(الصفحة 336)مسألة 4 : لا فرق في مانعية القتل بين أن يكون القاتل واحداً أو متعدّداً ، وعلى الثاني بين كون جميعهم وارثاً أو بعضهم دون بعض(1) .مسألة 5 : الدية في حكم مال المقتول يقضى منها ديونه ، ويخرج منها وصاياه أوّلا قبل الإرث ثمّ يورث الباقي كسائر الأموال ، سواء كان القتل عمداً وصولحوا عن القصاص بالدية أو شبه عمد أو خطأ ، وسواء كان في مورد الصلح ما يأخذونه أزيد من الدية أو أنقص أو مساوياً ، وسواء كان المأخوذ من جنس الدّية أم لا . ويرث الدية كلّ من يتقرّب إليه بالنسب والسبب حتّى الزوجين في
أو والده، ولكن يكون الميراث لورثة القاتل» أي مع وجوده وعدم موته، فالمستفاد من ذلك أنّ وجوده كعدمه لاأنّ القاتل لايرث فقط، مع أنّه على تقدير كونه منحصراً في الطبقة ، كما إذا كان ولد المقتول منحصراً بالقاتل ، فإمّا أن يقال بإرث الطبقة المتأخّرة ومن دونه في الدرجة، كابن القاتل مثلا فهو المطلوب ، وإمّا أن يقال بعدم إرثهم أيضاً لوقوعها متأخّرة، وعليه فإمّا أن يكون الوارث هو الإمام(عليه السلام)فاللاّزم القول بإرثه مع وجود الأقرباء النسبية ، وإمّا أن لا يكون له وارث أصلا حتّى الإمام(عليه السلام) ، فيلزم خلاف ما هو المسلّم من كونه آخر الورّاث ، فتدبّر جيّداً .1 ـ المشارك في القتل كالمنفرد لاستناده إلى الشريكين أو الشركاء ، وعن جماعة(1) التصريح به ، فيمنع ما يمنع منه المنفرد وإن لم يستقلّ بالتأثير لو انفرد ، ولأجله يجري عليهما أو عليهم حكم القصاص .
- (1) الدروس : 2 / 347 ، قواعد الأحكام : 2 / 163 ، كشف اللثام : 2 / 281 ، مفتاح الكرامة : 8 / 57 ، جواهر الكلام : 39/ 47 .
(الصفحة 337)القتل العمدي وإن لم يكن لهما حقّ القصاص ، لكن إذا وقع الصلح والتراضي بالدية ورثا نصيبهما منها ، نعم لا يرث المتقرّب بالاُمّ وحدها من الدية شيئاً كالأخ والاُخت للاُمّ ، بل سائر من يتقرّب بها كالخؤولة والجدودة من قبلها ، وإن كان الأحوط في غير الأخ والاُخت التصالح(1) .
1 ـ الدية ـ وإن كانت مأخوذة بعد الموت، وبسببه في حكم مال الميّت المقتول ـ يقضى منها ديونه ويخرج منها وصاياه أوّلا قبل الإرث ، ثمّ يورث الباقي كسائر الأموال ، من دون فرق بين أن يكون القتل عمداً موجباً للقصاص ، وصولحوا عن القصاص بالدية أو شبه عمد أو خطأ . وفي محكي المبسوط(1) والخلاف(2) أنّه قول عامّة الفقهاء إلاّ أباثور(3) ، وفي موثقة إسحاق بن عمّار ، عن جعفر(عليه السلام) : أنّ رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: إذا قبلت دية العمد فصارت مالا فهي ميراث كسائر الأموال(4).
ومن الذيل يستفاد أنّ ذلك حكم مطلق الدية، سواء كان بالأصل أو بالمصالحة .
وخبر يحيى الأزرق ، عن الكاظم(عليه السلام) في رجل قتل وعليه دَين ولم يترك مالا ، فأخذ أهله الدية من قاتله ، عليهم أن يقضوا دينه؟ قال : نعم ، قال : وهو لم يترك ، قال : إنّما أخذوا الدية ، فعليهم أن يقضوا دينه(5) .
وفي رواية السكوني ، عن جعفر(عليه السلام) : قال أمير المؤمنين(عليه السلام) : من أوصى بثلثه ثمّ قتل خطأً ، فإنّ ثلث ديته داخل في وصيته(6) .
- (1) المبسوط : 7 / 53 ـ 54 .
- (2) الخلاف : 4 / 115 مسألة 128 .
- (3) المغني لابن قدامة : 7 / 204 .
- (4) الوسائل : 26 / 41 ، أبواب موانع الإرث ب14 ح1 .
- (5) الوسائل : 18 / 364 ، كتاب التجارة ، أبواب الدين والقرض ب24 ح1 .
- (6) الوسائل : 19 / 285 ، كتاب الوصايا ب14 ح2 .
(الصفحة 338)
وفي رواية محمد بن قيس أنّه(عليه السلام)قضى في وصية رجل قتل أنّها تنفذ من ماله وديته كما أوصى(1) .
ومع ذلك كلّه فقد حكي عن بعضهم(2) أنّ دية العمد لا يقضى منها الدين; لأنّ الواجب فيه القصاص الذي هوحقّ الوارث ، فالدية المأخوذة هي عوض عن حقّه لا مدخلية للميّت فيها ، وعن بعض آخر(3) المنع من قضاء الدين من الدية مطلقاً; لأنّها ليست من أموال الميّت التي تركها .
ثمّ إنّه يرث الدية كلّ من يتقرّب إلى الميّت بالنسب أو السبب حتّى الزوجين في القتل العمدي الموجب للقصاص ، فإنّه وإن لم يكن لهما حقّ القصاص ابتداءً ، لكن إذا صولح عنه بالدية يرث منها الزوجان أيضاً ، ولا مجال لدعوى أنّ الممنوعية عن القصاص موجبة للممنوعية عن الدية التي هي بدل عنه بالمصالحة والتراضي; لدلالة بعض الروايات المتقدّمة خصوصاً الموثقة .
نعم ، لا يرث المتقرّب بالاُمّ وحدها من الدية ، وهذا بالإضافة إلى الأخ أو الاُخت للاُمّ وحدها مطابق للرواية ، وفي غيرهما من المتقرّبين بالاُمّ إشكال ، ففي صحيحة عبدالله بن سنان قال : قال أبو عبدالله(عليه السلام) : قضى أمير المؤمنين(عليه السلام) أنّ الدية يرثها الورثة إلاّ الإخوة والأخوات من الاُمّ ، فإنّهم لا يرثون من الدية شيئاً(4) .
لكنّ المحقّق في الشرائع استثنى كلّ من يتقرّب بالاُمّ ، فإنّ فيهم خلافاً(5) ، ولعلّه
- (1) الوسائل : 19 / 286 ، كتاب الوصايا ب14 ح3 .
- (2) السرائر : 2 / 49 .
- (3) والقائل هو أبوثور، كما نقل عنه في الخلاف : 4 / 115 مسألة 128 ، والمغني لابن قدامة : 7 / 204 .
- (4) الوسائل : 26 / 36 ، أبواب موانع الإرث ب10 ح2 .
- (5) شرائع الإسلام : 4 / 14 .
(الصفحة 339)الثالث من الموانع : الرقّ على ما فصّل في المفصّلات .الرابع : التولّد من الزنا
مسألة 1 : إن كان الزنا من الأبوين لا يكون التوارث بين الطفل وبينهما ولا بينه وبين المنتسبين إليهما ، وإن كان من أحدهما دون الآخر كما كان الفعل من أحدهما شبهة لا يكون التوارث بين الطفل والزاني ولا بينه وبين المنتسبين إليه(1).
مبتن على إلغاء الخصوصية من الرواية للمساواة ، مع أنّه مشكل لاحتمالها ، ولا مجال معه لإلغائها ، فما ذكره في المتن من أنّ الأحوط في غير الأخ أو الاُخت أي للاُمّ كالخؤولة والجدودة من قبلها التصالح في محلّه ، فتدبّر .1 ـ قد ذكرنا في كتاب النكاح أنّ النسب على قسمين : عرفي وشرعي ، وأنّ الموضوع لجلّ الأحكام من جواز النظر وحرمة الازدواج وغيرهما هو النسب العرفي ، فإنّ الأب الزاني يحرم عليه نكاح ابنته المتولّدة من الزنا وإن كان من الطرفين ، والاُمّ الزانية يحرم عليها نكاح ابنه المتولّد من الزنا كذلك ، وهكذا في مسألة جواز النظر بالإضافة إلى الزاني والمتولّد من الزنا(1) . وأمّا النسب الشرعي فهو الموضوع لحكم الإرث قطعاً ، فإنّه إذا كان الزنا من الأبوين لا يكون التوارث بينهما وبين الطفل ولا بينه وبين المنتسبين إليهما ، وإن كان الزنا من أحدهما دون الآخر ، كما لو كان الفعل من أحدهما شبهة ومن الآخر زنا ، لا يكون التوارث بين الطفل والزاني ولا بينه وبين المنتسبين إليه .
وقد ورد في جملة من روايات النكاح المنقطع(2) أنّ ثبوت التوارث متوقّف على
- (1) تفصيل الشريعة / كتاب النكاح : القول في النسب ، مسألة 2 .
- (2) الوسائل : 21 / 66 ـ 68 ، كتاب النكاح ، أبواب المتعة ب32 .
(الصفحة 340)مسألة 2 : لا مانع من التوارث بين المتولّد من الزنا وأقربائه من غير الزنا كولده وزوجته ونحوهما ، وكذا بينه وبين أحد الأبوين الذي لا يكون زانياً وبينه وبين المنتسبين إليه(1) .
النكاح الصحيح مع شرط التوارث أو مطلقاً ، ويستفاد منها أنّ الزنا لا يترتّب عليه التوارث بوجه ، وبهذا يمتاز النكاح المنقطع عن الزنا مع اشتراكهما في العمل الخارجي ، فإنّ النكاح المنقطع يترتّب عليه التوارث بين الولد والزوجين مطلقاً; لثبوت النسب الشرعي ، وهل يثبت بين الزوجين مطلقاً أو مع شرط التوارث ، أو مع عدم شرط العدم على ما مرّ تفصيله في محلّه(1) ، والزنا لا يترتّب عليه التوارث ولو كان مشتملا على اشتراطه; لعدم ثبوت النسب الشرعي بوجه .
ثمّ إنّه لو كان الزنا من أحدهما دون الآخر ، كما لو كان الفعل من خصوص أحدهما شبهة لا يتحقّق الارتباط الإرثي بين من كان ارتباطه بسبب الزنا . وأمّا من كان ارتباطه بسبب الوطء بالشبهة ، فسيأتي أيضاً في بعض المسائل الآتية عدم ثبوت الممنوعية عن الإرث بوجه ، ثمّ إنّه كما لا يكون الارتباط الإرثي بين ولد الزنا وبين والديه كذلك موجوداً ، كذلك لا يكون هذا الارتباط بينه وبين من كان انتسابه إليه بسبب واحد منهما; لعدم كونهما وارثين فضلا عن المنتسبين إليه بعدما ذكرنا من عدم تحقّق النسب الشرعي بوجه .1 ـ غير خفي أنّه لا مانع من التوارث بين المتولّد من الزنا وأقربائه من غير الزّنا نسبيين كانوا كأولاده أو سببيين كأزواجه ونحوهما; لعدم ما يمنع عن الإرث بعد ثبوت النسب الشرعي والزوجية الشرعية ، وكذا عرفت أنّه لا مانع من التوارث
- (1) تفصيل الشريعة / كتاب النكاح : القول في النكاح المنقطع ، مسألة 15 .