(الصفحة 333)
شيئاً ، وإن قتل صاحبه خطأً ورث من ماله ولم يرث من ديته(1) .
وفي الصورة الثانية التي يكون القتل فيها شبيه العمد ففيها قولان :
أحدهما : المانعية عن الإرث .
ثانيهما : العدم ، كالخطأ المحض .
وجعل في المتن الأقوى الثاني ، ولعلّ الوجه فيه ـ مضافاً إلى عدم جريان حكمة مانعية القتل عن الإرث في شبه العمد مع عدم كون الفاعل قاصداً للقتل ، وعدم كون الفعل ممّا يترتّب عليه القتل في العادة ، كالضرب بالعصا خفيفاً ـ أنّه قد قوبل في الصحيحتين المتقدّمتين المفصّلتين بين العمد والخطأ عنوان العمد بعنوان الخطأ ، ولعلّه يظهر من هذه المقابلة كون الخطأ المذكور فيهما أعمّ من شبه العمد ، ولا مجال لدعوى العكس ، ولعلّه لذا استظهر صاحب الجواهر(قدس سره) من المحقّق وغيره بل من المعظم ـ حيث قابلوا العمد بالخطأ ـ أنّ المراد بالخطأ ما يشمل شبه العمد . وحكى عن جماعة(2) التصريح به ، وإلاّ يلزم إهمال المعظم لحكم شبيه العمد مع كثرة وقوعه ومسيس الحاجة إليه ، قال : فليس هو إلاّ لكون المراد بالخطأ الذي ذكروه ما يشمله ، خصوصاً مع وقوع ذلك منهم في مقام الاستقصاء(3) ، ثمّ إنّ الظاهر أنّ عمد الصبي والمجنون بحكم الخطأ ، فلا مانع من إرثهما عن المقتول فيما عدا الدية . وحكى في كشف اللّثام(4) عن بعضهم(5) المنع من إرث الصبي والمجنون من الإرث في صورة
- (1) سنن البيهقي : 6 / 221 .
- (2) المراسم : 220 ، مختلف الشيعة : 9 / 85 ، تحرير الأحكام : 2 / 172 .
- (3) جواهر الكلام : 39 / 38 .
- (4) كشف اللثام : 2 / 281 .
- (5) المؤتلف من المختلف : 2 / 14 .
(الصفحة 334)مسألة 2 : لا فرق في القتل العمدي ظلماً في مانعيته من الإرث بين ما كان بالمباشرة كما إذا ذبحه أو رماه بالرصاص وبين ما كان بالتسبيب كما إذا ألقاه في مسبعة فافترسه السبع أو حبسه في مكان زماناً طويلا بلا قوت فمات جوعاً أو عطشاً أو أحضر عنده طعاماً مسموماً بدون علم منه فأكله إلى غير ذلك من التسبيبات التي ينسب ويستند معها القتل إلى المسبّب ، نعم بعض التسبيبات التي قد يترتّب عليها التلف ممّا لا ينسب ولا يستند إلى المسبّب كحفر البئر وإلقاء المزالق والمعاثر في الطرق والمعابر وغير ذلك ، وإن أوجب الضمان والدية على مسبّبها إلاّ أنّها غير مانعة من الإرث ، فيرث حافر البئر في الطريق عن قريبه الذي وقع فيها ومات(1) .
تعمّد القتل ، ولكنّه واضح الضعف مع قوله(عليه السلام) : «عمد الصبيّ خطأ»(1) كما لايخفى .1 ـ الغرض من هذه المسألة بيان أمرين :
الأوّل : لا فرق في مانعية القتل عمداً وظلماً في المانعية عن الإرث بين أن يكون بالمباشرة وبين أن يكون بالتسبيب ، فالأوّل كما إذا ذبحه بيده أو رماه بالرصاص بنفسه ، والثاني كالأمثلة المذكورة في المتن ، وذلك لاستناد القتل كذلك إليه ، وهو مانع عن الإرث كما لايخفى .
الثاني : اختلاف التسبيبات في هذه الجهة ، ففي بعضها ينسب ويستند معه القتل إلى المسبّب ، وفي بعضها لا ينسب ولا يستند إلى المسبّب ، كحفر البئر وإلقاء المزالق والمعاثر في الطرق والمعابر ، فيرث حافر البئر في الطريق عن قريبه الذي وقع فيها فمات .
- (1) الوسائل : 29 / 400 ، كتاب الديات ، أبواب العاقلة ب11 ح2 .
(الصفحة 335)مسألة 3 : كما أنّ القاتل ممنوع عن الإرث من المقتول كذلك لا يكون حاجباً عمّن دونه في الدرجة ومتأخّر عنه في الطبقة ، فوجوده كعدمه ، فلو قتل شخص أباه وكان له ابن ولم يكن لأبيه أولاد غير القاتل يرث ابن القاتل عن جدّه ، وكذا لو انحصر أولاد المقتول في ابنه القاتل وله إخوة كان ميراثه لهم دون ابنه ، بل لو لم يكن له وارث إلاّ الإمام (عليه السلام) ورثه دون ابنه(1) .
أقول : ما الفرق بين القتل العمدي والقتل الخطأي بعد اشتراكهما في صحّة إسناد القتل إلى كليهما؟ ضرورة انّ ثبوت الفرق بين القاتل خطأً وبين غير القاتل هو تعلّق القصد ، أي قصد القتل وثبوته في الأوّل دون الثاني ، وعليه فيمكن أن يُقال : ـ إن كان قصد حافر البئر وقوع المقتول فيها ، خصوصاً في الجادة الشخصية للمقتول ، فوقع فيها فمات ـ بعدم ثبوت الإرث عنه; لصدق قتل العمد ظلماً وإن لم يكن من قصده ذلك ، فهو يرث منه لا لأجل عدم الانتساب ، بل لأجل عدم تحقّق المانع وهو قتل العمد ، وأمّا إيجاب الضمان والدية فهو لا ينفك عن الاستناد والانتساب ، فإنّ الإتلاف الذي هو الموضوع في قاعدة «من أتلف» لابدّ وأن يكون مستنداً إليه ولو في حال عدم التوجّه والالتفات ، كما أنّ الدية في مثل قتل الخطأ يكون موضوعه هو القتل المستند إلى القاتل . غاية الأمر بعنوان الخطأ ، فالانتساب وعدمه أمر ، والمانع عن الإرث أمر آخر كما لايخفى .1 ـ كما أنّ القاتل ممنوع عن الإرث من المقتول ، كذلك لا يكون حاجباً عمّن دونه في الدرجة ، ومتأخّر عنه في الطبقة من طبقات الإرث ، ويدلّ عليه مثل رواية جميل المتقدّمة(1) في أصل مسألة مانعية القتل من أنّه «لا يرث الرجل إذا قتل ولده
(الصفحة 336)مسألة 4 : لا فرق في مانعية القتل بين أن يكون القاتل واحداً أو متعدّداً ، وعلى الثاني بين كون جميعهم وارثاً أو بعضهم دون بعض(1) .مسألة 5 : الدية في حكم مال المقتول يقضى منها ديونه ، ويخرج منها وصاياه أوّلا قبل الإرث ثمّ يورث الباقي كسائر الأموال ، سواء كان القتل عمداً وصولحوا عن القصاص بالدية أو شبه عمد أو خطأ ، وسواء كان في مورد الصلح ما يأخذونه أزيد من الدية أو أنقص أو مساوياً ، وسواء كان المأخوذ من جنس الدّية أم لا . ويرث الدية كلّ من يتقرّب إليه بالنسب والسبب حتّى الزوجين في
أو والده، ولكن يكون الميراث لورثة القاتل» أي مع وجوده وعدم موته، فالمستفاد من ذلك أنّ وجوده كعدمه لاأنّ القاتل لايرث فقط، مع أنّه على تقدير كونه منحصراً في الطبقة ، كما إذا كان ولد المقتول منحصراً بالقاتل ، فإمّا أن يقال بإرث الطبقة المتأخّرة ومن دونه في الدرجة، كابن القاتل مثلا فهو المطلوب ، وإمّا أن يقال بعدم إرثهم أيضاً لوقوعها متأخّرة، وعليه فإمّا أن يكون الوارث هو الإمام(عليه السلام)فاللاّزم القول بإرثه مع وجود الأقرباء النسبية ، وإمّا أن لا يكون له وارث أصلا حتّى الإمام(عليه السلام) ، فيلزم خلاف ما هو المسلّم من كونه آخر الورّاث ، فتدبّر جيّداً .1 ـ المشارك في القتل كالمنفرد لاستناده إلى الشريكين أو الشركاء ، وعن جماعة(1) التصريح به ، فيمنع ما يمنع منه المنفرد وإن لم يستقلّ بالتأثير لو انفرد ، ولأجله يجري عليهما أو عليهم حكم القصاص .
- (1) الدروس : 2 / 347 ، قواعد الأحكام : 2 / 163 ، كشف اللثام : 2 / 281 ، مفتاح الكرامة : 8 / 57 ، جواهر الكلام : 39/ 47 .
(الصفحة 337)القتل العمدي وإن لم يكن لهما حقّ القصاص ، لكن إذا وقع الصلح والتراضي بالدية ورثا نصيبهما منها ، نعم لا يرث المتقرّب بالاُمّ وحدها من الدية شيئاً كالأخ والاُخت للاُمّ ، بل سائر من يتقرّب بها كالخؤولة والجدودة من قبلها ، وإن كان الأحوط في غير الأخ والاُخت التصالح(1) .
1 ـ الدية ـ وإن كانت مأخوذة بعد الموت، وبسببه في حكم مال الميّت المقتول ـ يقضى منها ديونه ويخرج منها وصاياه أوّلا قبل الإرث ، ثمّ يورث الباقي كسائر الأموال ، من دون فرق بين أن يكون القتل عمداً موجباً للقصاص ، وصولحوا عن القصاص بالدية أو شبه عمد أو خطأ . وفي محكي المبسوط(1) والخلاف(2) أنّه قول عامّة الفقهاء إلاّ أباثور(3) ، وفي موثقة إسحاق بن عمّار ، عن جعفر(عليه السلام) : أنّ رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: إذا قبلت دية العمد فصارت مالا فهي ميراث كسائر الأموال(4).
ومن الذيل يستفاد أنّ ذلك حكم مطلق الدية، سواء كان بالأصل أو بالمصالحة .
وخبر يحيى الأزرق ، عن الكاظم(عليه السلام) في رجل قتل وعليه دَين ولم يترك مالا ، فأخذ أهله الدية من قاتله ، عليهم أن يقضوا دينه؟ قال : نعم ، قال : وهو لم يترك ، قال : إنّما أخذوا الدية ، فعليهم أن يقضوا دينه(5) .
وفي رواية السكوني ، عن جعفر(عليه السلام) : قال أمير المؤمنين(عليه السلام) : من أوصى بثلثه ثمّ قتل خطأً ، فإنّ ثلث ديته داخل في وصيته(6) .
- (1) المبسوط : 7 / 53 ـ 54 .
- (2) الخلاف : 4 / 115 مسألة 128 .
- (3) المغني لابن قدامة : 7 / 204 .
- (4) الوسائل : 26 / 41 ، أبواب موانع الإرث ب14 ح1 .
- (5) الوسائل : 18 / 364 ، كتاب التجارة ، أبواب الدين والقرض ب24 ح1 .
- (6) الوسائل : 19 / 285 ، كتاب الوصايا ب14 ح2 .