(الصفحة 356)فإنّه يمنع أحد الزوجين عن الزيادة عن فريضتهما أي النصف أو الربع أو الثمن ، فمع زيادة التركة عن الفريضة تردّ إلى غيرهما ، نعم لو كان الوارث منحصراً بالزوج والإمام (عليه السلام) يرث الزوج النصف فريضةً ويردّ عليه النصف الآخر ، بخلاف ما لو كان منحصراً بالزوجة والإمام (عليه السلام) فإنّ الربع لها والبقيّة له (عليه السلام)(1) .الخامس : نقص التركة عن السّهام المفروضة فإنّه يمنع البنت الواحدة
1 ـ إذا اجتمع مع أحد الزوجين وارث نسبي أو سببي ، ذات فرض أم لا ، ذكراً كان أو اُنثى ، متّحداً أو متعدّداً فلأحد الزوجين فرضه ، فإن لم تزد التركة عن الفريضة ، بأن لم يكن هناك فريضة أو كانت ولكن مع عدم الزيادة ، فلا موضوع لردّ الزيادة إلى غير الزوجين ، وإن زادت فالزيادة تردّ إلى غيرهما ، وإن كانت ذات فرض ، فالأوّل كما إذا كان للميّت ابن أو أبناء مع بنت أو بنات ، فإنّه في هذه الصورة يرث الزوج أو الزوجة فرضه ، ويدفع الباقي إلى غيره لفرض عدم وجود الفرض ، والثاني لا يتصوّر مع وجود الزوج أو الزوجة ، وإنّما يتصوّر في مثل البنتين مع الأبوين ، والثالث كما إذا كانت هناك بنت واحدة أو بنتان مع الزوج أو الزوجة ، فإنّه يرث أحد الزوجين النصيب الأدنى ويدفع الباقي إلى الوارث الآخر فرضاً وردّاً ، وسيجيء(1) تفصيله إن شاء الله تعالى ، وأمّا في صورة الانحصار فقد تقدّم البحث عنه في أوائل الكتاب ، ومرّ أنّ الإمام(عليه السلام) لا يشارك الزوج ويشترك مع الزوجة بثلاثة أرباع ، فراجع(2) .
- (1) في ص367 ـ 372 .
- (2) في 318 ـ 319 .
(الصفحة 357)والاُخت الواحدة للأب والاُمّ أو للأب عن فريضتهما وهي النصف ، وكذا يمنع البنات المتعدّدة والأخوات المتعدّدة من الأب والاُمّ أو من الأب عن فريضتهم وهي الثلثان ، فلو كان للميّت بنت واحدة وأبوان وزوج أو بنات متعدّدة وأبوان وزوج يرد النقص على البنت والبنات ، وكذا في سائر الفروض(1) .
1 ـ هذه هي مسألة «العول» المعروفة الباطل عندنا معاشر الإمامية; لاستحالة أن يفرض الله سبحانه في مال ما لا يقوم به ، والمراد به زيادة الفريضة; لقصورها عن سهام الورثة على وجه يحصل النقص على الجميع بالنسبة ; لإمكان اجتماعهم وكونهم ذوات فرض من العول ، بمعنى الزيادة أو النقصان أو الميل أو الارتفاع ، يقال: عالت الناقة ذنبها إذا رفعته; لارتفاع الفريضة بزيادة السّهام، وقدنقل أنّ أوّل مسألةوقع فيها العول في الإسلام في زمن عمر، على ما وراء عنه أولياؤه قال : ماتت امرأة في زمانه عن زوج واُختين، فجمع الصحابة وقال لهم : فرض الله ـ تعالى جدّه ـ للزوج النصف وللاُختين الثلثين ، فإن بدأت بالزوج لم يبق للاُختين حقّهما ، وإن بدأت بالاُختين لم يبق للزوج حقّه، فأشيروا عليّ، فاتّفق رأي أكثرهم على العول(1).
وقد تواتر عن الأئمّة(عليهم السلام) أنّ السهام لا تعول ، ولا تكون أكثر من ستّة(2) أي في المثال المفروض ، وكان أمير المؤمنين(عليه السلام) يقول : إنّ الذي أحصى رمل عالج يعلم أنّ السّهام لا تعول على ستّة ، لو يبصرون وجهها لم تجز ستّة(3) .
وفي رواية عبيدالله بن عبدالله بن عتبة قال : جالست ابن عبّاس ، فعرض ذكر الفرائض في المواريث ، فقال ابن عبّاس : سبحان الله العظيم ، أترون أنّ الذي
- (1) مسالك الأفهام : 13 / 108 ، جواهر الكلام : 39 / 106 .
- (2) الوسائل : 26 / 72 ـ 76 ، أبواب موجبات الإرث ب6 .
- (3) الوسائل : 26 / 74 ، أبواب موجبات الإرث ب6 ح9 .
(الصفحة 358)
أحصى رمل عالج عدداً جعل في مال نصفاً ونصفاً وثلثاً ، فهذان النصفان قد ذهبا بالمال ، فأين موضع الثلث؟ فقال له زفر بن أوس البصري : يا أبا العبّاس فمن أوّل من أعال الفرائض؟ فقال : عمر بن الخطّاب لما التقت (التفّت خ ل) الفرائض عنده ، ودفع بعضها بعضاً ، فقال : والله ما أدري أيّكم قدّم الله ، وأيّكم أخّر ، وما أجد شيئاً هو أوسع من أن أقسّم عليكم هذا المال بالحصص ، فأدخل على كلّ ذي سهم ما دخل عليه من عول الفرائض ، وأيم الله لو قدَّم من قدَّم الله ، وأخّر من أخّر الله ما عالت فريضة ، فقال له زفر : وأيّها قدَّم ، وأيّها أخّر؟ فقال : كلّ فريضة لم يهبطها الله عن فريضة إلاّ إلى فريضة فهذا ما قدّم الله ، وأمّا ما أخّر فكلّ فريضة إذا زالت عن فرضها لم يبق لها إلاّ ما بقي ، فتلك التي أخّر ، فأمّا الذي قدَّم فالزوج له النصف ، فإذا دخل عليه ما يزيله عنه رجع إلى الرّبع ، لا يزيله عنه شيء ، والزوجة لها الربع ، فإذا دخل عليها ما يزيلها عنه صارت إلى الثمن ، لا يزيلها عنه شيء ، والاُمّ لها الثلث ، فإذا زالت عنه صارت إلى السدس ، ولا يزيلها عنه شيء ، فهذه الفرائض التي قدّم الله ، وأمّا التي أخّر ففريضة البنات والأخوات لها النصف والثلثان ، فإذا أزالتهنّ الفرائض عن ذلك لم يكن لهنّ إلاّ ما بقي ، فتلك التي أخّر ، فإذا اجتمع ما قدّم الله وما أخّر بدئ بما قدّم الله ، فأعطي حقّه كاملا ، فإن بقي شيء كان لمن أخّر ، وإن لم يبق شيء فلا شيء له ، الحديث(1) .
والروايات(2) في هذا المجال كثيرة لا حاجة إلى إيرادها بعد وضوح نظر الأئمّة(عليهم السلام) ، وبعد وضوح سعة الإحاطة العلمية له تعالى، وإليها اُشير أنّ الذي أحصى
- (1) الوسائل : 26 / 78 ، أبواب موجبات الإرث ب7 ح6 .
- (2) الوسائل : 26 / 76 ـ 84 ، أبواب موجبات الإرث ب7 .
(الصفحة 359)السادس : الاُخت من الأبوين أو الأب ، فإنّها تمنع الإخوة من الاُمّ عن ردّ ما زاد على فريضتهم ، وكذا الأخوات المتعدّدة من الأبوين أو الأب فإنّها تمنع الأخ الواحد الاُمّي أو الاُخت كذلك عن ردّ ما زاد على فريضتهما وكذا أحد الجدودة من قبل الأب ، فإنّه يمنع الإخوة من قبل الاُمّ عمّا زاد عليها(1) .
رمل عالج يعلم أنّ السهام لا تعول على ستّة ، فالعلاج ما ذكر . وقد ذكر صاحب الجواهر(قدس سره)(1) أنّ هذا غصن من شجرة إنكار الولاية والإمامة التي أمرنا رسول الله (صلى الله عليه وآله)في حديث الثقلين(2) المتواتر بين الفريقين بالتمسّك بهما; لأجل التحفّظ من الضلالة وخوفاً من الوقوع في الغواية ، والله الهادي إلى طريقه إن شاء الله تعالى .
وينبغي التنبيه على أمرين :
الأوّل : أنّه لا يتحقّق العول ظاهراً إلاّ بمزاحمة الزوج أو الزوجة ، وإلاّ ففي مورد العدم لا يتحقّق الموضوع أصلا ، ولو اجتمع أصحاب الفروض الواقعون في طبقة واحدة كما لايخفى .
الثاني : أنّ كونه من موارد حجب النقصان إنّما هو باعتبار أنّه مع عدم الزوج أو الزوجة لا يتحقّق نقص أصلا ، وأمّا مع وجود أحدهما يتحقّق النقص كما عرفت ، فهذا المورد من موارد حجب النقصان أيضاً .1 ـ قال الله تعالى :
{وَإِنْ كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلاَلَةً أَوِ امْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ وَاحِد مِنْهُمَا السُّدُسُ فَإِنْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَهُمْ شُرَكَاءُ فِى الثُّلُثِ}(3)
- (1) جواهر الكلام : 39 / 110 .
- (2) الوسائل : 27 / 33 و 204 ، أبواب صفات القاضي ب5 ح9 وب13 ح77 ، سنن البيهقي : 10 / 114 .
- (3) سورة النساء: 4 / 12 .
(الصفحة 360)السابع : الولد وإن نزل واحداً كان أو متعدّداً ، فإنّه يمنع الأبوين عمّا زاد على السدس فريضةً لا ردّاً(1) .
الآية ، ففرض الكلالة ـ أي الإخوة من قبل الاُمّ ، سواء كان الميّت رجلا أو امرأة ـ هو السدس في صورة الوحدة ، والثلث في صورة التعدّد ، ولكنّه عند الانحصار ترث جميع المال فرضاً وردّاً بشرط أن لا يكون الاُخت من الأبوين أو الأب موجودة ، وإلاّ فترث الكلالة الفرض ، والباقي يردّ إلى الاُخت من الأبوين أو الأب ، وهكذا بالإضافة إلى الأخوات المتعدّدة من الأبوين أو الأب ، فيتحقّق حجب النقصان حينئذ ، فإنّ وجود من يتقرّب بالأبوين أو الأب في مرتبة الكلالة يمنع عن إرثهم سوى الفريضة ، وكذا أحد الجدودة من قبل الأب ، فإنّه يمنع الإخوة من قبل الاُمّ عمّا زاد وعلى فرضها ، وسيجيء تفصيله(1) إن شاء الله تعالى .1 ـ قال الله تعالى :
{وَلاَِبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِد مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلاُِمِّهِ الثُّلُثُ}(2) الآية . ومن الظاهر أنّ الولد لا يختصّ بالولد بلا واسطة بل يشمل مع الواسطة ، كما أنّه لا فرق بين صورتي الوحدة والتعدّد ، وحينئذ إن كان الولد مذكّراً أو مشتملا على المذكّر يرث الأبوان أو أحدهما فرضه فقط ويردّ الباقي إلى الولد ، وإن كان اُنثى كالبنت الواحدة ففرضها النصف وفرض الأبوين السدس أو السدسان والباقي يردّ عليهما بالنسبة ، ففي البنت الواحدة والأبوين يبقى السدس فيوزّع عليهما بالنسبة . وإن شئت قلت : إنّ التركة من أوّل الأمر تقسّم خمسة; نصفها للبنت والباقي بين الأبوين ،
- (1) في ص383 ـ 384 .
- (2) سورة النساء : 4 / 11 .