(الصفحة 300)مسألة 6 : لو نفى ولدية من ولد في فراشه ، فإن علم أنّه دخل بأمّه دخولا يمكن معه لحوق الولد به أو أقرّ بذلك ومع ذلك نفاه ، لا يسمع منه ولا ينتفي منه لا باللعان ولا بغيره . وأمّا لو لم يعلم ذلك ولم يقرّ به وقد نفاه إمّا مجرّداً عن ذكر السبب بأن قال : «هذا ليس ولدي» أو مع ذكره بأن قال : «إنّي لم أدخل باُمّه أصلا» أو أنكر دخولا يمكن تكوّنه منه ، فحينئذ وإن لم ينتف عنه بمجرّد نفيه ، لكن باللعان ينتفي عنه بشرط ثبوت الدّخول ، ومع عدم ثبوته لم يشرّع اللعان مطلقاً(1) .
في رواية سعيد الأعرج ، عن أبي عبدالله(عليه السلام) : الولد للفراش وللعاهر الحجر(1) .
نعم ، لو علم بعدم كونه ولداً له من أيّة جهة وأيّ طريق ولو من جهة علمه باختلال شروط الالتحاق به ، وإن كان بحسب ظاهر الشرع ملحقاً به لولا نفيه باللعان ، يجب عليه أن ينفيه ولو باللعان; لئلاّ يلحق بنسبه من يعلم أنّه ليس منه ، فيترتّب عليه حكم الولد في الميراث والنكاح والنظر وأمثال ذلك . وفي الحقيقة يكون اللعان في خصوص هذا المورد واجباً ، وإن لم يكن في قذف الزوجة ورميها كذلك ، بل يكون أثرها دفع الحدّ ، وهو ليس بواجب كما لايخفى .1 ـ أمّا عدم السماع منه وعدم الانتفاء عنه لا باللعان ولا بغيره في الصورة الاُولى; فلأنّه مع العلم بأنّه دخل بأمّه دخولا يمكن معه لحوق الولد به أو إقراره بذلك ، لا مجال للِّعان المشتمل على شهادات خمس بتعبير الكتاب العزيز ، حتّى في الشهادة المشتملة على اللعن أو الغضب من ناحية الزوجين .
ومن الواضح أنّ اعتبار الشهادة إنّما هو من باب الأمارية ، ولا مجال للأمارة مع
- (1) التهذيب: 8 / 183 ح640 ، الوسائل: 22 / 430 ، كتاب اللعان ب9 ح3 .
(الصفحة 301)مسألة 7 : إنّما يُشرّع اللعان لنفي الولد إذا كانت المرأة منكوحة بالعقد الدائم ، وأمّا ولد المتمتّع بها فينتفي بنفيه من دون لعان ، وإن لم يجز له نفيه مع عدم علمه بالانتفاء . ولو علم أنّه دخل بها أو أمنى في فرجها أو حواليه بحيث يمكن أن يكون الولد منه أو أقرّ بذلك ومع ذلك قد نفاه ، لم ينتف عنه بنفيه ولم يسمع منه ذلك كالدائمة(1) .
وجود العلم .
وإن شئت قلت : إنّ المنصرف إليه من اللعان بكيفيته الخاصة صورة عدم العلم بالخلاف ، ولذا علّقت على ما إذا لم يكن للرامين شهداء إلاّ أنفسهم ، بخلاف رمي المحصنات غير الأزواج المُعلّق فيه الحدّ على عدم الإتيان بالبيّنة والشهود الآخر .
وأمّا في الصورة الثانية التي لا يكون هناك علم ولا إقرار ، بل صرف النفي إمّا مجرّداً عن ذكر السبب ، أو مع ذ كره بأن قال : إنّي لم أدخل بأمّه أصلا ، أو أنكر دخولا يمكن تكوّنه منه ، كما إذا ادّعى الدخول ما دون الستّة أشهر ، أو في زمان مضت مدّة أقصى الحمل ، فإنّه وإن لم ينتف عنه بمجرّد نفيه كما في ولد المنقطعة ، بناء على اشتراط الدوام في الزوجة على ما عرفت(1) ، لكن باللعان ينتفي عنه بشرط أصل ثبوت الدخول والعلم بكذبه فيما إذا قال: إنّي لم أدخل بأمّه أصلا; لما مرّ في شرائط اللعان من أنّه يعتبر أن تكون الزوجة مدخولا بها ، من غير فرق بين صورة الرمي وصورة نفي الولد(2) .1 ـ قد عرفت أنّ مشروعية اللعان مطلقاً إنّما هو فيما إذا كانت المرأة منكوحة
- (1) في ص294 .
- (2) في ص295 .
(الصفحة 302)مسألة 8 : لا فرق في مشروعيّة اللعان لنفي الولد بين كونه حملا أو منفصلا(1) .
بالعقد الدائم(1) ، وتقييده اللعان لنفي الولد ربّما يشعر بالاختصاص مع أنّه لا اختصاص . كما أنّك عرفت(2) خروج المُتمتّع بها عن دائرة اللعان بالروايات الدالّة عليه . والظاهر ثبوت حدّ القذف في الرّمي بالزنا ، والانتفاء بمجرّد النفي من دون لِعان في اللعان لنفي الولد ، وقد مرّ في باب النكاح المنقطع(3) ما يدلّ عليه ، ولو علم أنّه دخل بها أو أمنى في فرجها أو حواليه بحيث يمكن أن يكون الولد منه أو أقرّ بذلك ، ومع ذلك قد نفاه لم ينتف عنه بنفيه ولم يسمع منه دعواه ، كالدائمة على التفصيل المتقدّم ، والوجه فيها ما ذكرناه فيها ، كما أنّ الوجه الأصلي أنّ اللِّعان لم يُشرّع لهدم أساس الحياة والروابط الاجتماعية التي يُؤثّر فيها ارتباط الزوجين وتعيّشهما ، بل إنّما شُرّع لموارد خاصّة . ومن الواضح أنّ جملة من الأشخاص إنّما هم بصدد نفي الولد، لما يترتّب على وجوده من الإلزامات والتكاليف، وهم بصدد الفرار منها وعدم تحمّلها ، ففي الصورة المذكورة لا ينتفى بمجرّد النفي ، وهذا الأمر الأخير يكون في المنقطعة التي لايكون أصل تشريعها للولد، بطريق آكد، كما لايخفى.1 ـ لا فرق في مشروعية اللِّعان لنفي الولد بين كونه حملا لم ينفصل بعد ، أو كونه قد انفصل فعلا ، بل وإن مضى زمان طويل; لأنّ مقتضى إطلاق أدلّة المشروعية كذلك الشمول لجميع الموارد ، ودعوى الإختصاص بصورة الإنفصال لا وجه لها أصلا ، كما لا يخفى .
- (1 ، 2) في ص294 ـ 296 .
- (3) تفصيل الشريعة / كتاب النكاح: القول في نكاح المنقطع ، مسألة 13 .
(الصفحة 303)مسألة 9 : من المعلوم أنّ انتفاء الولد عن الزوج لا يلازم كونه من زنا; لاحتمال تكوّنه من وطء الشبهة أو غيره ، فلو علم الرجل بعدم التحاق الولد به وإن جاز له ، بل وجب عليه نفيه عن نفسه ، لكن لا يجوز له أن يرميها بالزّنا ، وينسب ولدها بكونه من زنا(1) .مسألة 10 : لو أقرّ بالولد لم يسمع إنكاره له بعد ذلك ، سواء كان إقراره صريحاً أو كناية مثل أن يبشّر به ويقال له: «بارك الله لك في مولودك» فيقول : «آمين» أو «إن شاء الله تعالى» بل قيل: إنّه إذا كان الزوج حاضراً وقت الولادة ولم ينكر الولد مع ارتفاع العذر لم يكن له إنكاره بعده ، بل نسب ذلك إلى المشهور ، لكن الأقوى خلافه(2) .
1 ـ من الواضح أنّ انتفاء الولد عن الزوج بسبب اللعان في مورده الذي عرفت لا يلازم تكوّنه من زنا; لاحتمال تكوّنه من وطء الشبهة ، أو جذب الرحم المني في مثل الحمام مع عدم الالتفات إليه ونظائر ذلك ، فلو علم الرجل بعدم التحاق الولد به وإن جاز شرعاً بل وجب عليه نفيه عن نفسه; لما مرّ في بعض المسائل السابقة ، لكن لا يجوز له أن يرمي الزوجة بالزنا وولدها بكونه من زنا; لكون الإنتفاء عنه لازماً أعمّ كما مرّ .2 ـ لا يسمع إنكاره للولد بعد إقراره به; لعدم سماع الانكار بعد الإقرار مطلقاً من دون فرق بين أن يكون إقراره صريحاً أو كناية ، كالمثال المذكور في المتن ، بل المنسوب إلى المشهور(1) أنّه إذا كان الزوج حاضراً وقت الولادة ولم ينكر الولد مع
- (1) مسالك الافهام: 10 / 193 جواهر الكلام: 34 / 17 .
(الصفحة 304)مسألة 11 : لا يقع اللّعان إلاّ عند الحاكم الشرعي ، والأحوط أن لا يقع حتى عند المنصوب من قبله لذلك .
وصورته أن يبدأ الرجل ويقول بعدما قذفها أو نفى ولدها : «أشهد بالله إنّي لمن الصادقين فيما قلت من قذفها أو نفي ولدها» يقول ذلك أربع مرّات ، ثم يقول مرّةً واحدةً : «لعنة الله عليّ إن كنت من الكاذبين» ثم تقول المرأة بعد ذلك (1) أربع مرّات : «أشهدُ بالله إنّه لمن الكاذبين في مقالته من الرمي بالزنا أو نفي الولد» ثم تقول مرّة واحدة : «أنّ غضبَ الله عليّ إن كان من الصادقين»(2) .
عدم العذر لم يكن له إنكاره بعده ، لكن في المتن الأقوى خلافه ، ولعلّ الوجه أنّ مجرّد حضور الزوج وقت الولادة وعدم إنكار الولد وان لم يكن هناك عذر ، لا يوجب أن يكون ذلك بمنزلة إقراره حتى لا يسمع إنكاره بعد الإقرار ولو كان إقراره كنائياً; لأنّ الكناية عبارة عن ذكر اللاّزم وإرادة الملزوم مع ظهور الكلام في ذلك عرفاً ، مثل; زيد كثير الرّماد ، أو مهزول الفصيل ، أو أشباه ذلك ، والمقام لا يكون من هذا القبيل ; لأنّ المفروض عدم وجود كلام له دلالة على ذلك بالصراحة أو بالكناية ، ومجرّد الحضور الخارجي لا يلازم الإقرار وإن لم يكن هناك عذر شرعي أو عرفي في النفي كما لا يخفى .1 ـ قد تعرّض في هذه المسألة لأمرين :
أحدهما : أنّه لا يقع اللعان إلاّ عند شخص الحاكم الشرعي ، واحتاط بعدم
- (1) إذا كان نفي الولد مجرّداً عن قذف المرأة يشكل الاحتياج إلى لعان المرأة ، بل مشروعيّة ذلك في غاية الإشكال ، وذلك لأنّ تأثير لعانها في نفي الولد كان من مصاديق تأثير دليل الثبوت في الحكم بنقيضيها ، فإنّ المرأة تلاعن الزوج في أنّه كاذب في نفي الولد ، فكيف يؤثّر في صدقه والحكم بنفيه وهذا إشكال فنيّ لم أر إلى الآن من أجابني بجواب يصحّ السكوت عليه ولي إشكال آخر ليس هذا موضع طرحه . «كريمي القمّي»