فدعاه ، فقال : أتعرف هذه المرأة ؟ فقال : نعم ، هذه زوجتي ، فسأله عمّا قالت ، فقال : هو كذلك ، فقال له(عليه السلام) : لأنت أجرأ من راكب الأسد حيث تقدم عليها بهذه الحال ، ثمّ قال : يا قنبر أدخلها بيتاً مع امرأة تعدّ أضلاعها ، فقال زوجها : يا أمير المؤمنين(عليه السلام) لا آمن عليها رجلا ، ولا أئتمن عليها امرأةً ، فقال علي(عليه السلام) : عليّ بدينار الخصيّ ، وكان من صالحي أهل الكوفة ، وكان يثق به ، فقال له : يا دينار أدخلها بيتاً ، وعرها من ثيابها ، ومرها أن تشدّ مئزراً ، وعدّ أضلاعها ، ففعل دينار ذلك ، فكان أضلاعها سبعة عشر : تسعة في اليمين ، وثمانية في اليسار ، فألبسها عليّ(عليه السلام)ثياب الرجال ، والقلنسوة ، والنعلين ، وألقى عليه الرداء ، وألحقه بالرجال ، فقال زوجها : يا أمير المؤمنين(عليه السلام) ابنة عمّي ، وقد ولدت منّي ، تلحقها بالرجال؟ فقال : إنّي حكمت عليها بحكم الله ، إنّ الله تبارك وتعالى خلق حوّاء من ضلع آدم الأيسر الأقصى ، وأضلاع الرجال تنقص ، وأضلاع النساء تمام(1) .
- (1) الوسائل : 26 / 288 ، أبواب ميراث الخنثى ب2 ح5 .
(الصفحة 486)
هذا ، ولكن المحقّق في الشرائع(1) ضعّف الرواية ، لكن في الجواهر : أنّ الشيخ نسبها في محكيّ الخلاف إلى رواية الأصحاب(2) ، وعن الحائريات أنّها مشهورة بين أهل النقل في أصحابنا(3) ، والمفيد رواها في المحكي عن إرشاده مسندة إلى الأصبغ ابن نباتة ، عن علي(عليه السلام)(4) والصدوق بطريق صحيح(5) ، بل عن الحلّي دعوى تواترها(6) (7) .
أقول : ويؤيّدها رواية السكوني المتقدّمة الموثقة ، مضافاً إلى دعوى الإجماع على طبقها من المفيد(8) والمرتضى (قدس سرهما)(9) . وإن قال المحقّق في الشرائع : والإجماع لم نتحقّقه(10) . لكن الظاهر أنّه لا محيص عن الأخذ بالرواية والفتوى على طبقها ، سواء كان الإجماع له أصالة ، أو كان مستنداً إلى الرواية ولم يكن له أصالة .
نعم ، ربّما يقال : بعدم تيسّر هذه العلامة غالباً على وجه تطمئنّ النفس بمعرفة ذلك خصوصاً في الجسم السّمين ، ولكن الكلام بعد تيسّره واطمئنان النفس كما لا يخفى .
- (1) شرائع الإسلام : 4 / 45 .
- (2) الخلاف : 4 / 106 مسألة 116 .
- (3) حكى عنه في السرائر : 3 / 282 .
- (4) إرشاد المفيد: 1/213 ـ 214 .
- (5) الفقيه : 4 / 238 ح762 .
- (6) السرائر : 3 / 281 .
- (7) جواهر الكلام : 39 / 284 .
- (8) الإعلام بما اتّفقت عليه الإماميّة من الأحكام : 62 ، المطبوع في ضمن سلسلة مؤلّفات الشيخ المفيد : 9 .
- (9) الانتصار : 306 .
- (10) شرائع الإسلام : 4 / 45 .