(الصفحة 320)
واُخرى تكون هي الزوجة .
ففي الصورة الاُولى : يختصّ المسلم بالإرث ولا ينفع لمن أسلم إسلامُه; لأنّ المفروض انتقال جميع المال إليه فرضاً وردّاً أو ردّاً فقط ، ولا دليل على زوال الانتقال بعد إسلام من أسلم ، كمن فرض له ابنان : أحدهما مسلم والآخر كافر حين الموت ثمّ أسلم بعده ، فإنّ المال ينتقل إلى الابن المسلم بأجمعه ، ولا دليل على زوال الانتقال بعد إسلام الآخر .
وفي الصورة الثانية : التي تكون الوارثة الواحدة المسلمة هي الزوجة ، وقد عرفت أنّ المال في هذه الصورة مشترك بينها وبين الإمام ، فإذا أسلم غيرها بعد الموت قبل القسمة ، كما إذا كان له ابن كافر وزوجة مسلمة ، فأسلم الابن قبل أن تقسّم التركة بينها وبين الإمام(عليه السلام) فهو ـ أي إسلام الابن ـ ينفع له ، ويأخذ من الميراث نصيبه ، ويدلّ عليه :
رواية محمّد بن مسلم ، عن أحدهما(عليهما السلام) قال : من أسلم على ميراث من قبل أن يقسّم فهو له ، ومن أسلم بعدما قسّم فلا ميراث له ، الحديث(1) .
والتعبير بالتقسيم دليل على تعدّد الوارث ، وعليه فقوله : «فهو له» لابدّ وأن يحمل على تقدّم الدرجة أو على الاشتراك في الإرث ، كما لايخفى .
وروى في الوسائل هذه الرواية في باب واحد مرّتين ، مع أنّه من الظاهر الوحدة وعدم التعدّد ، وإن كان في النقل الثاني بدل «فهو له» «فله الميراث»(2) .
ورواية البقباق قال: قال أبو عبدالله(عليه السلام): مَن أسلم على ميراث قبل أن يقسّم
- (1) الوسائل : 26 / 21 ، أبواب موانع الإرث ب3 ح3 .
- (2) الوسائل : 26 / 22 ، أبواب موانع الإرث ب3 ح5 .
(الصفحة 321)
فهو له(1) .
المقام الثاني : فيما إذا كان الوارث المسلم حال الموت متعدّداً ، وقد أسلم الوارث الكافر ، فإن كان إسلامه بعد تقسيم التركة فلا ينفع لما عرفت ، وإن كان قبل التقسيم ، ويدلّ عليه الروايات المتقدّمة ، بل ظهورها في هذا المقام أقوى بلحاظ كلمة التقسيم الظاهرة في التعدّد ، وهذا من دون فرق بين أن يكون الوارث الكافر الذي أسلم مساوياً للباقين في المرتبة ، كما إذا أسلم ابن له وكان سائر أبنائه مسلماً ، أو مقدّماً عليهم في المرتبة ، كالمثال المذكور في المتن .
بقي في المسألة أمران :
أحدهما : أنّه لا إشكال في أنّه بعد الإسلام قبل القسمة ينتقل سهم مَن أسلم إليه ، والظاهر أنّ الانتقال إليه من الميّت كسائر الورثة ، ولا مجال لدعوى الانتقال إليه من سائر الورثة حتّى يقع البحث في النماء المتخلّل ، وأنّه ملك للمسلم أم لا ، ومرجع ما ذكرنا إلى أنّ الكفر المانع عن الإرث هو الكفر الباقي إلى القسمة لا مطلق الكفر ، فبالإسلام قبل القسمة ينكشف عدم ثبوت المانع بوجه .
ثانيهما : أنّه لو اقترن إسلامه بالقسمة ، فمقتضى العمومات الدالّة على عدم إرث الكافر(2) عدم ثبوت الإرث هنا بعد تخصيصها عمومات أدلّة الإرث(3) ، وتعارض المفهومين في بعض الروايات السابقة على تقدير ثبوت المفهوم على خلاف ما اخترناه وحقّقناه ، فتدبّر جيّداً .
- (1) الوسائل : 26 / 21 ، أبواب موانع الإرث ب3 ح5 .
- (2) الوسائل : 26 / 11 ـ 18 ، أبواب موانع الإرث ب1 .
- (3) سورة النساء : 4 / 7 ـ 11 ، سورة الأنفال : 8 / 75 ، الوسائل : 26 / 115 ـ 116 و136 ـ 143 ، أبواب ميراث الأبوين ب9 و20 ، وص154 ـ 157 ، أبواب ميراث الإخوة ب3 ، وص185 ـ 186 ، أبواب ميراث الأعمام ب2 ، وص195 ـ 196 ، أبواب ميراث الأزواج ب1 .
(الصفحة 322)مسألة 4 : لو أسلم الوارث بعد قسمة بعض التركة دون بعض فالأحوط التصالح(1) .مسألة 5 : لو مات مسلم عن ورثة كفّار ليس بينهم مسلم فأسلم بعضهم بعد موته اختصّ هو بالإرث ولا يرثه الباقون ولا الإمام (عليه السلام) ، وكذا الحال لو مات مرتدّ وخلف ورثة كفّاراً وأسلم بعضهم بعد موته(2) .
1 ـ من عدم شمول شيء من المفهومين على تقدير ثبوتهما هنا; لأنّ المفروض أنّ الإسلام وقع بعد قسمة البعض دون بعض ، فعمومات أدلّة الإرث محكمّة ، ولا مجال لدعوى التبعيض بالإرث من خصوص بعض التركة التي اقتسمت دون البعض الآخر; للعلم بالخلاف تقريباً ، ومن أنّه قبل الإسلام لم يكن وارثاً فبعده أيضاً كذلك للاستصحاب ، فمقتضى الاحتياط الوجوبي التصالح لا الحكم بالثبوت ولا الحكم بالعدم بعد عدم التبعيض ، كما عرفت .2 ـ لو مات مسلم أو مرتدّ عن ورثة كفّار ليس بينهم مسلم ، فأسلم أحدهم بعد موته اختصّ هو بالإرث ، ولا يرثه الباقون ولا الإمام(عليه السلام) فيما لو كان مسلماً حال الموت لكان مختصّاً به; لأنّه لا مجال للقسمة هنا حتّى يتصوّر كون إسلامه قبلها أو بعدها ، كما أنّه لا مجال لدعوى كونه للإمام(عليه السلام) لصحيحة أبي بصير ـ يعني المرادي ـ قال: سألت أباعبدالله(عليه السلام) عن رجل مسلم مات وله اُمّ نصرانية وله زوجة وولد مسلمون؟ فقال : إن أسلمت اُمّه قبل أن يقسّم ميراثه اُعطيت السدس ، قلت : فإن لم يكن له امرأة ولا ولد ولا وارث له سهم في الكتاب مسلمين ، وله قرابة نصارى ممّن هل سهم في الكتاب ولو كانوا مسلمين لمن يكون ميراثه ؟ قال : إن أسلمت اُمّه فإنّ ميراثه لها ، وإن لم تسلم اُمّه وأسلم بعض قرابته ممّن له سهم في
(الصفحة 323)مسألة 6 : لو مات كافر أصلي وخلف ورثة كفّاراً ليس بينهم مسلم فأسلم بعضهم بعد موته فالظاهر أنّه لا أثر لإسلامه ، وكان الحكم كما قبل إسلامه ، فيختصّ بالإرث مع تقدّم طبقته ، ويختصّ غيره به مع تأخّرها ، وشاركهم مع المساواة ، ويحتمل أن تكون مشاركته مع الباقين في الصورة الأخيرة فيما إذا كان إسلامه بعد قسمة التركة بينه وبينهم ، وأمّا إذا كان قبلها اختصّ بالإرث ، وكذا اختصاص الطبقة السابقة في الصورة الثانية إنّما هو فيما إذا كان من في الطبقة السابقة واحداً أو متعدّداً وكان إسلام من أسلم بعد قسمة التركة بينهم ، وأمّا إذا كان إسلامه قبلها اختصّ الإرث به(1) .
الكتاب فإنّ ميراثه له ، فإن لم يسلم أحد من قرابته فإنّ ميراثه للإمام(1) .
وقال الشيخ في المبسوط(2) وابن حمزة(3) وغيرهما(4) : إن كان إسلام الوارث قبل نقل التركة إلى بيت مال الإمام يرثه ، وإن كان بعده لم يرث .
وقال في محكي النهاية(5) : لا يرث لأنّ الإمام كالوارث الواحد . ولكن عرفت مقتضى النصّ .1 ـ قد تعرّض في هذه المسألة لبيان صور :
الصورة الاُولى : ما لو كان الميّت كافراً أصلياً ، وخلّف ورثة كفاراً ليس بينهم
- (1) الوسائل : 26 / 20 ، أبواب موانع الإرث ب3 ح1 .
- (2) المبسوط : 4 / 79 .
- (3) الوسيلة : 394 .
- (4) إرشاد الأذهان : 2 / 127 .
- (5) راجع النهاية : 664 ـ 665 ، والحاكي هو صاحب مفتاح الكرامة : 8 / 28 ـ 29 ونسبه إلى النهاية والمهذب ، والظاهر انّ النسبة غير صحيحة ، كما ذكره في هامش المهذب : 2 / 158 .
(الصفحة 324)مسألة 7 : المراد بالمسلم والكافر وارثاً ومورثاً وحاجباً ومحجوباً أعمّ منهما حقيقة ومستقلاًّ أو حكماً وتبعاً ، فكلّ طفل كان أحد أبويه مسلماً حال انعقاد نطفته فهو مسلم حكماً وتبعاً ، فيلحقه حكمه ، وإن ارتدّ بعد ذلك المتبوع فلا يتبعه الطفل في الارتداد الطارئ ، نعم يتبعه في الإسلام لو أسلم أحد أبويه قبل بلوغه بعدما كانا كافرين حين انعقاد نطفته ، وكلّ طفل كان أبواه معاً كافرين أصليين أو مرتدين أو مختلفين حين انعقاد نطفته فهو بحكم الكافر حتّى أسلم
مسلم ، فأسلم بعضهم بعد موته ، فالظاهر انّه لا أثر لإسلامه ، وكان الحكم كما قبل إسلامه; لأنّ المفروض كون الميّت كافراً بالأصل ، وقد عرفت انّه في هذه الصورة يرث الكافر منه ، فإسلام البعض بعد موته لا أثر له ، فيختصّ المسلم بالإرث مع تقدّم طبقته ، ويختصّ غيره به مع تأخّرها وشاركهم مع المساواة .
الصورة الثانية : التفصيل بين ما إذا كان إسلامه بعد قسمة التركة بينه وبينهم في صورة المشاركة باحتمالها في هذه الصورة ، وأمّا إذا كان قبلها اختصّ المسلم بالإرث . والوجه في هذا الاحتمال إطلاق الروايات(1) الواردة في هذا المجال ، وعدم الفرق فيها بين ما إذا كان الميّت مسلماً أو كافراً .
الصورة الثالثة : التفصيل في اختصاص الطبقة السابقة في صورة تأخّر طبقة المسلم بين ما إذا كان من في الطبقة السابقة واحداً أو متقدّماً ، وكان إسلام من أسلم بعد قسمة التركة بينهم ، وأمّا إذا كان إسلامه قبلها يختصّ الإرث بالمسلم وإن كانت طبقته متأخّرة ، والوجه فيه ما ذكرناه في الصورة الثانية من إطلاق الروايات الواردة في هذا المجال ، فتدبّر جيّداً .
- (1) الوسائل : 26 / 11 ـ 18 ، أبواب موانع الإرث ب1 .