(الصفحة 405)
مسألة 9 : لو أوصى بعين من التركة ، فإن كان ما أوصى هي الحبوة فالوصية نافذة إلاّ أن تكون زائدة على الثلث ، فيحتاج إلى إجازة الولد الأكبر ، وليس له شيء من التركة في قبال الحبوة ، ولو أوصى مطلقاً أو بالحبوة وغيرها ، فلو كانت الوصية غير زائدة على الثلث تنفذ ، وفي صورة الإطلاق يحسب من جميع التركة حتى الحبوة ، وفي الصورة الثانية يحسب منها
ومن دلالة بعض الروايات المتقدّمة(1) على أنّ الحبوة من متاع البيت وجزء منه فلا يشمل المقام بكلتا صورتيه .
المقام الثاني : صورة عدم التزاحم ، بأن يكون ما تركه غير الحبوة كافياً للتجهيز والديون ، وقد احتاط في المتن وجوباً بأن يعطى الولد الأكبر من الحبوة لهما بالنسبة ، وفي الرياض(2) تبعاً للشهيد في الروضة : أنّ الموافق للاُصول الشرعية البطلان في مقابلة ذلك كلّه إن لم يفكّ المحبوّ بما يخصّه; لأنّ الحبوة نوع من الإرث واختصاص فيه ، والدَّين والوصية والكفن ونحوها تخرج من جميع التركة ، ونسبة الورثة إليه على السواء(3) . ولكن ذكر في الجواهر : إنّما المتّجه خروج الجميع من غير أعيان الحبوة ترجيحاً لإطلاق أدلّتها ، ولأنّ تنفيذها من غيرها مشترك أيضاً بين المحبوّ وغيره من الورثة ، بخلاف تنفيذها منها فإنّ الضرر خاصّ بالمحبوّ ، أمّا الدَّين المستغرق فالظاهر تقديمه على الحبوة ترجيحاً لإطلاق أدلّته عليها(4) . وكيف كان فمقتضى الاحتياط ما أفاده في المتن ، فتأمّل .
- (1) في ص353 ـ 354 .
- (2) رياض المسائل : 9 / 79 .
- (3) الروضة البهية : 8 / 117 ـ 118 .
- (4) جواهر الكلام : 39 / 135 .
(الصفحة 406)غيرها حسب الوصية ، ولو زادت على الثلث تحتاج في الحبوة إلى إذن صاحبها ، وفي غيرها إلى إذن جميع الورثة ، ولو أوصى بمقدار معلوم كألف أو كسر مشاع فكذلك(1) .السادس : لا يرث الجدّ ولا الجدّة لأب أو لاُمّ مع أحد الأبوين ، لكن يستحب أن يطعم كلّ من الأبوين أبويه سدس أصل التركة لو زاد نصيبه من السدس ، فلو خلف أبويه وجدّاً وجدّة لأب أو لاُمّ يستحب للاُمّ أن تطعم أباها
1 ـ حيث إنّك عرفت أنّ الحباء نوع من الإرث ، غاية الأمر الاختصاص بوارث معيّن إذا كان موجوداً في سائر الورثة; ولذا يكون المانع عن الإرث مانعاً عن الحبوة أيضاً ، مثل ما إذا فرض أنّ الولد الأكبر قتل أباه المورّث وهكذا ، فإنّه لا يرث الحبوة أيضاً بوجه ، وحينئذ فإن كانت هناك وصية بعين من أعيان الحبوة فلا إشكال في نفوذ الوصية ، إلاّ أن تكون زائدة على الثلث ـ أي ثلث الحبوة ـ فيحتاج إلى إجازة المحبوّ ، وليس له شيء من التركة في قبال مورد الوصية شيء أصلا، ولو كانت الوصية بنحو الإطلاق ، وتحسب من جميع التركة الشامل للحبوة .
وحينئذ فإن لم تكن زائدة على ثلث الجميع تنفذ ولا تحتاج إلى الإجازة ، ولو كانت الوصية بالحبوة وغيرها تحسب الوصية من الحبوة وغيرها ، فإن لم تزد على الثلث وإلاّ فتحتاج في الحبوة إلى إذن صاحبها ، وفي غيرها إلى إذن جميع الورثة حتّى المحبوّ; لاشتراكه مع الغير في غيرها ، ولو كانت الوصية بمقدار معلوم كألف مثلا أو كسر مشاع ففي المتن «فكذلك» أي تحتاج صحّة الوصية في صورة الزيادة على الثلث إلى إذن الجميع ، غاية الأمر أنّها تخرج من الحبوة وغيرها بالسويّة من دون اختصاص بما عدا الحبوة ، كما لايخفى .
(الصفحة 407)واُمّها السدس بالسّوية وهو نصف نصيبها ، وللأب أن يطعم أباه واُمّه سدس أصل التركة ، وهو ربع نصيبه ، ولو كان الموجود واحداً منهما كان السدس له(1) .
1 ـ لا يرث الجدّ والجدّة لأب أو لاُمّ مع وجود الأبوين أو أحدهما; لأنّهما في المرتبة الثانية والأولاد والأبوين في المرتبة الاُولى ، لكن مع ذلك يستحبّ أن يطعم كلّ من الأبوين أبويه سدس أصل التركة لو زاد نصيبه من السدس ، ويدلّ عليها روايات :
منها : صحيحة جميل بن درّاج ، عن أبي عبدالله(عليه السلام) : أنّ رسول الله (صلى الله عليه وآله) أطعم الجدّة اُمّ الاُمّ السدس وابنتها حيّة(1) .
ومنها : موثّقة زرارة ، عن أبي جعفر(عليه السلام) : أنّ رسول الله (صلى الله عليه وآله) أطعم الجدّة السدس ، ولم يفرض لها شيئاً(2) .
ومثلها : ما عن زرارة قال : سمعت أبا عبدالله(عليه السلام) ، يقول : إنّ نبيّ الله (صلى الله عليه وآله) أطعم الجدّ السدس طعمة(3) .
ورواية إسحاق بن عمّار ، عن أبي عبدالله(عليه السلام) في حديث ، قال : إنّ الله فرض الفرائض فلم يقسّم للجدّ شيئاً ، وإنّ رسول الله (صلى الله عليه وآله) أطعمه السدس ، فأجاز الله له ذلك(4) .
ورواية عبد الرحمن بن أبي عبدالله قال : دخلت على أبي عبدالله(عليه السلام) وعنده أبان ابن تغلب ، فقلت : أصلحك الله ، إنّ ابنتي هلكت واُمّي حيّة ، فقال أبان : لا ليس
- (1) الوسائل : 26 / 136 ، أبواب ميراث الأبوين ب20 ح 1 .
- (2) الوسائل : 26 / 137 ، أبواب ميراث الأبوين ب20 ح 3 .
- (3) الوسائل : 26 / 137 ، أبواب ميراث الأبوين ب20 ح 4 .
- (4) الوسائل : 26 / 137 ، أبواب ميراث الأبوين ب20 ح 5 .
(الصفحة 408)
لاُمّك شيء ، فقال أبو عبدالله(عليه السلام) : سبحان الله أعطها السدس(1) .
وغير ذلك من الروايات الواردة ، التي يراد بها الاستحباب قطعاً; لما عرفت من وقوع الأجداد في المرتبة التالية للأبوين ، وأنّها لا ترث مع وجود الأبوين أو أحدهما ، ويؤيّده التعبير بالإطعام والطعمة ونظائرهما ، كما لايخفى .
ثمّ إنّه يستفاد من التعبير بالإطعام اعتبار زيادة نصيب الأبوين أو أحدهما على السدس في استحباب الإطعام ، فلو حصل لأحدهما السدس من غير زيادة ، وحصل للآخر الزيادة ، استحبّ له الإطعام دون صاحب السدس ، فلو كانت الاُمّ محجوبة عمّا زاد على السدس لا يستحبّ لها ذلك بل يستحبّ للأب فقط ، كما أنّه لو خلّفت أبوين وزوجاً استحبّ للاُمّ دون الأب; لعدم زيادة سهم الأب على السدس حينئذ . وفي الشرائع : ولا يطعم الجدّ للأب ولا الجدّة له إلاّ مع وجوده ، ولا الجدّ للاُمّ ولا الجدّة لها إلاّ مع وجودها(2) ، والسرّ فيه ـ مضافاً إلى أنّهما مخاطبان بالاستحباب ـ دلالة رواية جميل المتقدّمة على ذلك ، وكذا مرفوعة علي بن الحسن ابن رباط ، عن أبي عبدالله(عليه السلام) قال : الجدّة لها السدس مع ابنها ومع ابنتها(3) .
لكن في رواية سعد بن أبي خلف قال : سألت أبا الحسن موسى(عليه السلام) عن بنات بنت وجدّ؟ قال : للجدّ السدس والباقي لبنات البنت(4) . وذكر صاحب الوسائل بعد نقل الرواية نقل الشيخ عن ابن فضّال : أنّ هذا الخبر ممّا قد أجمعت الطائفة على العمل بخلافه(5) .
- (1) الوسائل : 26 / 138 ، أبواب ميراث الأبوين ب20 ح 6 .
- (2) شرائع الإسلام : 4 / 26 .
- (3) الوسائل : 26 / 140 ، أبواب ميراث الأبوين ب20 ح 11 .
- (4) الوسائل : 26 / 141 ، أبواب ميراث الأبوين ب20 ح 15 .
- (5) تهذيب الأحكام : 10 / 314 ذح 1128 ، الإستبصار : 4 / 164 ذح 622 .
(الصفحة 409)المرتبة الثانية : الإخوة وأولادهم المسمّون بالكلالة والأجداد مطلقاً ، ولا يرث واحد منهم مع وجود واحد من الطبقة السابقة(1) .مسألة 1 : لو انفرد الأخ لأب واُمّ فالمال له قرابةً ، ولو كان معه أخ أو إخوة كذلك فهو بينهم بالسّوية، ولو كان معهم إناث أو اُنثى كذلك فللذكر مثل حظّ الانثيين(2).مسألة 2 : لو انفردت الاُخت لأب واُمّ ، كان لها النصف فرضاً ، والباقي يردّ عليها قرابةً ، ولو تعدّدت كان لها الثلثان فرضاً ، والباقي يردّ عليها قرابةً(3) .
1 ـ لا إشكال في أنّ المرتبة الثانية من مراتب الميراث بالأنساب هم الإخوة المسمّون بالكلالة والأجداد ، ولا يرث واحد من هذه المرتبة مع وجود واحد من المرتبة السابقة ، وقد عرفت أنّ إطعام الجدّ والجدّة إنّما هو على سبيل الاستحباب لا على نحو الإرث .2 ـ لو انفرد الأخ للأبوين فلا فرض له أصلا ، بل يردّ جميع المال إليه بالقرابة ، ولو كان معه أخ آخر أو إخوة كذلك فالمال بينهما أو بينهم بالسّوية ، نعم لو كان معه اُنثى أو إناث لذلك فالمال وإن كان للجميع إلاّ أنّ للذكر ضعف الاُنثى .3 ـ لو انفردت الاُخت لأب واُمّ كان لها النصف فرضاً والباقي ردّاً ، ولو تعدّدت كان لها الثلثان فرضاً والباقي ردّاً ، قال الله تعالى :
{ إِنِ امْرُؤٌا هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ وَهُوَ يَرِثُهَا إِن لَمْ يَكُن لَهَا وَلَدٌ فَإِن كَانَتَا اثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا الثُّلُثَانِ مِمَّا تَرَكَ}(1) ففي صورة الانحصار يورث الفرض فرضاً والباقي قرابةً .
- (1) سورة النساء : 4 / 176 .