(الصفحة 255)كتاب
الظـهـار
(الصفحة 256)
(الصفحة 257)
كتاب الظهار
الذي كان طلاقاً في الجاهلية وموجباً للحرمة الأبدية ، وقد غيّر شرع الإسلام حكمه ، وجعله موجباً لتحريم الزوجة المظاهرة ، ولزوم الكفّارة بالعود كما ستعرف تفصيله(1) .
1 ـ وهو مصدر «ظاهر» من باب المفاعلة ، مأخوذ من الظهر; لأنّ صورته الأصلية أن يقول الرّجل لزوجته: «أنتِ عليّ كظهر أمّي» والظهر باعتبار أنّه موضع الركوب ، ومن المعلوم أنّ المرأة مركوبة وقت الغشيان ، فركوب الاُمّ مستعار من ركوب الدابّة .
ومن الواضح حرمة ركوب الأمّ حرمة أبديّة ; ولذا كان طلاقاً في الجاهلية وموجباً للحرمة الأبديّة ، ولكن غيّر شرع الإسلام حكمه فقال في هذا المجال:
{الَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنكُم مِن نِسَائِهِم مَا هُنَّ أُمَّهَاتِهِمْ إنْ أُمَّهَاتُهُمْ إِلاَّ اللاَّئِى وَلَدْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنكَراً مِنَ القَوْلِ وَزُوراً وَإِنَّ اللهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ}(1) .
- (1) سورة المجادلة: 58 / 2 .
(الصفحة 258)مسألة 1 : صيغة الظهار أن يقول الزوج مخاطباً للزوجة : «أنتِ عليّ كظهر أمّي» أو يقول بدل أنت «هذه» مشيراً إليها أو «زوجتي» أو «فلانة» ، ويجوز
والسبب في نزولها على ما في رواية حمران ، عن أبي جعفر(عليه السلام) ، المرويّة في تفسير علي بن إبراهيم،قال:إنّ أميرالمؤمنين(عليه السلام) قال:إنّ امرأة من المسلمين أتت رسول الله (صلى الله عليه وآله)فقالت: يا رسول الله إنّ فلاناً زوجي قد نثرت له بطني ، وأعنته على دنياه وآخرته ، فلم ير منّي مكروهاً ، وأنا أشكوه إلى الله وإليك ، قال : فما تشكينه؟ قالت : إنّه قال لي اليوم: أنت عليّ حرام كظهر أمّي ، وقد أخرجني من منزلي ، فانظر في أمري ، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): ما أنزل الله عليّ كتاباً أقضي به بينك وبين زوجك ، وأنا أكره أن أكون من المتكلّفين. فجعلت تبكي وتشتكي ما بها إلى الله وإلى رسوله وانصرفت، فسمع الله محاورتها لرسوله وما شكت إليه ، فأنزل الله عزّوجلّ بذلك قرآناً:
{بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ* قَدْ سَمِعَ اللهُ قَوْلَ الَّتِى تُجَادِلُكَ فِى زَوْجِهَا وَتَشْتَكِى إِلَى اللهِ وَاللهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا ـ يعني محاورتها لرسول الله (صلى الله عليه وآله) في زوجها ـ
إِنَّ اللهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ* الَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنكُم مِن نِسَائِهِم مَا هُنَّ أُمَّهَاتِهِمْ إِنْ أُمَّهَاتُهُمْ إِلاَّ اللاَّئِى وَلَدْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنكَراً مِنَ القَوْلِ وَزُوراً وَإِنَّ اللهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ}(1) .
فبعث رسول الله (صلى الله عليه وآله)إلى المرأة فأتته فقال لها : جيئيني بزوجك ، فأتته به ، فقال : أقلت لأمرأتك هذه : أنت عليّ حرام كظهر أمّي؟ فقال : قد قلت ذلك ، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): قد أنزل الله فيك قرآناً ، الحديث(2) .
- (1) سورة المجادلة: 58 / 1 ـ 2 .
- (2) تفسير القمّي : 2 / 353 ـ 354 ، الكافي: 6 / 152 ح1 ، الوسائل: 22 / 304 ، كتاب الظهار ب1 ح2 ، والمتن مطابق للكافي .
(الصفحة 259)تبديل «عليّ» بقوله : «منّي» أو «عندي» أو «لديّ» بل الظاهر عدم اعتبار ذكر لفظة «عليّ» وأشباهه أصلا بأن يقول : «أنت كظهر أمّي» ولو شبّهها بجزء آخر من أجزاء الاُمّ غير الظهر كرأسها أو بدنها أو بطنها ، ففي وقوع الظهار قولان : أحوطهما ذلك . ولو قال : «أنت كأمّي» أو «أمّي» قاصداً به التحريم لا علوّ المنزلة والتعظيم أو كبر السنّ وغير ذلك ، لم يقع وإن كان الأحوط وقوعه ، بل لايترك الاحتياط(1) .
1 ـ قد وقع الإتفاق بين المؤمنين بل المسلمين على وقوع صيغة الظهار بقول الزوج مخاطباً للزوجة : «أنت عليّ كظهر أمّي» وإذا قال بدل «أنتِ» «هذه» مشيراً إلى الزوجة أو «زوجتي» في صورة الانحصار أو «فلانة» فالظاهر أيضاً كذلك ، لعدم الفرق ، كما إذا أبدل لفظة «عليّ» بقوله : «منّي» أو «عندي» أو «لديّ» تتحقّق صيغة الظهار ، ولا خصوصية لقوله : «أنت» لظهور المثالية في النصوص(1) الدالّة عليه ، كما أنّه لو قال مخاطباً للزوجة: «ظهرك عليّ كظهر أمّي» تتحقّق صيغة الظهار بل بطريق أولى ، وأمّا لو قال: «أنت كظهر أمّي» من دون أيّة صلة ، فالظاهر أيضاً وقوع الظهار به كقوله : «أنت طالق» . واحتمال الفرق بينهما باحتمال صيغة الظهار مجرّدة عن الصلة كونها محرّمة على غيره حرمة ظهر أمّه عليه ، بخلاف الطلاق فإنّه لا طلاق ، وهي في حبسه دون حبس غيره ، لا وجه له بعد إرادة الظهار له ، فما عن التحرير(2) من التوقف في حذف الصّلة لا وجه له .
ولو شبّهها بجزء آخر من أجزاء الاُمّ غير الظهر ، كرأسها أو بدنها أو بطنها
- (1) الوسائل: 22 / 303 وما بعدها ، كتاب الظهار ب1 وب2 ح2 وب4 ح2 و3 وب9 وب13 ح5 وب16 .
- (2) تحرير الاحكام: 2 / 61.