(الصفحة 408)
لاُمّك شيء ، فقال أبو عبدالله(عليه السلام) : سبحان الله أعطها السدس(1) .
وغير ذلك من الروايات الواردة ، التي يراد بها الاستحباب قطعاً; لما عرفت من وقوع الأجداد في المرتبة التالية للأبوين ، وأنّها لا ترث مع وجود الأبوين أو أحدهما ، ويؤيّده التعبير بالإطعام والطعمة ونظائرهما ، كما لايخفى .
ثمّ إنّه يستفاد من التعبير بالإطعام اعتبار زيادة نصيب الأبوين أو أحدهما على السدس في استحباب الإطعام ، فلو حصل لأحدهما السدس من غير زيادة ، وحصل للآخر الزيادة ، استحبّ له الإطعام دون صاحب السدس ، فلو كانت الاُمّ محجوبة عمّا زاد على السدس لا يستحبّ لها ذلك بل يستحبّ للأب فقط ، كما أنّه لو خلّفت أبوين وزوجاً استحبّ للاُمّ دون الأب; لعدم زيادة سهم الأب على السدس حينئذ . وفي الشرائع : ولا يطعم الجدّ للأب ولا الجدّة له إلاّ مع وجوده ، ولا الجدّ للاُمّ ولا الجدّة لها إلاّ مع وجودها(2) ، والسرّ فيه ـ مضافاً إلى أنّهما مخاطبان بالاستحباب ـ دلالة رواية جميل المتقدّمة على ذلك ، وكذا مرفوعة علي بن الحسن ابن رباط ، عن أبي عبدالله(عليه السلام) قال : الجدّة لها السدس مع ابنها ومع ابنتها(3) .
لكن في رواية سعد بن أبي خلف قال : سألت أبا الحسن موسى(عليه السلام) عن بنات بنت وجدّ؟ قال : للجدّ السدس والباقي لبنات البنت(4) . وذكر صاحب الوسائل بعد نقل الرواية نقل الشيخ عن ابن فضّال : أنّ هذا الخبر ممّا قد أجمعت الطائفة على العمل بخلافه(5) .
- (1) الوسائل : 26 / 138 ، أبواب ميراث الأبوين ب20 ح 6 .
- (2) شرائع الإسلام : 4 / 26 .
- (3) الوسائل : 26 / 140 ، أبواب ميراث الأبوين ب20 ح 11 .
- (4) الوسائل : 26 / 141 ، أبواب ميراث الأبوين ب20 ح 15 .
- (5) تهذيب الأحكام : 10 / 314 ذح 1128 ، الإستبصار : 4 / 164 ذح 622 .
(الصفحة 409)المرتبة الثانية : الإخوة وأولادهم المسمّون بالكلالة والأجداد مطلقاً ، ولا يرث واحد منهم مع وجود واحد من الطبقة السابقة(1) .مسألة 1 : لو انفرد الأخ لأب واُمّ فالمال له قرابةً ، ولو كان معه أخ أو إخوة كذلك فهو بينهم بالسّوية، ولو كان معهم إناث أو اُنثى كذلك فللذكر مثل حظّ الانثيين(2).مسألة 2 : لو انفردت الاُخت لأب واُمّ ، كان لها النصف فرضاً ، والباقي يردّ عليها قرابةً ، ولو تعدّدت كان لها الثلثان فرضاً ، والباقي يردّ عليها قرابةً(3) .
1 ـ لا إشكال في أنّ المرتبة الثانية من مراتب الميراث بالأنساب هم الإخوة المسمّون بالكلالة والأجداد ، ولا يرث واحد من هذه المرتبة مع وجود واحد من المرتبة السابقة ، وقد عرفت أنّ إطعام الجدّ والجدّة إنّما هو على سبيل الاستحباب لا على نحو الإرث .2 ـ لو انفرد الأخ للأبوين فلا فرض له أصلا ، بل يردّ جميع المال إليه بالقرابة ، ولو كان معه أخ آخر أو إخوة كذلك فالمال بينهما أو بينهم بالسّوية ، نعم لو كان معه اُنثى أو إناث لذلك فالمال وإن كان للجميع إلاّ أنّ للذكر ضعف الاُنثى .3 ـ لو انفردت الاُخت لأب واُمّ كان لها النصف فرضاً والباقي ردّاً ، ولو تعدّدت كان لها الثلثان فرضاً والباقي ردّاً ، قال الله تعالى :
{ إِنِ امْرُؤٌا هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ وَهُوَ يَرِثُهَا إِن لَمْ يَكُن لَهَا وَلَدٌ فَإِن كَانَتَا اثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا الثُّلُثَانِ مِمَّا تَرَكَ}(1) ففي صورة الانحصار يورث الفرض فرضاً والباقي قرابةً .
- (1) سورة النساء : 4 / 176 .
(الصفحة 410)مسألة 3 : يقوم كلالة الأب مقام كلالة الأب والاُمّ مع عدمهم ، فيكون حكمهم في الانفراد والاجتماع حكم كلالتهما ، فلو انفرد الأخ فالمال له ، ولو تعدّد فهو لهم بالسّوية ، ولو كان فيهم اُنثى فللذكر ضعفها ، ولو انفردت الاُخت ، كان لها النصف فرضاً والباقي ردّاً ، ولو تعدّدت فلهما أو لهنّ الثلثان فرضاً والباقي ردّاً(1) .مسألة 4 : لا يرث أخ واُخت لأب مع أحد من الإخوة للأب والاُمّ(2) .مسألة 5 : لو انفرد الواحد من ولد الاُمّ خاصّة عمّن يرث معه ، كان له السدس فرضاً والباقي ردّاً قرابةً ذكراً كان أو اُنثى ، ولو تعدّد الولد اثنين
1 ـ يقوم كلالة الأب مقام كلالة الأب والاُمّ ، فيكون إرث الطائفة الاُولى متأخّراً عن إرث الطائفة الثانية ، لكن يكون حكمهم في الانفراد والاجتماع حكم كلالة الأبوين من حيث الوحدة والتعدّد ، ومن حيث الذكر والاُنثى ، ومن حيث الفرض والردّ ، والدليل على تأخّر كلالة الأب عن كلالة الأبوين وعدم إرث الاُولى مع الثانية ـ مضافاً إلى أنّه لا إشكال فيه ولا خلاف ـ رواية بريد الكناسي ، عن أبي عبدالله(عليه السلام) قال : ابنك أولى بك من ابن ابنك ، وابن ابنك أولى بك من أخيك ، وأخوك لأبيك واُمّك أولى بك من أخيك لأبيك ، قال : وابن أخيك لأبيك واُمّك أولى بك من ابن أخيك لأبيك ، قال : وابن أخيك من أبيك أولى بك من عمّك ، الحديث (1) .2 ـ تقدّم الوجه في ذلك .
- (1) الوسائل : 26 / 182 ، أبواب ميراث الإخوة ب13 ح1 .
(الصفحة 411)فصاعداً ، فلهما أوّلهم الثلث فرضاً والباقي قرابةً ، ويقسّم بينهم بالسويّة وإن اختلف الجنسان(1) .مسألة 6 : لو كان الإخوة متفرّقين ، فبعضهم للاُمّ وبعضهم للأب والاُمّ ، كان لمن يتقرّب بالاُمّ السدس فرضاً مع وحدته ، والثلث كذلك مع التعدّد ، يقسّم بالسّوية ولو مع الاختلاف ، ولمن يتقرّب بالأب والاُمّ البقيّة خمسة أسداس أو الثلثان يقسّم بينهم ، ومع الاختلاف للذكر ضعف الاُنثى(2) .
1 ـ لو انفرد الواحد من كلالة الاُمّ ولم يكن وارث غيره يرث جميع المال السدس فرضاً والباقي ردّاً ، من دون فرق بين المذكّر والمؤنّث ، ولو كان متعدّداً اثنين فصاعداً ولم يكن هناك وارث آخر فهما أو هم يرثون جميع المال الثلث فرضاً والباقي ردّاً ، من دون فرق بين صورة اختلاف الجنس ووحدته ، والمال يقسّم بينهما أو بينهم بالسويّة مطلقاً ، قال الله تعالى :
{ وَإِن كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلاَلَةً أَوِ امْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ وَاحِد مِنْهُمَا السُّدُسُ}(1) . وقال :
{ فَإِن كَانُوا أَكْثَرَ مِن ذَلِكَ فَهُمْ شُرَكَاءُ فِى الثُّلُثِ}(2) والظاهر من إطلاق الشركة الشركة بالتساوي .2 ـ لو اجتمع كلالة الاُمّ التي لها فرض واحداً أو متعدّداً مع كلالة الأبوين ، التي ليس لها فرض إلاّ في الاُخت والاُختين فصاعداً على ما عرفت(3) ، فلكلالة الاُمّ نصيبه المفروض من السدس في صورة الوحدة والثلث مع التعدّد ، ويقسّم بينهم بالسوية ولو مع الاختلاف ، والبقية لكلالة الأب والاُمّ مع الوحدة بأجمعها ، ومع
- (1 و 2) سورة النساء : 4 / 12 .
- (3) في ص368 ـ 370 .
(الصفحة 412)
التعدّد والاختلاف للذكر ضعف الاُنثى ، وفي : رواية بكير بن أعين قال :
قلت لأبي عبدالله(عليه السلام) : امرأة تركت زوجها وإخوتها وأخواتها لاُمّها ، وأخوتها وأخواتها لأبيها ، قال : للزوج النصف ثلاثة أسهم ، وللإخوة من الاُمّ الثلث الذكر والاُنثى فيه سواء ، وبقي سهم فهو للإخوة والأخوات من الأب للذكر مثل حظ الانثيين; لأنّ السهام لا تعول ، ولا ينقص الزوج من النصف ، ولا الإخوة من الاُمّ من ثلثهم; لأنّ الله تبارك وتعالى يقول :
{ فَإِن كَانُوا أَكْثَرَ مِن ذَلِكَ فَهُمْ شُرَكَاءُ فِى الثُّلُثِ}(1) وإن كانت واحدة فلها السدس ، والذي عنى الله تبارك وتعالى في قوله :
{ وَإِن كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلاَلَةً أَوِ امْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ وَاحِد مِنْهُمَا السُّدُسُ فَإِن كَانُوا أَكْثَرَ مِن ذَلِكَ فَهُمْ شُرَكَاءُ فِى الثُّلُثِ}(2) إنّما عنى بذلك الإخوة والأخوات من الاُمّ خاصّة ، وقال في آخر سورة النساء :
{ يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللهُ يُفْتِيكُمْ فِى الْكَلاَلَةِ إِنِ امْرُؤٌا هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ ـ يعني : اختاً لأب واُمّ ، أو اُختاً لأب ـ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ وَهُوَ يَرِثُهَا إِن لَمْ يَكُن لَهَا وَلَدٌ . . . وَإِن كَانُوا إِخْوَةً رِجَالا وَنِسَاءً فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الاُْنثَيَيْنِ}(3) فهم الذين يزادون وينقصون ، وكذلك أولادهم هم الذين يزادون وينقصون . ولو أنّ امرأة تركت زوجها ، وإخوتها لاُمّها ، واُختيها لأبيها ، كان للزوج النصف ثلاثة أسهم ، وللإخوة من الاُمّ سهمان ، وبقي سهم فهو للاُختين للأب ، وإن كانت واحدة فهو لها; لأنّ الاُختين لأب إذا كانتا أخوين لأب لم يزادا على ما بقي ، ولو كانت واحدة أو كان مكان الواحدة أخ لم يزد على ما بقي ، ولا تزاد اُنثى من
- (1 و 2) النساء : 4 / 12 .
- (3) سورة النساء : 4 / 176.