(الصفحة 38)كونها مستبرأة بحيضة بعد المواقعة لا وقوعه في طهر غير طهر المواقعة(1) .مسألة 17 : يشترط في صحّة الطلاق تعيّن المطلّقة ، بأن يقول: «فلانة طالق» أو يشير إليها بما يرفع الإبهام والإجمال ، فلو كانت له زوجة واحدة فقال: «زوجتي طالق» صحّ ، بخلاف ما إذا كان له زوجتان أو أكثر وقال: «زوجتي طالق» إلاّ إذا نوى في نفسه معيّنة ، فهل يقبل تفسيره بمعيّنة من غير يمين؟ فيه تأمّل(2) .
1 ـ لو واقعها في حال الحيض ، فهل الطهر الواقع بعد تلك الحيضة يعدّ طهر المواقعة ، فيجب تأخير الطلاق إلى طهر آخر ، أم لا يعدّ طهر المواقعة ، فيجوز إيقاع الطلاق بعد الطهر من هذه الحيضة؟ الظاهر هو الأوّل; لأنّ ما هو الشرط هو كونها مستبرأة بحيضة بعد المواقعة لا عنوان الوقوع في طهر غير المواقعة ، ومن الواضح عدم تحقّق الإستبراء في مثل الفرض; ولذا يتحقّق ولد الحيض كثيراً ، وقد جعل المحقّق الشرط هو كونها مستبرأة(1) ، فتدبّر .2 ـ يشترط في صحّة الطلاق تعيين المطلّقة ، كما في سائر العقود والإيقاعات مثل العتق ، فإنّه لابدّ من تعيين العبد المعتق ، ولعلّ السرّ فيه الإنجرار إلى التنازع والتخاصم مع عدم التعيين والتردّد بين شخصين أو أزيد ، خصوصاً مع تعلّقها بحقوق الناس; ويدلّ عليه ـ مضافاً إلى استصحاب بقاء النكاح مع الشك في صحّة الطلاق ـ ما يظهر من بعض الروايات من اعتبار التعيين ، مثل:
صحيحة محمد بن مسلم المشتملة على قول أبي جعفر(عليه السلام): إنّما الطلاق أن يقول
- (1) شرائع الإسلام: 3 / 15 .
(الصفحة 39)
لها في قبل العدّة بعدما تطهر من محيضها قبل أن يجامعها: أنت طالق أو اعتدِّي يريد بذلك الطلاق(1) .
ورواية محمد بن أحمد بن المطهّر قال : كتبت إلى أبي الحسن صاحب العسكر(عليه السلام): إنّي تزوّجت بأربع نسوة ولم أسأل عن أساميهنّ ، ثمّ إنّي أردت طلاق إحداهنّ وأتزوّج امرأة اُخرى ، فكتب إليّ : اُنظر إلى علامة إن كانت بواحدة منهنّ فتقول : إشهدوا أنّ فلانة التي بها علامة كذا وكذا هي طالق ، ثمّ تزوّج الاُخرى إذا انقضت العدّة(2) .
وكيف كان فلو كانت له زوجة واحدة فقال: زوجتي طالق ، صحّ طلاقها بخلاف ما إذا كان له زوجتان أو أكثر ، وقال: زوجتي أي إحداهما أو إحداهنّ طالق ، فإنّه لا يصحّ إذا لم ينو في نفسه واحدة معيّنة ، وأمّا إذا نوى واحدة كذلك فيظهر من محكيّ المسالك(3) وغيرها(4) الإكتفاء بالنيّة مع التعدّد على وجه يظهر منه المفروغيّة ، ويؤمر بالتفسير على الفور لزوال الزوجية عنها ، ويمنع عن الاستمتاع حتى يتبيّن ، ولو أخّر أثم .
ولكن الكلام ـ إن لم يكن إجماعاً ـ في صحّة الطلاق وعدمها ، فلا وجه لدعوى زوال الزوجيّة عنها ومنعه عن الاستمتاع . وحكي عن الشيخ في مبسوطه : يصحّ
- (1) الكافي: 6 / 69 ح1 ، التهذيب: 8 / 36 ح108 ، الاستبصار: 3 / 277 ح983 ، الوسائل: 22 / 41 ، أبواب مقدمات الطلاق ب16 ح1 .
- (2) الكافي: 5 / 563 ح31 ، الوسائل : 20 / 520 ، كتاب النكاح ، أبواب ما يحرم باستيفاء العدد ب3 ح3 .
- (3) مسالك الافهام: 9 / 49 .
- (4) الروضة البهية: 6 / 28 ، الجامع للشرائع: 465 .
(الصفحة 40)
ويستخرج بالقرعة(1) ، وجعله المحقّق في الشرائع أشبه(2) . وكيف كان فالمستفاد من المتن الصحّة وقبول تفسيره بمعيّنة مع يمين . والإنصاف أنّه لا يصحّ رأساً لعدم التعيين وعدم كفاية النيّة فيه ، كما لا يخفى .
- (1) المبسوط: 5 / 78 ، لكن لم يقل باستخراجه بالقرعة ، والحاكي هو صاحب الجواهر: 32 / 46 .
- (2) شرائع الإسلام: 3 / 15 .
(الصفحة 41)
القول في الصيغة
مسألة 1 : لا يقع الطلاق إلاّ بصيغة خاصّة ، وهي قوله: «أنتِ طالق» أو فلانة أو هذه أو ما شاكلها من الألفاظ الدالّة على تعيين المطلّقة ، فلا يقع بمثل «أنت مطلّقة» أو «طلّقت فلانة» ، بل ولا «أنت الطالق» فضلا عن الكناية كـ «أنت خلية» أو «بريّة» أو «حبلك على غاربك» أو «الحقي بأهلك» ونحو ذلك ، فلا يقع بها وإن نواه حتى قوله: «اعتدّي» المنويّ به الطلاق على الأقوى(1) .
1 ـ قال المحقّق في الشرائع : والأصل أنّ النكاح عصمة مستفادة من الشرع ، لا يقبل التقايل ، فيقف رفعها على موضع الإذن . فالصيغة المتلقّاة لإزالة قيد النكاح : «أنت طالق» ، أو هذه ، أو ما شاكلها من الألفاظ الدالّة على تعيين المطلّقة(1) . والمستفاد منه اعتبار العربية أوّلا والصيغة الخاصّة ثانياً ، ويدلّ عليه مثل :
صحيحة محمد بن مسلم ، أنّه سأل أبا جعفر(عليه السلام) عن رجل قال لامرأته : أنت عليّ حرام ، أو بائنة ، أو بتّة ، أو بريّة ، أو خليّة ؟ قال : هذا كلّه ليس بشيء ، إنّما
- (1) شرائع الإسلام: 3 / 17 .
(الصفحة 42)
الطلاق أن يقول لها في قبل العدّة بعدما تطهر من محيضها قبل أن يجامعها: أنت طالق ، أو اعتدِّي ، يريد بذلك الطلاق ، ويشهد على ذلك رجلين عدلين(1) .
قال في الوسائل : ورواه أحمد بن محمد بن أبي نصر في كتاب «الجامع» عن محمد ابن سماعة ، عن محمد بن مسلم ، على ما نقله العلاّمة في «المختلف» وترك قوله: «أو اعتدّي»(2) .
وصحيحة الحلبي ، عن أبي عبدالله(عليه السلام) قال : سألته عن رجل قال لامرأته : أنت منّي خليّة ، أو بريّة ، أو بتّة ، أو بائن ، أو حرام ؟ قال : ليس بشيء(3) .
وفي رواية ابن سماعة قال : ليس الطلاق إلاّ كما روى بكير بن أعين ، أن يقول لها وهي طاهر من غير جماع : أنت طالق ، ويشهد شاهدين عدلين ، وكلّ ما سوى ذلك ملغى(4) .
وفي رواية عبدالله بن سنان، التي رواها ابن سماعة أيضاً ، عن أبي عبدالله(عليه السلام)قال: يرسل إليها فيقول الرسول: إعتدّي فإنّ فلاناً قد فارقك . قال ابن سماعة : وإنّما معنى قول الرسول:اعتدّي فإنّ فلاناًقدفارقك يعني الطلاق، أنّه لاتكون فرقة إلاّ بطلاق(5).
وممّا ذكرنا يظهر أنّ الألفاظ الكنائية كما أنّها لا تكفي في صيغة الطلاق ، كذلك
- (1) الكافي: 6 / 69 ح1 ، التهذيب: 8 / 36 ح108 ، الاستبصار: 3 / 277 ح983 ، الوسائل: 22 / 41 ، أبواب مقدمات الطلاق ب16 ح3 .
- (2) مختلف الشيعة : 7 / 344 ـ 345 .
- (3) الفقيه: 3 / 356 ح1702 ، التهذيب: 8 / 40 ح122 ، الوسائل: 22 / 37 ، أبواب مقدّمات الطلاق ب15 ح1 .
- (4) الكافي: 6 / 70 ح4 ، التهذيب: 8 / 37 ح110 ، الاستبصار: 3 / 278 ح985 ، الوسائل: 22 / 41 ، أبواب مقدمات الطلاق ب16 ح1 .
- (5) الكافي: 6 / 70 ح4 ، الوسائل: 21 / 41 ، أبواب مقدمات الطلاق ب16 ح2 .