(الصفحة 487)مسألة 3 : لو فقدت العلائم المنصوصة فإن كانت فيه علائم خاصة بالنساء كرؤية الدم حسب ما ترى النساء ، أو خاصّة بالرجال كإنبات اللحية مثلا ، فإن حصل منها الاطمئنان يحكم بحسبه ، وإلاّ فهو من المشكل(1) .
1 ـ لو فقدت العلائم المتقدّمة المنصوصة ، فإن كانت فيه علائم خاصة بالنساء كرؤية الدم حسب ما ترى النساء ، أو خاصّة بالرجال كإنبات اللّحية مثلا ، فإن حصل منها الإطمئنان الذي يعامل عند العرف معه معاملة القطع واليقين ـ الذي هو حجّة عقلية ـ يحكم بحسبه بلا إشكال ، وإلاّ ففي المتن هو من الخنثى المشكل ، ولكن هنا أمران يجب التوجّه إليهما :
الأوّل : أنّ الخنثى هل هي طبيعة ثالثة غير الرجال والنساء أم من مصاديق أحدهما؟ الظاهر هو الثاني كما ربما يستفاد من الكتاب(1) ، ولكن لا يبعد دلالة رواية شريح(2) على أنّ المرأة حبلت وأحبلت ، الأوّل من زوجها والثاني بالإضافة إلى أمتها على أنّها طبيعة ثالثة ، ضرورة عدم إمكان الحبل والإحبال في مرأة واحدة ولا في رجل واحد .
الثاني : أنّه بعد عدم كون الخنثى طبيعة ثالثة ، يجري في تشخيص كونها امرأة أو رجلا دليل الانسداد ، الذي مفاده حجّية الظنّ ولو لم يبلغ مرحلة الاطمئنان، وربما يؤيّده ما عن روضة الواعظين عن الحسن بن علي(عليهما السلام) : «فإن كان ذكراً احتلم ، وإن كانت اُنثى حاضت وبدا ثديها»(3) . إلاّ أن يقال : إنّ الذكر في الرواية
- (1) سورة الشورى : 42 / 49 ، سورة الزخرف : 43 / 12 ، سورة الحجرات : 49/13 ، سورة النّجم : 53/45 ، سورة القيامة : 75 / 39 ، سورة الليل : 92 / 3 .
- (2) الوسائل : 26 / 288 ، أبواب ميراث الخنثى ب2 ح5 .
- (3) روضة الواعظين : 58 ، الوسائل : 26 / 289 ، أبواب ميراث الخنثى ب2 ح7 .
(الصفحة 488)مسألة 4 : الخنثى المشكل أي الذي لا تكون فيه المرجحات المنصوصة ، ولاالعلائم الموجبة للاطمئنان، يرث نصف نصيب الرجال ونصف نصيب النساء(1).مسألة 5 : لو لم يكن لشخص فرج الرجال ولا النساء ، وخرج بوله من محلّ آخر كدبره ، فالأقوى العمل بالقرعة(2) .
دليل على أنّه من المرجّحات المنصوصة ، ولكنه لم يذكر بهذا العنوان في كلمات الأصحاب .1 ـ الخنثى المشكل الذي لا تكون فيه المرجّحات مطلقاً لا المنصوصة ولا غيرها ، يرث نصف نصيب الرجال ونصف نصيب النساء ، بعد العلم بأنّه لا يرث تمام النصيبين للعلم بعدم كون إرثه أزيد من الرجال والنساء ، ويدلّ عليه صحيحة هشام بن سالم المتقدّمة(1) الدالّة على أنّه إن كانا سواء ورث ميراث الرجال وميراث النساء بعد العلم بأنّ المراد ليس إرثهما جميعاً بل نصف النصيبين ، وبمثل هذه الصحيحة الدالّة على حكم الخنثى المشكل من جهة الإرث ، يخرج المقام عن كلّ أمر مشكل أو مشتبه ففيه القرعة(2) ، فإنّ المراد منه وإن كان خصوص الحقوق على ما بيّناه في مبحث القرعة مفصّلا في محلّه(3) ، إلاّ أنّ المقام لا يكون مصداقاً بعد وضوح دلالة الصحيحة على حكمه ، كما عرفت .2 ـ لو لم يكن لشخص فرج الرجال ولا النساء ، وخرج بوله من محلّ آخر
- (1) في ص483 .
- (2) روضة المتّقين : 6 / 215 .
- (3) القواعد الفقهية : 1 / 429 وما بعدها .
(الصفحة 489)
كدبره أو ثقبة لا تكون من الفرجين ، فالظاهر أنّه من المصاديق الواضحة لأدلّة القرعة بعد العلم بأنّه لا يرث ميراث الرجال والنساء معاً ، ويدلّ عليه أيضاً :
صحيحة الفضيل بن يسار قال : سألت أبا عبدالله(عليه السلام) عن مولود ليس له ما للرجال ، ولا له ما للنساء ، قال : يقرع عليه الإمام أو المقرع ، يكتب على سهم عبد الله ، وعلى سهم أمة الله ، ثمّ يقول الإمام أو المقرع : اللهمَّ أنت الله لا إله إلاّ أنت ، عالم الغيب والشهادة ، أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون ، بيّن لنا أمر هذا المولود ، كيف يورث ما فرضت له في الكتاب ، ثمّ تطرح السّهام في سهام مبهمة ، ثمّ تجال السهام على ما خرج ورّث عليه(1) . والظاهر أنّ الدعاء المزبور مستحبّ كما في بعض الروايات(2) الاُخر .
هذا ، وعن ابني الجنيد(3) وحمزة(4) اعتبار البول ، بل عن الشيخ في الاستبصار(5)الميل إليه ، فإن كان يبول على مباله فهو اُنثى ، وإن كان ينحّى البول فهو ذكر ، نظراً إلى مرسل ابن بكير عنهم(عليهم السلام) : في مولود ليس له ما للرجال ، ولا ما للنساء ، إلاّ ثقب يخرج منه البول ، على أيّ ميراث يورّث؟ فقال : إن كان إذا بال يتنحّى بوله ورّث ميراث الذكر ، وإن كان لا يتنحّى بوله ورّث ميراث الاُنثى(6) .
هذا ، ولكن الرواية ضعيفة بالإرسال بل الإضمار ، فالعمل على الصحيحة .
- (1) الوسائل : 26 / 292 ، أبواب ميراث الخنثى ب4 ح2 .
- (2) الوسائل : 26 / 291 ـ 295 ، أبواب ميراث الخنثى ب4 .
- (3) حكى عنه في مختلف الشيعة : 9 / 102 .
- (4) الوسيلة : 402 .
- (5) الاستبصار: 4 / 187 ذيل ح702.
- (6) الوسائل : 26 / 294 ، أبواب ميراث الخنثى ب4 ح5 .
(الصفحة 490)مسألة 6 : لو كان لشخص رأسان على صدر واحد ، أو بدنان على حقو واحد ، فطريق الاستعلام أن يوقظ أحدهما فإن انتبه دون الآخر فهما اثنان يورثان ميراث الاثنين ، وإن انتبها يورث إرث الواحد ، ثمّ إنّ لهذا الموضوع فروعاً كثيرة جدّاً سيالة في أبواب الفقه مذكور بعضها في المفصّلات(1) .
1 ـ لو كان لشخص رأسان على صدر واحد ، أو بدنان على حقو واحد ، فطريق الاستعلام على ما في المتن أن يوقظ أحدهما ، فإن انتبه دون الآخر فهما اثنان يرثان ميراث الاثنين ، وإن انتبها يورث إرث الواحد ، ويدلّ عليه :
رواية حريز ، عن أبي عبدالله(عليه السلام) قال : ولد على عهد أمير المؤمنين(عليه السلام) مولود له رأسان وصدران على حقو واحد ، فسئل أمير المؤمنين(عليه السلام) : يورث ميراث اثنين ، أو واحداً (واحد)؟ فقال : يترك حتّى ينام ، ثمّ يصاح به ، فإن انتبها جميعاً معاً كان له ميراث واحد ، وإن انتبه واحد ، وبقي الآخر نائماً ، يورّث ميراث اثنين(1) .
والرواية وإن كانت ضعيفة ، إلاّ أنّ استناد المشهور(2) إليها بل من غير خلاف ، جابر لضعفها .
وأمّا قوله تعالى :
{ مَا جَعَلَ اللهُ لِرَجُل مِن قَلْبَيْنِ فِى جَوْفِهِ}(3) فلا دلالة له على التعدّد مطلقاً; لما حكي عن الشيخ(قدس سره)في تبيانه(4) : ليس يمتنع أن يوجد قلبان في جوف واحد ، إذا كان ما يوجد بينهما يرجع إلى حيّ واحد ، إنّما التنافي أن يرجع ما يوجد منهما إلى حيّين .
- (1) الوسائل : 26 / 295 ، أبواب ميراث الخنثى ب5 ح1 .
- (2) المبسوط : 4 / 117 ، مسالك الافهام : 13 / 259 ، رياض المسائل : 9 / 199 ، جواهر الكلام : 39/ 298 .
- (3) سورة الأحزاب : 33 / 4 .
- (4) التبيان : 8 / 284 .
(الصفحة 491)
ثمّ إنّ الحكم في الرواية هل يختصّ بالميراث ، خصوصاً مع أنّ الشهرة المحقّقة الجابرة إنّما هي بالإضافة إليه ، أو يعمّ مطلقاً ، أو في بعض دون بعض؟ وجوه ، وقد ذكر في المتن أنّ لهذه المسألة فروعاً كثيرة في أبواب الفقه ، مثل : النكاح ، والشهادة والجناية ، والقصاص .
قال العلاّمة في محكي القواعد : أمّا التكليف فاثنان مطلقاً(1) ، وفي محكي كشف اللثام في شرح قول العلاّمة : أي يجب في الطهارة غسل الأعضاء جميعاً وفي الصلاة مثلا أن يصلّيا ، فلا يجزي فعل أحدهما عن فعل الآخر; ليحصل اليقين من الخروج عن العهدة ، وهل تجوز صلاة أحدهما منفرداً عن الآخر ، أو يكفي في الطهارة غسل أعضائه خاصّة؟ يحتمل البناء على الاختبار بالانتباه ، فإن اتّحدا لم يجز من باب المقدّمة ووجوب الاجتماع مطلقاً; لقيام الاحتمال وضعف الخبر واختصاصه بالإرث ، ثمّ علّل الوحدة في النكاح باتّحاد الحقو وما تحته ، وإن كان اُنثى فيجوز لمن يتزوّجها أن يتزوّج ثلاثاً اُخر ، لكن لابدّ في العقد من رضاهما وإيجابهما أو قبولهما(2) .
وبالتأمّل فيما ذكرنا يظهر النظر في جلّ كلامه ، خصوصاً مع ما عرفت من انجبار ضعف السند بعمل المشهور ، ومع أنّ المتفاهم عند العرف كون الطريق المذكور في الخبر طريقاً إلى الوحدة والتعدّد مطلقاً لا في خصوص باب الإرث ، نعم لو كان الحكم مخالفاً للقاعدة لكان اللاّزم الاقتصار على القدر المتيقّن ، ولم يكن مجال لإسراء الحكم إلى سائر الموارد ، فتدبّر جيّداً .
- (1) قواعد الاحكام : 2 / 187 .
- (2) كشف اللثام : 2 / 309 .