(الصفحة 151)
الزوجة ، فتشملها الآية(1) الواردة في عدّة الوفاة ، وكذا آية الإرث(2) وغيرها .
أمّا الصورة الثانية : وهي ما لو كانت المعتدّة الرجعية حاملا ، فإنّ عدّتها هي العدّة في الحامل المتوفّى عنها زوجها غير المطلّقة من أبعد الأجلين ومن المدّة المزبورة; لاقتضاء كونها زوجة ذلك ، وقد تقدّم(3) البحث في عدّة الحامل المتوفّى عنها زوجها في غير صورة الطلاق .
أمّا الصورة الثالثة : وهي ما لو كانت المعتدّة الرجعية مسترابة بالحمل ، ففي الجواهر: أنّ في الاجتزاء فيها بعدّة الوفاة أي الأربعة أشهر وعشراً ، أو مع المدّة التي يظهر فيها عدم الحمل ، أو وجوب إكمال العدّة المطلّقة بثلاثة أشهر بعد التسعة أو السنة ، أو وجوب أربعة أشهر وعشراً بعدها أوجهاً: أقواها الأوّل; لاندراجها في عنوان الزوجة ، فتشملها الأدلّة العامة الواردة في المتوفّى عنها زوجها ، وبطلان حكم الطلاق بالنسبة إلى ذلك ، قال: ولا ينافيه وصفها بأبعد الأجلين المنزل على الغالب ، فلا يعارض إطلاق غيره من النصوص المتروك فيه الوصف المزبور ، فيكتفي بها حينئذ ما لم يظهر الحمل لأصل العدم ، وإلاّ اعتدت بأبعد الأجلين من وضعه ، ومن الأربعة أشهر وعشر كالحامل غير المطلّقة(4) .
وقد احتاط وجوباً بالاعتداد بأبعد الأجلين من عدّة الوفاة . ووظيفة المسترابة ، فإذا مات الزوج بعد الطلاق بشهر مثلا تعتدّ عدّة الوفاة ، وتتم عدّة المسترابة إلى رفع الريبة وظهور التكليف ، ولو مات بعد سبعة أشهر اعتدّت
- (1) سورة البقرة: 2 / 234 .
- (2) سورة النساء: 4 / 7 ، 11 ، 12 .
- (3) في ص146 ـ 147 .
- (4) جواهر الكلام: 32 / 261 .
(الصفحة 152)
بأبعدهما من اتضاح الحال وعدّة الوفاة .
واللاّزم ملاحظة الخبرين الواردين في المسترابة فنقول :
أحدهما : خبر عمّار السّاباطي قال : سئل أبو عبدالله(عليه السلام): عن الرجل عنده امرأة شابة ، وهي تحيض في كلّ شهرين ، أو ثلاثة أشهر حيضةً واحدةً ، كيف يطلّقها زوجها؟ فقال : أمر هذه شديد ، هذه تطلّق طلاق السنّة تطليقةً واحدةً على طهر من غير جماع بشهود ، ثم تترك حتى تحيض ثلاث حيض ، متى حاضتها فقد انقضت عدّتها ، قلت له : فإن مضت سنة ولم تحض فيها ثلاث حيض؟ فقال : يتربّص بها بعد السنة ثلاثة أشهر ، ثمّ قد انقضت عدّتها ، قلت : فإن ماتت أو مات زوجها؟ قال : أيّهما مات ورث صاحبه ما بينه وبين خمسة عشر شهراً(1) .
ثانيهما : خبر سورة بن كليب قال : سئل أبو عبدالله(عليه السلام) عن رجل طلّق امرأته تطليقةً واحدةً على طهر من غير جماع بشهود طلاق السنّة ، وهي ممّن تحيض ، فمضى ثلاثة أشهر فلم تحض إلاّ حيضة واحدة ، ثم ارتفعت حيضتها حتى مضى ثلاثة أشهر اُخرى ، ولم تدر ما رفع حيضتها ، فقال : إن كانت شابة مستقيمة الطمث ، فلم تطمث في ثلاثة أشهر إلاّ حيضة ، ثمّ ارتفع طمثها ، فلا تدري ما رفعها ، فإنّها تتربّص تسعة أشهر من يوم طلّقها ، ثم تعتدّ بعد ذلك ثلاثة أشهر ، ثم تتزوّج إن شاءت(2) .
وذكر صاحب الجواهر: أنّ الأوّل معرض عنه ، وهما غير شاملين للفرض
- (1) التهذيب: 8 / 119 ح410 ، الاستبصار: 3 / 322 ح1148 ، الوسائل: 22 / 199 ، كتاب الطلاق ، أبواب العدد ب13 ح1 .
- (2) التهذيب: 8 / 119 ح411 ، الاستبصار: 3 / 322 ح1149 ، الوسائل: 22 / 199 ، كتاب الطلاق ، أبواب العدد ب13 ح2 .
(الصفحة 153)مسألة 4: يجب على المرأة في وفاة زوجها الحدادمادامت في العدّة ، والمراد به:ترك الزّينة في البدن بمثل التكحيل والتطيبوالخضابوتحميرالوجه والخطاط ونحوها ، وفي اللباس بلبس الأحمر والأصفر والحلّي ونحوها . وبالجملة ترك كلّ ما يعدّ زينةً تتزيّن به للزوج ، وفي الأوقات المناسبة له في العادة كالأعياد والأعراس ونحوهما ، ويختلف ذلك بحسب الأشخاص والأزمان والبلاد ، فيلاحظ في كلّ بلد ما هو المعتاد والمتعارف فيه للتزيين . نعم ، لا بأس بتنظيف البدن واللباس ، وتسريح الشعر ، وتقليم الأظفار ، ودخول الحمّام ، والافتراش بالفراش الفاخر ، والسكنى في المساكن المزيّنة ، وتزيين أولادها وخدمها(1) .
قطعاً(1) ، هذا ومقتضى الاحتياط ما أفاده في المتن ممّا تقدّم .
المقام الثاني : فيما إذا كان الطلاق بائناً ، وقد نفى وجدان الخلاف فيه(2) في لزوم الاقتصار على إتمام عدّة الطلاق ، وذلك لأنّها أجنبية ولابد من انقضاء العدّة ، ثمّ يكون الزوج خاطباً من الخطّاب بدون المحلّل أو معه كما لا يخفى . لكن في مرسلة علي بن إبراهيم المضمرة بل عن غير الإمام(عليه السلام) في المطلّقة البائنة إذا توفّي عنها زوجها وهي في عدّتها قال : تعتدّ بأبعد الأجلين(3) .
وذكر صاحب الوسائل عقيب نقل الرواية: هذا يحتمل الحمل على الاستحباب ، ويحتمل أن تكون البائنة مستعملة بالمعنى اللغوي ، ويكون مخصوصاً بالرجعي .1 ـ امّا أصل وجوب الحداد ولزومه على المرأة في عدّة وفاة زوجها ما دامت في العدّة ، فيدلّ عليه ـ مضافاً إلى أنّه لا خلاف فيه ـ روايات متعدّدة واردة في بيان
- (1 و 2) جواهر الكلام: 32 / 262 .
- (3) الكافي: 6 / 120 ح2 ، الوسائل: 22 / 250 ، كتاب الطلاق ، أبواب العدد ب36 ح6 .
(الصفحة 154)
وجوبه أو كيفيته ، مثل :
رواية زرارة ، عن أبي عبدالله(عليه السلام) قال : المتوفى عنها زوجها ليس لها أن تطيّب ولا تزيّن حتى تنقضي عدّتها أربعة أشهر وعشرة أيام(1) .
ورواية ابن أبي يعفور ، عن أبي عبدالله(عليه السلام) قال : سألته عن المتوفّى عنها زوجها؟ قال : لا تكتحل للزينة ، ولا تطيب ، ولا تلبس ثوباً مصبوغاً ، ولا تبيت عن بيتها ، وتقضي الحقوق ، وتمتشط بغسلة ، وتحجّ ، وإن كان في عدّتها(2) .
ومرسلة أبي يحيى الواسطي ، عن أبي عبدالله(عليه السلام) قال : يحدّ الحميم على حميمه ثلاثاً ، والمرأة على زوجها أربعة أشهر وعشراً(3) .
وقيام الدليل على عدم ثبوت الوجوب في الأول لا يستلزم عدم الوجوب في الثاني كما لا يخفى . إلى غير ذلك من الروايات(4) .
والحداد من الحدّ بمعنى المنع من حدّت المرأة تحدّ حدّاً أي منعت نفسها من التزيين فهي حادّة ، وقد وقع التعبير بهذا العنوان في بعض الروايات المتقدّمة كمرسلة الواسطي وجملة من الروايات الاُخر ، والمراد منه ترك كلّ ما يعدّ زينة واُريد به التزيّن للزوج ، سواء كان مرتبطاً بالبدن كالاكتحال لا للمداواة ، بل للتزيين والتطيّب والخضاب وتحمير الوجه ، أو التصرّف في شعر الرأس بإيجاد لون خاص فيه لما ذكر أو إيجاد شكل خاص فيه كذلك ، أو مرتبطاً باللباس كالألبسة الخاصة المعدّة للتزيين ، أو اللبس في أوقات مخصوصة مناسبة له كالأعياد
- (1) الكافي: 6 / 117 ح12 ، الوسائل: 22 / 234 ، كتاب الطلاق ، أبواب العدد ب29 ح4 .
- (2) الكافي: 6/116 ح4، التهذيب: 8/159 ح551، الوسائل: 22 / 233 ، كتاب الطلاق ، أبواب العدد ب29 ح2.
- (3) التهذيب: 8 / 161 ح559 ، الوسائل: 22 / 234 ، كتاب الطلاق ، أبواب العدد ب29 ح6 .
- (4) الوسائل: 22 / 223 ـ 235 ، كتاب الطلاق ، أبواب العدد ب29 .
(الصفحة 155)
والأعراس ونحوهما ، ومن المعلوم اختلاف ذلك بحسب الأشخاص من جهة السنّ ، ومن جهة الغنى والفقر ، ومن جهة الشرف وغيره ، وبحسب الأزمان والأمكنة ، ولعلّ الاكتحال كان من ذلك في الأزمنة السالفة دون مثل زماننا .
هذا ، وأمّا مثل تنظيف البدن ولو بالدلك ، وكذا تنظيف اللباس وتسريح الشعر ، ودخول الحمّام ، والافتراش بالفراش الفاخر ، والسكنى في المساكن المزيّنة ، وتزيين الأولاد والاخدام فلا مانع منه; لعدم كون الغرض من ذلك التزيين ، فإنّ من دخل الحمام لتنظيف البدن وكذا من غسل ثوبه الوسخ ، لا يكون عمله مصداقاً للتزيين ، وعلى ما ذكرنا فالعناوين المذكورة في جملة من الروايات لا خصوصية فيها ، بل المناط مجرد التزيين بها وصدقه عادة المختلف بحسب ما ذكر . نعم في جواز المبيت في غير بيتها كلام يأتي .
نعم في موثقة عمّار الساباطي ، عن أبي عبدالله(عليه السلام) أنّه سأله عن المرأة يموت عنها زوجها ، هل يحلّ لها أن تخرج من منزلها في عدّتها؟ قال : نعم وتختضب وتكتحل وتمتشط وتصبغ وتلبس المصبغ ، وتصنع ما شاءت بغير زينة لزوج(1) .
وفي الجواهر «لغير ريبة من زوج» . . . بل في الوافي قد مضى حديث آخر(2) بهذا الإسناد فيما تفعل المطلّقة في عدّتها ، وكان مضمونه قريباً من مضمون هذا الحديث إلاّ ما تضمن صدره ، ويشبه أن يكون الحديثان واحداً ، وإنّما ورد في المتوفّى عنها زوجها والمطلّقة جميعاً وقد سقط منه شيء(3) ، ويمكن حملها على إرادة جواز فعل ذلك للضرورة ، بل ربّما كان في قوله(عليه السلام): «لغير ريبة من زوج» إشعار بذلك على أنّ
- (1) الفقيه: 3 / 328 ح1591 ، الوسائل: 22 / 234 ، كتاب الطلاق ، أبواب العدد ب29 ح7 .
- (2) أي في الوافي : 23 / 1206 ح13 .
- (3) الوافي : 23 / 1220 ح18 وذيله .