(الصفحة 354)
السيف والسلاح والرحل وثياب جلده(1) .
ورواية زرارة ومحمد بن مسلم وبكير وفضيل بن يسار ، عن أحدهما(عليهما السلام) : أنّ الرجل إذا ترك سيفاً أو سلاحاً فهو لابنه ، فإن كانوا اثنين فهو لأكبرهما(2) .
ورواية عليّ بن أسباط ، عن أبي الحسن الرضا(عليه السلام) قال : سمعناه ، وذكر كنز اليتيمين ، فقال : كان لوحاً من ذهب فيه : بسم الله الرحمن الرحيم ، لا إله إلاّ الله ، محمّد رسول الله ، عجب لمن أيقن بالموت كيف يفرح؟ وعجب لمن أيقن بالقدر كيف يحزن؟ وعجب لمن رأى الدنيا وتقلّبها بأهلها كيف يركن إليها؟ وينبغي لمن عقل عن الله أن لا يستبطئ الله في رزقه ، ولا يتّهمه في قضائه ، فقال له حسين بن أسباط : فإلى مَنْ صار؟ إلى أكبرهما؟ قال : نعم(3) .
وغير ذلك من الروايات الواردة في هذا المجال . وقد ذكر صاحب الجواهر(قدس سره) أنّه من متفرّدات الإمامية ومعلومات مذهبهم(4)، ومع ذلك فقد اختلفوا في أنّ ذلك على سبيل الوجوب أو الاستحباب، وإن كان الأكثربل المشهور(5) على الأوّل، ويدلّ عليه التعبيرباللاّم في جملة من الروايات المتقدّمة،وهوظاهر في الملكية الاختصاصية.
نعم ، ما يكون في البين هو اختلاف الروايات في مقدار الحبوة من جهة الثلاثة أو الأربعة وفي الرابع ، ولكن هذا الاختلاف لا دلالة له على الاستحباب ، إلاّ أن يقال باشتمال بعض النصوص على ما زاد عن الأربعة وهو معلوم عدم وجوبه ، لكن لابدّ
- (1) الوسائل : 26 / 99 ، أبواب ميراث الأبوين ب3 ح 10 .
- (2) الوسائل : 26 / 98 ، أبواب ميراث الأبوين ب3 ح6 .
- (3) الوسائل : 26 / 99 ، أبواب ميراث الأبوين ب3 ح9 .
- (4) جواهر الكلام : 39 / 127 .
- (5) مسالك الافهام : 13 / 129 ، رياض المسائل : 9 / 75 ، جواهر الكلام : 39 / 128 ، السرائر : 3/258 .
(الصفحة 355)الثالث : الولد مطلقاً ذكراً كان أو اُنثى منفرداً أو متعدّداً بلا واسطة أو معها ، فإنّه يمنع أحد الزوجين عن النصيب الأعلى أي النصف والربع(1) .الرابع: الوارث مطلقاً النسبي والسببي ذكراً كان أو اُنثى متّحداً أو متعدّداً،
من ملاحظة أنّ القائل بالندب أيضاً هل زاد على الأربع أم لا؟ وربّما يقال بعدم الزيادة ، فالرواية الدالّة عليه مطروحة عند الجميع ، فاللاّزم هو القول بالوجوب ، كما أنّ الظاهر بمقتضى النصّ والفتوى مجانية هذا الحباء ، فلا وجه لما عن المرتضى من كونه بالقيمة(1) وإن اختاره بعض المتأخّرين(2) أيضاً ، نظراً إلى أنّ الاختصاص بالولد الأكبر لا ينافي الاحتساب; لأنّ ذلك مقتضى الجمع بين عموم أدلّة الإرث وبين أدلّة الاختصاص ، وهو كما ترى .1 ـ لا إشكال بمقتضى الكتاب ـ الذي هو الأصل في هذا الباب ـ أنّ نصيب الزوج مع عدم وجود الولد للزوجة المتوفاة ولو من غير هذا الزوج النصف ، ومع وجوده ولو مع الواسطة الربع ، قال الله تعالى :
{وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ إِن لَمْ يَكُن لَهُنَّ وَلَدٌ فَإِن كَانَ لَهُنَّ وَلَدٌ فَلَكُمُ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْنَ}(3) . وقال أيضاً :
{وَلَهُنَّ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ إِن لَمْ يَكُن لَكُمْ وَلَدٌ فَإِن كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُم}(4)فيصدق أنّ وجود الولد يمنع عن النصيب الأعلى أي النصف والربع إلى النصيب الأدنى من الربع والثمن ، فيتحقّق حجب النقصان .
- (1) الانتصار : 299 .
- (2) مختلف الشيعة : 9 / 41 ، مسالك الافهام : 13 / 130 ـ 131 ، كشف اللثام : 2 / 291 .
- (3 و 4) سورة النساء : 4 / 12 .
(الصفحة 356)فإنّه يمنع أحد الزوجين عن الزيادة عن فريضتهما أي النصف أو الربع أو الثمن ، فمع زيادة التركة عن الفريضة تردّ إلى غيرهما ، نعم لو كان الوارث منحصراً بالزوج والإمام (عليه السلام) يرث الزوج النصف فريضةً ويردّ عليه النصف الآخر ، بخلاف ما لو كان منحصراً بالزوجة والإمام (عليه السلام) فإنّ الربع لها والبقيّة له (عليه السلام)(1) .الخامس : نقص التركة عن السّهام المفروضة فإنّه يمنع البنت الواحدة
1 ـ إذا اجتمع مع أحد الزوجين وارث نسبي أو سببي ، ذات فرض أم لا ، ذكراً كان أو اُنثى ، متّحداً أو متعدّداً فلأحد الزوجين فرضه ، فإن لم تزد التركة عن الفريضة ، بأن لم يكن هناك فريضة أو كانت ولكن مع عدم الزيادة ، فلا موضوع لردّ الزيادة إلى غير الزوجين ، وإن زادت فالزيادة تردّ إلى غيرهما ، وإن كانت ذات فرض ، فالأوّل كما إذا كان للميّت ابن أو أبناء مع بنت أو بنات ، فإنّه في هذه الصورة يرث الزوج أو الزوجة فرضه ، ويدفع الباقي إلى غيره لفرض عدم وجود الفرض ، والثاني لا يتصوّر مع وجود الزوج أو الزوجة ، وإنّما يتصوّر في مثل البنتين مع الأبوين ، والثالث كما إذا كانت هناك بنت واحدة أو بنتان مع الزوج أو الزوجة ، فإنّه يرث أحد الزوجين النصيب الأدنى ويدفع الباقي إلى الوارث الآخر فرضاً وردّاً ، وسيجيء(1) تفصيله إن شاء الله تعالى ، وأمّا في صورة الانحصار فقد تقدّم البحث عنه في أوائل الكتاب ، ومرّ أنّ الإمام(عليه السلام) لا يشارك الزوج ويشترك مع الزوجة بثلاثة أرباع ، فراجع(2) .
- (1) في ص367 ـ 372 .
- (2) في 318 ـ 319 .
(الصفحة 357)والاُخت الواحدة للأب والاُمّ أو للأب عن فريضتهما وهي النصف ، وكذا يمنع البنات المتعدّدة والأخوات المتعدّدة من الأب والاُمّ أو من الأب عن فريضتهم وهي الثلثان ، فلو كان للميّت بنت واحدة وأبوان وزوج أو بنات متعدّدة وأبوان وزوج يرد النقص على البنت والبنات ، وكذا في سائر الفروض(1) .
1 ـ هذه هي مسألة «العول» المعروفة الباطل عندنا معاشر الإمامية; لاستحالة أن يفرض الله سبحانه في مال ما لا يقوم به ، والمراد به زيادة الفريضة; لقصورها عن سهام الورثة على وجه يحصل النقص على الجميع بالنسبة ; لإمكان اجتماعهم وكونهم ذوات فرض من العول ، بمعنى الزيادة أو النقصان أو الميل أو الارتفاع ، يقال: عالت الناقة ذنبها إذا رفعته; لارتفاع الفريضة بزيادة السّهام، وقدنقل أنّ أوّل مسألةوقع فيها العول في الإسلام في زمن عمر، على ما وراء عنه أولياؤه قال : ماتت امرأة في زمانه عن زوج واُختين، فجمع الصحابة وقال لهم : فرض الله ـ تعالى جدّه ـ للزوج النصف وللاُختين الثلثين ، فإن بدأت بالزوج لم يبق للاُختين حقّهما ، وإن بدأت بالاُختين لم يبق للزوج حقّه، فأشيروا عليّ، فاتّفق رأي أكثرهم على العول(1).
وقد تواتر عن الأئمّة(عليهم السلام) أنّ السهام لا تعول ، ولا تكون أكثر من ستّة(2) أي في المثال المفروض ، وكان أمير المؤمنين(عليه السلام) يقول : إنّ الذي أحصى رمل عالج يعلم أنّ السّهام لا تعول على ستّة ، لو يبصرون وجهها لم تجز ستّة(3) .
وفي رواية عبيدالله بن عبدالله بن عتبة قال : جالست ابن عبّاس ، فعرض ذكر الفرائض في المواريث ، فقال ابن عبّاس : سبحان الله العظيم ، أترون أنّ الذي
- (1) مسالك الأفهام : 13 / 108 ، جواهر الكلام : 39 / 106 .
- (2) الوسائل : 26 / 72 ـ 76 ، أبواب موجبات الإرث ب6 .
- (3) الوسائل : 26 / 74 ، أبواب موجبات الإرث ب6 ح9 .
(الصفحة 358)
أحصى رمل عالج عدداً جعل في مال نصفاً ونصفاً وثلثاً ، فهذان النصفان قد ذهبا بالمال ، فأين موضع الثلث؟ فقال له زفر بن أوس البصري : يا أبا العبّاس فمن أوّل من أعال الفرائض؟ فقال : عمر بن الخطّاب لما التقت (التفّت خ ل) الفرائض عنده ، ودفع بعضها بعضاً ، فقال : والله ما أدري أيّكم قدّم الله ، وأيّكم أخّر ، وما أجد شيئاً هو أوسع من أن أقسّم عليكم هذا المال بالحصص ، فأدخل على كلّ ذي سهم ما دخل عليه من عول الفرائض ، وأيم الله لو قدَّم من قدَّم الله ، وأخّر من أخّر الله ما عالت فريضة ، فقال له زفر : وأيّها قدَّم ، وأيّها أخّر؟ فقال : كلّ فريضة لم يهبطها الله عن فريضة إلاّ إلى فريضة فهذا ما قدّم الله ، وأمّا ما أخّر فكلّ فريضة إذا زالت عن فرضها لم يبق لها إلاّ ما بقي ، فتلك التي أخّر ، فأمّا الذي قدَّم فالزوج له النصف ، فإذا دخل عليه ما يزيله عنه رجع إلى الرّبع ، لا يزيله عنه شيء ، والزوجة لها الربع ، فإذا دخل عليها ما يزيلها عنه صارت إلى الثمن ، لا يزيلها عنه شيء ، والاُمّ لها الثلث ، فإذا زالت عنه صارت إلى السدس ، ولا يزيلها عنه شيء ، فهذه الفرائض التي قدّم الله ، وأمّا التي أخّر ففريضة البنات والأخوات لها النصف والثلثان ، فإذا أزالتهنّ الفرائض عن ذلك لم يكن لهنّ إلاّ ما بقي ، فتلك التي أخّر ، فإذا اجتمع ما قدّم الله وما أخّر بدئ بما قدّم الله ، فأعطي حقّه كاملا ، فإن بقي شيء كان لمن أخّر ، وإن لم يبق شيء فلا شيء له ، الحديث(1) .
والروايات(2) في هذا المجال كثيرة لا حاجة إلى إيرادها بعد وضوح نظر الأئمّة(عليهم السلام) ، وبعد وضوح سعة الإحاطة العلمية له تعالى، وإليها اُشير أنّ الذي أحصى
- (1) الوسائل : 26 / 78 ، أبواب موجبات الإرث ب7 ح6 .
- (2) الوسائل : 26 / 76 ـ 84 ، أبواب موجبات الإرث ب7 .