(الصفحة 201)
لم يصحّ بين ذلك(1) .
ورواية اُخرى لأبي العباس ، عن أبي عبدالله(عليه السلام) قال : قلت له: رجل طلّق امرأته وهو مريض تطليقة ، وقد كان طلّقها قبل ذلك تطليقتين ، قال: فإنّها ترثه إذا كان في مرضه ، قلت : فما حدّ ذلك؟ قال : لا يزال مريضاً حتى يموت وإن طال ذلك إلى سنة(2) .
ورواية الحذاء ، وعن مالك بن عطية ، عن أبي الورد كليهما ، عن أبي جعفر(عليه السلام)قال : إذا طلّق الرجل امرأته تطليقة في مرضه ، ثمّ مكث في مرضه حتى انقضت عدّتها ، فإنّها ترثه ما لم تتزوّج ، فإن كانت تزوّجت بعد انقضاء العدّة فإنّها لا ترثه(3) .
ومرسلة عبد الرحمن بن الحجاج ، عمّن حدّثه ، عن أبي عبدالله(عليه السلام) قال في رجل طلّق امرأته وهو مريض ، قال: إن مات في مرضه ولم تتزوّج ورثته ، وإن كانت تزوّجت فقد رضيت بالذي صنع لا ميراث لها(4) .
ورواية محمد بن القاسم الهاشمي قال : سمعت أبا عبدالله(عليه السلام) يقول : لا ترث المختلعة ولا المبارأة ولا المستأمرة في طلاقها من الزوج شيئاً إذا كان ذلك منهنّ في
- (1) الكافي: 6 / 122 ح5 ، التهذيب: 8 / 78 ح264 ، الاستبصار: 3 / 305 ح1084 ، الوسائل: 22 / 153 ، أبواب أقسام الطلاق ب22 ح7 .
- (2) الكافي: 6 / 122 ح6 ، الوسائل: 22 / 153 ، أبواب أقسام الطلاق ب22 ح8 .
- (3) الكافي: 6 / 121 ح2 ، التهذيب: 8 / 77 ح262 ، الاستبصار: 3 / 304 ح1082 ، الوسائل: 22 / 152 ، أبواب أقسام الطلاق ب22 ح5 .
- (4) الكافي: 6 / 121 ح3 ، التهذيب: 8 / 77 ح263 ، الاستبصار: 3 / 305 ح1083 ، الوسائل: 22 / 153 ، أبواب أقسام الطلاق ب22 ح6 .
(الصفحة 202)
مرض الزوج وإن مات; لأنّ العصمة قد انقطعت منهنّ ومنه(1) .
إلى غير ذلك من الروايات الواردة(2) ، التي يتحصّل من مجموعها بعد ضمّ بعضها ببعض ، وحمل المطلق على المقيّد ، وملاحظة إطلاق السؤال وترك الاستفصال في الجواب ، أمور تالية :
1 ـ لو طلّقها في حال المرض واستدام إلى حين الموت ترثه الزوجة في الجملة .
2 ـ إنّ إرثها منه في الصورة المفروضة إنّما هو فيما إذا لم يكن موته أزيد من سنة واحدة من حين الطلاق .
3 ـ إنّ السنة المعلّق عليها الحكم سنة حقيقية لا أزيد ولو كان يوماً أو أقل .
4 ـ إنّه لا فرق في هذا الحكم بين الطلاق الرجعي والبائن .
5 ـ اعتبار أمور ثلاثة في ثبوت هذا الإرث ، وهي: أن لا تتزوّج المرأة بعد انقضاء عدّتها بزوج آخر ، وأن لا يبرأ الزوج المطلّق من المرض الذي طلّقها فيه ، وأن لا يكون الطلاق بالتماس منها كالمختلعة والمبارأة والمستأمرة في طلاقها شيئاً .
6 ـ عدم اختصاص الحكم بصورة وجود التهمة بإرادة الإضرار بها ، وإن حكي عن الشيخ في بعض كتبه(3) ، لكنّ الظاهر العدم ، وأنّ الحكم معلّق على الطلاق في المرض مطلقاً ، سواء أراد الإضرار بها أم لم يرد ذلك .
7 ـ اختصاص الحكم بإرث الزوجة ، وأمّا إرث الزوج منها فهو باق على القاعدة .
- (1) التهذيب: 8 / 100 ح335 ، الوسائل: 26 / 229 ، أبواب ميراث الأزواج ب15 ح1 .
- (2) الوسائل: 22 / 151 ـ 156 ، أبواب أقسام الطلاق ب22 ، الوسائل: 26 / 222 ـ 229 ، أبواب ميراث الأزواج ب14 ، 15 .
- (3) أي إختصاص الحكم بإرادة الإضرار بها ، الإستبصار: 3 / 306 ذح1089 .
(الصفحة 203)مسألة 12 : لا يجوز لمن طلّق رجعياً أن يخرج المطلّقة من بيته حتى تنقضي عدّتها ، إلاّ أن تأتي بفاحشة توجب الحدّ ، أو تأتي بما يوجب النشوز ، وأمّا مطلق المعصية فلا توجب جواز إخراجها ، وأمّا البذاء باللسان وإيذاء الأهل إذا لم ينته إلى النشوز ، ففي كونه موجباً له إشكال وتأمّل ، ولا يبعد أن يكون ما يوجب الحدّ موجباً لسقوط حقّها مطلقاً ، وما يوجب النشوز موجباً لسقوطه ما دام بقاؤها عليه ، وإذا رجعت رجع حقّها ، وكذا لا يجوز لها الخروج بدون إذن زوجها إلاّ لضرورة أو أداء واجب مضيّق(1) .
8 ـ الظاهر اختصاص الحكم بما إذا كان سبب موته المرض الذي طلّقها فيه ، وأمّا إذا كان السبب أمراً آخر ، فلا دليل على ثبوت الإرث إلاّ في المعتدّة بالعدّة الرجعية ، التي هي بحكم الزوجة كما عرفت(1) .1 ـ الأصل في ذلك قوله تعالى :
{لاَ تُخْرِجُوهُنَّ مِن بُيُوتِهِنَّ وَلاَ يَخْرُجْنَ إِلاَّ أَن يَأْتِينَ بِفَاحِشَة مُبَيِّنَة}(2) .
وقد وردت فيه روايات كثيرة ، مثل :
صحيحة سعد بن أبي خلف قال: سألت أبا الحسن موسى(عليه السلام) عن شيء من الطلاق ، فقال : إذا طلّق الرجل امرأته طلاقاً لا يملك فيه الرجعة ، فقد بانت منه ساعة طلّقها ، وملكت نفسها ، ولا سبيل له عليها ، وتعتدّ حيث شاءت ، ولا نفقة لها ، قال: قلت : أَليس الله ـ عزّوجلّ ـ يقول :
{لاَ تُخْرِجُوهُنَّ مِن بُيُوتِهِنَّ وَلاَ يَخْرُجْنَ}؟ قال: فقال : إنّما عنى بذلك التي تطلّق تطليقةً بعد تطليقة ، فتلك التي
- (1) في ص198 ـ 199 .
- (2) سورة الطلاق: 65 / 1 .
(الصفحة 204)
لا تُخرج ، ولا تخرج حتى تطلّق الثالثة ، فإذا طلّقت الثالثة ، فقد بانت منه ولا نفقة لها ، والمرأة التي يطلّقها الرجل تطليقة ثمّ يدعها حتى يخلو أجلها ، فهذه أيضاً تقعد في منزل زوجها ، ولها النفقة والسكنى حتى تنقضي عدّتها(1) .
وموثقة إسحاق بن عمّار ، عن أبي الحسن(عليه السلام) ، قال: سألته عن المطلّقة أين تعتدّ؟ فقال : في بيت زوجها(2) .
وموثقة سماعة بن مهران قال : سألته عن المطلقة أين تعتد؟ فقال : في بيتها لا تخرج ، الحديث(3) .
ورواية أبي بصير ، عن أحدهما(عليهما السلام) في المطلقة أين تعتدّ؟ فقال : في بيتها إذا كان طلاقاً له عليها رجعة ، ليس له أن يُخرجها ، ولا لها أن تخرج حتى تنقضي عِدّتها(4) .
وصحيحة الحلبي ، عن أبي عبدالله(عليه السلام) قال : لا ينبغي للمطلّقة أن تخرج إلاّ بإذن زوجها حتى تنقضي عدّتها ثلاثة قروء أو ثلاثة أشهر إن لم تحض(5) .
ورواية أبي الصباح الكناني ، عن أبي عبدالله(عليه السلام) قال : تعتدّ المطلقة في بيتها ، ولا ينبغي للزوج إخراجها ولا تخرج هي(6) .
إلى غير ذلك من الروايات الواردة في هذا المجال(7) ، ومحصّلها والآية المرتبطة أنّه لا يجوز إخراجهنّ من بيوتهنّ ولا خروجهنّ منها ، وإضافة البيوت إليهنّ ليست
- (1) الكافي: 6 / 90 ح5 ، الوسائل: 22 / 216 ، كتاب الطلاق ، أبواب العدد ب20 ح1 .
- (2) الكافي: 6 / 91 ح8 ، الوسائل: 22 / 213 ، كتاب الطلاق ، أبواب العدد ب18 ح4 .
- (3) الكافي: 6 / 90 ح3 ، الوسائل: 22 / 213 ، كتاب الطلاق ، أبواب العدد ب18 ح3 .
- (4) الكافي: 6 / 91 ح9 ، الوسائل: 22 / 214 ، كتاب الطلاق ، أبواب العدد ب18 ح6 .
- (5) الكافي: 6 / 89 ح1 ، الوسائل: 22 / 212 ، كتاب الطلاق ، أبواب العدد ب18 ح1 .
- (6) الكافي: 6 / 91 ح6 ، الوسائل: 22 / 213 ، كتاب الطلاق ، أبواب العدد ب18 ح5 .
- (7) الوسائل: 22 / 212 ـ 221 ، كتاب الطلاق ، أبواب العدد ب18 ـ 23 .
(الصفحة 205)
لأجل ملكيتهنّ لها ، بل لأجل كونها مسكناً لهنّ في حال الزوجية ، وإن كانت مرتبطة بالأزواج . وقد ذكر صاحب الجواهر(قدس سره): أنّ ظاهر غير واحد من الأصحاب أنّ وجوب الإسكان المزبور من حيث وجوب نفقتها عليه في العدّة ـ لأنّ المفروض كون طلاقها رجعيّاً ـ ومن هنا كان استحقاقها عليه ، حيث تستحقها عليه ، فلو كانت صغيرة وطئت ولو محرّماً أو ناشزاً من الزوجية أو في أثناء العدّة فلا سكنى لها كما لا نفقة .
نعم ، يفترق عن سكنى النفقة بعدم جواز خروجها منه ولو اتفقا عليه ، بل يمنعهما الحاكم من ذلك; لأنّ فيه حقّاً لله تعالى شأنه كما أنّ في العدّة حقّاً له ، بخلاف سكنى الإنفاق التي حقّها مختصّ بالزوجة ، بل عن الكشاف للزمخشري أنّه إنّما جمع في الآية بين النهيين ليشعر بأن لا يأذنوا وأن ليس لإذنهم أثر(1) .
لكن قد يشكل بما في بعض الروايات التصريح بالجواز فيما إذا طابت نفس الزوج ، كصحيحة الحلبي المتقدّمة ، ورواية معاوية بن عمّار ، عن أبي عبدالله(عليه السلام)قال : سمعته يقول : المطلّقة تحجّ في عدّتها إن طابت نفس زوجها(2) .
ومن الواضح أنّ المراد هو الحجّ الاستحبابي ، ولم يثبت إعراض المشهور القادح في الحجية ، بل عن الفضل بن شاذان أنّ معنى الخروج والإخراج ليس هو أن تخرج المرأة إلى أبيها ، أو تخرج في حاجة لها ، أو في حقّ بإذن زوجها ، مثل مأتم وما أشبه ذلك ، وإنّما الخروج والإخراج أن تخرج مراغمة ويخرجها مراغمة ، فهذا الذي نهى الله عنه ، فلو أنّ امرأة استأذنت أن تخرج إلى أبويها أو تخرج إلى حقّ لم نقل إنّها
- (1) الكشاف: 4 / 554 .
- (2) الكافي: 6 / 91 ح12 ، التهذيب: 8 / 131 ح452 ، الاستبصار: 3 / 333 ح1187 ، الوسائل: 22 / 219 ، كتاب الطلاق ، أبواب العدد ب22 ح2 .