(الصفحة 197)مسألة 10 : المطلّقة بالطلاق الرجعي بحكم الزوجة في الأحكام ، فما لم يدلّ دليل على الاستثناء يترتّب عليها حكمها ما دامت في العدّة من استحقاق
النّفقة الطلاق الثاني رجعيّاً أو بائناً ، وذلك مضافاً إلى جريان حكمة العدّة ، وهي عدم اختلاط المياه والأنساب ، من دون فرق بين وقوع هذه الاُمور وهي الطلاق بعد الدخول والرجوع ، ثم الطلاق قبل الدخول في مدّة قليلة كيوم أو يومين أو في مدّة كثيرة; لأنّه يصدق عليه الطلاق بعد الدخول بعد كون الرجوع بمنزلة عدم وقوع الطلاق قبله ، فالطلاق بعده وإن كان قبل الدخول إلاّ أنّه يصدق عليه الطلاق بعد الدخول الموجب للعدّة ، وهكذا الحال لو طلّقها بائناً ثمّ جدّد نكاحها في أثناء العدّة ثم طلّقها قبل الدخول ، فإنّه لا يجرى عليها حكم الطلاق قبل الدخول ، وذلك للدليل المذكور .
نعم ، لو جدّد نكاحها في الفرض المزبور بعد انقضاء العدّة وتماميتها ثمّ طلّقها قبل الدخول ، فإنّ هذا الطلاق طلاق قبل الدخول ولا يحتاج إلى العدّة; لفرض تماميّتها بالإضافة إلى الطلاق الأوّل ، ولا مجال لتوهّم اختلاط الأنساب ، وهكذا الحال فيما إذا عقد عليها منقطعاً ثم وهب مدّتها بعد الدخول ، ثم تزوّجها ثم طلّقها قبل الدخول ، فإنّه لا يجرى عليها حكم الطلاق قبل الدخول لما ذكرنا ، خصوصاً إذا وقعت هذه الاُمور في مدة قليلة ، وعلى ما ذكرنا فما توهّمه بعض من جواز الاحتيال بنكاح جماعة في يوم واحد امرأة شابة ذات عدّة مع دخول كلّ واحد بها ـ بأن عقد الأوّل عليها منقطعاً ثمّ دخل بها ثمّ وهب مدّتها ثم تزوّجها دائماً ثم طلّقها قبل الدخول ، وهكذا بالإضافة إلى الثاني والثالث وهكذا ـ في غاية الفساد; لعدم تحقّق عنوان الطلاق قبل الدخول حتى لا يحتاج إلى العدّة ، فالاحتيال المذكور لا مجال له كما لا يخفى .
(الصفحة 198)والسكنى والكسوة إذا لم تكن ولم تصر ناشزة ، ومن التوارث بينهما ، وعدم جواز نكاح أختها والخامسة ، وكون كفنها وفطرتها عليه . وأمّا البائنة كالمختلعة والمباراة والمطلّقة ثلاثاً فلا يترتّب عليها آثار الزوجية مطلقاً لا في العدّة ولا بعدها ، نعم لو كانت حاملا من زوجها استحقت النفقة والكسوة والسكنى عليه حتى تضع حملها كما مرّ(1) .
1 ـ قد تقدّم(1) في مسائل نفقة الزوجة أنّ المطلقة بالطلاق الرجعي بحكم الزوجة في جميع الأحكام إلاّ ما دلّ دليل على الإستثناء ، فما دامت في العدّة تستحق النفقة والسكنى والكسوة إذا لم تكن ولم تصر ناشزة ، وقد عرفت(2) أنّ الظاهر أنّها يوماً فيوماً فتكون المعتدة المفروضة كذلك ، وهكذا مسألة التوارث بينهما من الطرفين وعدم جواز نكاح أختها والخامسة ، وكون كفنها وفطرتها عليه كالزوجة غير المطلّقة ، بل وحتى جواز الوطء الذي يتحقق به الرجوع ولو لم يكن قاصداً له وهكذا سائر الأحكام .
وأمّا المطلقة بالطلاق البائن الذي لا يجوز للزوج الرجوع فيه لا قولا ولا فعلا ، كالأمثلة المذكورة في المتن ، فلا يترتّب عليها آثار الزوجية مطلقاً ، لا في العدّة ولا بعدها; لعدم كونها زوجة، ولابحكم الزوجة; لعدم جواز الرجوع للزوج، غاية الأمر الفرق بين الزوج وغيره إنّما هو في جواز أن يعقد عليها في غير الطلاق الثالث ، ومثله في العدّة وعدم الجواز للغير; لتحقّق اختلاط المياه والأنساب في الثاني دون الأوّل ، إلاّ أنّه لايوجب صيرورتها بحكم الزوجة بعد عدم جواز الرجوع وانقطاع العصمة.
- (1 و2) تفصيل الشريعة / كتاب النكاح: فصل في النفقات ، مسألة 6 و10 .
(الصفحة 199)مسألة 11 : لو طلّقها مريضاً ترثه الزوجة ما بين الطلاق وبين سنة; بمعنى أنّه إن مات الزوج بعدما طلّقها في حال المرض بالمرض المزبور لا بسبب آخر على الأقرب ، فإن كان موته بعد سنة من حين الطلاق ولو يوماً أو أقل لا ترثه ، وإن كان بمقدار سنة وما دونها ترثه سواء كان الطلاق رجعيّاً أو بائناً ، وذلك بشروط ثلاثة :
الأوّل: أن لا تتزوّج المرأة ، فلو تزوّجت بعد إنقضاء عدّتها ثمّ مات الزوج لم ترثه .
الثاني: أن لا يبرأ من المرض الذي طلّقها فيه ، فلو برأ منه ثم مرض ومات
نعم، لو كانت المطلقة بائناً حاملا من زوجها استحقّت النفقة والكسوة والسكنى عليه حتى تضع حملها ، إلاّ أنّها سكنى نفقة لا سكنى إعتداد على وجه يحرم عليه اخراجها إلى منزل آخر لائق بحالها ، ويحرم عليها الخروج كما في الجواهر(1) .
وتقدّم(2) الكلام أيضاً في أنّ هذه النفقة للحمل أو الحامل والآثار المترتّبة على الاحتمالين ، وهل تثبت النفقة أيضاً في الوطء بالشبهة لو كانت حاملا من الواطئ؟ قال الشيخ: نعم(3) ، وقد استشكل فيه المحقق في الشرائع بقوله : وفيه إشكال ينشأ من توهّم اختصاص النفقة بالمطلقة الحامل دون غيرها من البائنات(4) ، وذكر في الجواهر: أنّه ليس من التوهّم بل هو المتحقّق ، فالظاهر أنّه لا نفقة لها مطلقاً(5) .
- (1) جواهر الكلام: 32 / 339 .
- (2) تفصيل الشريعة / كتاب النكاح: فصل في النفقات ، مسألة 6 .
- (3) المبسوط: 6 / 28 و 5 / 275 .
- (4) شرائع الإسلام: 3 / 43 .
- (5) جواهر الكلام: 32 / 340 .
(الصفحة 200)في أثناء السنة لم ترثه ، إلاّ إذا مات في أثناء العدّة الرجعيّة .
الثالث: أن لا يكون الطلاق بالتماس منها ، فلا ترث المختلعة والمبارأة; لأنّ الطلاق بالتماسها(1) .
1 ـ الأصل في ذلك روايات متعددة واردة في هذا المجال ، مثل :
رواية أبي العبّاس ، عن أبي عبدالله(عليه السلام) قال : إذا طلّق الرجل المرأة في مرضه ، ورثته ما دام في مرضه ذلك ، وإن انقضت عدّتها ، إلاّ أن يصحّ منه ، قال: قلت : فإن طال به المرض؟ فقال : ما بينه وبين سنة(1) .
وصحيحة الحلبي المضمرة أنّه سئل عن رجل يحضره الموت فيطلّق امرأته ، هل يجوز طلاقه؟ قال : نعم ، وإن مات ورثته ، وإن ماتت لم يرثها(2) .
ومرسلة أبان بن عثمان ، عن رجل ، عن أبي عبدالله(عليه السلام): أنّه قال في رجل طلّق امرأته تطليقتين في صحّة ، ثم طلّق التطليقة الثالثة وهو مريض : أنّها ترثه ما دام في مرضه وإن كان إلى سنة(3) .
ورواية سماعة قال : سألته(عليه السلام) عن رجل طلّق امرأته وهو مريض؟ قال : ترثه ما دامت في عدّتها وإن طلّقها في حال اضرار فهي ترثه إلى سنة ، فإن زاد على السنة يوماً واحداً لم ترثه ، وتعتدّ منه أربعة أشهر وعشراً عدّة المتوفى عنها زوجها(4) .
ورواية عبيد بن زرارة ، عن أبي عبدالله(عليه السلام) قال : سألته عن رجل طلّق امرأته وهو مريض حتى مضى لذلك سنة؟ قال : ترثه إذا كان في مرضه الذي طلّقها ،
- (1) الكافي: 6 / 122 ح7 و ج7 / 134 ح5 ، الوسائل: 22 / 151 ، أبواب أقسام الطلاق ب22 ح1 .
- (2) الكافي: 6 / 123 ح11 ، الوسائل: 22 / 151 ، أبواب أقسام الطلاق ب22 ح2 .
- (3) الكافي: 6 / 123 ح10 ، الوسائل: 22 / 152 ، أبواب أقسام الطلاق ب22 ح3 .
- (4) الكافي: 6 / 122 ح9 ، الوسائل: 22 / 152 ، أبواب أقسام الطلاق ب22 ح4 .
(الصفحة 201)
لم يصحّ بين ذلك(1) .
ورواية اُخرى لأبي العباس ، عن أبي عبدالله(عليه السلام) قال : قلت له: رجل طلّق امرأته وهو مريض تطليقة ، وقد كان طلّقها قبل ذلك تطليقتين ، قال: فإنّها ترثه إذا كان في مرضه ، قلت : فما حدّ ذلك؟ قال : لا يزال مريضاً حتى يموت وإن طال ذلك إلى سنة(2) .
ورواية الحذاء ، وعن مالك بن عطية ، عن أبي الورد كليهما ، عن أبي جعفر(عليه السلام)قال : إذا طلّق الرجل امرأته تطليقة في مرضه ، ثمّ مكث في مرضه حتى انقضت عدّتها ، فإنّها ترثه ما لم تتزوّج ، فإن كانت تزوّجت بعد انقضاء العدّة فإنّها لا ترثه(3) .
ومرسلة عبد الرحمن بن الحجاج ، عمّن حدّثه ، عن أبي عبدالله(عليه السلام) قال في رجل طلّق امرأته وهو مريض ، قال: إن مات في مرضه ولم تتزوّج ورثته ، وإن كانت تزوّجت فقد رضيت بالذي صنع لا ميراث لها(4) .
ورواية محمد بن القاسم الهاشمي قال : سمعت أبا عبدالله(عليه السلام) يقول : لا ترث المختلعة ولا المبارأة ولا المستأمرة في طلاقها من الزوج شيئاً إذا كان ذلك منهنّ في
- (1) الكافي: 6 / 122 ح5 ، التهذيب: 8 / 78 ح264 ، الاستبصار: 3 / 305 ح1084 ، الوسائل: 22 / 153 ، أبواب أقسام الطلاق ب22 ح7 .
- (2) الكافي: 6 / 122 ح6 ، الوسائل: 22 / 153 ، أبواب أقسام الطلاق ب22 ح8 .
- (3) الكافي: 6 / 121 ح2 ، التهذيب: 8 / 77 ح262 ، الاستبصار: 3 / 304 ح1082 ، الوسائل: 22 / 152 ، أبواب أقسام الطلاق ب22 ح5 .
- (4) الكافي: 6 / 121 ح3 ، التهذيب: 8 / 77 ح263 ، الاستبصار: 3 / 305 ح1083 ، الوسائل: 22 / 153 ، أبواب أقسام الطلاق ب22 ح6 .