(الصفحة 261)مسألة 2 : لو شبّهها بإحدى المحارم النسبيّة غير الاُمّ كالبنت والاُخت ، فمع ذكر الظّهر بأن يقول مثلا: «أنت عليّ كظهر أختي» يقع الظهار على الأقوى ، وبدونه كما إذا قال: «كاُختي» أو «كرأس اُختي» لم يقع على إشكال(1) .
كبعض المحارم فقد لزمته الكفّارة(1) .
والروايتان وإن كانتا فاقدتين للحجيّة ولا جابر لهما ، إلاّ أنّ كون الأحوط ذلك ممّا لا ينبغي أن ينكر .
نعم ، في خصوص الفرج وما يشابهه ـ مثل ما لو قال: فرجكِ عليّ كفرج أمّي ـ يبعد أن لا يكون ظهاراً ، وإن كان المبدأ غير متحقّق فيه ، إلاّ أنّ التعبير بالصراحة أولى من التعبير الاستعاري الكنائي ، ولا يحتمل في نفسه كفاية الثاني دون الأوّل .
نعم ، في مثل اليد والرجل والبطن والكفّ يمكن الحكم بعدم الاكتفاء ، إلاّ أنّ في مثل الفرج ممّا ينصرف عرفاً إلى العورة في كمال البعد ، وفي هذه الصّورة يكون الاحتياط آكد كما لايخفى .
ولو قال: أنت كأمّي أو أمّي ، قاصداً به ما يلزم قصده في صيغة الظهار من نيّة التحريم دون علوّ المقام والتعظيم وكبر السنّ ونحوها ، فعن الشيخ(2) ومن تبعه(3)وقوع الظهار به خلافاً للأكثر كما في محكيّ المسالك(4) ، والظاهر هو الثاني وإن كان مقتضى الإحتياط الأوّل .1 ـ قال المحقّق في الشرائع: ولو شبّهها بظهر إحدى المحرّمات نسباً أو رضاعاً
- (1) الكافي: 6 / 161 ح36 ، الوسائل: 22 / 316 ، كتاب الظهار ب9 ح1 ، وص310 ب4 ح4 .
- (2) المبسوط: 5 / 149 .
- (3) المهذب: 2 / 298، مختلف الشيعة: 7 / 412 و401 ـ 402.
- (4) مسالك الافهام: 9 / 472 .
(الصفحة 262)
كالأمّ والاُخت فيه روايتان(1) أي طائفتان من جنس الرواية :
الطائفة الاُولى: ما تدلّ على الوقوع ، مثل :
صحيحة زرارة قال : سألت أبا جعفر(عليه السلام)عن الظهار؟ فقال: هو من كلّ ذي محرم من أمّ أو أخت أو عمّة أو خالة ، ولا يكون الظهار في يمين ، قال : وسألته كيف الظهار؟ فقال : يقول الرجل لامرأته وهي طاهر من غير جماع: أنت عليّ حرام مثل ظهر أمّي، وهو يريد بذلك الظهار(2).
وصحيحة جميل بن درّاج قال: قلت لأبي عبدالله(عليه السلام) : الرجل يقول لامرأته: أنت عليّ كظهر عمّته أو خالته ، قال : هو الظهار ، وسألناه عن الظهار متى يقع على صاحبه الكفّارة؟ قال : إذا أراد أن يواقع امرأته ، قلت : فإن طلّقها قبل أن يواقعها أعليه كفّارة؟ قال : لا ، سقطت عنه الكفّارة(3) .
ومرسلة يونس المتقدّمة في شرح المسألة الاُولى المشتملة على قوله: «وكذلك إذا هو قال: كبعض المحارم فقد لزمته الكفّارة» .
وصحيحة سيف التمّار قال: قلت لأبي عبدالله(عليه السلام) : الرجل يقول لامرأته أنت عليّ كظهر أختي أو عمّتي أو خالتي ، قال: فقال : إنّما ذكر الله الاُمّهات ، وإنّ هذا لحرام(4) . والظاهر أنّ المراد أنّ هذا أيضاً من أفراد الظهار لا أنّه حرام آخر .
الطائفة الثانية : ما تدلّ على عدم الوقوع ، مثل :
صحيحة سيف التمّار المتقدّمة ، بناءً على كون معناها أنّ هذا لحرام ولا يكون
- (1) شرائع الإسلام: 3 / 61 .
- (2) الكافي: 6 / 153 ح3 ، الوسائل: 22 / 309 ، كتاب الظهار ب4 ح1 وذيله في ص307 ب2 ح2 .
- (3) الكافي: 6/155 ح10، التهذيب: 8/9 ح28، الوسائل: 22/310، كتاب الظهار ب4 ح2 وذيله في ص318 ب10 ح4.
- (4) الكافي: 6 / 157 ح18 ، الوسائل: 22 / 310 ، كتاب الظهار ب4 ح3 .
(الصفحة 263)
ظهاراً ، لكنّك عرفت أنّ الظاهر غيره ، فلا محيص عن الفتوى على طبق تلك الروايات التي أكثرها صحيحة ، مضافاً إلى ما في الشرائع بعد العبارة المذكورة : أشهرهما الوقوع(1) كما قوّاه الماتن(قدس سره) .
يبقى الكلام في أمرين :
أحدهما : هل الحكم منحصر بالمحارم النسبيّة كما يظهر من المتن ، أو أنّه يشمل المحارم الرضاعية أيضاً؟ قيل بالشمول لقوله (صلى الله عليه وآله): «يحرم من الرّضاع ما يحرم من النسب»(2) ولعموم قوله(عليه السلام): في صحيحة زرارة المتقدّمة: «هو من كلّ ذي محرم» وقيل بالعدم; نظراً إلى أنّ المتبادر من عنوان المحرم عامّاً أو خاصّاً كالاُمّ والاُخت والبنت هي النسبيّة منها ، والتنزيل المزبور في دليل الرضاع إنّما هو في التحريم خاصّة ، لا ما يشمل انعقاد صيغة الظهار ، والمحكيّ عن المسالك في ردّ الأمر الأخير أنّ «من» في دليل التنزيل إمّا تعليليّة مثلها في قوله تعالى :
{مِمَّا خَطِيئَاتِهِمْ أُغْرِقُوا}(3) أو بمعنى الباء كقوله تعالى :
{يَنْظُرُونَ مِن طَرْف خَفِىٍّ}(4) . والتقدير يحرم لأجل الرضاع أو بسببه ما يحرم لأجل النسب أو بسببه . وكلاهما مفيد للمطلوب; لأنّ التحريم في الظهار بسبب النسب ثابت في الجملة إجماعاً(5) فيثبت بسبب الرضاع كذلك(6) .
- (1) شرائع الإسلام: 3 / 61 .
- (2) الوسائل: 20 / 371 ـ 373 ، كتاب النكاح ، أبواب ما يحرم بالرضاع ب1 .
- (3) سورة نوح: 71 / 25 .
- (4) سورة الشورى: 42 / 45 .
- (5) الخلاف: 4 / 525 ، المبسوط: 5 / 145 ، نهاية المرام: 2 / 150 .
- (6) مسالك الافهام: 9 / 466 ـ 467 .
(الصفحة 264)مسألة 3 : الموجب للتحريم ما كان من طرف الرجل ، فلو قالت المرأة: أنت عليّ كظهر أبي أو أخي لم يؤثّر شيئاً(1) .
وأنت خبير بأنّ ما أفاده أجنبي عن انعقاد صيغة الظهار به ، فالأقوى عدم الوقوع كما ربّما يظهر من المتن على ماعرفت .
ثانيهما : أنّه في المحارم النسبية غير الاُمّ قد عرفت الانعقاد بالتشبيه بالظهر ، وأمّا التشبيه بغيره بأن قال : كأختي أو كرأس أختي ، فقد استشكل فيه في المتن ، لكنّه ذكر المحقق في الشرائع : أنّه لو شبّهها بغير أمّه بما عدا لفظة الظهر لم يقع قطعاً(1) ، وهو إن كان إجماعيّاً كما ربّما يدلّ عليه التعبير بقوله قطعاً ، وإلاّ فللمناقشة فيه مجال ، خصوصاً مع ملاحظة مرسلة يونس المتقدّمة الظاهرة في أنّه لا فرق بين الاُمّ وبين غيرها من جهة التشبيه بالظهر أو بغيره ، خصوصاً بعد كون الظهار معنى متّحداً ، فإنّه إن كان المأخوذ فيه عنوان الظهر فاللاّزم عدم الفرق بين الاُمّ وغيرها ، وإن لم يكن منحصراً بهذا العنوان فاللاّزم أيضاً كذلك ، والتفصيل غير صحيح ، ولكن حيث إنّ الظهار على خلاف القاعدة والأصل ، فاللاّزم الإقتصار على المورد المتيقّن وهو اختصاص غير الاُمّ بالظهر ، فتدبّر جيّداً ، ولكن لا ينبغي ترك الاحتياط .1 ـ والدليل على عدم التأثير ما عرفت(2) من أنّ الظهار كان طلاقاً في الجاهلية موجباً للحرمة الأبدية ، والإسلام قد غيّر بعض خصوصياته مثل العود إلى الزوجيّة بعد الكفّارة ، مضافاً إلى أنّ ظاهر الآية(3) الاختصاص بالاُمّهات ، إلاّ أنّ
- (1) شرائع الإسلام: 3 / 61 .
- (2) في ص257 .
- (3) سورة المجادلة: 58 / 2 .
(الصفحة 265)مسألة 4 : يشترط في الظّهار وقوعه بحضور عدلين يسمعان قول المظاهر كالطلاق ، وفي المظاهر البلوغ والعقل والاختيار والقصد ، فلا يقع من الصّبي ولا المجنون ولا المكره ولا الساهي والهازل والسّكران ، ولا مع الغضب سواء كان سالباً للقصد أم لا على الأقوى ، وفي المظاهرة خلوّها عن الحيض والنفاس ، وكونها في طهر لم يواقعها فيه على التفصيل المذكور في الطلاق ، وفي اشتراط كونها مدخولا بها قولان ، أصحّهما ذلك(1) .
التعميم لغيرها من المحارم لا يوجب إلحاق الزوج بالزوجة ، بعد أنّه لا مجال للطلاق بالإضافة إلى الزوج من ناحية الزوجة ، فالأقوى ما في المتن .1 ـ يشترط في الظهار وفي المظاهِر والمظاهرة ما يشترط في الطلاق والمطلّق والمطلّقة من اعتبار حضور عدلين يسمعان إنشاء المنشئ ، واعتبار البلوغ والعقل والاختيار والقصد في المظاهر ، واعتبار الخلوّ عن الحيض والنفاس وكونها في طهر لم يواقعها فيه على التفصيل المذكور في الطلاق ، والاختلاف إنّما هو في أمرين :
أحدهما : ظاهر المتن بطلان الظهار مع الغضب مطلقاً ، ولو لم يكن سالباً للقصد; ولعلّه لإطلاق رواية حمران ، عن أبي جعفر(عليه السلام) قال : لا يكون ظهار في يمين ولا في إضرار ولا في غضب(1) .
وصحيحة ابن أبي نصر ، عن الرّضا(عليه السلام) قال : الظهار لا يقع على الغضب(2) .
وثانيهما : اشتراط كونها مدخولا بها ، فإنّ فيه قولين ، قال المحقّق في الشرائع :
- (1) التهذيب: 8 / 10 ح33 ، الاستبصار: 3 / 258 ح923 ، الوسائل: 22 / 315 ، كتاب الظهار ب7 ح2 .
- (2) الكافي: 6 / 158 ح25 ، الوسائل: 22 / 315 ، كتاب الظهار ب7 ح1 .