(الصفحة 253)
زوجها من مهر أومن غيره، ويكون قد أعطاها بعضه، فيكره كلّ واحدمنهما صاحبه، فتقول المرأة لزوجها: ما أخذت منك فهو لي ، وما بقي عليك فهو لك واُبارئك ، فيقول الرجل لها: فإن أنت رجعت في شيء ممّا تركت فأنا أحقّ ببضعك(1) .
والظاهر أنّ المراد بالكراهة هنا هي الكراهة في باب الخلع لاأوسع منها، ويؤيّده، مضافاً إلى عدم التعرّض لمعناها هنا ، ما عرفت من الاستدلال لمشروعية الخلع بآية الفداء(2) ، مع أنّها أنسب بالمباراة باعتبار عدم إقامتهما حدود الله ، فتدبّر .
الثاني : أنّه يشترط في المباراة أن لا يكون الفداء أكثر من المهر ، بل الأحوط أن يكون أقلّ منه بخلاف الخلع ، فإنّه على ما تراضيا عليه من القليل أو الكثير ، ويدلّ عليه ، مضافاً إلى إشعار الموثقة المذكورة بذلك ، صحيحة زرارة ، عن أبي جعفر(عليه السلام)قال : المبارئة يؤخذ منها دون الصِداق ، والمختلعة يؤخذ منها ما شئت ، أو ما تراضيا عليه من صداق أو أكثر ، وإنّما صارت المبارئة يؤخذ منها دون الصداق ، والمختلعة يؤخذ منها ما شاء ، لأنّ المختلعة تعتدي في الكلام ، وتكلّم بما لا يحلّ لها(3) .
هذا ، وفي صحيحة أبي بصير ، عن أبي عبدالله(عليه السلام) قوله في الذيل : ولا يحلّ لزوجها أن يأخذ منها إلاّ المهر فما دونه(4) .
وفي مرسلة الصدوق قال: وروي أنّه لا ينبغي له أن يأخذ منها أكثر من مهرها ، بل يأخذ منها دون مهرها ، والمبارئة لا رجعة لزوجها عليها(5) . وعلى
- (1) الكافي: 6 / 142 ح1 ، الوسائل: 22 / 294 ، كتاب الخلع والمباراة ب8 ح3 .
- (2) في ص222 .
- (3) الكافي: 6 / 142 ح2 ، التهذيب: 8 / 101 ح340 ، الوسائل: 22 / 287 ، كتاب الخلع والمباراة ب4 ح1 .
- (4) الكافي: 6 / 143 ح5 ، الوسائل: 22 / 295 ، كتاب الخلع والمباراة ب8 ح4 .
- (5) الفقيه: 3 / 336 ح1624 ، الوسائل: 22 / 294 ، كتاب الخلع والمباراة ب8 ح2 .
(الصفحة 254)مسألة 20 : طلاق المباراة بائن ليس للزوج الرجوع فيه ، إلاّ أن ترجع الزوجة في الفدية قبل إنقضاء العدّة ، فله الرجوع إليها حينئذ(1) .
ما ذكرنا فالأقوى أن لا يكون أكثر من المهر ، والأحوط أن يكون أقلّ .
الثالث : لزوم الإتيان بصيغة الطلاق في المباراة ، والاحتياط في الخلع بالجمع بين صيغة الطلاق وعنوان الخلع ، وقد تعرّضنا لذلك في شرح المسألة السابقة فراجع ، ونضيف هنا وجود الاتفاق على توقّف الإفتراق في المباراة على صيغة الطلاق بخلاف الخلع .1 ـ حكم هذه المسألة حكم الخلع على ما تقدّم(1) من كونه بائناً لا يجوز في نفسه للزوج الرجوع فيه ، إلاّ أن ترجع الزوجة في الفدية قبل انقضاء العدّة فله الرجوع إليها حينئذ ، وقد عرفت(2) عدم البعد عن اختصاص ذلك بصورة علم الزوج بذلك ، وإلاّ فلا يجوز لها الرجوع في البذل فراجع .
كما أنّك عرفت(3) عدم جريانها بالنسبة إلى الطلاق الثالث الذي لا يجوز للزوج الرجوع في عدّتها ، فضلا عن الصغيرة واليائسة اللّتين لا عدّة لهما أصلا; لأنّه لا مجال للزوج الرجوع بوجه ، واختصاص الرجوعين بذات العدّة التي أمكن للزوج الرجوع فيها ، فتدبّر جيّداً .
هذا تمام الكلام في شرح كتابي الخلع والمباراة بعد شرح كتاب الطلاق ، ويتلوه شرح كتاب الظهار إن شاء الله تعالى .
- (1 و 2) في ص246 ـ 250 .
- (3) في ص249 .
(الصفحة 255)كتاب
الظـهـار
(الصفحة 256)
(الصفحة 257)
كتاب الظهار
الذي كان طلاقاً في الجاهلية وموجباً للحرمة الأبدية ، وقد غيّر شرع الإسلام حكمه ، وجعله موجباً لتحريم الزوجة المظاهرة ، ولزوم الكفّارة بالعود كما ستعرف تفصيله(1) .
1 ـ وهو مصدر «ظاهر» من باب المفاعلة ، مأخوذ من الظهر; لأنّ صورته الأصلية أن يقول الرّجل لزوجته: «أنتِ عليّ كظهر أمّي» والظهر باعتبار أنّه موضع الركوب ، ومن المعلوم أنّ المرأة مركوبة وقت الغشيان ، فركوب الاُمّ مستعار من ركوب الدابّة .
ومن الواضح حرمة ركوب الأمّ حرمة أبديّة ; ولذا كان طلاقاً في الجاهلية وموجباً للحرمة الأبديّة ، ولكن غيّر شرع الإسلام حكمه فقال في هذا المجال:
{الَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنكُم مِن نِسَائِهِم مَا هُنَّ أُمَّهَاتِهِمْ إنْ أُمَّهَاتُهُمْ إِلاَّ اللاَّئِى وَلَدْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنكَراً مِنَ القَوْلِ وَزُوراً وَإِنَّ اللهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ}(1) .
- (1) سورة المجادلة: 58 / 2 .