(الصفحة 139)
فزوجك أحقّ ببضعك ما لم تغسلي فرجك(1) .
ورواية عبدالله بن ميمون ، عن أبي عبدالله ، عن أبيه(عليهما السلام) ، قال : قال عليّ(عليه السلام) : إذا طَلّق الرجل المرأة ، فهو أحقّ بها ما لم تغتسل من الثالثة(2) .
وغير ذلك من الروايات(3) الواردة بهذا المضمون .
وعن المفيد الجمع بينهما بأنّه إذا طلّقها في آخر طهرها اعتدّت الحيض ، وإن طلّقها في أوّله اعتدّت بالأطهار(4) . واستقربه الشيخ(5) فيما حكي عنه ، وتبعه بعض متأخّري المتأخّرين(6) .
وأنت خبير بدلالة جملة من الطائفة الاُولى على أنّ القول الأخير إنّما هو باعتبار شهرة الرواية المكذوبة عن علي(عليه السلام) ، كما وقع التصريح به من أبي جعفر(عليه السلام)في بعض الروايات المتقدّمة .
وإن شئت قلت: إنّه بعد عدم إمكان الجمع الدلالي بين الطائفتين، ووصول النوبة إلى ملاحظة الترجيح المذكور في الأخبار العلاجية ، تكون الشهرة الفتوائية المحققة مع الطائفة الاُولى فاللاّزم الأخذ بها ، هذا كلّه بالإضافة إلى مستقيمة الحيض .
وعطف عليها ما إذا تحيض في كلّ شهر أزيد من مرّة ، وكذا ما إذا تحيض في كلّ شهرين مرّة ، وجعل الضابط ما إذا كان الفاصل بين حيضتين أقلّ من ثلاثة أشهر;
- (1) التهذيب: 8/125 ح433، الاستبصار: 3/329 ح1170، الوسائل: 22/207، كتاب الطلاق، أبواب العدد ب15 ح13.
- (2) التهذيب: 8 / 125 ح432 ، الاستبصار: 3 / 329 ح1169 ، الوسائل: 22 / 207 ، كتاب الطلاق ، أبواب العدد ب15 ح12 .
- (3) الوسائل: 22 / 201 ـ 210 ، كتاب الطلاق ، أبواب العدد ب14 و 15 .
- (4) المقنعة: 532 .
- (5) التهذيب: 8 / 127 ذح438 .
- (6) الحدائق الناضرة: 25 / 405 .
(الصفحة 140)مسألة 12 : المراد بالقروء الأطهار ، ويكفي في الطهر الأوّل مسمّاه ولو قليلا ، فلو طلّقها وقد بقيت منه لحظة يحسب ذلك طهراً ، فإذا رأت طهرين آخرين تامّين يتخلّل حيضة بينهما انقضت العدّة ، فانقضاؤها برؤية الدم الثالث
. لما دلّ من النصوص(1) المستفيضة أو المتواترة على أنّ عدّة المرأة التي لا تحيض ثلاثة أشهر:
كصحيحة الحلبي ، عن أبي عبدالله(عليه السلام) قال : عدّة المرأة التي لا تحيض والمستحاضة التي لا تطهر ثلاثة أشهر(2) .
وإن كانت لا تحيض وهي في سنّ من تحيض كانت عدّتها ثلاثة أشهر ، وقد تقدّم البحث عن مثل ذلك باعتبار الابتلاء في زماننا بإخراج الرحم بجهة الكسالة ، أو عدم الابتلاء بالحمل أو غيرهما من الجهات في رسالة مستقلّة فراجع إليها(3) .
ومثله من كانت لا تحيض ثلاثة أشهر كما في صحيحة الحلبي ، فإنّ عدّتها بالشهور لا بالأقراء; لأنّ الفاصل بين حيضتين ثلاثة أشهر أو أزيد .
ولا يخفى أنّه لا فرق بين الحيض والنفاس الذي هو كالحيض ، وما في بعض النصوص السابقة(4) من أنّ القرء ما كان بين الحيضتين محمول على الغالب ، فالمراد المدّة التي بين الحيضتين ، أو بين الحيض والنفاس ، فلو طلّقها بعد الوضع قبل أن ترَ دماً ثم رأته لحظة ، ثم رأت الطهر عشراً ، ثم رأت الحيض ثلاثاً كان ما بينهما طهر .
- (1) الوسائل: 22 / 183 ـ 190 ، كتاب الطلاق ، أبواب العدد ب4 .
- (2) الكافي: 6 / 100 ح8 ، التهذيب: 8 / 118 ح407 ، الاستبصار: 3 / 332 ح1183 ، الوسائل: 22 / 186 ، كتاب الطلاق ، أبواب العدد ب4 ح7 .
- (3) في ص97 ـ 119 .
- (4) في ص137 .
(الصفحة 141)نعم ، لو اتّصل آخر صيغة الطلاق بأوّل زمان الحيض صحّ الطلاق ، لكن لابدّ في انقضاء العدّة من أطهار تامّة ، فتنقضي برؤية الدم الرابع ، كلّ ذلك في الحرّة(1) .مسألة 13 : بناءً على كفاية مسمّى الطهر في الطهر الأوّل ولو لحظة وإمكان أن تحيض المرأة في شهر واحد أزيد من مرّة فأقل زمان يمكن أن تنقضي عدة الحرّة ستّة وعشرون يوماً ولحظتان ، بأن كان طهرها الأول لحظة ثمّ تحيض ثلاثة أيّام ، ثمّ ترى أقلّ الطهر عشرة أيّام ، ثمّ تحيض ثلاثة أيّام ، ثمّ ترى أقلّ الطهر عشرة أيّام ، ثمّ تحيض ، فبمجرّد رؤية الدم الأخير لحظة من أوّله انقضت العدّة ، وهذه اللحظة الأخيرة خارجة عن العدّة ، وإنّما يتوقّف عليها تماميّة الطهر الثالث ، هذا في الحرة ، وأمّا في الأمّة فأقل ما يمكن انقضاء عدّتها لحظتان وثلاثة عشر يوماً .
1 ـ أمّا كون المراد بالقروء في الآية الشريفة الواردة في الطلاق هي: الأطهار لا الحيض ، فقد عرفت(1) دلالة النصّ والفتوى عليه ، وأنّه من امتيازات الشيعة أخذها عن علي(عليه السلام) ، وإن كانت الرواية المكذوبة على علي(عليه السلام) مشتهرة ، لكن من بعده من الأئمّة(عليهم السلام) ولاسيما أبي جعفر الباقر (عليه السلام) قد بيّنوا الصحيح من السقيم والصدق عن الكذب وقد تقدّم ذلك(2) ، وأمّا الإكتفاء في الطهر الأوّل بمسمّاه ولو قليلا ، بحيث لو طلّقها وقد بقيت من الطهر لحظة فيحسب ذلك طهراً; فلأنّ حقيقة الطهر حاصلة بها فتتحقّق مع الطهرين الآخرين التامّين أطهار ثلاثة ، فيصير انقضاء العدّة برؤية الدم الثالث; ولأنّه لو لم يحصل بها فاللاّزم أن يقال بحصولها بتمام مدّة الطهر أو بأكثرها ، والأوّل غير ممكن مع اعتبار حصول الطلاق في طهر
(الصفحة 142)مسألة 14: عدّة المتعة في الحامل وضع حملها ، وفي الحائل إذا كانت تحيض قرءان، والمراد بهما هنا حيضتان على الأقوى، وإن كانت لا تحيض وهي في سنّ من تحيض فخمسة وأربعون يوماً ، والمراد من الحيضتين الكاملتان ، فلو وهبت مدّتها أو انقضت في أثناء الحيض لم تحسب بقية تلك الحيضة من الحيضتين(1).
غير المواقعة ، ودعوى شروع العدّة من الطهر اللاّحق مدفوعة جدّاً ، والثاني لا دليل عليه أصلا ، فيتعيّن الاكتفاء في الطهر الأوّل باللحظة ، ومن المعلوم افتراقه من الطهر الأخير المتوقف كماله على رؤية الدم الثالث .
نعم ، لو اتّصل آخر صيغة الطلاق بأوّل زمان الحيض فالطلاق صحيح; لعدم وقوعه إلاّ في حال الطهر غير المواقعة ، لكن انقضاء العدّة يتوقف على رؤية الدم الرابع; وذلك لأنّ المفروض عدم ثبوت الطهر بعدالطلاق ولو لحظة ، وكذا المفروض لزوم تحقّق أطهار ثلاثة ، وهي لا تتحقّق إلاّ بذلك ، كل ذلك بالإضافة إلى الحرّة ، وأمّا في الأمة ففيها كلام مستقلّ لم يعدّ المتن ولا الشرح للبحث عن أحكام العبيد والإماء ، كما نبهنا عليه في بعض المواضع ، فاللاّزم الرجوع إلى الكتب المفصّلة كالجواهر وغيرها; لأنّ البحث عن غيرهما قد يرتبط بالبحث عنهما كما لا يخفى .1 ـ قد تقدّم البحث عن عدّة المتعة في صورة انقضاء مدّتها أو هبتها في البحث عن النكاح المنقطع مفصّلا فراجع(1) ، والفارق بين النكاح الدائم ـ حيث إنّ العدّة فيه ثلاثة أطهار بعد الطلاق أو الانفساخ ـ وبين النكاح المنقطع ـ حيث إنّ العدّة فيه حيضتان كاملتان ، مع أنّه يبدو في النظر أنّه لا فارق بينهما في هذه الجهة المرتبطة بالدخول وعدم اليأس ، ولا فرق بين النكاحين من هذه الحيثية ـ لا يكون إلاّ
- (1) تفصيل الشريعة / كتاب النكاح: فصل في النكاح المنقطع .
(الصفحة 143)مسألة 15: المدارفي الشهور هو الهلالي، فإن وقع الطلاق في أوّل رؤية الهلال فلا إشكال ، وإن وقع في أثناء الشهر ففيه خلاف وإشكال ، ولعلّ الأقوى في النظر جعل الشهرين الوسطين هلاليين وإكمال الأوّل من الرابع بمقدار ما فات منه(1).
النصّ; كالفرق بين الحرّة والأمة ، ولعلّ السرّ في أطولية العدّة في النكاح الدائم أنّها مترتبة نوعاً على الطلاق الذي يبغضه الشارع ويكرهه ويريد أن لا يقع ، بخلاف العدّة في النكاح المنقطع ، الذي يريد الشارع بالإضافة إليه التسهيل والتوسعة; لئلا يقعوا في الزنا ، والعمدة هي النص ، كما ذكرنا .1 ـ لانصراف الشهر في عرف الشرع بل العرف العام إلى الهلالي ، بل لم يستعمل الشهر في الكتاب والسنّة إلاّ في الهلالي ، نعم ربما يقال : بأنّ المراد بالسنة في باب الخمس هي السنة الشمسية; لاختلاف الفصول في حصول الربح نوعاً ، فمضي السنة لا ينطبق إلاّ على مجموع السنة المشتمل على جميع الفصول الأربعة .
وأمّا في غير باب الخمس فالمراد هو الشهر الهلالي; لما ذكر ، ولرواية أبي مريم ، عن أبي عبدالله(عليه السلام)في الرجل كيف يطلّق امرأته وهي تحيض في كلّ ثلاثة أشهر حيضة واحدة؟ قال : يطلّقها تطليقة واحدة في غرّة الشهر ، فإذا انقضت ثلاثة أشهر من يوم طلّقها ، فقد بانت منه وهو خاطب من الخطّاب(1) .
وحينئذ إن وقع الطلاق في أوّل رؤية الهلال كما هو المفروض في الرواية فلا إشكال ، وإن وقع في أثناء الشهر ففيه خلاف وإشكال .
وقد ذكر المحقّق في الشرائع: ولو طلّقت في أثنائه اعتدّت بهلالين ، وأخذت من
- (1) التهذيب: 8 / 120 ح414 ، الاستبصار: 3 / 324 ح1152 ، الوسائل: 22 / 200 ، كتاب الطلاق ، أبواب العدد ب13 ح3 .