(الصفحة 284)مسألة 3 : الأقوى أنّ الأشهر الأربعة التي ينظر فيها ، ثم يُجبر على أحد الأمرين بعدها هي من حين الرفع إلى الحاكم(1) .مسألة 4 : يزول حكم الإيلاء بالطلاق البائن ، وإن عقد عليها في العدّة بخلاف الرجعي فإنّه وإن خرج بذلك عن حقّها فليست لها المطالبة والترافع إلى الحاكم ، لكن لا يزول حكم الإيلاء إلاّ بانقضاء عدّتها ، فلو راجعها في العدّة عاد
والرواية المتقدّمة شارحة لهذه الرواية من جهة أنّ المراد ليس المنع من الطعام والشراب مطلقاً بل العادي منهما ، ومفسّرة بهذه الرواية من جهة عدم خصوصية للربع بعنوانه ، كما لا يخفى .
ومرسلة الصدوق قال: وروي أنّه إن فاء ـ وهو أن يراجع إلى الجماع ـ وإلاّ حبس في حظيرة من قصب ، وشدّد عليه في المأكل والمشرب حتى يُطلّق(1) .1 ـ ظاهر الآية الشريفة المتقدّمة ، الواردة في الإيلاء(2) كون التربّص من حين الرفع إلى الحاكم لا من حين الإيلاء ، وإن كان ربّما يتوهّم ذلك; لأنّها دالّة على لزوم التربّص في المدّة المذكورة مطلقاً وهو لا يجتمع إلاّ مع ما ذكر ، وإلاّ فيلزم عدم لزوم التربّص إذا كان الرفع إليه بعد المدّة المذكورة .
هذا ، مضافاً إلى دلالة بعض الروايات(3) على أنّه يوقف بعد سنة ، وعلى لزوم مضي أربعة أشهر وإن لم يوقفه عشر سنين فهي امرئته ، كما لايخفى .
- (1) الفقيه: 3 / 339 ح1635 ، الوسائل: 22 / 354 ، كتاب الإيلاء والكفّارات ، أبواب الإيلاء ب11 ح4 .
- (2) في ص279 .
- (3) الوسائل: 22 / 347 ـ348 ، كتاب الإيلاء والكفّارات ، أبواب الإيلاء ب8 ح2 و 4 .
(الصفحة 285)إلى الحكم الأوّل ، فلها المطالبة بحقّها والمرافعة(1) .مسألة 5 : متى وطأها الزوج بعد الإيلاء لزمته الكفارة سواء كان في مدّة التربّص أو بعدها أو قبلها ، لأنّه قد حنث اليمين على كلّ حال وإن جاز له هذا الحنث ، بل وجب بعد انقضاء المدّة ومطالبتها وأمر الحاكم به تخييراً ، وبهذا يمتاز هذا الحلف عن سائر الأيمان ، كما أنّه يمتاز عن غيره بأنّه لا يعتبر فيه ما يعتبر في غيره من كون متعلّقه مباحاً تساوى طرفاه ، أو كان راجحاً ديناً أو دنياً(2).
1 ـ لو طلّق الزوجة التي وقع إيلاؤها ، فالظاهر أنّه إن كان الطلاق رجعيّاً ولازمه كون حقّ الرجوع بيد الزوج يصير الزوج المؤلي خارجاً عن حقّها ، فليست لها المطالبة والترافع إلى الحاكم ، لكن زوال حكم الإيلاء متوقّف على انقضاء العدّة ، الذي تصير الزوجة بسببه مختارة في أمر نفسها ، ويجوز لها التزويج مع الغير، فلو راجعها في العدّة وصارت زوجة له بالفعل يكون لها المطالبة والمرافعة ، وإن كان الطلاق بائناً كاليائسة والمدخول بها فالظاهر زوال حكم الإيلاء بسببه ، سواء كانت له العدّة أم لا; لصيرورتها مختارة بسببه وإن كانت له العدّة .2 ـ قد عرفت(1) أنّ الإيلاء قسم من الحلف ونوع منه ، لكن يمتاز عنه بأمرين :
أحدهما : أنّه لا يعتبر في الإيلاء ما يعتبر في مطلق الحلف الذي يترتّب على حنثه الكفّارة من كون المتعلّق مباحاً تساوى طرفاه ، أو راجحاً بحسب الدين أو الدنيا ، ضرورة أنّه لا رجحان في ترك وطء الزوجة أزيد من أربعة أشهر بعد لزوم الوطء في تلك المدّة ولو مرّة ، وقد عرفت(2) أنّ هذا كان طلاقاً في الجاهلية متداولا
- (1) في ص280 ـ 281 .
- (2) في ص279 .
(الصفحة 286)
بينهم ، والإسلام غيّره عن حقيقته وتصرّف في أحكامه المترتّبة عليه .
ثانيهما: أنّه جعل الشارع وطء الزوجة بعد الإيلاء موجباً للكفارة ، سواء كان في مدّة التربّص أو بعدها أو قبلها; لتحقّق حنث اليمين بذلك ، وإن جاز له الحنث مطلقاً، بل وجب بعد انقضاء المدّة ومطالبتها وأمر الحاكم به بنحو الوجوب التخييري.
نعم ، فيما لو وطئ بعد المدّة ، فالمحكي عن المبسوط أنّه لا كفّارة(1) ، وفي محكيّ الخلاف تلزمه وهو ظاهر الأكثر(2) . بل عن الخلاف الإجماع عليه(3)
ويدلّ عليه رواية منصور بن حازم ، قال : سألت أباعبدالله(عليه السلام) عن رجل آلى من امرأته فمرّت به أربعة أشهر ، قال : يوقف ، فإن عزم الطلاق بانت منه ، وعليها عدّة المطلّقة ، وإلاّ كفّر عن يمينه ، وأمسكها(4) . وهي منجبرة بما عرفت .
ومرسلة العيّاشي ، المؤيّدة للرواية السابقة ، عن أبي عبدالله(عليه السلام) ، أنّه سئل: إذا بانت المرأة من الرجل ، هل يخطبها مع الخطّاب ؟ قال : يخطبها على تطليقتين ، ولا يقربها حتى يكفّر يمينه(5) .
ومن الجواب يعلم أنّ مورد السؤال كان هو الإيلاء فتدبّر جيّداً; ولعلّه لما ذكرنا جعل المحقّق في الشرائع وجوب الكفّارة هو الأشبه(6) .
- (1) المبسوط: 5 / 135 .
- (2) رياض المسائل: 7 / 469 ـ 470 ، نهاية المرام: 2 / 180 ، جواهر الكلام: 33 / 323 ، المبسوط: 5 / 135 .
- (3) الخلاف: 4 / 520 ، مسألة 18 .
- (4) التهذيب: 8 / 8 ح21 ، الاستبصار: 3 / 254 ح910 ، الوسائل: 22 / 355 ، كتاب الإيلاء والكفّارات ، أبواب الإيلاء ب12 ح3 .
- (5) تفسير العياشي: 1/113 ح347 ، الوسائل: 22 / 356 ، كتاب الإيلاء والكفّارات ، أبواب الإيلاء ب12 ح4 .
- (6) شرائع الإسلام: 3 / 87 .
(الصفحة 287)كتاب
اللـّعان
(الصفحة 288)