(الصفحة 371)واحدة; وهي انحصار الوارث بالإمام (عليه السلام) والزوج .
أمّا الطبقة الاُولى والثانية فبعضهم لا فرض له أصلا كالابن والأخ لأبوين أو لأب ، وبعضهم ذو فرض مطلقاً كالاُمّ ، وبعضهم ذو فرض على حال دون حال كالأب; فإنّه ذو فرض مع وجود الولد للميّت ، وليس له فرض مع عدمه ، وكذا الاُخت والاُختان لأب وأبوين ، فإنّ لهنّ فرضاً إن لم يكن معهنّ ذكر ، وليس لهنّ فرض إن كان(1) .
1 ـ قد ظهر ممّا ذكرنا في بيان أرباب الفروض وأصحاب السهام من بعض المسائل السابقة اُمورٌ متعدّدة :
أ ـ إنّ أهل الطبقة الثالثة من ذوي الأنساب ـ وهم الأعمام والأخوال ـ لا تكون وراثتهم إلاّ بالقرابة فقط; لعدم ثبوت فرض لهم في كتاب الله تعالى .
ب ـ إنّ الزوجين وراثتهما بالفرض مطلقاً مع وجود الولد للميّت ومع عدمه . نعم في صورة انحصار الوارث بالإمام والزوج قد مرّ(1) أنّ الزوج يرث الجميع ، وأنّ الإمام(عليه السلام) يشارك الزوجة بالإضافة إلى الزائد عن سهمها : وهي ثلاثة أرباع .
ج ـ إنّ أهل الطائفة الاُولى والثانية على أقسام; فبعضهم لا فرض له أصلا كالابن مطلقاً : أي سواء كان مع البنت أو بدونها ، وكالأخ للأبوين أو الأب . والبعض الثاني ذو فرض مطلقاً كالاُمّ ، فإنّ لها فرض الثلث إن لم يكن للميّت ولد ، والسدس مع وجوده أو وجود الإخوة الحاجبة . والبعض الثالث ذو فرض في حال دون حال كالأب ، فإنّ فرضه السدس على تقدير وجود الولد ، وكذا البنتان فصاعداً ، فإنّ لهما الثلثين إن لم يكن معهنّ ولد ذكر . وكذا
(الصفحة 372)مسألة 2 : ظهر ممّا ذكر أنّ من كان له فرض على قسمين :
أحدهما : من ليس له إلاّ فرض واحد ، ولا ينقص ولا يزيد فرضه بتبدّل الأحوال كالأب; فإنّه ذو فرض في صورة وجود الولد ، وهو ليس إلاّ السدس مطلقاً ، وكذلك البنت الواحدة والبنتان فصاعداً مع عدم الابن ، وكذا الاُخت والاُختان لأب أو لأبوين مع عدم الأخ ، فإنّ فرضهنّ النصف أو الثلثان مطلقاً ، وهؤلاء وإن كانوا ذوي فروض على حال دون حال إلاّ أنّ فرضهم لا يزيد ولا ينقص بتبدّل الأحوال ، وقد يكون من له فرض على كلّ حال لا يتغيّر فرضه بتبدّل الأحوال ، وذلك كالأخ للاُمّ أو الاُخت كذلك ، فمع الوحدة فرضه السدس ، ومع التعدّد الثلث لا يزيد ولا ينقص في جميع الأحوال .
الثاني : من كان فرضه يتغيّر بتبدّل الأحوال كالاُمّ ، فإنّ لها الثلث تارةً والسدس اُخرى ، وكذا الزوجان ، فإنّ لهما نصفاً وربعاً مع عدم الولد ، وربعاً وثمناً معه(1) .
الاُخت بالإضافة إلى النصف والاُختان بالإضافة إلى الثلثين ، فإنّ فرض ثبوتهما إنّما هو فيما إذا لم يكن معهنّ ذكر ، وإلاّ فمع وجود الأخ مطلقاً ليس لهنّ فرض كما عرفت .1 ـ قد ظهر ممّا ذكر أنّ من كان له فرض على قسمين :
الأوّل : من ليس له إلاّ فرض واحد ، ولا ينقص ولا يزيد فرضه بتبدّل الأحوال كالأب ، فإنّه ليس له إلاّ فرض واحد ، وهو السدس في صورة وجود الولد ، ولايزيد ولا ينقص فرضه، وكالبنت الواحدة والبنتين فصاعداً ، فإنّ الفرض هو النصف والثلثان مع عدم الابن . وكذا الاُخت والاُختان فصاعداً للأبوين أو الأب
(الصفحة 373)مسألة 3 : غير ما ذكر من أصناف ذوي الفروض وارث بالقرابة(1) .مسألة 4 : لو اجتمع جدّ وجدّة من قبل الاُمّ كلاهما أو أحدهما مع المنتسبين من قبل الأب كالإخوة والأخوات من الأب والاُمّ أو من الأب ، وكالجدّ والجدّة من قبل الأب ، يكون حقّه ثلث مجموع التركة ، وإن ورد النقص على ذي
مع عدم الأخ ، والفرض في هؤلاء لا يزيد ولا ينقص بتبدّل الأحوال .
نعم ، قد عرفت(1) في مسألة العول المتقدّمة ورود النقص على غير الزوج والزوجة; لأنّ لهما فرضين الأعلى والأدنى دون البنت والبنات والاُخت والأخوات للأبوين أو للأب ، فالغرض عدم الزيادة والنقيصة بسبب تبدّل الأحوال غير مورد العول .
الثاني : من كان له فرضان ، وفي هذه الصورة قد لا يتغيّر فرضه بتبدّل الأحوال كالأخ للاُمّ أو الاُخت كذلك ، فإنّه مع الوحدة فرضه السدس ومع التعدّد الثلث من غير زيادة ولا نقصان في جميع الأحوال ، وقد يتغيّر فرضه كذلك كالأم ، فإنّ لها الثلث تارةً والسدس اُخرى ، وكذا الزوجان ، فإنّ لهما نصفاً وربعاً مع عدم الولد وربعاً وثمناً مع وجود الولد على ما عرفت(2) ، وممّا ذكرنا ظهر التشويش في عبارة المتن من حيث الترتيب ، فتدبّر جيّداً .1 ـ قد مرّ أنّ الوارث إمّا أن يرث بالفرض وإمّا أن يرث بالقرابة ، فغير ما ذكر من أصناف ذوي الفروض التي أشرنا إليها وارث بالقرابة .
- (1) في ص357 ـ 359 .
- (2 و 3) في ص368 ـ 369 .
(الصفحة 374)الفرض ، فإن كان الوارث زوجاً وجدّاً أو جدّة من الاُمّ واُختاً من الأب والاُمّ فالنصف للزوج ، والثلث للجدّ من قبل الاُمّ واحداً أو متعدّداً ، والباقي وهو السدس للاُخت الواحدة من قبل الأب مع أنّ فريضتها النصف ، ومع ذلك إرث الجدودة بالقرابة لا الفرض(1) .
1 ـ لو اجتمع جدّ وجدّة من قبل الاُمّ كلاهما أو أحدهما مع المنتسبين من قبل الأب كالإخوة والأخوات من الأبوين أو من الأب ، وكالجدّ والجدّة من قبل الأب ، يكون حقّ الأولى ثلث مجموع التركة; لصحيحة بكير بن أعين قال : قلت لأبي عبدالله(عليه السلام) : امرأة تركت زوجها وإخوتها وأخواتها لاُمّها ، وإخوتها وأخواتها لأبيها ، قال : للزوج النصف ثلاثة أسهم ، وللإخوة من الاُمّ الثلث الذكر والاُنثى فيه سواء ، وبقي سهم فهو للإخوة والأخوات من الأب للذكر مثل حظّ الانثيين; لأنّ السهام لا تعول ، ولا ينقص الزوج من النصف ، ولا الإخوة من الاُمّ من ثلثهم; لأنّ الله تبارك وتعالى يقول :
{ فَإِن كَانُوا أَكْثَرَ مِن ذَلِكَ فَهُمْ شُرَكَاءُ فِى الثُّلُثِ}(1) وإن كانت واحدة فلها السدس ، والذي عنى الله تبارك وتعالى في قوله :
{ وَإِن كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلاَلَةً أَوِ امْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ وَاحِد مِنْهُمَا السُّدُسُ فَإِن كَانُوا أَكْثَرَ مِن ذَلِكَ فَهُمْ شُرَكَاءُ فِى الثُّلُثِ}(2) إنّما عنى بذلك الإخوة والأخوات من الاُمّ خاصّة .
وقال في آخر سورة النساء :
{ يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللهُ يُفْتِيكُمْ فِى الْكَلاَلَةِ إِنِ امْرُؤٌاهَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ ـ يعني : اُختاً لأب واُمّ ، أو اُختاً لأب ـ
فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ وَهُوَ يَرِثُهَا إِن لَمْ يَكُن لَهَا وَلَدٌ . . . وَإِن كَانُوا إِخْوَةً رِجَالا وَنِسَاءً فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ
- (1 و 2) سورة النساء : 4 / 12 .
(الصفحة 375)
حَظِّ الاُْنثَيَيْنِ}(1) فهم الذين يزادون وينقصون ، وكذلك أولادهم الذين يزادون وينقصون ، ولو أنّ امرأة تركت زوجها ، وإخوتها لاُمّها ، واُختيها لأبيها ، كان للزوج النصف ثلاثة أسهم ، وللإخوة من الاُمّ سهمان وبقي سهم فهو للاُختين للأب ، وإن كانت واحدة فهو لها; لأنّ الاُختين لأب إذا كانتا أخوين لأب لم يزادا على ما بقي ، ولو كانت واحدة ، أو كان مكان الواحدة أخ لم يزد على ما بقي ، ولا تزاد اُنثى من الأخوات ، ولا من الولد على ما لو كان ذكراً لم يزد عليه(2) .
وفي رواية بكير قال : جاء رجل إلى أبي جعفر(عليه السلام) فسأله عن امرأة تركت زوجها وإخوتها لاُمّها واُختاً لأبيها ، فقال : للزوج النصف ثلاثة أسهم ، وللإخوة للاُمّ الثلث سهمان ، وللاُخت من الأب السدس سهم ، فقال له الرجل : فإنّ فرائض زيد وفرائض العامّة والقضاة على غير ذلك يا أبا جعفر يقولون : للاُخت من الأب ثلاثة أسهم ، تصير من ستّة ، تعول إلى ثمانية ، فقال أبو جعفر(عليه السلام) : ولِمَ قالوا ذلك؟ قال : لأنّ الله تبارك وتعالى يقول :
{وَلَهُ أُخْتٌ فَلَها نِصْفُ ما تَرَكَ}(3) فقال أبوجعفر(عليه السلام) : فإن كانت الاُخت أخاً ، فقال : فليس له إلاّ السدس ، فقال أبو جعفر(عليه السلام) : فما لكم نقصتم الأخ إن كنتم تحتجّون للاُخت النصف ، بأنّ الله سمّى لها النصف ، فإنّ الله قد سمّى للأخ الكلّ ، والكلّ أكثر من النصف ، لأنّه قال : «فلها النصف» وقال للأخ : «وهو يرثها» يعني : جميع مالها «إن لم يكن لها ولد» ، فلا تعطون الذي جعل الله له الجميع في بعض فرائضكم شيئاً وتعطون الذي جعل الله له النصف تامّاً؟ فقال له الرجل : وكيف تُعطى الاُخت النصف ، ولا يعطى الذكر
- (1) سورة النساء : 4/176 .
- (2) الوسائل : 26 / 154 ، أبواب ميراث الإخوة ب3 ح2 .
- (3) سورة النساء: 4 / 176.