(الصفحة 275)رفعت أمرها إلى الحاكم الشرعي فيحضره ويخيّره بين الرجعة بعد التكفير وبين طلاقها ، فإن اختار أحدهما وإلاّ أنظره ثلاثة أشهر من حين المرافعة ، فإن انقضت المدّة ولم يختر أحدهما حبسه وضيّق عليه في المأكل والمشرب حتى يختار أحدهما ، ولا يجبره على أحدهما ولا يطلّق عنه(1) .
1 ـ لو صبرت المظاهرة على ترك وطئها فلا اعتراض ، كما أنّ الظاهر أنّه لو وطأها من دون كفّارة لا يجوز لها رفع الأمر إلى الحاكم الشرعي; لأنّ حرمة الوطء إنّما تكون بالإضافة إلى الزوج دون الزوجة المظاهرة ، فهو كالصائم يحرم عليه الجماع ، وربما لا يكون حراماً عليها; لعدم كونها صائمة ، إلاّ على فرض صدق الإعانة على الإثم من ذلك الباب ، لا من باب حرمة الوطء بعنوانه .
وكيف كان ، فإن لم تصبر على ترك الوطء ، ورفعت أمرها إلى الحاكم فهو يحضره ويخيّره بين الرجعة بعد التكفير وبين طلاقها ، فإن اختار أحدهما ، وإلاّ أنظره ثلاثة أشهر من حين المرافعة إلى آخر ما ذكر في المتن ، وظاهرهم الاتفاق على ذلك .
نعم ، ورد في هذا المجال موثّقة أبي بصير قال : سألت أبا عبدالله(عليه السلام): عن رجل ظاهر من امرأته ، قال : إن أتاها فعليه عتق رقبة ، أو صيام شهرين متتابعين ، أو إطعام ستّين مسكيناً ، وإلاّ ترك ثلاثة أشهر فإن فاء ، وإلاّ أوقف حتى يسأل: لك حاجة في امرأتك أو تطلقها؟ فإن فاء فليس عليه شيء ، وهي امرأته ، وإن طلّق واحدة فهو أملك برجعتها(1) .
وقال في محكي المسالك بعد نقل الرواية : «وفي طريق الرواية ضعف ، وفي الحكم
- (1) التهذيب: 8/6 ح11 و24 ح80، الاستبصار: 3 / 255 ح914 ، الوسائل: 22 / 337 ، كتاب الظهار ب18 ح1 .
(الصفحة 276)
على إطلاقه إشكال; لشموله ما إذا رافعته عقيب الظهار بغير فصل بحيث لا يفوت الواجب لها من الوطء بعد مضيّ المدة المضروبة ، فإنّ الواجب وطؤها في كلّ أربعة أشهر مرّة ، وغيره من الحقوق لا يفوت بالظهار ـ إلى أن قال: ـ وفي الرواية أمورٌ أُخر منافية للقواعد»(1) .
أقول : الظاهر أنّ الرواية موثّقة وهي حُجّة كما بيّن في محلّه ، وعلى تقدير الضعف فاستناد المشهور إليها جابر له كما قرّر في محلّه أيضاً .
وفي كشف اللثام لعلّ المراد بالفئة الندم والتزام الكفّارة ثمّ الوطء; ليستشكل بأنّها ليس لها المطالبة بالوطء إلاّ في كلّ أربعة أشهر ، وربما رفعت أمرها بعد الظهار بلا فصل(2) .
هذا ، مع أنّ المهم هو الإنظار ثلاثة أشهر من حين المرافعة ، ويدلّ عليه الرواية(3) والحبس والتضيق عليه في المطعم والمشرب ، ومن الواضح أنّه لا طريق لتخلّص المرأة غير هذا الطريق ، خصوصاً مع اشتمال بعض أخبار الإيلاء عليه ، وخصوصاً مع عدم جواز إجبار الحاكم على أحدهما المعيّن ، بل على نحو التخيير كما في المتن .
- (1) مسالك الافهام: 9 / 536 ـ 537 .
- (2) كشف اللثام: 2 / 164 .
- (3) الوسائل: 22 / 353 ـ 355، كتاب الإيلاء والكفّارات ، أبواب الإيلاء ب11.
(الصفحة 277)
كتاب
الإيـلاء
(الصفحة 278)
(الصفحة 279)كتاب الإيلاء
وهو الحلف على ترك وطء الزوجة الدائمة المدخول بها أبداً أو مدّة تزيد على أربعة أشهر للإضرار بها ، فلا يتحقّق بغير القيود المذكورة وإن انعقد اليمين مع فقدها ، ويترتّب عليه آثاره إذا اجتمع شروطه(1) .
1 ـ وهو لغةً : الحلف من آلوت أي قصرت ، يقال : آلى يولي إيلاء ، والاسم الأليّة والألوة والجمع الأيا ، مثل: عطيّة وعطايا ، وكذا يقال : أئتلى يأتلي ائتلاءً ، ومنه قوله تعالى :
{وَلاَ يَأْتَلِ أُوْلُوا الْفَضْلِ مِنكُمْ وَالسَّعَةِ أَن يُؤْتُوا أُوْلِى الْقُرْبَى وَالْمَسَاكِينَ}(1) .
وشرعاً هو المعنى المذكور في المتن ، وقد كان طلاقاً في الجاهلية كالظهار ، فغيّر الشارع حكمه وجعل له أحكاماً ، والأصل فيه قوله تعالى :
{ لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِن نِسَائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُر فَإِن فَاءُو فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ* وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلاَقَ فَإِنَّ اللهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ}(2) .
- (1) سورة النور: 24 / 22 .
- (2) سورة البقرة: 2 / 226 ـ 227 .