(الصفحة 137)
والثاني الطهر ويجمع على «قروء» والقول باتحادهما .
امّا الروايات :
فمنها: صحيحة عمر بن اُذينة ، عن زرارة قال : قلت لأبي عبدالله(عليه السلام) : سمعت ربيعة الرأي يقول مِن رأيي أنّ الأقراء التي سمّى الله عزّ وجلّ في القرآن إنّما هو الطهر فيما بين الحيضتين ، فقال : كذب لم يقل برأيه ، ولكنّه إنّما بلغه عن عليّ(عليه السلام) . فقلت : أكان عليّ(عليه السلام) يقول ذلك؟ فقال : نعم إنّما القرء الطهر الذي يقرؤ فيه الدم فيجمعه ، فإذا جاء الحيض دفعه (دفقه خ ل)(1) .
ومنها: صحيحة محمد بن مسلم ، عن أبي جعفر(عليه السلام) قال : القرء ما بين الحيضتين(2) .
ومنها: ذيل صحيحة زرارة المتقدّمة ، عن أبي جعفر(عليه السلام) قال: قلت له : أصلحك الله رجل طلّق امرأته على طهر من غير جماع بشهادة عدلين ، فقال : إذا دخلت في الحيضة الثالثة فقد انقضت عدّتها ، وحلّت للأزواج . قلت له : أصلحك الله إنّ أهل العراق يروون عن عليّ(عليه السلام) أنّه قال : هو أحقّ برجعتها ما لم تغتسل من الحيضة الثالثة ، فقال : فقد كذبوا(3) .
ومنها : رواية زرارة الثالثة ، عن أبي جعفر(عليه السلام) قال : أوّل دم رأته من الحيضة
- (1) الكافي: 6/89 ح1، تفسير العياشي: 1/114 ح351، الوسائل: 22/201، كتاب الطلاق، أبواب العدد ب14 ح4.
- (2) الكافي: 6 / 89 ح3 ، التهذيب: 8 / 123 ح424 ، الاستبصار: 3 / 330 ح1174 ، الوسائل: 22 / 201 ، كتاب الطلاق ، أبواب العدد ب14 ح2 .
- (3) الكافي: 6 / 86 ح1 ، التهذيب: 8 / 123 ح426 ، الاستبصار: 3 / 327 ح1163 ، تفسير العياشي: 1 / 114 ح351 ، الوسائل: 22 / 204 ، كتاب الطلاق ، أبواب العدد ب15 ح1 .
(الصفحة 138)
الثالثة فقد بانت منه(1) .
ومنها : رواية زرارة الرابعة ، عن أبي جعفر(عليه السلام) قال : سمعته يقول : المطلّقة تبين عند أوّل قطرة من الدم في القرء الأخير(2) .
ومنها : موثّقة إسماعيل الجعفي ، عن أبي جعفر(عليه السلام) في الرجل يطلّق امرأته ، قال : هو أحقّ برجعتها ما لم تقع في الدّم الثالث(3) . إلى غير ذلك من الروايات(4) الكثيرة الدالّة على ذلك . ولكن في مقابلها ما يدلّ على أنّه أحقّ برجعتها ما لم تكمل الحيضة الثالثة مثل :
صحيحة محمد بن مسلم ، عن أبي جعفر(عليه السلام) في الرجل يطلّق امرأته تطليقة على طهر من غير جماع ، يدعها حتى تدخل في قرئها الثالث ، ويحضر غسلها ، ثم يراجعها ، ويشهد على رجعتها ، قال : هو أملك بها ما لم تحلّ لها الصّلاة(5) .
ومرسلة إسحاق بن عمّار ، عن أبي عبدالله(عليه السلام) قال : جاءت امرأة إلى عمر ، تسأله عن طلاقها ، فقال : إذهبي إلى هذا فاسأليه ـ يعني عليّاً(عليه السلام) ـ فقالت لعليّ(عليه السلام) : إنّ زوجي طلّقني ، قال : غسلت فرجك؟ فرجعت إلى عمر ، فقالت : أرسلتني إلى رجل يلعب ، فردّها إليه مرّتين ، كلّ ذلك ترجع فتقول: يلعب ، قال: فقال لها : انطلقي إليه ، فإنّه أعلمنا ، قال : فقال لها عليّ(عليه السلام): غسلت فرجك؟ قالت : لا ، قال :
- (1) الكافي: 6 / 87 ح6 ، الوسائل: 22 / 206 ، كتاب الطلاق ، أبواب العدد ب15 ح9 .
- (2) الكافي: 6 / 87 ح7 ، الوسائل: 22 / 206 ، كتاب الطلاق ، أبواب العدد ب15 ح10 .
- (3) الكافي: 6 / 87 ح8 ، الوسائل: 22 / 206 ، كتاب الطلاق ، أبواب العدد ب15 ح11 .
- (4) الوسائل: 22 / 201 ـ 210 ، كتاب الطلاق ، أبواب العدد ب14 ـ 15 .
- (5) التهذيب: 8 / 127 ح437 ، الاستبصار: 3 / 331 ح1777 ، الوسائل: 22 / 208 ، كتاب الطلاق ، أبواب العدد ب15 ح15 .
(الصفحة 139)
فزوجك أحقّ ببضعك ما لم تغسلي فرجك(1) .
ورواية عبدالله بن ميمون ، عن أبي عبدالله ، عن أبيه(عليهما السلام) ، قال : قال عليّ(عليه السلام) : إذا طَلّق الرجل المرأة ، فهو أحقّ بها ما لم تغتسل من الثالثة(2) .
وغير ذلك من الروايات(3) الواردة بهذا المضمون .
وعن المفيد الجمع بينهما بأنّه إذا طلّقها في آخر طهرها اعتدّت الحيض ، وإن طلّقها في أوّله اعتدّت بالأطهار(4) . واستقربه الشيخ(5) فيما حكي عنه ، وتبعه بعض متأخّري المتأخّرين(6) .
وأنت خبير بدلالة جملة من الطائفة الاُولى على أنّ القول الأخير إنّما هو باعتبار شهرة الرواية المكذوبة عن علي(عليه السلام) ، كما وقع التصريح به من أبي جعفر(عليه السلام)في بعض الروايات المتقدّمة .
وإن شئت قلت: إنّه بعد عدم إمكان الجمع الدلالي بين الطائفتين، ووصول النوبة إلى ملاحظة الترجيح المذكور في الأخبار العلاجية ، تكون الشهرة الفتوائية المحققة مع الطائفة الاُولى فاللاّزم الأخذ بها ، هذا كلّه بالإضافة إلى مستقيمة الحيض .
وعطف عليها ما إذا تحيض في كلّ شهر أزيد من مرّة ، وكذا ما إذا تحيض في كلّ شهرين مرّة ، وجعل الضابط ما إذا كان الفاصل بين حيضتين أقلّ من ثلاثة أشهر;
- (1) التهذيب: 8/125 ح433، الاستبصار: 3/329 ح1170، الوسائل: 22/207، كتاب الطلاق، أبواب العدد ب15 ح13.
- (2) التهذيب: 8 / 125 ح432 ، الاستبصار: 3 / 329 ح1169 ، الوسائل: 22 / 207 ، كتاب الطلاق ، أبواب العدد ب15 ح12 .
- (3) الوسائل: 22 / 201 ـ 210 ، كتاب الطلاق ، أبواب العدد ب14 و 15 .
- (4) المقنعة: 532 .
- (5) التهذيب: 8 / 127 ذح438 .
- (6) الحدائق الناضرة: 25 / 405 .
(الصفحة 140)مسألة 12 : المراد بالقروء الأطهار ، ويكفي في الطهر الأوّل مسمّاه ولو قليلا ، فلو طلّقها وقد بقيت منه لحظة يحسب ذلك طهراً ، فإذا رأت طهرين آخرين تامّين يتخلّل حيضة بينهما انقضت العدّة ، فانقضاؤها برؤية الدم الثالث
. لما دلّ من النصوص(1) المستفيضة أو المتواترة على أنّ عدّة المرأة التي لا تحيض ثلاثة أشهر:
كصحيحة الحلبي ، عن أبي عبدالله(عليه السلام) قال : عدّة المرأة التي لا تحيض والمستحاضة التي لا تطهر ثلاثة أشهر(2) .
وإن كانت لا تحيض وهي في سنّ من تحيض كانت عدّتها ثلاثة أشهر ، وقد تقدّم البحث عن مثل ذلك باعتبار الابتلاء في زماننا بإخراج الرحم بجهة الكسالة ، أو عدم الابتلاء بالحمل أو غيرهما من الجهات في رسالة مستقلّة فراجع إليها(3) .
ومثله من كانت لا تحيض ثلاثة أشهر كما في صحيحة الحلبي ، فإنّ عدّتها بالشهور لا بالأقراء; لأنّ الفاصل بين حيضتين ثلاثة أشهر أو أزيد .
ولا يخفى أنّه لا فرق بين الحيض والنفاس الذي هو كالحيض ، وما في بعض النصوص السابقة(4) من أنّ القرء ما كان بين الحيضتين محمول على الغالب ، فالمراد المدّة التي بين الحيضتين ، أو بين الحيض والنفاس ، فلو طلّقها بعد الوضع قبل أن ترَ دماً ثم رأته لحظة ، ثم رأت الطهر عشراً ، ثم رأت الحيض ثلاثاً كان ما بينهما طهر .
- (1) الوسائل: 22 / 183 ـ 190 ، كتاب الطلاق ، أبواب العدد ب4 .
- (2) الكافي: 6 / 100 ح8 ، التهذيب: 8 / 118 ح407 ، الاستبصار: 3 / 332 ح1183 ، الوسائل: 22 / 186 ، كتاب الطلاق ، أبواب العدد ب4 ح7 .
- (3) في ص97 ـ 119 .
- (4) في ص137 .
(الصفحة 141)نعم ، لو اتّصل آخر صيغة الطلاق بأوّل زمان الحيض صحّ الطلاق ، لكن لابدّ في انقضاء العدّة من أطهار تامّة ، فتنقضي برؤية الدم الرابع ، كلّ ذلك في الحرّة(1) .مسألة 13 : بناءً على كفاية مسمّى الطهر في الطهر الأوّل ولو لحظة وإمكان أن تحيض المرأة في شهر واحد أزيد من مرّة فأقل زمان يمكن أن تنقضي عدة الحرّة ستّة وعشرون يوماً ولحظتان ، بأن كان طهرها الأول لحظة ثمّ تحيض ثلاثة أيّام ، ثمّ ترى أقلّ الطهر عشرة أيّام ، ثمّ تحيض ثلاثة أيّام ، ثمّ ترى أقلّ الطهر عشرة أيّام ، ثمّ تحيض ، فبمجرّد رؤية الدم الأخير لحظة من أوّله انقضت العدّة ، وهذه اللحظة الأخيرة خارجة عن العدّة ، وإنّما يتوقّف عليها تماميّة الطهر الثالث ، هذا في الحرة ، وأمّا في الأمّة فأقل ما يمكن انقضاء عدّتها لحظتان وثلاثة عشر يوماً .
1 ـ أمّا كون المراد بالقروء في الآية الشريفة الواردة في الطلاق هي: الأطهار لا الحيض ، فقد عرفت(1) دلالة النصّ والفتوى عليه ، وأنّه من امتيازات الشيعة أخذها عن علي(عليه السلام) ، وإن كانت الرواية المكذوبة على علي(عليه السلام) مشتهرة ، لكن من بعده من الأئمّة(عليهم السلام) ولاسيما أبي جعفر الباقر (عليه السلام) قد بيّنوا الصحيح من السقيم والصدق عن الكذب وقد تقدّم ذلك(2) ، وأمّا الإكتفاء في الطهر الأوّل بمسمّاه ولو قليلا ، بحيث لو طلّقها وقد بقيت من الطهر لحظة فيحسب ذلك طهراً; فلأنّ حقيقة الطهر حاصلة بها فتتحقّق مع الطهرين الآخرين التامّين أطهار ثلاثة ، فيصير انقضاء العدّة برؤية الدم الثالث; ولأنّه لو لم يحصل بها فاللاّزم أن يقال بحصولها بتمام مدّة الطهر أو بأكثرها ، والأوّل غير ممكن مع اعتبار حصول الطلاق في طهر